2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

حقيقة مجلس النواب مع وادي عربة!

د. حسن البراري
جو 24 : عبثا علّق البعض الآمال على مجلس النواب في أن يتمكن الأخير ولو لمرة واحدة من التعبير الحقيقي عن توجهات الرأي العام الأردني (فعلا لا قولا) حيال العلاقة مع إسرائيل، فنظريا كان بامكان مجلس النواب اسقاط الحكومة على قضية تقف فيها الحكومة في واد والشعب الاردني في واد آخر، ومع ذلك امتثل المجلس مرة أخرى لحسابات رسمية لا تعكس تطلعات الشعب الأردني.

معركة بعض النواب –ولا نقول كل النواب– وإن أخذت الطابع الشخصي مع رئيس الحكومة الدكتور عبدالله النسور الا انها درات على مسألة تتجاوز كل من النسور وحكومته، فهناك توجه رسمي عابر للحكومات يعلي من قيمة العلاقة مع إسرائيل تبعا لحسابات دولية واقليمية، وهناك من بين الرسميين من يرى أن العبث في هذه العلاقة من شأنه أن يلحق ضررا بالغا بمصالح الدولة العليا كما تراها النخب الحاكمة. هكذا يمكن فهم ما تم تسريبه من أقوال نسبت لرئيس الحكومة والتي افادت أن مطالب النواب لا تحرجه شخصيا وانما تحرج الدولة.

ولذلك تدخلت الدولة بكل ثقلها في حسم المعركة والحاق هزيمة بمجلس النواب الذي انقلب على نفسه بعد أن صعد إلى شجرة عالية دون أن يقدم له أحد سلّما! والمفارقة أن الحكومة حصلت على ثقة نيابية أعلى من المرة الاولى، وفي ذلك سابقة إذ أن الأصل أن تتراجع الثقة النيابية بالحكومة بعد مرور عام على تشكيلها وبعد اخفاقها في معالجة الملفات الاقتصادية واستمرارها في فرض الضرائب والاستدانة والاصرار على نهج سياسي واقتصادي انتج مشكلة كبيرة ما زال الشعب الاردني يترنح تحت شدة وطأتها.

القضية الرئيسية هنا هي مكانة إسرائيل في السياسة الخارجية الأردنية، فثمة فهم رسمي عند رأس الدولة مفاده أن معادلات التغيير خارجية وأن استقرار الأردن يستلزم الحفاظ على العلاقة مع الجانب الإسرائيلي، فهناك قوى يهودية في واشنطن بإمكانها ازعاج الأردن أن ارادت، وهذه القوى هي من يساعد الاردن في الكونغرس الأميركي للحصول على المساعدات الضرورية للأردن. ولهذا السبب يحرص الملك عبدالله في زياراته الكثيرة إلى الولايات المتحدة الالتقاء مع القوى المؤيدة لإسرائيل لتقديم الأردن كبلد واقعي ومعتدل يسعى إلى السلام الدائم في اقليم ملتهب. فتبعية الاردن للولايات المتحدة وعدم رغبة الجانب الرسمي الاردني البحث عن خيارات أخرى في السياسة الخارجية ترفع من كلفة العبث في العلاقة مع إسرائيل. لذلك جاءت المقاربة الرسمية حاسمة في هذا الملف على وجه التحديد.

هذه قراءة رسمية تختلف معها بعض القوى السياسية الأخرى التي تصر أن العلاقة مع إسرائيل والتجاوز عن استخفافها بالأردن يلحق ضررا بالغا بالاردن على المديين المتوسط والبعيد، فهنالك أزمات اسرائيلية داخلية وأخرى متعلقة بمخرجات الصراع وحله، ستدفع إسرائيل في قادم الأيام على تمرير سياسات وحلول على حساب الأردن. لذلك اقتنصت هذه القوى الفرصة وحاولت ارسال رسالة واضحة مفادها أنها ترفض العلاقة مع اسرائيل وأنها ترى في السياسات الرسمية تخاذلا ليس له من تبرير مقنع سوى الاصرار على التبعية التي تخدم مصالح النظام على المدى القصير.

وبعيدا عن ارتدادات استشهاد القاضي الاردني رائد الزعيتر، فأصل الحكاية أن هناك طرفا واحدا رسميا هو من انتج البرلمان الحالي وهو من يأتي بالحكومات، وهو طرف لن يتناقض مع نفسه في مسألة العلاقة مع إسرائيل، لذلك فنتيجة التصويت في البرلمان لصالح حكومة النسور هي انعكاس طبيعي لهذا المنطق وتأكيدا على أن من يرسم خطوط العلاقات الخارجية لا يخضع لحسابات الشارع أو من "يمثله" من نواب.

هناك درسان مستفدان في كل ما يجري: أولا، معركة الثقة انتصرت بها الحكومة واسرائيل وليست معركة انتصر بها الاردن كما يزعم البعض. ثانيا، أن التصويت على الثقة هو استفتاء على العلاقة مع اسرائيل ولهذا يقف المجلس النيابي الحالي مع اتفاقية وادي عربة!
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير