للتذكير فقط: لدينا مشـروع إصلاح!!
حسين الرواشدة
جو 24 : منذ عام تقريبا، خفتت أصوات المطالبين بالاصلاح، وتحققت (توقعات) كنا سمعناها (بنهاية) الحراكات في الشارع، وكدنا نستسلم لمقولات روّجت - ولا تزال- بأن الربيع العربي مرّ من هنا ... وانتهى الى المقبرة.
كان ما حدث - بالطبع- مفهوما في سياقين: احدهما داخلي يرتبط بحالة المجتمع الذي لم يكن موحدا تجاه (مشروع) الاصلاح، وبحالة ( الدولة) التي تعاملت مع (موجة) التحولات الشعبية بمنطق ( الاستيعاب) و التقسيط، كما أنه ارتبط بعدم قدرة(النخب) التي دخلت على خط ( الاصلاح ) على استثمار المرحلة، ناهيك عن قراءتها والتعامل معها؛ ما أتاح للقوى الاخرى فرصة توظيف (المطالب) لحساباتها، واستغلالها في دحض رواية ( الشارع) تمهيدا للالتفاف عليه و اخضاعه للقبول بالواقع .
أما السياق الآخر فيتعلق بما حدث في الخارج من مستجدات، وابرازها الازمة الدموية في سوريا، ثم الانقلاب في مصر، ناهيك عن ( مآلات) الربيع العربي في الدول الاخرى التي تعرضت لاستعصاء التحول والانتقال الى الاستقرار بعد أن أسقطت الانظمة الحاكمة فيها، وبهذا شكل العامل الخارجي ( ضربة) لمشروع الاصلاح في بلدنا لأكثر من سبب، منها أنه أجج لدى الناس احساسا بالخوف من ( التغيير) ومنها انه ( اضعف) موقف الاسلاميين الذين تعرض مشروعهم ( للاجهاض) في البلدان المجاوة ودفعهم الى ( الكمون) و الانحسار، ومن هذه الاسباب ما يتعلق بالحسابات الاقليمية و الدولية التي ( تظاهرت) لاجهاض الربيع العربي وولدت لدى الناس مزيدا من الهواجس باستحالة ( مواجهة) هذا الواقع الجديد الذي أصبح فيه الاصلاح مرادفا للارهاب.
كان لابد من التذكير بما حصل لكي نفتح عيوننا على مسألتين: إحداهما ما انجزناه في هذه السنوات الثلاث وما خسرناه، واعتقد أننا بحاجة الى قراءة واقعية حصيفة لحسابات الخسارة تحديدا، خاصة وقد كنا نعتقد بأن الربيع العربي يشكل فرصة ثمينة بالنسبة لنا للانتقال من مرحلة التعثر الديمقراطي الى مرحلة ( الانجاز) الديمقراطي، ولو دققنا - فقط- في هذا الهدف فإننا سنكتشف بأنه لم يتحقق، فصورة مجلس النواب الذي يشكل ( الواجهة) للديمقراطية المرغوب فيها لا تحتاج الى تعليق، فهي -للأسف- اسوأ من صورة المجالس السابقة التي كانت افرازا لمرحلة اتسمت (بالغش) والتزوير .
لا تقتصر ( الخسارات) على ضياع فرصة ( التحول) الديمقراطي عبر قانون انتخاب ( توافقي) وإنما تمتد الى ( الاقتصاد) حيث تصاعدت المديونية والعجز ، وأخفقت الحكومات في تحقيق مطالب التنمية و تعرض المجتمع لانشطار ( طبقي) اوشك ان يدفع الطبقى الوسطى الى التلاشي اوالانحسار، وتمتد ايضا الا ( حالتنا) الاجتماعية التي شهدت موجة من العنف والجرائم والانقسامات والاحتقانات، وكذلك المجالات الاخرى، التعليمية والادراية والصحية ، التي تراجعت مستوياتها ايضا في ظل ما أصابها من ( تجريف) بسبب هجرة الكفاءات او ( امراض) بسبب انتشار المحسوبية والاتكالية، او بسبب ( الفساد) الذي تغلغل في مفاصل الاقتصاد والسياسة والادراة معا .
كان أهم ما يمكن ان ننجزه في حال اندفاع( قطار) الاصلاح ووصوله الى محطته الاخيرة هو ( وقف) او تخفيف سرعة قطار ( نفاد ) صبر الناس، واحياء همتهم واعادة الامل اليهم، وهو هدف اسمى من ان نوجه النقاش اليه او نختلف عليه، لأنه يشكل مصلحة للدولة والمجتمع بكل أطيافه، لكنه للأسف لم يتحقق حتى الآن، فيما كان الوصول اليه ممكنا وضروريا لو كنا قرأنا الحدث بعيون اخرى مفتوحة على المستقبل لا على ( اللحظة) فقط.
أما المسألة الاخرى التي لابد من التذكير بها - لانعاش الذاكرة الوطنية- فهي ان ( توقف) مشروع الاصلاح عند هذه ( المحطة) التي قد يتوهم البعض أنها الاخيرة يجب ان لايدفع القوى الحية المتعلقة ( بالاصلاح) والمطالبة باستئنافه الى ( الاستسلام ) او اليأس وذلك لسببين : أحدهما، ان ما نشأ من انطباع حول وفاة عصر الشعوب ومطالبها وربيعها ليس صحيحا، فقد انطلق (مارد) التغيير في بلداننا العربية، وفتح الناس عيونهم على الحرية والكرامة والديمقراطية، ومن المستحيل اعادة عقارب الساعة للوراء، صحيح ان هذه التجارب تعرضت لانتكاسات، وصحيح ان قوى ( الاجهاض) انتصرت حتى الان في جولة الصراع على ارداة المجتمع، لكن الصحيح -ايضا- ان الجولة الاخيرة لم تحسم، كما ان المعركة على الاصلاح لا تزال في بداياتها الاولى، اما السبب الاخر فهو ان ( الازمات) المستعصية التي نشأت بسبب انحسار مشروع الاصلاح لا يمكن معالجتها اوتجاوزها الا( بالاصلاح) وبهذا فإن استئناف مشروعه سيكون ممرا اضطراريا للخروج من حالة ( الحرج) السياسي والضيق الاقتصادي والتململ الاجتماعي - والا فإن البديل سيكون مكلفا للجميع ومضرا بالجميع ايضا .
باختصار، نحتاج اليوم لمن يذكرنا بأن( الاصلاح) لم يمت، وبأن مشروعه قابل للانطلاق من جديد، وبأن مجتمعنا مهما كانت الظروف من حوله، قادر على انتزاع حقوقه وتغيير صورته و تجاوز ازماته.. وهذا يمكن ان يتحقق اذا ما استعادت قواه الحيّة نشاطها وحيوتها، وخرجت من الصندوق الذي وضعت نفسها فيه او أستدرجت إليه..!
(الدستور)
كان ما حدث - بالطبع- مفهوما في سياقين: احدهما داخلي يرتبط بحالة المجتمع الذي لم يكن موحدا تجاه (مشروع) الاصلاح، وبحالة ( الدولة) التي تعاملت مع (موجة) التحولات الشعبية بمنطق ( الاستيعاب) و التقسيط، كما أنه ارتبط بعدم قدرة(النخب) التي دخلت على خط ( الاصلاح ) على استثمار المرحلة، ناهيك عن قراءتها والتعامل معها؛ ما أتاح للقوى الاخرى فرصة توظيف (المطالب) لحساباتها، واستغلالها في دحض رواية ( الشارع) تمهيدا للالتفاف عليه و اخضاعه للقبول بالواقع .
أما السياق الآخر فيتعلق بما حدث في الخارج من مستجدات، وابرازها الازمة الدموية في سوريا، ثم الانقلاب في مصر، ناهيك عن ( مآلات) الربيع العربي في الدول الاخرى التي تعرضت لاستعصاء التحول والانتقال الى الاستقرار بعد أن أسقطت الانظمة الحاكمة فيها، وبهذا شكل العامل الخارجي ( ضربة) لمشروع الاصلاح في بلدنا لأكثر من سبب، منها أنه أجج لدى الناس احساسا بالخوف من ( التغيير) ومنها انه ( اضعف) موقف الاسلاميين الذين تعرض مشروعهم ( للاجهاض) في البلدان المجاوة ودفعهم الى ( الكمون) و الانحسار، ومن هذه الاسباب ما يتعلق بالحسابات الاقليمية و الدولية التي ( تظاهرت) لاجهاض الربيع العربي وولدت لدى الناس مزيدا من الهواجس باستحالة ( مواجهة) هذا الواقع الجديد الذي أصبح فيه الاصلاح مرادفا للارهاب.
كان لابد من التذكير بما حصل لكي نفتح عيوننا على مسألتين: إحداهما ما انجزناه في هذه السنوات الثلاث وما خسرناه، واعتقد أننا بحاجة الى قراءة واقعية حصيفة لحسابات الخسارة تحديدا، خاصة وقد كنا نعتقد بأن الربيع العربي يشكل فرصة ثمينة بالنسبة لنا للانتقال من مرحلة التعثر الديمقراطي الى مرحلة ( الانجاز) الديمقراطي، ولو دققنا - فقط- في هذا الهدف فإننا سنكتشف بأنه لم يتحقق، فصورة مجلس النواب الذي يشكل ( الواجهة) للديمقراطية المرغوب فيها لا تحتاج الى تعليق، فهي -للأسف- اسوأ من صورة المجالس السابقة التي كانت افرازا لمرحلة اتسمت (بالغش) والتزوير .
لا تقتصر ( الخسارات) على ضياع فرصة ( التحول) الديمقراطي عبر قانون انتخاب ( توافقي) وإنما تمتد الى ( الاقتصاد) حيث تصاعدت المديونية والعجز ، وأخفقت الحكومات في تحقيق مطالب التنمية و تعرض المجتمع لانشطار ( طبقي) اوشك ان يدفع الطبقى الوسطى الى التلاشي اوالانحسار، وتمتد ايضا الا ( حالتنا) الاجتماعية التي شهدت موجة من العنف والجرائم والانقسامات والاحتقانات، وكذلك المجالات الاخرى، التعليمية والادراية والصحية ، التي تراجعت مستوياتها ايضا في ظل ما أصابها من ( تجريف) بسبب هجرة الكفاءات او ( امراض) بسبب انتشار المحسوبية والاتكالية، او بسبب ( الفساد) الذي تغلغل في مفاصل الاقتصاد والسياسة والادراة معا .
كان أهم ما يمكن ان ننجزه في حال اندفاع( قطار) الاصلاح ووصوله الى محطته الاخيرة هو ( وقف) او تخفيف سرعة قطار ( نفاد ) صبر الناس، واحياء همتهم واعادة الامل اليهم، وهو هدف اسمى من ان نوجه النقاش اليه او نختلف عليه، لأنه يشكل مصلحة للدولة والمجتمع بكل أطيافه، لكنه للأسف لم يتحقق حتى الآن، فيما كان الوصول اليه ممكنا وضروريا لو كنا قرأنا الحدث بعيون اخرى مفتوحة على المستقبل لا على ( اللحظة) فقط.
أما المسألة الاخرى التي لابد من التذكير بها - لانعاش الذاكرة الوطنية- فهي ان ( توقف) مشروع الاصلاح عند هذه ( المحطة) التي قد يتوهم البعض أنها الاخيرة يجب ان لايدفع القوى الحية المتعلقة ( بالاصلاح) والمطالبة باستئنافه الى ( الاستسلام ) او اليأس وذلك لسببين : أحدهما، ان ما نشأ من انطباع حول وفاة عصر الشعوب ومطالبها وربيعها ليس صحيحا، فقد انطلق (مارد) التغيير في بلداننا العربية، وفتح الناس عيونهم على الحرية والكرامة والديمقراطية، ومن المستحيل اعادة عقارب الساعة للوراء، صحيح ان هذه التجارب تعرضت لانتكاسات، وصحيح ان قوى ( الاجهاض) انتصرت حتى الان في جولة الصراع على ارداة المجتمع، لكن الصحيح -ايضا- ان الجولة الاخيرة لم تحسم، كما ان المعركة على الاصلاح لا تزال في بداياتها الاولى، اما السبب الاخر فهو ان ( الازمات) المستعصية التي نشأت بسبب انحسار مشروع الاصلاح لا يمكن معالجتها اوتجاوزها الا( بالاصلاح) وبهذا فإن استئناف مشروعه سيكون ممرا اضطراريا للخروج من حالة ( الحرج) السياسي والضيق الاقتصادي والتململ الاجتماعي - والا فإن البديل سيكون مكلفا للجميع ومضرا بالجميع ايضا .
باختصار، نحتاج اليوم لمن يذكرنا بأن( الاصلاح) لم يمت، وبأن مشروعه قابل للانطلاق من جديد، وبأن مجتمعنا مهما كانت الظروف من حوله، قادر على انتزاع حقوقه وتغيير صورته و تجاوز ازماته.. وهذا يمكن ان يتحقق اذا ما استعادت قواه الحيّة نشاطها وحيوتها، وخرجت من الصندوق الذي وضعت نفسها فيه او أستدرجت إليه..!
(الدستور)