لكي لا نقع في قبضة «المتشددين»
حسين الرواشدة
جو 24 : اخشى ما اخشاه ان تكون بعض “مساجدنا” قد وقعت فعلا في قبضة “المتشددين” من اصحاب خطاب “الغلو” ودعاة تقسيم العالم الى “فسطاطين” وفرض الجزية على غير المسلمين والتحريض على “الجهاد” من اجل “ادخال” الناس في دين الله افواجا.
الدافع الى هذه “الخشية” لا يتعلق –فقط- بما سمعته امس الاول في احد المساجد بأطراف العاصمة، حيث اختزل مولانا الامام فريضة الجهاد “بالقتال” ضد الكافرين لنشر الاسلام واعادة فرض “الجزية” واخذها منهم “عن يد وهم صاغرون” وهو خطاب لا يختلف عن الخطابات التي نسمعها اليوم تتردد حولنا لجماعات تقاتل “باسم الله” وتقيم “الحد” بالسيف على “الكافرين” الذين يختلفون معها فكريا او سياسيا وتقطع رؤوس العباد بحجة “الردّة” وانما تتعلق –ايضا- بوقائع اخرى مفزعة عنوانها الاساسي هيمنة الخطاب “السلفي” المتشدد على خطاب “التدين” في بلادنا، لا على “المنابر” فقط وانما في المجالات الاجتماعية والسياسية والعسكرية ايضا، لدرجة انني اعتقد بان هذا “التيار” في نسخته المتشددة اصبح “الفاعل” الابرز في بلادنا، وانه يتمدد بسرعة ويحظى بقبول لدى الكثير من “الشباب” المتدين، الذي دفعته الاوضاع السياسية والاقتصادية البائسة الى البحث عن “الخلاص” واي خلاص افضل من الذهاب الى “الجنة” والانضمام الى قوافل الشهداء، وبهذه “الوضعية” التي يبدع المروجون لهذا “الفكر” في اقناع الشباب بها اصبح السؤال عن عوامل واسباب “تغلغل” مثل هذه الافكار في مجتمعنا مجرد “ترف” فكري لا لان الاجابات عليه غير مهمة وانما لاننا جميعا نتجاهل مثل هذه العوامل وندفع –بقصد او بغير قصد- الى تشجيعها وتغذيتها او –اضعف الايمان- السكوت عليها.
ما حدث ايضا في معان، حين اغلق بعض الائمة والموظفين ابواب “مديرية الاوقاف” بالجنازير وهددوا بالاضراب عن اقامة الصلاة ورفع الاذان وعدم القاء الخطب يوم الجمعة احتجاجا على عدم صرف العلاوات لهم، يصب –ايضا- في اطار “امتداد” ظاهرة التشدد التي اشرنا اليها سلفا، وانا –هنا- لا اتحدث عن “وجاهة” المطالب والحقوق التي يتبناها هؤلاء الموظفون وانما اشير فقط الى طبيعة هذه الردود التي يغلب عليها “الغلو” والتطرف خاصة وهي تصدر من “ائمة” ودعاة يفترض ان يكون خطابهم اكثر اعتدالا وذلك مراعاة “للدين” الذي يتحدثون باسمه والمكانة التي يتبؤونها كنماذج للقدوة في مجتمعاتهم.
اذا وسّعنا فرجار النظر سنلاحظ ان تيار “السلفية” الجهادية في الاردن اخذ يتمدد ويتوسع بعد التحولات التي شهدتها المنطقة وخاصة ما حدث في سوريا، فبحسب تصريحات احد قياداته “ابو سياف” فان عدد اعضائه وصل الى 5000 شخص، يتوزعون على مختلف المحافظات كما ان عدد عناصره الذين يقاتلون في سوريا يبلغ نحو 1000 شخص قتل منهم نحو 200 عنصر ومع ان هذه الارقام تبقى في دائرة “التخمين” الا ان المؤكد ان نفوذ هذا التيار يتصاعد وانه يحظى “بقبول” لدى الشباب وان ثمة ظروفا مختلفة تجعله مرشحا للتغلغل والتمدد كثر واكثر.. والمسألة لا تتعلق بمجتمعنا فقط، فقد اصبح هذا “التيار” مشكلة تعاني منها معظم دولنا العربية والاسلامية مع عودة “خيار” التطرف الى الواجهة، كما ان ما حدث في سوريا دفع دولا غربية مثل المانيا وفرنسا وغيرهما الى اصدار “مشروعات” استباقية لمواجهة هذه الظاهرة قانونيا وثقافيا ايضا.
اذا افترضنا جدلا بان خطر “التطرف” الذي يمثله هذا التيار ما زال تحت “السيطرة” او بانه –حسب البعض- لا يشكل خطرا على مجتمعنا اعتمادا على انه لا يعتبر “الساحة الاردنية” مجالا لاعماله ونشاطاته فان ثمة ما هو اخطر من ذلك وهو امتداد خطاب “التشدد” في المساجد وتأثيره على “الحواضن” الاجتماعية التي تشكل في الاساس اهم رافد من روافده ولنا ان نتصور بان عدد كبير من “الخطباء” في مساجدنا ينتمون الى تيار يميل الى “التشدد” وهؤلاء مخلصون وليس لديهم موقف سياسي معارض “للدولة” لكن مشكلتهم انهم يحملون “افكارا” تقليدية تتقاطع مع الافكار المتشددة التي اشرنا اليها، ومع اننا نفتقد –احصائيا- عدد هؤلاء من بين نحو 4 الاف امام في مساجدنا الا ان المرجح ان اغلبية الائمة ينتسبون لتيار محدد، لاسباب نعرفها، وقد حان الوقت فعلا للتدقيق فيها ومراجعتها بعيدا عن “الحسابات” السياسية واعتقد ان وزارة الاوقاف مدعوة لفعل ذلك في اطار “تصحيح” دور المساجد واصلاحها وتصحيح “حالة التدين” التي من المفترض ان تنسجم مع “قيم” مجتمعنا وتساعد بلدنا في مواجهة “موجات” العنف والتطرف التي تداهم المنطقة وتهدد امن المجتمعات واستقرارها.
(الدستور)
الدافع الى هذه “الخشية” لا يتعلق –فقط- بما سمعته امس الاول في احد المساجد بأطراف العاصمة، حيث اختزل مولانا الامام فريضة الجهاد “بالقتال” ضد الكافرين لنشر الاسلام واعادة فرض “الجزية” واخذها منهم “عن يد وهم صاغرون” وهو خطاب لا يختلف عن الخطابات التي نسمعها اليوم تتردد حولنا لجماعات تقاتل “باسم الله” وتقيم “الحد” بالسيف على “الكافرين” الذين يختلفون معها فكريا او سياسيا وتقطع رؤوس العباد بحجة “الردّة” وانما تتعلق –ايضا- بوقائع اخرى مفزعة عنوانها الاساسي هيمنة الخطاب “السلفي” المتشدد على خطاب “التدين” في بلادنا، لا على “المنابر” فقط وانما في المجالات الاجتماعية والسياسية والعسكرية ايضا، لدرجة انني اعتقد بان هذا “التيار” في نسخته المتشددة اصبح “الفاعل” الابرز في بلادنا، وانه يتمدد بسرعة ويحظى بقبول لدى الكثير من “الشباب” المتدين، الذي دفعته الاوضاع السياسية والاقتصادية البائسة الى البحث عن “الخلاص” واي خلاص افضل من الذهاب الى “الجنة” والانضمام الى قوافل الشهداء، وبهذه “الوضعية” التي يبدع المروجون لهذا “الفكر” في اقناع الشباب بها اصبح السؤال عن عوامل واسباب “تغلغل” مثل هذه الافكار في مجتمعنا مجرد “ترف” فكري لا لان الاجابات عليه غير مهمة وانما لاننا جميعا نتجاهل مثل هذه العوامل وندفع –بقصد او بغير قصد- الى تشجيعها وتغذيتها او –اضعف الايمان- السكوت عليها.
ما حدث ايضا في معان، حين اغلق بعض الائمة والموظفين ابواب “مديرية الاوقاف” بالجنازير وهددوا بالاضراب عن اقامة الصلاة ورفع الاذان وعدم القاء الخطب يوم الجمعة احتجاجا على عدم صرف العلاوات لهم، يصب –ايضا- في اطار “امتداد” ظاهرة التشدد التي اشرنا اليها سلفا، وانا –هنا- لا اتحدث عن “وجاهة” المطالب والحقوق التي يتبناها هؤلاء الموظفون وانما اشير فقط الى طبيعة هذه الردود التي يغلب عليها “الغلو” والتطرف خاصة وهي تصدر من “ائمة” ودعاة يفترض ان يكون خطابهم اكثر اعتدالا وذلك مراعاة “للدين” الذي يتحدثون باسمه والمكانة التي يتبؤونها كنماذج للقدوة في مجتمعاتهم.
اذا وسّعنا فرجار النظر سنلاحظ ان تيار “السلفية” الجهادية في الاردن اخذ يتمدد ويتوسع بعد التحولات التي شهدتها المنطقة وخاصة ما حدث في سوريا، فبحسب تصريحات احد قياداته “ابو سياف” فان عدد اعضائه وصل الى 5000 شخص، يتوزعون على مختلف المحافظات كما ان عدد عناصره الذين يقاتلون في سوريا يبلغ نحو 1000 شخص قتل منهم نحو 200 عنصر ومع ان هذه الارقام تبقى في دائرة “التخمين” الا ان المؤكد ان نفوذ هذا التيار يتصاعد وانه يحظى “بقبول” لدى الشباب وان ثمة ظروفا مختلفة تجعله مرشحا للتغلغل والتمدد كثر واكثر.. والمسألة لا تتعلق بمجتمعنا فقط، فقد اصبح هذا “التيار” مشكلة تعاني منها معظم دولنا العربية والاسلامية مع عودة “خيار” التطرف الى الواجهة، كما ان ما حدث في سوريا دفع دولا غربية مثل المانيا وفرنسا وغيرهما الى اصدار “مشروعات” استباقية لمواجهة هذه الظاهرة قانونيا وثقافيا ايضا.
اذا افترضنا جدلا بان خطر “التطرف” الذي يمثله هذا التيار ما زال تحت “السيطرة” او بانه –حسب البعض- لا يشكل خطرا على مجتمعنا اعتمادا على انه لا يعتبر “الساحة الاردنية” مجالا لاعماله ونشاطاته فان ثمة ما هو اخطر من ذلك وهو امتداد خطاب “التشدد” في المساجد وتأثيره على “الحواضن” الاجتماعية التي تشكل في الاساس اهم رافد من روافده ولنا ان نتصور بان عدد كبير من “الخطباء” في مساجدنا ينتمون الى تيار يميل الى “التشدد” وهؤلاء مخلصون وليس لديهم موقف سياسي معارض “للدولة” لكن مشكلتهم انهم يحملون “افكارا” تقليدية تتقاطع مع الافكار المتشددة التي اشرنا اليها، ومع اننا نفتقد –احصائيا- عدد هؤلاء من بين نحو 4 الاف امام في مساجدنا الا ان المرجح ان اغلبية الائمة ينتسبون لتيار محدد، لاسباب نعرفها، وقد حان الوقت فعلا للتدقيق فيها ومراجعتها بعيدا عن “الحسابات” السياسية واعتقد ان وزارة الاوقاف مدعوة لفعل ذلك في اطار “تصحيح” دور المساجد واصلاحها وتصحيح “حالة التدين” التي من المفترض ان تنسجم مع “قيم” مجتمعنا وتساعد بلدنا في مواجهة “موجات” العنف والتطرف التي تداهم المنطقة وتهدد امن المجتمعات واستقرارها.
(الدستور)