إعادة توحيد السودان؟
فهد الفانك
جو 24 : السودان جزء لا يتجزأ من الوطن العربي وقد سمي جمهورية السودان الديمقراطية من قبيل تسمية الأشياء بعكسها. وهو أبعد ما يكون عن النظام الجمهوري والديمقراطية. وكان السودان قبل الانفصال أكبر الأقطار العربية مساحة، وهو يتمتع بأهمية قومية خاصة من حيث أنه يمثل امتداداً عربيا إلى قلب القارة الإفريقية.
هذا القطر العربي الهام خضع لعملية انفصال لم تفرض من الخارج، بل فرضها تعنت الحكم العسكري في الخرطوم، الذي يصر على تطبيق الشريعة في بلد نصف سكانه ليسوا مسلمين.
تطبيق الشريعة جعل نصف السودانيين من مسيحيين ووثنيين مواطنين من الدرجة الثانية، يضاف إلى ذلك التعصب العرقي الذي كان يميز ضد الجنوبيين لأن لونهم أسود غامق بينما لون الشماليين أسمر شديد السُمرة، بل إن بعض الشماليين كانوا يصفون مواطنيهم الجنوبيين بأنهم عبيد بسبب سواد بشرتهم.
هذا الوضع الشاذ أدى إلى بروز الروح الانفصالية في الجنوب، ومع ذلك فإن زعيم الحركة المؤسس جورج جارنج لم يلفظ كلمة الانفصال، وأكد مراراً وتكراراً أنه سوداني وحسب، وسمى مقاتليه جيش تحرير السودان، أي أنه كان يقدم ثورته على أنها ثورة سودانية لتخليص الدولة من الحكم الفاشي، وليس لتحرير وانفصال جنوب السودان.
بدلاً من أن يعدل عمر البشير مواقفه، ويحاول استيعاب كل الشعب السوداني، دخل في اتفاقية مع الانفصاليين لتقرير المصير كان معروفاً أنها ستؤدي للانفصال طالما ظل على رأس الحكومة السودانية.
بعد أقل من ثلاث سنوات على الانفصال الجنوبي، أخذ جنوب السودان ينهار تحت وقع حرب أهلية طاحنة بين قبائل لا تعرف الانتماء للوطن. وبدلاً من تدخل الدول الإفريقية المحيطة بجنوب السودان، كان يجب أن تتدخل حكومة الخرطوم مدعومة عربياً لإعادة توحيد السودان مجدداً، على ان يرافق ذلك إعادة تأهيل النظام بحيث تكون السودان دولة مدنية حديثة وديمقراطية، وأن تبنى الحقوق والواجبات على أساس المواطنة المتساوية، وأن يشارك الجميع في السلطة على قدم المساواة.
رب ضارة نافعة، والحرب الاهلية المستعرة في جنوب السودان توفر دعوة مفتوحة لإعادة توحيد السودان ليكون جمهورية ديمقراطية بالفعل والجسر الذي يربط بين العرب وإفريقيا.
ما نقترحه ليس سهلاً وعقارب الساعة لا تعود للوراء، والانفصال أصبح حقيقة معترفاً بها عربياً ودولياً ولكن لا يبدو أن هناك حلاً لأزمة جنوب السودان بغير عودة الفرع إلى الأصل.
(الرأي)
هذا القطر العربي الهام خضع لعملية انفصال لم تفرض من الخارج، بل فرضها تعنت الحكم العسكري في الخرطوم، الذي يصر على تطبيق الشريعة في بلد نصف سكانه ليسوا مسلمين.
تطبيق الشريعة جعل نصف السودانيين من مسيحيين ووثنيين مواطنين من الدرجة الثانية، يضاف إلى ذلك التعصب العرقي الذي كان يميز ضد الجنوبيين لأن لونهم أسود غامق بينما لون الشماليين أسمر شديد السُمرة، بل إن بعض الشماليين كانوا يصفون مواطنيهم الجنوبيين بأنهم عبيد بسبب سواد بشرتهم.
هذا الوضع الشاذ أدى إلى بروز الروح الانفصالية في الجنوب، ومع ذلك فإن زعيم الحركة المؤسس جورج جارنج لم يلفظ كلمة الانفصال، وأكد مراراً وتكراراً أنه سوداني وحسب، وسمى مقاتليه جيش تحرير السودان، أي أنه كان يقدم ثورته على أنها ثورة سودانية لتخليص الدولة من الحكم الفاشي، وليس لتحرير وانفصال جنوب السودان.
بدلاً من أن يعدل عمر البشير مواقفه، ويحاول استيعاب كل الشعب السوداني، دخل في اتفاقية مع الانفصاليين لتقرير المصير كان معروفاً أنها ستؤدي للانفصال طالما ظل على رأس الحكومة السودانية.
بعد أقل من ثلاث سنوات على الانفصال الجنوبي، أخذ جنوب السودان ينهار تحت وقع حرب أهلية طاحنة بين قبائل لا تعرف الانتماء للوطن. وبدلاً من تدخل الدول الإفريقية المحيطة بجنوب السودان، كان يجب أن تتدخل حكومة الخرطوم مدعومة عربياً لإعادة توحيد السودان مجدداً، على ان يرافق ذلك إعادة تأهيل النظام بحيث تكون السودان دولة مدنية حديثة وديمقراطية، وأن تبنى الحقوق والواجبات على أساس المواطنة المتساوية، وأن يشارك الجميع في السلطة على قدم المساواة.
رب ضارة نافعة، والحرب الاهلية المستعرة في جنوب السودان توفر دعوة مفتوحة لإعادة توحيد السودان ليكون جمهورية ديمقراطية بالفعل والجسر الذي يربط بين العرب وإفريقيا.
ما نقترحه ليس سهلاً وعقارب الساعة لا تعود للوراء، والانفصال أصبح حقيقة معترفاً بها عربياً ودولياً ولكن لا يبدو أن هناك حلاً لأزمة جنوب السودان بغير عودة الفرع إلى الأصل.
(الرأي)