2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

استقطابات لسنا طرفا فيها!!

حسين الرواشدة
جو 24 : هل تستطيع ( السياسة) الاردنية ان تضبط بوصلتها تجاه ما يحدث حولنا على درجة ( مسافة واحدة ) من كافة الاطراف ؟ نظريا ، يبدو ذلك ممكنا ، فقد حافظت عمان على علاقتها مع مصر ، قبل الانقلاب و بعده ، لكنها لم ( تتقمص) فكرة شيطنة الاخوان الملسمين وإلحاقهم ( بالارهاب)، كما استطاعت - نسبيا- ان تتعامل مع اطراف الازمة السورية بمنطق ( التوازن)، فهي لم تشهر( قطيعة) او خصومة مع النظام و لم تغلق الابواب امام المعارضة، وهذا الموقف السياسي ينطبق ايضا على علاقة الاردن مع الاطراف الفلسطينية مثل السلطة وحماس ، وعلى الاطراف العراقية... وغيرها .

اذا دققنا اكثر في الصورة ، سنكتشف بأن منطقتنا التي تعرضت ( لزلزال) سياسي كبير مازالت تعاني اليوم من ( ارتداداته) وتدفع ثمن استحقاقاته ، وبأن ( الخرائط) الجديدة التي تشكلت بعد ما حدث في مصر وسوريا ... وبعد ( المصالحة الكبرى) بين ايران و الدول الكبرى ، فرضت ( ايقاعات) جديدة على دول المنطقة وربما تبدو ( الازمة) بين دول الخليج وما جرى اثرها من تحولات على صعيد مواقف بعض الدول وتجاذباتها تجاه ملف ( الاخوان) وحزب الله ، نموذجا عمليا لحالة ( الاستقطاب) و التموضع السياسي ، او لحالة( تدوير) الزوايا التي فرضتها الوقائع و المستجدات ،سواء على صعيد الاقليم وتطوراته او العالم وما جرى فيه من تحالفات هنا و انسحابات هناك .

في ضوء ذلك ،ربما تدرك السياسة الاردنية ان بقاءها في المنطقة الرمادية يبدو صعبا ، كما ان انحيازها لاي طرف يبدو ( مغامرة) مكلفة ، فنحن مثلا في الاردن لا نعتقد بأن ( الاخوان) -ومعهم حماس-يشكلون خطرا او ارهابا ،وبالتالي لا يمكن لنا ان نذهب الى الاخذ( بالوصفة) المصرية او غيرها ، كما أننا لا نعتقد بأن التطبيع مع ايران او القطيعة معها هو خيارنا ، وبالتالي لانفكر في الانجرار الى الوصفات التي ترى طهران ( العدو البديل) ، ونحن ايضا نرى ان علاقتنا مع دول الخليج العربية كلها-بدون استثناء- تاريخية و ضرورية و استراتيجية ،وبالتالي فإننا لا نريد ان نكون جزءا من الاختلافات والصراعات التي تدور داخل البيت الخليجي ،وربما نفكر في ان نكون جزءا من ( الحل) او التوافق ( كما تفعل الكويت).

السؤال هنا : هل يمكن لنا ان نحافظ على هذا ( الخط) السياسي وان ننأى بأنفسنا عن التدخل في شؤون الاخرين ؟ الاجابة هنا غير واضحة تماما، فنحن لدينا مشكلات في الاقتصاد و في(الجغرافيا) وفي ( اقناع) الاطراف الاخرى بان ( الحياد) هو الحل ،ولدينا استحقاقات يفترض ان ندفعها للحفاظ على مصالحنا العيا ، خاصة في ملف القضية الفلسطينية و في الملف السوري الملتهب حولنا ، و عليه يجب ان ندقق في حساباتنا جيدا ، صحيح أننا سنخسر اذا ما التزمنا ( بالمسافة الواحدة) اتجاه ما يدور حولنا من ازمات لسنا طرفا مباشرا فيها ، لكن الصحيح ان انحيازنا لحالة الاستقطاب هذه ، ايا كان العنوان الذي سنذهب اليه ، سيكبدنا تكاليف لا طاقة لنا بها، و بالتالي فإن افضل خياراتنا هو ( التدخل ) الايجابي مع كافة الاطراف للوصول الى حلول وتوافقات و مصالحات ، بعيدا عن ( الانحياز) و الاستغراق في حمّى الاستقطاب ، فنحن لسنا جزءا من المشكلة ... ويجب ان لا نكون.


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير