ألغاز الرسائل «الحائرة»!
حسين الرواشدة
جو 24 : الرسائل التي تصدر من هنا وهناك حول العلاقة مع الاسلاميين تبدو مرتبكة وغير واضحة، فنحن لا نعرف هل نريد هؤلاء أم لا نريدهم، هل هم شركاء مطلوبون أم يمكن استدعاؤهم وقت الحاجة، هل يُصنفون في داخل “الملة” الوطنية أم على تخومها أم خارجها؟.
حين تدقق في أحداث الاسبوع الماضي على الاقل ستشعر بالصدمة من هذه الاجابات (المفارقات ان شئت)، فثمة كلام طيب ودافىء تسمعه من مسؤولين في الحكومة ومن قيادات اسلامية ايضاً عن اللقاءات التي جرت بين الطرفين، وثمة كلام آخر متناقض يتصدر وسائل الاعلام عن سوء “النوايا” التي يبيتها (الاخوان)، وعن حسابات سياسية غير بريئة تستوجب “شيطنة” الاسلاميين وتدرجهم في خانة “اللاعبين بالنار”.
شعر من يستقبل هذه الرسائل انه امام “لغز” يصعب حله، ويسأل: من هم “الاسلاميون” إذن؟ هؤلاء الذين يُكال لهم المديح من بعض المسؤولين بعد كل لقاء أم اولئك الذين دخلوا على “خط” المخيمات وجمعوا الحراكات وخرجوا لإسدال عباءتهم على المحتجين في الشارع؟.
هل نحن امام “حركة” واحدة أم “اشباح” حركات؟ ولماذا - إذن - لا نحسم الاجابة حولها وترسم الدولة علاقتها معها؟ هل ابقاء اسئلة العلاقة معها معلقة مسألة مطلوبة لذاتها؟ أم انها تنبعث من حيرة السياسة وعدم قدرتها على تحديد أولوياتها وتعريف اتجاهاتها و”هضم” مكوناتها وخياراتها المختلفة؟.
يمكن ان نجيب على هذه التساؤلات بسهولة، لكن ما يهمنا هنا هو الاشارة الى مسألتين: اولاهما ان “الاسلاميين” يمارسون ذكاءهم السياسي في تحديد علاقتهم مع الآخرين، ويصرون - في ذات الوقت - على “جذب” الحراكات الشعبية اليهم واستثمارها “كرصيد” اضافي يضاعف من زخمهم ويساعدهم في تحقيق مصالحهم الوطنية والسياسية، فيما يفشل الآخرون في ممارسة هذا الدور، أما المسألة الاخرى فتتعلق بقدرتهم على “امتصاص” كل ما يوجه اليهم من نقد وتجريح، وابتلاع ما يصدر تجاههم من “تجريحات” حتى لو كانت قاسية، ولو قدر لأحدنا ان يسأل: لماذا يجتاح الاسلاميون - في الغالب - صناديق الانتخاب لوجدنا الاجابة في اتجاهين: احدهما خيبة الناس في البدائل المطروحة، وبحثهم عن الافضل أو “الاقل سوءا”. والاتجاه الآخر - وهو الأهم - ما يصدر من رسائل “متناقضة” حول العلاقة مع الاسلاميين، لدرجة ان المواطن يستشعر جراء هذا التناقض، وجراء “خبرة” الاسلاميين في “ابتلاع” ما تتضمنه من نقد - وأحيانا تخوين - بأن هؤلاء مستهدفون، وربما مظلومون، وبالتالي فان “وزنهم” لديه يزداد وثقته بهم تتصاعد.
مسألة حسم “العلاقة” بين الاطراف المختلفة لا تتعلق - فقط - بالاسلاميين وانما - ايضاً - بالحراكات الشعبية، فهذه الاخرى تتعرض لارتباك في المواقف، ثمة من “يتغنى” بها ويؤازرها ويعتبرها رافعة لما أنجز من اصلاح، وثمة من يتمنى ان يفتح عينيه ولا يرى أثراً لها في الشارع، ومن أسف ان هذين الخطابين - على تناقضهما - يترددان في فضائنا على ألسنة واحدة، بفارق بسيط وهو ان أحدهما معلن والآخر مسكوت عليه، الأول للاستهلاك السياسي والآخر للعمل على الأرض.
من مصلحة بلدنا ان نعيد ترسيم “العلاقات” بين كافة الاطراف: الدولة والمجتمع، الحكومات والمعارضة، الاسلاميون واليساريون، بحث نصل الى مصالحات وتفاهمات معرّفة ومحددة تخرجنا من وطأة الاحساس “بالتصنيفات” المغشوشة والرسائل غير المفهومة، والأزمات التي تتوالد كل يوم ولا نعرف أي مفاجأة ستحمله لنا في قادم الايام!.
باختصار، نريد ان نطمئن على وطن كلنا فيه داخل (الملة الوطنية) شركاء، لا فضل لأحد على أحد الا بما “انجز” وخدم، ولا “منة” لأحد عليه حتى لو ضحّى من أجله بدمه!.
الدستور
حين تدقق في أحداث الاسبوع الماضي على الاقل ستشعر بالصدمة من هذه الاجابات (المفارقات ان شئت)، فثمة كلام طيب ودافىء تسمعه من مسؤولين في الحكومة ومن قيادات اسلامية ايضاً عن اللقاءات التي جرت بين الطرفين، وثمة كلام آخر متناقض يتصدر وسائل الاعلام عن سوء “النوايا” التي يبيتها (الاخوان)، وعن حسابات سياسية غير بريئة تستوجب “شيطنة” الاسلاميين وتدرجهم في خانة “اللاعبين بالنار”.
شعر من يستقبل هذه الرسائل انه امام “لغز” يصعب حله، ويسأل: من هم “الاسلاميون” إذن؟ هؤلاء الذين يُكال لهم المديح من بعض المسؤولين بعد كل لقاء أم اولئك الذين دخلوا على “خط” المخيمات وجمعوا الحراكات وخرجوا لإسدال عباءتهم على المحتجين في الشارع؟.
هل نحن امام “حركة” واحدة أم “اشباح” حركات؟ ولماذا - إذن - لا نحسم الاجابة حولها وترسم الدولة علاقتها معها؟ هل ابقاء اسئلة العلاقة معها معلقة مسألة مطلوبة لذاتها؟ أم انها تنبعث من حيرة السياسة وعدم قدرتها على تحديد أولوياتها وتعريف اتجاهاتها و”هضم” مكوناتها وخياراتها المختلفة؟.
يمكن ان نجيب على هذه التساؤلات بسهولة، لكن ما يهمنا هنا هو الاشارة الى مسألتين: اولاهما ان “الاسلاميين” يمارسون ذكاءهم السياسي في تحديد علاقتهم مع الآخرين، ويصرون - في ذات الوقت - على “جذب” الحراكات الشعبية اليهم واستثمارها “كرصيد” اضافي يضاعف من زخمهم ويساعدهم في تحقيق مصالحهم الوطنية والسياسية، فيما يفشل الآخرون في ممارسة هذا الدور، أما المسألة الاخرى فتتعلق بقدرتهم على “امتصاص” كل ما يوجه اليهم من نقد وتجريح، وابتلاع ما يصدر تجاههم من “تجريحات” حتى لو كانت قاسية، ولو قدر لأحدنا ان يسأل: لماذا يجتاح الاسلاميون - في الغالب - صناديق الانتخاب لوجدنا الاجابة في اتجاهين: احدهما خيبة الناس في البدائل المطروحة، وبحثهم عن الافضل أو “الاقل سوءا”. والاتجاه الآخر - وهو الأهم - ما يصدر من رسائل “متناقضة” حول العلاقة مع الاسلاميين، لدرجة ان المواطن يستشعر جراء هذا التناقض، وجراء “خبرة” الاسلاميين في “ابتلاع” ما تتضمنه من نقد - وأحيانا تخوين - بأن هؤلاء مستهدفون، وربما مظلومون، وبالتالي فان “وزنهم” لديه يزداد وثقته بهم تتصاعد.
مسألة حسم “العلاقة” بين الاطراف المختلفة لا تتعلق - فقط - بالاسلاميين وانما - ايضاً - بالحراكات الشعبية، فهذه الاخرى تتعرض لارتباك في المواقف، ثمة من “يتغنى” بها ويؤازرها ويعتبرها رافعة لما أنجز من اصلاح، وثمة من يتمنى ان يفتح عينيه ولا يرى أثراً لها في الشارع، ومن أسف ان هذين الخطابين - على تناقضهما - يترددان في فضائنا على ألسنة واحدة، بفارق بسيط وهو ان أحدهما معلن والآخر مسكوت عليه، الأول للاستهلاك السياسي والآخر للعمل على الأرض.
من مصلحة بلدنا ان نعيد ترسيم “العلاقات” بين كافة الاطراف: الدولة والمجتمع، الحكومات والمعارضة، الاسلاميون واليساريون، بحث نصل الى مصالحات وتفاهمات معرّفة ومحددة تخرجنا من وطأة الاحساس “بالتصنيفات” المغشوشة والرسائل غير المفهومة، والأزمات التي تتوالد كل يوم ولا نعرف أي مفاجأة ستحمله لنا في قادم الايام!.
باختصار، نريد ان نطمئن على وطن كلنا فيه داخل (الملة الوطنية) شركاء، لا فضل لأحد على أحد الا بما “انجز” وخدم، ولا “منة” لأحد عليه حتى لو ضحّى من أجله بدمه!.
الدستور