مرضى يأكلون موتاهم!!
خيري منصور
جو 24 : ما من هدية أثمن من تلك التي قدمها العرب إلى إسرائيل تحت عنوان مضلل هو الربيع فهي الآن خارج معادلة الصراع، والحرب تدور و بمعنى أدق تُدار بين الاخوة الأعداء، وبين هابيل العروبة وقابيلها، فالاولويات تبدلت، وما كان استراتيجياً أصبح تكتيكياً والعكس صحيح، وما كان شرقا أصبح غربا، فالبوصلة اصابها جنون التاريخ.
إسرائيل هي التي تعيش ربيعها، لأنها تتفرج وتحصي خسائر من كانوا أعداءها لأنها غنائمها، لكنها لم تخسر قطرة دم واحدة في الحصول عليها.
مضى زمن كان فيه العرب يتحاربون وينقلبون وينشقون ويتبادلون الاتهامات في ضوء معيار واحد، هو العداء لاسرائيل، لكنهم الآن يفعلون كل هذا لاسباب اخرى لا علاقة لها بالصراع الوجودي الذي انتهى الى أقل من صراع حدودي!
حروب العرب البينية الجديدة توزع فيها الهزائم بالتساوي بين الاطراف لان النصر من حصة طرف آخر وجد من ينوب عنه بمعزل عن النوايا، رغم ان الطريق الى الهزيمة وليس الى الجحيم فقط معبد بالنوايا الحسنة كما يقال!
نقرأ هذه الايام ما يكتبون سواء كانوا ساخرين أو شامتين، ولا بأس ان يكتب احدهم كما فعل سمدار بيري عن المشير السيسي بأنه فيتامين سي.. سي. ولا بأس ان يكتب آخر عن ضرورة فرح الفلسطينيين بعدم وجود دولة لهم كي لا يشملهم الاستبداد.
نقرأ ما يدمي العين بعد ان تجف قناة الدمع، لأننا لم نعد هنا ولم نعد هناك، فالطرد هذه المرة تجاوز الجغرافيا إلى التاريخ، حيث لا وكالة غوث تاريخية ولا خيام بين الغيوم.
ان من حق العربي الذي تشبث بجمرة الهوية ان يردد مع سلفه ابن مقبل:
ما أطيب العيش لو ان الفتى بقرة
بدلاً من قوله لو أن الفتى حجر،
فمن لا يزال في جلده متسع للقشعريرة تعتريه نوبة برد في شهر آب!
أخطر ما في المسألة كلها ان الذبيحة لم يعد يهمها السلخ، او حتى تحويل جلدها الى بساطير في اقدام غزاتها ولا نعرف من الناحية الطبية كم هي درجة هذه الغيبوبة القومية، وما إذا كانت على موعد مع الصحو والقيامة ام انها اسدلت الستار ولم تعد تنفع حتى لغة الارقام لمخاطبة ضحايا الغيبوبة، كان يقال لهم كم ينفقون على الثرثرة بالهواتف الانتحارية وكم منهم يموتون جوعاً وقهراً وخوفاً وهرباً!
رغم ان العربي الذي يعيش على أرض يعج باطنها بالثروات ويطفح ظاهرها بالخيرات اصبح كبطل الاسطورة اليونانية الذي ما أن يصرخ من الظمأ حتى يقترب النهر من شفتيه المشققتين ثم ينأى وما ان يصرخ من الجوع حتى تدنو العناقيد من فمه ثم تنأى.
وباختصار هي حرب بلا فروسية وأقرب الى الانتحار لانها بين مرضى يأكلون موتاهم وبين موتى تسعى بهم أمعاؤهم كالثعابين!
(الدستور)
إسرائيل هي التي تعيش ربيعها، لأنها تتفرج وتحصي خسائر من كانوا أعداءها لأنها غنائمها، لكنها لم تخسر قطرة دم واحدة في الحصول عليها.
مضى زمن كان فيه العرب يتحاربون وينقلبون وينشقون ويتبادلون الاتهامات في ضوء معيار واحد، هو العداء لاسرائيل، لكنهم الآن يفعلون كل هذا لاسباب اخرى لا علاقة لها بالصراع الوجودي الذي انتهى الى أقل من صراع حدودي!
حروب العرب البينية الجديدة توزع فيها الهزائم بالتساوي بين الاطراف لان النصر من حصة طرف آخر وجد من ينوب عنه بمعزل عن النوايا، رغم ان الطريق الى الهزيمة وليس الى الجحيم فقط معبد بالنوايا الحسنة كما يقال!
نقرأ هذه الايام ما يكتبون سواء كانوا ساخرين أو شامتين، ولا بأس ان يكتب احدهم كما فعل سمدار بيري عن المشير السيسي بأنه فيتامين سي.. سي. ولا بأس ان يكتب آخر عن ضرورة فرح الفلسطينيين بعدم وجود دولة لهم كي لا يشملهم الاستبداد.
نقرأ ما يدمي العين بعد ان تجف قناة الدمع، لأننا لم نعد هنا ولم نعد هناك، فالطرد هذه المرة تجاوز الجغرافيا إلى التاريخ، حيث لا وكالة غوث تاريخية ولا خيام بين الغيوم.
ان من حق العربي الذي تشبث بجمرة الهوية ان يردد مع سلفه ابن مقبل:
ما أطيب العيش لو ان الفتى بقرة
بدلاً من قوله لو أن الفتى حجر،
فمن لا يزال في جلده متسع للقشعريرة تعتريه نوبة برد في شهر آب!
أخطر ما في المسألة كلها ان الذبيحة لم يعد يهمها السلخ، او حتى تحويل جلدها الى بساطير في اقدام غزاتها ولا نعرف من الناحية الطبية كم هي درجة هذه الغيبوبة القومية، وما إذا كانت على موعد مع الصحو والقيامة ام انها اسدلت الستار ولم تعد تنفع حتى لغة الارقام لمخاطبة ضحايا الغيبوبة، كان يقال لهم كم ينفقون على الثرثرة بالهواتف الانتحارية وكم منهم يموتون جوعاً وقهراً وخوفاً وهرباً!
رغم ان العربي الذي يعيش على أرض يعج باطنها بالثروات ويطفح ظاهرها بالخيرات اصبح كبطل الاسطورة اليونانية الذي ما أن يصرخ من الظمأ حتى يقترب النهر من شفتيه المشققتين ثم ينأى وما ان يصرخ من الجوع حتى تدنو العناقيد من فمه ثم تنأى.
وباختصار هي حرب بلا فروسية وأقرب الى الانتحار لانها بين مرضى يأكلون موتاهم وبين موتى تسعى بهم أمعاؤهم كالثعابين!
(الدستور)