حـق العـودة بعـد 500 عـام !!!
حسين الرواشدة
جو 24 : بعد اكثر من 500 سنة نجحت جماعات الضغط اليهودية ، بانتزاع (قانون) يسمح لأحفاد اليهود الشرقيين بحق العودة الى اسبانيا ، ومن المفارقات ان القانون الجديد الذي استصدره الحزب الحاكم في اسبانيا وأسقط بموجبه كل الشروط السابقة على اليهود الشرقيين ، الذين طردوا من اسبانيا بعد سقوط الحكم الاسلامي هناك ، مثل عدم (ازدواجية) الجنسية ( ويقدرّ احفاد هؤلاء بنحو 3 مليون يهودي) لم يشر ابدا الى المسلمين (المريسيكون) الذين طردوا آنذاك وتعرضوا لشتى انواع العذاب و القتل .
للتذكير -فقط- اصدرت اسبانيا مؤخرا قانونا يسمح للمسلمين المقيمين فيها الحصول على الجنسية الاسبانية مقابل ثلاثة شروط من ابرزها ان يتنازل الشخص عن (ديانته) الاسلامية ، كما اصدرت قبل سنوات قرارا يسمح للكنيسة الكاثوليكية بشراء مسجد (قرطبة) التاريخي (بني عام 922 ه) مقابل رسوم تسجيل تبلغ (30) يورو ، ومن المتوقع ان يصبح المسجد ملكا للأسقفية عام 2016 مالم يصدر قانون يمنع ذلك .
اذا تجاوزنا ( عقدة) النقص التي تلازمنا حين نسمع مثل هذه الاخبار ، والتي تدفعنا الى الاحساس بالحزن و المرارة او ربما الى اللامبالاة ، أو تدفع من لايزال يتمتع بالحد الأدنى من ( الغيرة) لاصدار بيانات رفض او ادانة ، فإن قراءة ما حصل بعيون سياسية يستوجب الانتباه الى مسألتين : احدهما ان ما فعلته الجماعات اليهودية في اسبانيا بدعم من دولتهم ومن ( اللوبي) الصهيوني يشكل انجازا يحسب لهم ، فالذين طردوا من اسبانيا لم يكونوا اليهودالشرقيين (سفارديم) وحدهم ،وانما طرد المسلمون آنذاك وتعرضوا اكثر من غيرهم لشتى انواع الظلم و الاعتداء ، لكن هؤلاء اليهود لم يتنازلوا عن حقهم ، وسخروا كل امكانياتهم في معركة (حق العودة) حتى انتصروا فيها ، أما نحن فمشكلتنا اننا (نسينا) تاريخنا وحقوقنا ، ومن العبث ان نتوقع بأن الآخرين الذين استخفوا بنا كعرب ومسلمين سيقدمونها لنا هدية على طبق من ذهب ، أما المسألة الاخرى فهي ان ما فعلته اسبانيا تجاه مسجد قرطبة او اتجاه (شرط) الردة عن الاسلام لمن يرغب بالتجنيس ، يعكس صورة الموازين المزدوجة التي يجري التعامل بها مع امتنا ، ولو افترضنا ان دولة اسلامية او عربية (اقترفت) مثل هذا الخطأ ، كأن عرضت احدى الكنائس للبيع لغير اتباعها ، او أغرت المقيمين فيها بالتنازل عن ديانتهم ، لكانت النتيجة (زلزالا) من الانتقادات باسم الدفاع عن حقوق وكرامة الانسان ، او الحفاظ على اماكن العبادة ، او الدفاع عن حرية الاديان ... ناهيك عن الاحتجاجات الدبلوماسية التي قد تصل الى قطع العلاقات .... أو الحاق الدولة ( الفاعلة) بقائمة الارهاب ، لكن هذا يبقى مفهوما في اطار ( حسابات) القوة و النفوذ التي يفرض فيها الطرف الاقوى ( كلمته) ومعاييره واجراءاته ، فيما لا يملك الطرف الضعيف إلاّ الصبر و الدعاء ، وهو الدرس الذي يتوجب علينا ان نتعلمه اذا أردنا ان نخرج من اطار الضحية و الملطشة الذي وضعنا انفسنا فيه .
اذا دققنا اكثر في مسألة ( حق العودة) لليهود الشرقيين، سواء في اسبانيا او قبلها في البرتغال ، فإن اول ما يخطر الى البال هو ( حق) عودة الفلسطينين الى بلادهم التي طردوا منها ، وبعضهم مازال قيد الحياة ، كما ان هذا الحق مقرّ في القوانين الدولية ، ولم يمض عليه الا نحو (60) عاما ، بمعني ان الحدث طازج مقارنة بما حدث لليهود عام 1492 اي قبل 522 عام ، لكن الفارق هنا هو ان ذلك الحق (اليهودي) مقدس ولم يتم التنازل عنه ، فيما حق الفلسطينين قابل ( للتفاوض) ، كما ان أولئك اليهود الذين لا يزيد عددهم في العالم عن (15) مليون تمكنوا من انتزاعه ، فيما تعجز امة يزيد عددها عن مليار ونصف الميار من انتزاع حق الفلسطينين بالعودة الى بلادهم .
وزير العدل الاسباني الذي اعلن القرار قال : ( علينا ان نعترف ، لأنفسنا و أمام العالم ، ان ذلك (طرد اليهود) لم يكن فقط خطأ تاريخيا ، بل ان الاخطاء التاريخية يمكن تصحيحها ) لكن ما لم يعترف به الوزير (البرتو غالاردون) ان المسلمين الذين حكموا اسبانيا وبنوا حضارتها تعرضوا (لخطأ) تاريخي بشع ، فما جرى لهم تجاوز الطرد الى التعذيب و القتل ،ولان القصة تحتاج الى شرح طويل اكتفي بالاشارة الى انه في عام (1608) قرر مجلس الدولة في اسبانيا بالاجماع طرد المسلمين الذي اطلق عليهم (الموريسكيين ) وتعويض النبلاء عن طرد خدمهم بأموال ( الموريسكيين) المصادرة ، وحين تأخر بعضهم عن السفر صدر قرار قضائي تم بموجبه منح جائزة بمقدار (60) ليرة لكل من يأتي بمسلم حي ، وله الحق في استعباده ، و(30) ليرة لمن يأتي برأس مسلم مقتول ، كما صدرت قرارت اخرى يمنع فيها اي شخص من إخفاء ( المسلمين) او نصحهم ، وحكم على من يفعل ذلك بالاشغال الشاقة لمدة (6) سنوات ... وقد بلغ عدد المسلمين الذين طردوا نحو مليون شخص ... ويمكن لمن اراد الاستزادة عما حصل لهم في محاكم التفتيش من حرق لكتبهم وارغامهم على ترك دينهم ، العودة الى كتب التاريخ ، علما بأن هناك الآن نحو (4) ملاين نسمة من اصل (35) مليون من احفاد الموريسكيين يعيشون في المغرب (والأخرون يتوزعون في موريتانيا وجنوب الفلبين وغيرهما) وقد رفضت اسبانيا الاعتذار لهم او تعويضهم عن ممتلكات اجدادهم او منحهم الجنسية .
ما حدث للمسلمين في اسبانيا تكرر مع الفلسطينيين ، لكن لم نسمع لا من مدريد و لا من تل ابيب ، مجرد اعتذار عن هذا ( الخطأ) التاريخي ، لا تسألني لماذا ؟؟ فما المسؤول بأعلم من السائل ، لكن ارجو - فقط- ان نتعلم من هؤلاء اليهود بأن لا تنازل عن هذا الحق .. فحتى لو مر (500) عام عليه ، لابدّ ان يأتي اليوم الذي يخرج فيه احدهم مرغما للاعتذار عنه وتصحيحه ، صدقوني هذا سيحدث اذا قررت امتنا ان تنهض للقيام بواجبها..!!
(الدستور)
للتذكير -فقط- اصدرت اسبانيا مؤخرا قانونا يسمح للمسلمين المقيمين فيها الحصول على الجنسية الاسبانية مقابل ثلاثة شروط من ابرزها ان يتنازل الشخص عن (ديانته) الاسلامية ، كما اصدرت قبل سنوات قرارا يسمح للكنيسة الكاثوليكية بشراء مسجد (قرطبة) التاريخي (بني عام 922 ه) مقابل رسوم تسجيل تبلغ (30) يورو ، ومن المتوقع ان يصبح المسجد ملكا للأسقفية عام 2016 مالم يصدر قانون يمنع ذلك .
اذا تجاوزنا ( عقدة) النقص التي تلازمنا حين نسمع مثل هذه الاخبار ، والتي تدفعنا الى الاحساس بالحزن و المرارة او ربما الى اللامبالاة ، أو تدفع من لايزال يتمتع بالحد الأدنى من ( الغيرة) لاصدار بيانات رفض او ادانة ، فإن قراءة ما حصل بعيون سياسية يستوجب الانتباه الى مسألتين : احدهما ان ما فعلته الجماعات اليهودية في اسبانيا بدعم من دولتهم ومن ( اللوبي) الصهيوني يشكل انجازا يحسب لهم ، فالذين طردوا من اسبانيا لم يكونوا اليهودالشرقيين (سفارديم) وحدهم ،وانما طرد المسلمون آنذاك وتعرضوا اكثر من غيرهم لشتى انواع الظلم و الاعتداء ، لكن هؤلاء اليهود لم يتنازلوا عن حقهم ، وسخروا كل امكانياتهم في معركة (حق العودة) حتى انتصروا فيها ، أما نحن فمشكلتنا اننا (نسينا) تاريخنا وحقوقنا ، ومن العبث ان نتوقع بأن الآخرين الذين استخفوا بنا كعرب ومسلمين سيقدمونها لنا هدية على طبق من ذهب ، أما المسألة الاخرى فهي ان ما فعلته اسبانيا تجاه مسجد قرطبة او اتجاه (شرط) الردة عن الاسلام لمن يرغب بالتجنيس ، يعكس صورة الموازين المزدوجة التي يجري التعامل بها مع امتنا ، ولو افترضنا ان دولة اسلامية او عربية (اقترفت) مثل هذا الخطأ ، كأن عرضت احدى الكنائس للبيع لغير اتباعها ، او أغرت المقيمين فيها بالتنازل عن ديانتهم ، لكانت النتيجة (زلزالا) من الانتقادات باسم الدفاع عن حقوق وكرامة الانسان ، او الحفاظ على اماكن العبادة ، او الدفاع عن حرية الاديان ... ناهيك عن الاحتجاجات الدبلوماسية التي قد تصل الى قطع العلاقات .... أو الحاق الدولة ( الفاعلة) بقائمة الارهاب ، لكن هذا يبقى مفهوما في اطار ( حسابات) القوة و النفوذ التي يفرض فيها الطرف الاقوى ( كلمته) ومعاييره واجراءاته ، فيما لا يملك الطرف الضعيف إلاّ الصبر و الدعاء ، وهو الدرس الذي يتوجب علينا ان نتعلمه اذا أردنا ان نخرج من اطار الضحية و الملطشة الذي وضعنا انفسنا فيه .
اذا دققنا اكثر في مسألة ( حق العودة) لليهود الشرقيين، سواء في اسبانيا او قبلها في البرتغال ، فإن اول ما يخطر الى البال هو ( حق) عودة الفلسطينين الى بلادهم التي طردوا منها ، وبعضهم مازال قيد الحياة ، كما ان هذا الحق مقرّ في القوانين الدولية ، ولم يمض عليه الا نحو (60) عاما ، بمعني ان الحدث طازج مقارنة بما حدث لليهود عام 1492 اي قبل 522 عام ، لكن الفارق هنا هو ان ذلك الحق (اليهودي) مقدس ولم يتم التنازل عنه ، فيما حق الفلسطينين قابل ( للتفاوض) ، كما ان أولئك اليهود الذين لا يزيد عددهم في العالم عن (15) مليون تمكنوا من انتزاعه ، فيما تعجز امة يزيد عددها عن مليار ونصف الميار من انتزاع حق الفلسطينين بالعودة الى بلادهم .
وزير العدل الاسباني الذي اعلن القرار قال : ( علينا ان نعترف ، لأنفسنا و أمام العالم ، ان ذلك (طرد اليهود) لم يكن فقط خطأ تاريخيا ، بل ان الاخطاء التاريخية يمكن تصحيحها ) لكن ما لم يعترف به الوزير (البرتو غالاردون) ان المسلمين الذين حكموا اسبانيا وبنوا حضارتها تعرضوا (لخطأ) تاريخي بشع ، فما جرى لهم تجاوز الطرد الى التعذيب و القتل ،ولان القصة تحتاج الى شرح طويل اكتفي بالاشارة الى انه في عام (1608) قرر مجلس الدولة في اسبانيا بالاجماع طرد المسلمين الذي اطلق عليهم (الموريسكيين ) وتعويض النبلاء عن طرد خدمهم بأموال ( الموريسكيين) المصادرة ، وحين تأخر بعضهم عن السفر صدر قرار قضائي تم بموجبه منح جائزة بمقدار (60) ليرة لكل من يأتي بمسلم حي ، وله الحق في استعباده ، و(30) ليرة لمن يأتي برأس مسلم مقتول ، كما صدرت قرارت اخرى يمنع فيها اي شخص من إخفاء ( المسلمين) او نصحهم ، وحكم على من يفعل ذلك بالاشغال الشاقة لمدة (6) سنوات ... وقد بلغ عدد المسلمين الذين طردوا نحو مليون شخص ... ويمكن لمن اراد الاستزادة عما حصل لهم في محاكم التفتيش من حرق لكتبهم وارغامهم على ترك دينهم ، العودة الى كتب التاريخ ، علما بأن هناك الآن نحو (4) ملاين نسمة من اصل (35) مليون من احفاد الموريسكيين يعيشون في المغرب (والأخرون يتوزعون في موريتانيا وجنوب الفلبين وغيرهما) وقد رفضت اسبانيا الاعتذار لهم او تعويضهم عن ممتلكات اجدادهم او منحهم الجنسية .
ما حدث للمسلمين في اسبانيا تكرر مع الفلسطينيين ، لكن لم نسمع لا من مدريد و لا من تل ابيب ، مجرد اعتذار عن هذا ( الخطأ) التاريخي ، لا تسألني لماذا ؟؟ فما المسؤول بأعلم من السائل ، لكن ارجو - فقط- ان نتعلم من هؤلاء اليهود بأن لا تنازل عن هذا الحق .. فحتى لو مر (500) عام عليه ، لابدّ ان يأتي اليوم الذي يخرج فيه احدهم مرغما للاعتذار عنه وتصحيحه ، صدقوني هذا سيحدث اذا قررت امتنا ان تنهض للقيام بواجبها..!!
(الدستور)