هل حطم "الربيع الأردني" الجدار السياسي العازل ؟!
ماجد الدباس - شكل "الربيع العربي" مناخا ملائماً للشباب للتعبير بحرية عن أرائهم وافكارهم السياسية والاجتماعية، بيد أن هذا الانفتاح نحو العمل السياسي جاء مفاجئاً لهم ؛ بعد سنين كان فيها العمل السياسي محظوراً في دول ، وغير مرغوب فيه بدول أخرى نتيجة تراكمات سياسية وأمنية واجتماعية كانت تقف عائقاً في ايجاد "الشباب المسيس".
وتنظر فئة من الشعب الأردني للإنفتاح الشبابي على العمل السياسي كمخاض عسير لتراكمات أنتجتها سياسة الدولة في منع العمل الحزبي وحظره على الشباب في جامعاتهم وأماكن تواجدهم ؛ بينما يرى معارضوه بأن الانفتاح المفاجئ على العمل السياسي ظرف غير صحي لا يعدوا عن كونه تقليداً لما يحدث في البلدان المجاورة وأشبه ما يكون بالمراهق الذي خرج عن طور والديه باندفاع قوي لن تحمد عواقبه.
يدافع كل طرف عن رأيه تبعاً لتصوره لما اصطلح على تسميته ب"الربيع العربي" ، فهناك من يتأمل بأن يسوق الربيع العربي العجلة لإصلاح حقيقي وحياة كريمة للمواطن العربي ، وهناك من يضع "نظرية المؤامرة" نصب عينيه ويرى أن القصة برمتها ليست سوى مؤامرة على أمة عربية مهزومة أصلاً.
العمل السياسي متنفس
جسر العبور من مأزق التخلف الذي يعيشه الشباب ، وتوجههم للإنتمائات الضيقة والجماعة الأولية "كالعشيرة أو الأب والأم" يكون بممارسة العمل السياسي الذي يجد في فئة الشباب عنصراً مفعلاً ومغتنماً له فيقومون بتفريغ طاقتهم المكبوتة بالعمل السياسي كما ينظر الكاتب والمحلل السياسي عمر عياصرة.
ويراهن العياصرة على وقف الملاحقات الأمنية وسياسة المنع والسماح بالعمل الحزبي في إنهاء الظاهرة التي أرقت المجتمع مؤخراً وهي "العنف الجامعي" وهو إرهاصات لقضية أكبر حدودها المجتمع المحيط بالشباب ككل .
ويعد العمل السياسي سلاح ذو حدين أحدهما إيجابي وينم عن تفكير سليم مبني على التحرك السلمي لمحاربة الفساد وإنهاء الفقر والبطالة وتحسين المستوى المعيشي وفقاً للناشط في حراك السلط احمد الوشاح.
بينما السلاح الأسود لانفتاح الشباب الأردني على السياسة بحسب الوشاح هو امتلاك "الاجندة الخاصة" التي تجعل الشاب يعمل وفق ما خطط له وليس بما هو يؤمن به من أراء وأفكار.
ولم يبتعد الشباب عن السياسة بمحض إرادتهم بل جاء كنتيجة لمنعهم من تفريغ طاقاتهم السياسية من خلال مؤسسات التنشئة الاجتماعية كالجامعات والمدارس التي كانت تحتضن العمل السياسي سابقاً حسب رأي الناطق باسم شباب 24 أذار معاذ الخوالدة.
ويعزو الخوالدة "انقشاع غمامة الخوف من نفوس الشباب ؛ويأسهم من الواقع ، وتجارب الاجيال السابقة التي لم تكن موفقة لـ"الربيع العربي" والنتائج التي أوجدها في البلدان المجاورة.
الشباب يتحدثون
داليا المغربي 25 عاماً تلصق التهمة بما سمته التهويل الإعلامي الذي دفع الشباب للتورة والاندفاع ، رغم استدراكها لأهمية العمل السياسي لعنصر الشباب.
المغربي تدون في صفحتها "الفيسبوكية" أرائها السياسية وتقول أن أهم رأي دونته منذ إنشائها لحساب على مواقع التواصل الإجتماعي كان تصورها بأن" الثورات هي للثروات والجشع الإقتصادي الغربي في الوطن العربي وليست ليبيا ومصر واليمن منا ببعيد ".
وحتى اللحظة ما زال عدد كبير من الشباب الأردني بعيدين كل البعد عن العمل السياسي وأكثرهم يقع ضمن طبقة الأغلبية الصامتة.
ويوافق كلام المغربي رأي استاذ علم الإجتماع بالجامعة الأردنية حسين الخزاعي الذي يقول بأن 63% من الحراك الشعبي الموجود على امتداد المملكة يئمه موظفو الدولة وليس الشباب.
وبالنهاية كما يقول الخزاعي فإن الأردن ليس معزول عن محيطه العربي والإقليمي والدولي ، فنجاح الاحزاب في الدول المجاورة سيكون له ارتدادات على الأردن تؤدي إلى الإنخراط بالعمل الحزبي.
الإعلام مؤثر ومتأثر
ظل الإعلام هو العنصر الرئيس في تغيير أراء وأفكار الشباب وتحريكهم ، وشكلت شبكات التواصل الإجتماعي عالم افتراضي يجمع الشباب بل أنه مثل قوة دافعة للشباب بدءً من أحداث تونس الأولى، وبذلك قدم عدد من المتحدثين للغد منظورهم لأهمية الإعلام ونصائحهم للشباب تجاهه.
فالدكتور الخزاعي يلقي بالمسؤولية الكاملة عل مجموعات "جروبات" التواصل الإجتماعي وتحديداً "الفيس بوك" التي تحرك الشباب وتدفعهم للمشاركة أكثر من غيرها.
بينما ينصح الخوالدة بمتابعة كل وسائل الإعلام باستثناء الرسمية التي ضعفت ثقة المواطن الأردني بها لتعتيمها على كثير من الاحداث وهذا الأمر بالتأكيد سبب رجوع الشباب إلى غيرها من الوسائل التي يتأثر بها الشباب وتشكل خطراً عليهم خصوصاً إذا ما كانت موجهة.
إلى ذلك يدعوا الكاتب العياصرة للشباب الأردني لمتابعة كافة الوسائل الإعلامية وعدم تحييد أنفسهم عنها في ظل التدفق الإعلامي الهائل ؛ لكنه يذكرهم بمسائلة العقل وعدم تحييد المنطق وإظهار قدرتهم على التفكير التحليلي والنقد البناء، مؤكداً بأنه ليس عيباً أن يقتنع المرء بفكر يتبناه ثم يغيره خصوصاً إذا كان للأفضل.