الصفقة الكبرى: اجهاض الثورات و تصفية القضية
حسين الرواشدة
جو 24 : أرجو من كل الذين راهنوا على “انتصار” ارادة الشعوب العربية، ومن الآخرين الذين “تلبستهم” قضية الوحدة العربية، وعودة فلسطين الى اصحابها الحقيقيين، وغيرهم ممن لا زال “مسكونا” بهواجس الحرية والكرامة والديمقراطية ارجوهم جميعا ان يفتحوا عيونهم على الحقيقة وان يخرجوا من حالة “الاكتئاب” والاحباط ويتمسكوا “بالامل” حتى وان كانت كل المؤشرات والوقائع والتوقعات تسير في عكس الاتجاه.
لدي ايضا رجاء اخر، وهو ان ينهض “العقلاء” والحكماء الذين غابوا او غيبوا لمصارحة الناس بان امتنا في هذا العام وربما لاعوام قادمة طويلة ستدفع “ضريبة” صحوتها، وستتعرض لمزيد من الهزائم والانكسارات والتصفيات لكن هذه ليست نهاية التاريخ، وانما جزء من اطواره ودوراته او -ان شئت – بداية لتاريخ اخر لا يمكن ان يُكتب بدون “تضحيات” وذلك اختبارا للأمة وتمحيصا لها.
في الاعوام الثلاثة الماضية اعتقدنا –او بعضنا على الاقل- ان التحولات التي مرّت بعالمنا العربي ستكون نهاية لعقود من الاستبداد والفساد، وان طريق الثورات سيمر “بفلسطين”، وان بيننا وبين الديمقراطية التي ينعم بها غيرنا من الشعوب خطوة او خطوتين، لكن سرعان ما تبدد هذا التفاؤل، وسرعان ما ادركنا اننا محكومون لمشاعر من الامنيات والرغبات، وبان ما حدث من وقائع واحداث قد فاجأتنا فدفعت ببعضنا الى “نعي” الربيع العربي، ودفعت آخرين الى “الشماتة” بنا، ففي مصر مثلا تحطم حلم “الاسلاميين” في البقاء بالحكم واستعادة قوى النظام السابق “قوتها” وسطوتها وبالتالي تحوّل الصراع في مصر الى صراع عليها، وبدأت اكبر واهم دولة عربية تحزم حقائبها للخروج من دائرة الفعل والنفوذ، وفي سوريا –ايضا- انقلبت الثورة الى “حرب” داخلية، ونجح النظام في تخويف العالم من سطوة “الارهاب” كبديل عنه، وانتهى المشهد هناك الى “قتال” بين صفوف المعارضة المسلحة التي اتخذت من “الدين” عنوانا لها، وبالتالي سقطت الثورة كما سقطت سوريا الدولة.
على ايقاع “اجهاض” الثورات العربية جرت “المصالحة” بين ايران “والشيطان الاكبر” وتحوّل “الفقيه” المحاصر الى “فقيه مسلّح” واصبح بمقدوره ان يجلس على الطاولة مع “الكبار” لكي يتفاهموا جميعا على رسم خرائط جديدة لدوائر المصالح والنفوذ في المنطقة، واكتشف العرب انهم تحولوا من “اطراف” فاعلة نسبيا في تقرير مستقبل منطقتهم الى “مجرد” موضوع للنقاش واجندة على الطاولة، وفي هذه الاثناء جرت محاولات لاضعاف تركيا من خلال “ترويض” حكومتها الاسلامية، وكان المطلوب اشغالها ودفعها الى الانكفاء لمصلحة بروز قوتين فقط “ايران واسرائيل” وذلك لتسهيل تمرير “الصفقة” الكبرى التي اعتقد ان عنوانها الاساسي هو “تصفية” فلسطين.
هذه المقدمات التي بدأت باجهاض الثورات العربية وطمس معالم “ربيعها” المتخيل، وانتهت بترسيم مناطق “المصالح والنفوذ” عبر التصالح الغربي الايراني، كان نتيجتها بالطبع –مفهومة- وهي حل “عقدة” الصراع العربي الاسرائيلي من خلال استغلال ضعف العرب والاستفراد بالفلسطينيين، واذا تحققت هذه الصفقة في ظل هذا التطرف التاريخي الذي جرى “تكييفه” وتوظيفه بمهارة فان الغرب -وامريكا تحديدا- الذي عانى من “صداع” التدخل السياسي والعسكري في هذه المنطقة لحماية اسرائيل سيجد اقامة بابا مناسبا للخروج من هذه المنطقة لترتيب “اولوياته” مع الشرق الذي اصبح ينافسه ويهدد مصالحه.
ارجو مرّة ثانية، ان لا تصطدمنا هذه الحقائق والوقائع فالاسلاميون في مصر لن يعودوا الى السلطة، والنظام السوري لن يخرج من الحكم، وامكانيات اسرائيل لفرض شروطها علينا جميعا تبدو واردة ومرجحة، والعراق سيدخل مجددا في حروب “الطوائف” والمذاهب، والانظمة العربية التي سقطت من الباب ستعود من “الشباك” ومجالات استعادة الشعوب العربية “لعافيتها” التي مكنتها من مواجهة انظمتها تبدو ضعيفة وبعيدة ايضا في المدى المنظور، وهكذا فان اخبار هذا العام 2014 لن تكون “سارة”.
ومن واجبنا ان نستقبلها “بعقولنا” لا بعواطفنا، لانها فرضت نفسها علينا “لا تسأل لماذا؟” ولان محاولة التغطية عليها مجرد “وهم” نهرب اليه لأننا لا نريد ان نصدق بأننا هزمنا في هذه المرحلة وبأن “دورة” التاريخ التي “توهمنا” بأنها اكتملت لم تكتمل حقا وانما ما تزال “تدور” في “فلك” المخاضات.. هذه التي تحتاج الى سنوات طويلة لكي تخرج “ولاداتها” الطبيعية تماما كما حصل لدى غيرنا من الامم والشعوب التي انتقلت من الثورة الى الفوضى ومن التحرر الى الاستبداد مرى ثانية حتى “تمحصت” ارادتها وودعت عصور التخلف الى غير رجعة.
(الدستور)
لدي ايضا رجاء اخر، وهو ان ينهض “العقلاء” والحكماء الذين غابوا او غيبوا لمصارحة الناس بان امتنا في هذا العام وربما لاعوام قادمة طويلة ستدفع “ضريبة” صحوتها، وستتعرض لمزيد من الهزائم والانكسارات والتصفيات لكن هذه ليست نهاية التاريخ، وانما جزء من اطواره ودوراته او -ان شئت – بداية لتاريخ اخر لا يمكن ان يُكتب بدون “تضحيات” وذلك اختبارا للأمة وتمحيصا لها.
في الاعوام الثلاثة الماضية اعتقدنا –او بعضنا على الاقل- ان التحولات التي مرّت بعالمنا العربي ستكون نهاية لعقود من الاستبداد والفساد، وان طريق الثورات سيمر “بفلسطين”، وان بيننا وبين الديمقراطية التي ينعم بها غيرنا من الشعوب خطوة او خطوتين، لكن سرعان ما تبدد هذا التفاؤل، وسرعان ما ادركنا اننا محكومون لمشاعر من الامنيات والرغبات، وبان ما حدث من وقائع واحداث قد فاجأتنا فدفعت ببعضنا الى “نعي” الربيع العربي، ودفعت آخرين الى “الشماتة” بنا، ففي مصر مثلا تحطم حلم “الاسلاميين” في البقاء بالحكم واستعادة قوى النظام السابق “قوتها” وسطوتها وبالتالي تحوّل الصراع في مصر الى صراع عليها، وبدأت اكبر واهم دولة عربية تحزم حقائبها للخروج من دائرة الفعل والنفوذ، وفي سوريا –ايضا- انقلبت الثورة الى “حرب” داخلية، ونجح النظام في تخويف العالم من سطوة “الارهاب” كبديل عنه، وانتهى المشهد هناك الى “قتال” بين صفوف المعارضة المسلحة التي اتخذت من “الدين” عنوانا لها، وبالتالي سقطت الثورة كما سقطت سوريا الدولة.
على ايقاع “اجهاض” الثورات العربية جرت “المصالحة” بين ايران “والشيطان الاكبر” وتحوّل “الفقيه” المحاصر الى “فقيه مسلّح” واصبح بمقدوره ان يجلس على الطاولة مع “الكبار” لكي يتفاهموا جميعا على رسم خرائط جديدة لدوائر المصالح والنفوذ في المنطقة، واكتشف العرب انهم تحولوا من “اطراف” فاعلة نسبيا في تقرير مستقبل منطقتهم الى “مجرد” موضوع للنقاش واجندة على الطاولة، وفي هذه الاثناء جرت محاولات لاضعاف تركيا من خلال “ترويض” حكومتها الاسلامية، وكان المطلوب اشغالها ودفعها الى الانكفاء لمصلحة بروز قوتين فقط “ايران واسرائيل” وذلك لتسهيل تمرير “الصفقة” الكبرى التي اعتقد ان عنوانها الاساسي هو “تصفية” فلسطين.
هذه المقدمات التي بدأت باجهاض الثورات العربية وطمس معالم “ربيعها” المتخيل، وانتهت بترسيم مناطق “المصالح والنفوذ” عبر التصالح الغربي الايراني، كان نتيجتها بالطبع –مفهومة- وهي حل “عقدة” الصراع العربي الاسرائيلي من خلال استغلال ضعف العرب والاستفراد بالفلسطينيين، واذا تحققت هذه الصفقة في ظل هذا التطرف التاريخي الذي جرى “تكييفه” وتوظيفه بمهارة فان الغرب -وامريكا تحديدا- الذي عانى من “صداع” التدخل السياسي والعسكري في هذه المنطقة لحماية اسرائيل سيجد اقامة بابا مناسبا للخروج من هذه المنطقة لترتيب “اولوياته” مع الشرق الذي اصبح ينافسه ويهدد مصالحه.
ارجو مرّة ثانية، ان لا تصطدمنا هذه الحقائق والوقائع فالاسلاميون في مصر لن يعودوا الى السلطة، والنظام السوري لن يخرج من الحكم، وامكانيات اسرائيل لفرض شروطها علينا جميعا تبدو واردة ومرجحة، والعراق سيدخل مجددا في حروب “الطوائف” والمذاهب، والانظمة العربية التي سقطت من الباب ستعود من “الشباك” ومجالات استعادة الشعوب العربية “لعافيتها” التي مكنتها من مواجهة انظمتها تبدو ضعيفة وبعيدة ايضا في المدى المنظور، وهكذا فان اخبار هذا العام 2014 لن تكون “سارة”.
ومن واجبنا ان نستقبلها “بعقولنا” لا بعواطفنا، لانها فرضت نفسها علينا “لا تسأل لماذا؟” ولان محاولة التغطية عليها مجرد “وهم” نهرب اليه لأننا لا نريد ان نصدق بأننا هزمنا في هذه المرحلة وبأن “دورة” التاريخ التي “توهمنا” بأنها اكتملت لم تكتمل حقا وانما ما تزال “تدور” في “فلك” المخاضات.. هذه التي تحتاج الى سنوات طويلة لكي تخرج “ولاداتها” الطبيعية تماما كما حصل لدى غيرنا من الامم والشعوب التي انتقلت من الثورة الى الفوضى ومن التحرر الى الاستبداد مرى ثانية حتى “تمحصت” ارادتها وودعت عصور التخلف الى غير رجعة.
(الدستور)