الشعوب وسن الرشد!
خيري منصور
جو 24 : كتب العقاد ذات يوم مقالة عن سن الرشد التاريخي والوطني للشعوب وليس للافراد فقط، فتعرض لهجوم من منافسيه سواء أكانوا من الكتاب أم من نواب البرلمان؛ الذي شغل مقعداً فيه وسجن دفاعاً عن الدستور، والشعوب التي تتجاوز فيها نسبة الأمية أكثر من خمسين بالمئة لا تنقطع عن تاريخها فقط، بل تجهل اللحظة التي تعيشها، لهذا ينوب عنها من يفكرون لها وباسمها وتزدهر في مثل هذه الاوضاع النظم الاوتقراطية والباترياركية القائمة على ثقافة الوصاية وابقاء الشعوب في طور الرضاعة.
وهناك دراسات بالغة الاهمية عن اغتراب الشعوب عن نفسها، بحيث تكون منفية وهي في عقر وطنها، وما كتبه الجزائري مالك بن بني والمفكر فرانز فانون الذي لعب دوراً هاما في الثورة الجزائرية تناول هذه الظاهرة بدءاً من الجذور.
يقول فانون، إن المستعمر عندما يرحل يترك وراءه ظلاله، وهي الثقافة والافكار التي زرعها لدى ضحاياه فتعهدوا هم بأنفسهم رعايتها وتغذيتها بحيث ينوبون عنه في تجريف هوياتهم وذاكراتهم وكل ما له صلة بشرط وجودهم التاريخي.
فالاضطهاد حين يتمادى ويتأقلم معه المضطهدون يصابون بما يسمى في علم النفس الماسوشية وهو شذوذ تتلذذ فيه الضحية بالألم وان لم تجد جلاداً تخترعه.. لأنها لا تستطيع مواصلة الحياة بلا ألم.
المرأة عانت من مثل هذا الاضطهاد اكثر من ستة آلاف عام، لهذا لم يناصب النساء الداعيات الى التحرر العداء كما ناصبتهن نساء من جنسهن؛ لأن هذه الفئة أدمنت الإقامة في ما يسميه هنريك ابسن بيت الدمية وتحولت من كائن الى مجرد شيء.. حتى الفقراء منهم من أصيب بالجرثومة ذاتها وحول فقره المزمن الى مطلب، وفي الحراكات الطبقية في التاريخ بدءاً من ثورة سبارتاكوس كان هناك فقراء ينحازون لمن امتصوا دماءهم ومنهم من كان يشي بأمثاله من الفقراء اذا شعر بأنهم على وشك التمرد.
الشعوب التي فرض عليها عدم بلوغ سن الرشد التاريخي والوطني لا تستطيع الحياة دون أساطير، وفي مقدمتها اسطورة البطل الفرد، فهي ان لم تجده في واقعها تبحث عنه في المقابر.. أي في الماضي الذي تحول الى مجرد حكايات، فالتاريخ له قراءتان واحدة تحوله الى قصص مسلية وأخرى تحلله وتستقرىء ما بين سطوره وتتعلم منه كي لا تكرر الأخطاء.
لقد أثار دور البطل الفرد في التاريخ سجالات واسعة بعد الحرب العالمية الثانية وبدأت الشعوب التي تورطت بعبادة الفرد كما في الحقبة الستالينية تعيد النظر في مفهوم البطل أو السلفادور وهو الذي يأتي على يديه الخلاص كما يقال في أمريكا اللاتينية.
(الدستور)
وهناك دراسات بالغة الاهمية عن اغتراب الشعوب عن نفسها، بحيث تكون منفية وهي في عقر وطنها، وما كتبه الجزائري مالك بن بني والمفكر فرانز فانون الذي لعب دوراً هاما في الثورة الجزائرية تناول هذه الظاهرة بدءاً من الجذور.
يقول فانون، إن المستعمر عندما يرحل يترك وراءه ظلاله، وهي الثقافة والافكار التي زرعها لدى ضحاياه فتعهدوا هم بأنفسهم رعايتها وتغذيتها بحيث ينوبون عنه في تجريف هوياتهم وذاكراتهم وكل ما له صلة بشرط وجودهم التاريخي.
فالاضطهاد حين يتمادى ويتأقلم معه المضطهدون يصابون بما يسمى في علم النفس الماسوشية وهو شذوذ تتلذذ فيه الضحية بالألم وان لم تجد جلاداً تخترعه.. لأنها لا تستطيع مواصلة الحياة بلا ألم.
المرأة عانت من مثل هذا الاضطهاد اكثر من ستة آلاف عام، لهذا لم يناصب النساء الداعيات الى التحرر العداء كما ناصبتهن نساء من جنسهن؛ لأن هذه الفئة أدمنت الإقامة في ما يسميه هنريك ابسن بيت الدمية وتحولت من كائن الى مجرد شيء.. حتى الفقراء منهم من أصيب بالجرثومة ذاتها وحول فقره المزمن الى مطلب، وفي الحراكات الطبقية في التاريخ بدءاً من ثورة سبارتاكوس كان هناك فقراء ينحازون لمن امتصوا دماءهم ومنهم من كان يشي بأمثاله من الفقراء اذا شعر بأنهم على وشك التمرد.
الشعوب التي فرض عليها عدم بلوغ سن الرشد التاريخي والوطني لا تستطيع الحياة دون أساطير، وفي مقدمتها اسطورة البطل الفرد، فهي ان لم تجده في واقعها تبحث عنه في المقابر.. أي في الماضي الذي تحول الى مجرد حكايات، فالتاريخ له قراءتان واحدة تحوله الى قصص مسلية وأخرى تحلله وتستقرىء ما بين سطوره وتتعلم منه كي لا تكرر الأخطاء.
لقد أثار دور البطل الفرد في التاريخ سجالات واسعة بعد الحرب العالمية الثانية وبدأت الشعوب التي تورطت بعبادة الفرد كما في الحقبة الستالينية تعيد النظر في مفهوم البطل أو السلفادور وهو الذي يأتي على يديه الخلاص كما يقال في أمريكا اللاتينية.
(الدستور)