المناصب والأوزار!!
خيري منصور
جو 24 : إذا صحّ ان كلمة وزير مشتقة من الوزر فإن هذا المنصب ليس كما يتصوره من يسيل لعابهم عليه، جاه وامتيازات، وتصعير أكتاف كما قال الشاعر العربي، وما يدعو اليه الاعلام والرأي العام في مصر الآن حول هذا المنصب جدير بالتأمل، فقد تم الغاء المواكب التي كانت تعطل السير وتصيب شوارع القاهرة بمزيد من الاختناق، وهناك من يطالبون بعدم تشغيل أجهزة التكييف في المكاتب كي لا يكون ذلك على حساب الآخرين ممن ينقطع التيار الكهربائي عن بيوتهم.
ويبدو ان المناصب في العالم العربي بحاجة الى اعادة نظر، فهي ذات قشور بيروقراطية وطلاء طبقي، اضافة الى ما حملته من موروث العثمنة والأبواب العالية.
والعرب الذين انفردوا بمقولة أخلاقية ذات شحنة فروسية هي كبير القوم خادمهم، لا يمارسون ذلك، بل هم أقرب الى نقيضه، فالمناصب تستخدم لترميم نرجسيات جريحة، أو للاستخدام في الجاهات، اضافة الى مماحكة ذوي القربى من ابن العم الى العديل!
وهناك بلدان يخشى الناس فيها من المناصب لأنهم سيكونون تحت المجهر وترصد اخطاؤهم ويحاسبون على التقصير، وحين نذكر أن اندريه مالرو كان وزيراً للثقافة في فرنسا أيام الجنرال ديغول تحضر على الفور عشرات المتاحف ودور الثقافة على امتداد تضاريس فرنسا، وكذلك حين نتذكر ثروت عكاشة في مصر رغم أنه قادم من المؤسسة العسكرية، فهو نفسه من خلال مؤلفاته مؤسسة ثقافية كبرى.
ما يقترحه المصريون من تقشف لأصحاب المناصب يجب أن لا يكون مرتبطاً بظروف اقتصادية استثنائية، وقد جربوا كيف تختنق شوارع القاهرة عندما يسير فيها بعد انتهاء الدوام ثلاثون موكباً أو أكثر، وفي العالم العربي تحدث أخطاء تقترب من الخطايا حتى لو كانت النوايا حسنة فتكريم طبيب جراح لا يكون بإخراجه من غرفة العمليات ليكون وزيراً للصحة، وكذلك المهندس والمثقف!
لكن ما ورثناه من ضعف إزاء المناصب ينسينا أعباءها وأوزارها ولا نتذكر منها الا الطقوس الاجتماعية والاكسسوارات بحيث نزهو بها على بعضنا.
وهنا دعونا نسأل أي عربي عن أي وزير للتعليم أو للثقافة في زمن نجيب محفوظ، وعباس العقاد وعن أي وزير للكهرباء في زمن أحمد زويل!
اننا كعرب نحتاج الى تثقيف آخر مضاد لهذا الموروث من العثمنة واليروقراطية، فالألقاب ليست قبعات، لهذا تساءل الشاعر الجزائري مالك حداد ذات يوم.. عن المعاهد الموسيقية التي تخرجت منها العصافير، مثلما تساءل كاتب فرنسي عن اسم كلية الفلسفة التي تخرج منها أفلاطون، ومعهد الرسم والنحت الذي تخرج منه الفراعنة والأنباط والسومريون!
الدستور
ويبدو ان المناصب في العالم العربي بحاجة الى اعادة نظر، فهي ذات قشور بيروقراطية وطلاء طبقي، اضافة الى ما حملته من موروث العثمنة والأبواب العالية.
والعرب الذين انفردوا بمقولة أخلاقية ذات شحنة فروسية هي كبير القوم خادمهم، لا يمارسون ذلك، بل هم أقرب الى نقيضه، فالمناصب تستخدم لترميم نرجسيات جريحة، أو للاستخدام في الجاهات، اضافة الى مماحكة ذوي القربى من ابن العم الى العديل!
وهناك بلدان يخشى الناس فيها من المناصب لأنهم سيكونون تحت المجهر وترصد اخطاؤهم ويحاسبون على التقصير، وحين نذكر أن اندريه مالرو كان وزيراً للثقافة في فرنسا أيام الجنرال ديغول تحضر على الفور عشرات المتاحف ودور الثقافة على امتداد تضاريس فرنسا، وكذلك حين نتذكر ثروت عكاشة في مصر رغم أنه قادم من المؤسسة العسكرية، فهو نفسه من خلال مؤلفاته مؤسسة ثقافية كبرى.
ما يقترحه المصريون من تقشف لأصحاب المناصب يجب أن لا يكون مرتبطاً بظروف اقتصادية استثنائية، وقد جربوا كيف تختنق شوارع القاهرة عندما يسير فيها بعد انتهاء الدوام ثلاثون موكباً أو أكثر، وفي العالم العربي تحدث أخطاء تقترب من الخطايا حتى لو كانت النوايا حسنة فتكريم طبيب جراح لا يكون بإخراجه من غرفة العمليات ليكون وزيراً للصحة، وكذلك المهندس والمثقف!
لكن ما ورثناه من ضعف إزاء المناصب ينسينا أعباءها وأوزارها ولا نتذكر منها الا الطقوس الاجتماعية والاكسسوارات بحيث نزهو بها على بعضنا.
وهنا دعونا نسأل أي عربي عن أي وزير للتعليم أو للثقافة في زمن نجيب محفوظ، وعباس العقاد وعن أي وزير للكهرباء في زمن أحمد زويل!
اننا كعرب نحتاج الى تثقيف آخر مضاد لهذا الموروث من العثمنة واليروقراطية، فالألقاب ليست قبعات، لهذا تساءل الشاعر الجزائري مالك حداد ذات يوم.. عن المعاهد الموسيقية التي تخرجت منها العصافير، مثلما تساءل كاتب فرنسي عن اسم كلية الفلسفة التي تخرج منها أفلاطون، ومعهد الرسم والنحت الذي تخرج منه الفراعنة والأنباط والسومريون!
الدستور