الاخوان : نفير سياسي ناعم..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : ليس سرا ان سؤال: ما جدوى الخروج الى الشارع قد تردد كثيرا داخل اروقة الحركة الاسلامية منذ عامين على الاقل، وفيما لم يكن من الممكن في اوج حراكات الميادين العربية ان ترجح اصوات من تحفظوا على الاستمرار في الاحتجاج، رضخت قيادات الجماعة للواقع الذي فرضته اصوات شباب الحركة واصحاب مشروع الاصلاح الداخلي ،لكن ما ان هدأت موجة المطالب الثورية والاصلاحية على ايقاع “الانقلابات التي حدثت في الاقليم: انقلاب العسكر في مصر وانقلاب المصالح الدولية على الثورة السورية،حتى اعاد الاخوان طرح السؤال مجددا ،والاجابة بالطبع معروفة وقد التزم بها الجميع على الفور.
داخل الحركة كانت بعض الاصوات تخرج احيانا لتذكير الدولة بان الجماعة لم تخسر كل ما تمتلكه من اوراق سياسية،او وزن سياسي، وهي محاولات كانت مفهومة في سياق الاستعراض السياسي والمناورة لا ارضاء نوازع الثقة بالذات، فيما ظلت اطراف اخرى تدفع باتجاه التهدئة على صعيد الداخل والانشغال اكثر على صعيد ما يجري في الخارج ،وتحديدا بما يتعلق بملف (الاخوان والسلطة) وبالصراع الفلسطيني الاسرائيلي باعتباره اولوية ،لكن في لحظة استدركت الجماعة “كمونها الاضطراري” وتبايناتها الداخلية،وقررت الخروج من حالة الكمون الى حالة جديدة من الاستنفار السياسي ،وقد حصل ذلك نتيجة لحدثين مهمين، احدهما يتعلق بما رشح عن جولات كيري للمنطقة من امكانية تبلور (اطار) اتفاق لحل او تسوية للقضية الفلسطينية،وهنا تحديدا تطابقت الاولويات لدى الاطراف داخل الجماعة ولو مرحليا ،فالمشروع يستهدف الاردن وفلسطين معا ،وبمقدورهم ان يتحركوا في هذا الاتجاة ،اولا لتجاوز اختلافاتهم الداخلية،وثانيا لارسال ما يلزم من رسائل تطمين للرأي العام وللدولة ايضا،، وثالثا لاعادة الاعتبار الى دور الحركة الاساسي كضامن لوحدة مكونات المجتمع الاردني وخاصة في وقت تصاعدت فيه السجالات على الهوية والمواطنة.. اما الحدث الاخر فيتعلق بما جرى من محاولات لاقصاء الاسلام السياسي عن المشهد،سواء من خلال البوابة المصرية بعد الانقلاب ،او من البوابة التركية بعد اشهار الطلاق بين كولن واردوغان ،او من البوابة الاردنية نتيجة بروز بوادر لدفع زمزم الى الانشقاق عن الاخوان ، وهذه المستجدات وغيرها فتحت عيون الجماعة على ضرورة استباق اشارات الحصار او التصعيد المتوقع بمراجعات افضت الى اعادة تدويرالزوايا في حركة خطابها السياسي وسلوكها العام ،وخاصة تجاه الرأي العام والنظام السياسي ،وهذه الاستدارة التي يمكن توظيف المخاوف الشعبية من خطة كيري لتأصيلها سياسيا كرافعة للعودة الى ممارسة الفاعلية السياسية، من المفترض ان تتخذ مسارات عدة،ابرزها كسر حالة الاستعصاء السياسي من طرف الاخوان على الاقل والقبول بالحد الادني من العرض السياسي الذي يتوافق عليه الاردنيون ،سواء فيما يتعلق بقانون الانتخاب ،او بالحلول الاقتصادية،وعموما بمشروع الاصلاح الذي سبق للحركة ان حددت موافقتها علية بشروطها السبعة،والرسالة التي بعثتها الجماعة هنا واضحة ومفادها انها على استعداد للتنازل عن بعض الشروط او جدولتها للخروج من الحالة الراهنة نحو توافقات وطنية تساعد على مواجهة الاخطار التي تحدق بالوطن.
ولم يغب عن الجماعة ان تذكر هنا بطبيعة هذه الاخطار وبالدور الذي قامت به تاريخيا ويمكن ان تقوم به الان لتجاوز مثل هذه التحديات، فهي تعتقد مثلا ان زعزعة الوحدة الوطنية اخطر من اطار كيري ،و ان النظام السياسي والاخوان هما الضمانتان الاساسيتان للحفاظ على هذه الوحدة، كما تعتقد ان خطر التطرف الذي بدأ يطرق ابواب المنطقة يحتاج الى ردود عاقلة ويمكن للاخوان ان يشكلوا-كما فعلوا سابقا- حائطا لصد مثل هذه الخطر، ولا يتردد الاخوان هنا في مناسبتين تكرر فيهما الخطاب في يومين متتالين على السنة ثلاثة من ابرز قياداتهم(حمزة منصور وعلي ابو السكر وزكي بني ارشيد) عن ارسال العديد من الرسائل المتناغمة في هذا الاتجاه،فثمة غزل واضح بالنظام السياسي الذي لم ينتهج العنف في اي يوم من الايام والذي -ايضا - انحاز للحكمة في تعامله مع القضايا والنوازل الكبرى، وثمة تطمينات للمجتمع وقواه السياسية بان الاخوان لا يسعون الى الغلبة ولا الى الاستحواذ على الحكم ولا على مقاعد مجلس النواب(يقول الشيخ حمزم منصور مثلا: التحديات اكبر من ان يواجهها حزب او تيار وتحتاج الى وقفة كل الاردنيين وباتجاه واحد والبوصلة هي المصلحة العليا للوطن”.
حين تدقق في مضامين النفير السياسي الذي عبرت عنه خطابات قيادة الحركة مؤخرا تكتشف مسألتين: احداهما ان الاخوان قرروا الانتقال من مجال الارسال الى مجال الارسال والاستعداد التام وغير المشروط للاستقال ايضا ،بما يعني انهم جاهزون للانخراط في العملية السياسية اذا ما جرت بعض التحسينيات على المشهد السياسي ،وهذه التحسينيات لا تتعلق بشروط الاخوان او مطالبهم وانما هي متروكة للنقاش الوطني العام وما يمكن ان ينتج عنه من توافقات ،اما المسألة الاخرى فهي ان الدولة بحاجة الى دور الحركة وحضورها الفاعل كما ان الحركة بحاجة الى حكمة الدولة في التعامل معها، مما يعني ان المشتركات التي تجمع الطرفين اكبر من الفوارق والاختلافات بينهما ، ولكن يبقى السؤال الاهم وهو : كيف يمكن قراءة هذه الرسائل وترجمتها على الطرفين، هذا ما ستكشفه المرحلة القادة بالتأكيد...
(الدستور)
داخل الحركة كانت بعض الاصوات تخرج احيانا لتذكير الدولة بان الجماعة لم تخسر كل ما تمتلكه من اوراق سياسية،او وزن سياسي، وهي محاولات كانت مفهومة في سياق الاستعراض السياسي والمناورة لا ارضاء نوازع الثقة بالذات، فيما ظلت اطراف اخرى تدفع باتجاه التهدئة على صعيد الداخل والانشغال اكثر على صعيد ما يجري في الخارج ،وتحديدا بما يتعلق بملف (الاخوان والسلطة) وبالصراع الفلسطيني الاسرائيلي باعتباره اولوية ،لكن في لحظة استدركت الجماعة “كمونها الاضطراري” وتبايناتها الداخلية،وقررت الخروج من حالة الكمون الى حالة جديدة من الاستنفار السياسي ،وقد حصل ذلك نتيجة لحدثين مهمين، احدهما يتعلق بما رشح عن جولات كيري للمنطقة من امكانية تبلور (اطار) اتفاق لحل او تسوية للقضية الفلسطينية،وهنا تحديدا تطابقت الاولويات لدى الاطراف داخل الجماعة ولو مرحليا ،فالمشروع يستهدف الاردن وفلسطين معا ،وبمقدورهم ان يتحركوا في هذا الاتجاة ،اولا لتجاوز اختلافاتهم الداخلية،وثانيا لارسال ما يلزم من رسائل تطمين للرأي العام وللدولة ايضا،، وثالثا لاعادة الاعتبار الى دور الحركة الاساسي كضامن لوحدة مكونات المجتمع الاردني وخاصة في وقت تصاعدت فيه السجالات على الهوية والمواطنة.. اما الحدث الاخر فيتعلق بما جرى من محاولات لاقصاء الاسلام السياسي عن المشهد،سواء من خلال البوابة المصرية بعد الانقلاب ،او من البوابة التركية بعد اشهار الطلاق بين كولن واردوغان ،او من البوابة الاردنية نتيجة بروز بوادر لدفع زمزم الى الانشقاق عن الاخوان ، وهذه المستجدات وغيرها فتحت عيون الجماعة على ضرورة استباق اشارات الحصار او التصعيد المتوقع بمراجعات افضت الى اعادة تدويرالزوايا في حركة خطابها السياسي وسلوكها العام ،وخاصة تجاه الرأي العام والنظام السياسي ،وهذه الاستدارة التي يمكن توظيف المخاوف الشعبية من خطة كيري لتأصيلها سياسيا كرافعة للعودة الى ممارسة الفاعلية السياسية، من المفترض ان تتخذ مسارات عدة،ابرزها كسر حالة الاستعصاء السياسي من طرف الاخوان على الاقل والقبول بالحد الادني من العرض السياسي الذي يتوافق عليه الاردنيون ،سواء فيما يتعلق بقانون الانتخاب ،او بالحلول الاقتصادية،وعموما بمشروع الاصلاح الذي سبق للحركة ان حددت موافقتها علية بشروطها السبعة،والرسالة التي بعثتها الجماعة هنا واضحة ومفادها انها على استعداد للتنازل عن بعض الشروط او جدولتها للخروج من الحالة الراهنة نحو توافقات وطنية تساعد على مواجهة الاخطار التي تحدق بالوطن.
ولم يغب عن الجماعة ان تذكر هنا بطبيعة هذه الاخطار وبالدور الذي قامت به تاريخيا ويمكن ان تقوم به الان لتجاوز مثل هذه التحديات، فهي تعتقد مثلا ان زعزعة الوحدة الوطنية اخطر من اطار كيري ،و ان النظام السياسي والاخوان هما الضمانتان الاساسيتان للحفاظ على هذه الوحدة، كما تعتقد ان خطر التطرف الذي بدأ يطرق ابواب المنطقة يحتاج الى ردود عاقلة ويمكن للاخوان ان يشكلوا-كما فعلوا سابقا- حائطا لصد مثل هذه الخطر، ولا يتردد الاخوان هنا في مناسبتين تكرر فيهما الخطاب في يومين متتالين على السنة ثلاثة من ابرز قياداتهم(حمزة منصور وعلي ابو السكر وزكي بني ارشيد) عن ارسال العديد من الرسائل المتناغمة في هذا الاتجاه،فثمة غزل واضح بالنظام السياسي الذي لم ينتهج العنف في اي يوم من الايام والذي -ايضا - انحاز للحكمة في تعامله مع القضايا والنوازل الكبرى، وثمة تطمينات للمجتمع وقواه السياسية بان الاخوان لا يسعون الى الغلبة ولا الى الاستحواذ على الحكم ولا على مقاعد مجلس النواب(يقول الشيخ حمزم منصور مثلا: التحديات اكبر من ان يواجهها حزب او تيار وتحتاج الى وقفة كل الاردنيين وباتجاه واحد والبوصلة هي المصلحة العليا للوطن”.
حين تدقق في مضامين النفير السياسي الذي عبرت عنه خطابات قيادة الحركة مؤخرا تكتشف مسألتين: احداهما ان الاخوان قرروا الانتقال من مجال الارسال الى مجال الارسال والاستعداد التام وغير المشروط للاستقال ايضا ،بما يعني انهم جاهزون للانخراط في العملية السياسية اذا ما جرت بعض التحسينيات على المشهد السياسي ،وهذه التحسينيات لا تتعلق بشروط الاخوان او مطالبهم وانما هي متروكة للنقاش الوطني العام وما يمكن ان ينتج عنه من توافقات ،اما المسألة الاخرى فهي ان الدولة بحاجة الى دور الحركة وحضورها الفاعل كما ان الحركة بحاجة الى حكمة الدولة في التعامل معها، مما يعني ان المشتركات التي تجمع الطرفين اكبر من الفوارق والاختلافات بينهما ، ولكن يبقى السؤال الاهم وهو : كيف يمكن قراءة هذه الرسائل وترجمتها على الطرفين، هذا ما ستكشفه المرحلة القادة بالتأكيد...
(الدستور)