افراد لا يقبلون الجمع!!
خيري منصور
جو 24 : انها أحجية تبحث منذ زمن عمن يستطيع تفكيكها، خلاصتها أن هناك مجتمعات يبرز فيها افراد ويتفوقون شرط أن يبقوا فرادى ومتباعدين كجزر في محيط، لأن حاصل جمعهم يفاجئنا بأنه دون المتوقع بكثير، ورغم تكرار التوصيف لهذه الظاهرة الا ان احداً لا يجازف بتحليلها، لأنه يتطلب قدراً من الصراحة والشجاعة، في زمن أصبحت فيه هذه العملات المعنوية نادرة.
ان عدم وجود سياق أو نسق اجتماعي يلتئم فيه هؤلاء الافراد هو ما يدفعهم الى الهجرة سواء كانت الى الخارج بالمعنى الجغرافي أو الى الداخل بالمعنى النفسي، فلماذا يزدهر العزف المنفرد وتفشل الاوركسترا؟ وهل المسألة تتعلق بالمايسترو أم بالعازفين الذين يفقدون الرغبة والحماس في العمل اذا كانوا سطوراً في كتاب وليسوا جملاً معترضة هنا وهناك؟
قد يكون هناك بعد سياسي لهذه المسألة لكنه يأتي في الخاتمة، أما الفاتحة ومجمل المقدمات فهي اجتماعية وثقافية.
فمن اعتاد أن يكون فرداً في قطيع تستبد به ثقافة القطعنة والامتثال بحيث يجد من ينوب عنه في التفكير وربما في كل شيء باستثناء الموت، وما يسمى السياق أو النسق المدني في المجتمعات البشرية هو المؤهل لحمل الافراد أولاً ثم لايجاد المشترك الوطني والنفسي بينهم، وهذا يتطلب بالضرورة انتماء وانتساباً حقيقيين وليس لمجرد اضافة ياء النسب غير القابلة للترجمة الواقعية أو الصرف!
نعرف أن كل ابداع يتطلب قدراً من العزلة لكنها عزلة من طراز آخر عالية ومضاءة بالآخرين، أو على الاقل بالمشترك الوطني والانساني بين الفرد والمجموع.
وقد يتصور البعض ان هذه مسؤولية دولة لكنها في الحقيقة مسؤولية تربية واعداد وتأهيل، فالفرد الذي يجد نفسه منذ سن مبكرة مطالباً بالاعتذار عن اي نجاح يحققه يتشكل لديه بمرور الوقت احساس بأن هذا النجاح مسروق من الآخرين أو هو يحدث رغماً عنهم، والحقيقة ليست كذلك على الاطلاق، فما من نجاح مجرد يحققه فرد واحد، حتى العلماء باختراعاتهم انما يجدون أنفسهم ورثة لمنجزات لا حصر لها حققها من سبقوهم، وبالتالي ارشدوهم الى الطريق.
لهذا فكل نجاح فردي يكتفي بذاته ولا يكون مديناً لأحد هو نجاح ناقص قدر ما هو حزين، لأنه عرضة للانكار أو التجاهل، فالناس يريدون حصتهم من أي نجاح يحققه الافراد سواء كانوا قادة أو علماء أو حتى من الناس العاديين.
ويبدو ان هناك عقداً اجتماعياً غير مكتوب بين الفرد والجماعة خلاصته أن يعترف الفرد بدور الجماعة في نجاحه كي يبادلوه هذا الاعتراف.
انها أحجية بالفعل أن يكون حاصل سلسلة من الجبال صفراً حتى لو كان بحجم الكون!
(الدستور)
ان عدم وجود سياق أو نسق اجتماعي يلتئم فيه هؤلاء الافراد هو ما يدفعهم الى الهجرة سواء كانت الى الخارج بالمعنى الجغرافي أو الى الداخل بالمعنى النفسي، فلماذا يزدهر العزف المنفرد وتفشل الاوركسترا؟ وهل المسألة تتعلق بالمايسترو أم بالعازفين الذين يفقدون الرغبة والحماس في العمل اذا كانوا سطوراً في كتاب وليسوا جملاً معترضة هنا وهناك؟
قد يكون هناك بعد سياسي لهذه المسألة لكنه يأتي في الخاتمة، أما الفاتحة ومجمل المقدمات فهي اجتماعية وثقافية.
فمن اعتاد أن يكون فرداً في قطيع تستبد به ثقافة القطعنة والامتثال بحيث يجد من ينوب عنه في التفكير وربما في كل شيء باستثناء الموت، وما يسمى السياق أو النسق المدني في المجتمعات البشرية هو المؤهل لحمل الافراد أولاً ثم لايجاد المشترك الوطني والنفسي بينهم، وهذا يتطلب بالضرورة انتماء وانتساباً حقيقيين وليس لمجرد اضافة ياء النسب غير القابلة للترجمة الواقعية أو الصرف!
نعرف أن كل ابداع يتطلب قدراً من العزلة لكنها عزلة من طراز آخر عالية ومضاءة بالآخرين، أو على الاقل بالمشترك الوطني والانساني بين الفرد والمجموع.
وقد يتصور البعض ان هذه مسؤولية دولة لكنها في الحقيقة مسؤولية تربية واعداد وتأهيل، فالفرد الذي يجد نفسه منذ سن مبكرة مطالباً بالاعتذار عن اي نجاح يحققه يتشكل لديه بمرور الوقت احساس بأن هذا النجاح مسروق من الآخرين أو هو يحدث رغماً عنهم، والحقيقة ليست كذلك على الاطلاق، فما من نجاح مجرد يحققه فرد واحد، حتى العلماء باختراعاتهم انما يجدون أنفسهم ورثة لمنجزات لا حصر لها حققها من سبقوهم، وبالتالي ارشدوهم الى الطريق.
لهذا فكل نجاح فردي يكتفي بذاته ولا يكون مديناً لأحد هو نجاح ناقص قدر ما هو حزين، لأنه عرضة للانكار أو التجاهل، فالناس يريدون حصتهم من أي نجاح يحققه الافراد سواء كانوا قادة أو علماء أو حتى من الناس العاديين.
ويبدو ان هناك عقداً اجتماعياً غير مكتوب بين الفرد والجماعة خلاصته أن يعترف الفرد بدور الجماعة في نجاحه كي يبادلوه هذا الاعتراف.
انها أحجية بالفعل أن يكون حاصل سلسلة من الجبال صفراً حتى لو كان بحجم الكون!
(الدستور)