المثقف ولاعب السيرك!!
خيري منصور
جو 24 : قدم د. سعد الدين ابراهيم قبل ايام عينة من خلاف المثقف مع السلطة في بلاده وسعد الدين استاذ في علم الاجتماع ويدير مركزا للابحاث هو ابن خلدون الذي تعرض عدة مرات للرقابة و الاغلاق وتلك قصة اخرى ليس هذا مقامها.
الاهم ان سعد الدين كان المشرف على رسالة الماجستير للسيدة سوزان مبارك مما جعله مقربا لبيت الرئيس الاسبق مبارك لكنه تورط بكتابة مقالة بعنوان الجملوكية وهو مصطلح مركب من الملكية والجمهورية عن التوريث وكان يقصد جمال مبارك الذي كان قاب قرارين او ادنى من تولي منصب الرئاسة كخلف لابيه.
يقول سعد الدين ان الرئيس قرأ تلك المقالة ودخل بها وهو يلوح بالصحيفة على زوجته وقال لها عليك ان تختاري بين استاذك وابنك! وعندئذ بدأت المشكلة وسجن الاستاذ ولم تشفع له العلاقة العائلية.
إذا صح ما رواه سعد الدين فان الحادثة بحد ذاتها تفتضح عدة مواقف دفعة واحدة اولا ضيق صدر السلطة بما يصدر عن المثقف حتى لو كان اكاديميا واستاذا لاقرب الناس الى رأس النظام وهي زوجته.
ثانيا: على المثقف كي يحظى بالقبول والتزكية ان يعرف اين تقع الخطوط الحمر، وحتى الخطوط البرتقالية، ويعترف ان هناك مساحة محظورة وهي السكوت عنه في دولة شبه شمولية.
ثالثا: ان يبقى المثقف والاكاديمي ايضا في نطاق المهنة الفني لانه ان تدخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه، لكن هل السياسة بكل شجونها وتفاصيلها لا تعني المثقف؟ وهل عليه لكي يبقى امينا لمهنته ان يضع في احدى اذنيه طينا وفي الاخرى عجينا! ام يردد ما قاله جُحا الذي حاول النجاة حتى لو كانت على حساب اهله!
المثقف كما ورد في حكاية د. سعد الدين ابراهيم اشبه بلاعب السيرك الذي لا يسمح له حتى بخطأ واحد، فاما التصفيق لمهارته في القفز على الحبال او السقوط المروع، ورغم اختلافنا غير العابر مع د. ابراهيم وكل اطروحاته الا ان الثمن الذي دفعه لمجرد الخروج ولو بحرف واحد عن النص الرسمي المقرر يرينا كم هي محنة من ادركتهم هذه المهنة في العالم العربي وربما في العالم الثالث عشر الذي كان يسمى حتى وقت قريب بالعالم الثالث!
والسؤال الذي يفرض نفسه بالحاح على هامش هذه الحكاية هو اين ذهب هؤلاء الذين احترفوا تجميل الوقائع للسلطة عندما تداعت؟
وكم واحدا منهم بقي على قيد الوفاء لنظام قرّبه واغدق عليه على حساب اخرين؟
لكن يبدو ان د. ابراهيم اقتنع ذات يوم بالموعظة التي تقول صديقك من صدقك ولم يخدعك، واعانك على ادراك الخطأ والقصور والنقد لانه ما من كائن بشري معصوم!
وليس دفاعا وتبرئة لاي حاكم او نظام عربي ان نقول بان هناك سايكولوجيا شاملة في ثقافتنا تصيب اي فرد بضيق التنفس اذا تعرض للنقد ولهذا السبب وجدت أمثولة الدب وصاحبه والذبابة ترجمة سياسية على امتداد تاريخنا والجغرافيا العربية!!
(الدستور)
الاهم ان سعد الدين كان المشرف على رسالة الماجستير للسيدة سوزان مبارك مما جعله مقربا لبيت الرئيس الاسبق مبارك لكنه تورط بكتابة مقالة بعنوان الجملوكية وهو مصطلح مركب من الملكية والجمهورية عن التوريث وكان يقصد جمال مبارك الذي كان قاب قرارين او ادنى من تولي منصب الرئاسة كخلف لابيه.
يقول سعد الدين ان الرئيس قرأ تلك المقالة ودخل بها وهو يلوح بالصحيفة على زوجته وقال لها عليك ان تختاري بين استاذك وابنك! وعندئذ بدأت المشكلة وسجن الاستاذ ولم تشفع له العلاقة العائلية.
إذا صح ما رواه سعد الدين فان الحادثة بحد ذاتها تفتضح عدة مواقف دفعة واحدة اولا ضيق صدر السلطة بما يصدر عن المثقف حتى لو كان اكاديميا واستاذا لاقرب الناس الى رأس النظام وهي زوجته.
ثانيا: على المثقف كي يحظى بالقبول والتزكية ان يعرف اين تقع الخطوط الحمر، وحتى الخطوط البرتقالية، ويعترف ان هناك مساحة محظورة وهي السكوت عنه في دولة شبه شمولية.
ثالثا: ان يبقى المثقف والاكاديمي ايضا في نطاق المهنة الفني لانه ان تدخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه، لكن هل السياسة بكل شجونها وتفاصيلها لا تعني المثقف؟ وهل عليه لكي يبقى امينا لمهنته ان يضع في احدى اذنيه طينا وفي الاخرى عجينا! ام يردد ما قاله جُحا الذي حاول النجاة حتى لو كانت على حساب اهله!
المثقف كما ورد في حكاية د. سعد الدين ابراهيم اشبه بلاعب السيرك الذي لا يسمح له حتى بخطأ واحد، فاما التصفيق لمهارته في القفز على الحبال او السقوط المروع، ورغم اختلافنا غير العابر مع د. ابراهيم وكل اطروحاته الا ان الثمن الذي دفعه لمجرد الخروج ولو بحرف واحد عن النص الرسمي المقرر يرينا كم هي محنة من ادركتهم هذه المهنة في العالم العربي وربما في العالم الثالث عشر الذي كان يسمى حتى وقت قريب بالعالم الثالث!
والسؤال الذي يفرض نفسه بالحاح على هامش هذه الحكاية هو اين ذهب هؤلاء الذين احترفوا تجميل الوقائع للسلطة عندما تداعت؟
وكم واحدا منهم بقي على قيد الوفاء لنظام قرّبه واغدق عليه على حساب اخرين؟
لكن يبدو ان د. ابراهيم اقتنع ذات يوم بالموعظة التي تقول صديقك من صدقك ولم يخدعك، واعانك على ادراك الخطأ والقصور والنقد لانه ما من كائن بشري معصوم!
وليس دفاعا وتبرئة لاي حاكم او نظام عربي ان نقول بان هناك سايكولوجيا شاملة في ثقافتنا تصيب اي فرد بضيق التنفس اذا تعرض للنقد ولهذا السبب وجدت أمثولة الدب وصاحبه والذبابة ترجمة سياسية على امتداد تاريخنا والجغرافيا العربية!!
(الدستور)