هذا «الإسلام المسلح» : من أي تربة خرج ؟؟
حسين الرواشدة
جو 24 : الذين صدموا من مشهد ( الإسلام المسلح) الذي انتزعته بعض الجماعات المسلحة في سوريا من نسخته الاصيلة وهي ( الاسلام الحقيقي) الذي يرفض القتل و الارهاب وإكراه الناس على الدين و الدنيا معا، هؤلاء ذهبوا الى ادانة الفاعلين وزجرهم او اصدار الاحكام ضدهم بأنهم ( خارج الملة) الاسلامية ، ونحن -بالطبع- نضمّ صوتنا الى الاصوات التي ترفض هذا (الجنون) وتدعو بالهداية لمن تورط فيه ، لكن ما لم نلتفت اليه جميعا هو ( التربة) التي خرج منها هذا القتل ، و الظروف التي انتجت مثل هؤلاء ( المحسوبين) على البشر ، وأخشى ما اخشاه ان نكون قد ذهبنا الى ادانة النتيجة وحاكمنا آخر المتورطين في ( الاثم ) و العدوان فيما كان من الانصاف ان ( ندين) الذين دفعوهم الى ذلك ، وشجعوعهم عليه، واقصد -هنا- تحديدا ، الانظمة التي اوصلت بعض ابناء مجتمعاتها الى ( الكفر) بكل شيء ، حتى بالرحمة و الانسانية ، والانتقام من كل شيء ، حتى من الانفس ذاتها .
من اين خرج هؤلاء ( الآلاف) من ( المسلحين) الذين رفعوا راية الجهاد باسم الله تعالى ، وانقضوا على البلاد و العباد قتلا وتدميرا ، وردّوا على ( تحية) النظام المجرم (بأسوأ) منها ، الاجابة محيرة حقا ، فمعظمهم خرج من ( رحم) الظلم و الفساد الذي لم يمنح هؤلاء فرصة لرؤية اي خير في هذه الحياة او جمال، ولم يفتح شهية اي منهم الا على الانتقام و الثأر ، ولم يسمح لهم بمعرفة اي ( فضيلة ) في الدين سوى فضيلة السيف و البراءة من المشركين و الظالمين حتى لو كانوا من ( المدنيين) المسالمين، وبعضهم - للأسف- خرج من دول ديموقراطية اختزلت مفهوم الحرية و الحقوق الانسانية في ( سكانها) الاصليين، فيما حرمت غيرهم من الاعتزاز بمرجعيتهم و الاحساس بانسانيتهم ، فتمردوا على هذا النموذج المغشوش، لكنهم بدلا من ان يبحثوا عن افضل مافيه او ان يتكيفوا معه املا باصلاحه وكسب اصحابه و اقناعهم بأنهم ظلموهم، بدلا من ذلك قرروا الهروب منه بحثا عن اقرب طريق الى الجنة ، وهؤلاء اخطأوا بالطبع مرتين: مرّة حين فشلوا في فهم دينهم وتقديم افضل ما فيه لغيرهم و الالتزام بما ارتضوه في البلاد التي هاجروا اليها من قوانين وموازين ، ومرةّ اخرى حين صدّقوا دعوات من دفعهم الى (الجهاد) تحت رايات لا يفهم اصحابها من الجهاد سوى القتل ، ولا يعرفون من ( الاسلام) سوى دفع الجزية واكراه الناس على العبادات .
مهما اختلفت ( جغرافيا) الخروج سواء من دولنا التي استثمرت كل طاقاتها في انتاج الظلم و المظلومين، و التطرف و المتطرفين ، او من الدول الاخرى التي تغذت على منطق ( الخوف من الاسلام) واعملت سكاكينها في جسد عالمنا الاسلامي ذبحا و سرقة وعدوانا، فإن هؤلاء الذين نتدافع - اليوم - لإدانتهم خرجوا من دائرة واحدة وهي الانتقام من الواقع ،والاصرار على تدميره وهدمه، ولاشيء بيدهم سوى ( القتل) فهو اسهل طريقة ( للتغيير) واسرع وسيلة للرد.
ومن الاسف ان دائرة ( الانتقام) هذه ، من النفس ومن المجتمع ومن الخصوم ايضا، لبست ( عباءة) الدين ، واستندت اليه ، والتصقت به، واصبحت تجسد صورته ( النمطية) التي ترسخت في عيون اعدائه و الشامتين بأبنائه، ولم يكن ذلك مجرد صدفة ،وانما فعل مقصود ، الهدف منه تبرير ( القاء) القبض على روح الاسلام ، وشيطنة المؤمنين به ، ومنعه من الحركة في الحياة.
الآن ثمة عشرات الآلاف من هؤلاء في سوريا ، تحديدا ، بعضهم حدد خصمه و بعضهم انشغل في تصفية حساباته مع اطراف اخرى من المحسوبين على خطه الجهادي ، وآخرون ضلّت اقدامهم نحو ( معاقبة) المختلفين معهم في المجتمع، سواء بحجة ( إقامة المجتمع ) المسلم او الدولة الاسلامية او بحجة ( ادخال الناس في دين الله افواجا !) لكن السؤال هو ما مصيرهم اذا بقي النظام او سقط ، هل سبيقون في سوريا ام سينتشرون في المنطقة ، هل سيتكرر معهم نموذج (تارابورا) الافغانية ام قصة ( غوانتانامو) ،هل سيضعون اسلحتهم ويندمجون مع المجتمع ام سيتحولون الى ( ميليشيات) طائفية كما حدث في العراق.
لا احد يعرف - حتى الآن- كيف اجتمع هؤلاء ولا كيف سيخرجون ، صحيح ان المعركة مع النظام لم تنته بعد ، لكن مهمة هؤلاء لا تقتصر على ( مشاغلة) النظام و لاتهدف - فقط- الى اسقاطه .. ومن واجبنا ان نفهم ذلك ونستدركه ... لا على صعيد فهم ( مشهد) الاسلام المسلح هذا الذي يراد لنا ان نرى صورته ( البشعة) لكي نتشكك في ديننا كما نفهمه ونرفض اي حركة له في حياتنا ، وانما ايضا على صعيد فهم خارطة تمددّ هذه الجماعات المسلحة المحسوبة عليه ، ليس في سوريا فقط ، ولكن في اقليمنا الذي بدأت فيه الجولة الاولى من الصراع على ( الهوية) باسم الدين و الطائفة و المذهب .. بانتظار جولات اخرى اعتقد انها لن تستثني احدا في هذه المنطقة المنكوبة بالتخلف والاستبداد وبأطماع الآخرين ايضا.
(الدستور)
من اين خرج هؤلاء ( الآلاف) من ( المسلحين) الذين رفعوا راية الجهاد باسم الله تعالى ، وانقضوا على البلاد و العباد قتلا وتدميرا ، وردّوا على ( تحية) النظام المجرم (بأسوأ) منها ، الاجابة محيرة حقا ، فمعظمهم خرج من ( رحم) الظلم و الفساد الذي لم يمنح هؤلاء فرصة لرؤية اي خير في هذه الحياة او جمال، ولم يفتح شهية اي منهم الا على الانتقام و الثأر ، ولم يسمح لهم بمعرفة اي ( فضيلة ) في الدين سوى فضيلة السيف و البراءة من المشركين و الظالمين حتى لو كانوا من ( المدنيين) المسالمين، وبعضهم - للأسف- خرج من دول ديموقراطية اختزلت مفهوم الحرية و الحقوق الانسانية في ( سكانها) الاصليين، فيما حرمت غيرهم من الاعتزاز بمرجعيتهم و الاحساس بانسانيتهم ، فتمردوا على هذا النموذج المغشوش، لكنهم بدلا من ان يبحثوا عن افضل مافيه او ان يتكيفوا معه املا باصلاحه وكسب اصحابه و اقناعهم بأنهم ظلموهم، بدلا من ذلك قرروا الهروب منه بحثا عن اقرب طريق الى الجنة ، وهؤلاء اخطأوا بالطبع مرتين: مرّة حين فشلوا في فهم دينهم وتقديم افضل ما فيه لغيرهم و الالتزام بما ارتضوه في البلاد التي هاجروا اليها من قوانين وموازين ، ومرةّ اخرى حين صدّقوا دعوات من دفعهم الى (الجهاد) تحت رايات لا يفهم اصحابها من الجهاد سوى القتل ، ولا يعرفون من ( الاسلام) سوى دفع الجزية واكراه الناس على العبادات .
مهما اختلفت ( جغرافيا) الخروج سواء من دولنا التي استثمرت كل طاقاتها في انتاج الظلم و المظلومين، و التطرف و المتطرفين ، او من الدول الاخرى التي تغذت على منطق ( الخوف من الاسلام) واعملت سكاكينها في جسد عالمنا الاسلامي ذبحا و سرقة وعدوانا، فإن هؤلاء الذين نتدافع - اليوم - لإدانتهم خرجوا من دائرة واحدة وهي الانتقام من الواقع ،والاصرار على تدميره وهدمه، ولاشيء بيدهم سوى ( القتل) فهو اسهل طريقة ( للتغيير) واسرع وسيلة للرد.
ومن الاسف ان دائرة ( الانتقام) هذه ، من النفس ومن المجتمع ومن الخصوم ايضا، لبست ( عباءة) الدين ، واستندت اليه ، والتصقت به، واصبحت تجسد صورته ( النمطية) التي ترسخت في عيون اعدائه و الشامتين بأبنائه، ولم يكن ذلك مجرد صدفة ،وانما فعل مقصود ، الهدف منه تبرير ( القاء) القبض على روح الاسلام ، وشيطنة المؤمنين به ، ومنعه من الحركة في الحياة.
الآن ثمة عشرات الآلاف من هؤلاء في سوريا ، تحديدا ، بعضهم حدد خصمه و بعضهم انشغل في تصفية حساباته مع اطراف اخرى من المحسوبين على خطه الجهادي ، وآخرون ضلّت اقدامهم نحو ( معاقبة) المختلفين معهم في المجتمع، سواء بحجة ( إقامة المجتمع ) المسلم او الدولة الاسلامية او بحجة ( ادخال الناس في دين الله افواجا !) لكن السؤال هو ما مصيرهم اذا بقي النظام او سقط ، هل سبيقون في سوريا ام سينتشرون في المنطقة ، هل سيتكرر معهم نموذج (تارابورا) الافغانية ام قصة ( غوانتانامو) ،هل سيضعون اسلحتهم ويندمجون مع المجتمع ام سيتحولون الى ( ميليشيات) طائفية كما حدث في العراق.
لا احد يعرف - حتى الآن- كيف اجتمع هؤلاء ولا كيف سيخرجون ، صحيح ان المعركة مع النظام لم تنته بعد ، لكن مهمة هؤلاء لا تقتصر على ( مشاغلة) النظام و لاتهدف - فقط- الى اسقاطه .. ومن واجبنا ان نفهم ذلك ونستدركه ... لا على صعيد فهم ( مشهد) الاسلام المسلح هذا الذي يراد لنا ان نرى صورته ( البشعة) لكي نتشكك في ديننا كما نفهمه ونرفض اي حركة له في حياتنا ، وانما ايضا على صعيد فهم خارطة تمددّ هذه الجماعات المسلحة المحسوبة عليه ، ليس في سوريا فقط ، ولكن في اقليمنا الذي بدأت فيه الجولة الاولى من الصراع على ( الهوية) باسم الدين و الطائفة و المذهب .. بانتظار جولات اخرى اعتقد انها لن تستثني احدا في هذه المنطقة المنكوبة بالتخلف والاستبداد وبأطماع الآخرين ايضا.
(الدستور)