طوينا ملف «السفير» ، ولكن ..؟!
حسين الرواشدة
جو 24 : حين تقمص “الاخوان” المسلمون الحالة المصرية بعد انقلاب يونيو وخرجوا للدفاع عن “شرعية” الرئيس المعزول آنذالك،ثم بدأت على الطرف اللآخر محاولة شيطننهم واتهامهم بانهم أحد فروع الجماعة،قلت في هذه الزاوية بصراحة ان ما يحدث في مصر او سوريا او غيرهما من اقطارنا العربية يهمنا ويؤثر علينا، لكنه ليس “اولوية” لكي ننشغل به على حساب اولوياتنا الوطنية،ذلك إن أسوأ ما يمكن ان نستدعيه هو “استلهام” فشل الاخرين وتوظيفه لحسابات ضيقة، او اعتباره “نموذجا” لاصدار ما يلزم من الاحكام والتصنيفات والانحيازات التي لا تصب الا في “قناة” المحرمات الوطنية، هذه التي يفترض ان نتوافق جميعا على “إغلاقها” وبالتالي فإن حالة التقمص هذه – من الطرفين- ستضّر بمجتمعنا،وستضعنا في دائرة صراع داخلي مغشوش ، ومثلما اخطأ الاسلاميون في بلدنا حين وضعوا “الحدث المصري” اولوية ينشغلون بها، او يعتبرونها من اهم “معاركهم”، اخطأ اليساريون ايضا حين حولوا “الازمة السورية” وانحيازهم للنظام ضد الثورة “مسطرة” يقيسون عليها مواقفهم من كل ما يحدث حولهم، حيث اعتبروا ان من يقف مع النظام - مهما كان - هو حليف وصديق لهم ومن يقف ضده فهو خصم لهم.. مما افضى الى ما نشهده من انقسامات ومن تعطيل “لحركة الاصلاح” ومن استقواءات وحروب وصراعات بين ابناء البلد الواحد والدين الواحد.
للتذكير –فقط- فإ ن خصوم الاسلاميين من اليساريين والقوميين هم أول من بادر الى اتهام “الاسلاميين” بالانخراط في مؤامرة “امريكيّة” غربية تستهدف مصر،وحتى حين خرج وزير الدفاع المصري على الرئيس المنتخب،استهجنوا موقف “الاخوان” هنا من انحيازهم للشرعية ثم الانقلاب عليها..مع أن كل ما قام به الاخوان هو “التعبير” عن رفضهم لما جرى واشهار تعاطفهم مع الرئيس المعزول.
في السنوات الثلاثة الماضية لم يتردد اخواننا “المؤيدون” للنظام السوري عن الدفاع عنه،والتصفيق لبطولاته ضد الشعب السوري،وتحت “اشراف” السفير السوري في عمان تمت لقاءات معلنة لتنسيق الجهود من اجل “تبييض” صورة النظام،وذهبت وفود باسم الاردنيين للاحتفاء بانجازات “القائد” الممانع،وبالتالي تحولت “السفارة” السوريّة هنا الى غرفة عمليات سياسيّة وامنية،يرتادها هؤلاء الذين “تقمصوا” النظام وأصبحوا جزءاً من الماكينة الاعلامية،وللأسف لم نسمع احداً يتهمهم بأنهم اخطأوا..وبأن ما قالوه عن “الاسلاميين” الذين انحازوا لمرسي ينطبق عليهم...لا في اطار التعاطف فقط وانما في اطار “الشراكة” حدّ الذوبان.
آخر ما يخطر الى بالي أن أتهم أحداً في وطنيته، معاذ الله،لكن ألم يخطىء هؤلاء الذين تحولوا الى “تلاميذ” في حضرة السفير السوري الذي تجرأ على بلدنا وأساء لمؤسساتنا وتجاوز كل الحدود الدبلوماسية في التعامل مع الدولة التي استضافته لخدمة “مواطنيه”،ألم يكونوا جزءاً من المشكلة التي حوّلت “السفير”الى “طرف” في خلافاتنا الداخلية حول “النظام” او حول “الثورة”،حتى أصبح يتدخل في كل ما ينشر في الصحافة أو يقال في البرلمان حول سوريا،بمنطق استفزازي لا يمكن لأي دولة ان تقبله.
الآن بعد قرار اعتبار “السفير” شخصاً غير مرغوب فيه ورحيلة الى بلده،لابدّ ان نصارح انفسنا ببعض الاعتبارات،احداها ان المشكلة ليست فقط في السفير الذي سبق وطالبنا بطرده، وانما –ايضاً- في السفارة نفسها،لا اتحدث هنا عن “قطع” العلاقات،ولا عن قبول البديل المعارض كما فعلت بلدان اخرى،ولكن عن “المهمات” التي تباشرها السفارة في سياق الاعراف الدبلوماسيّة والدوليّة المعروفة،فإذا كان السفير (السابق) قد حوّل السفارة الى غرفة عمليات تهدد امن البلد وتسيء للاشقاء فهل ثمة ما يمنع ان تستأنف هذه المهمة في ظل اي سفير جديد؟ اما الاعتبار الثاني فيتعلق ببعض النخب السياسية والاعلامية الاردنية التي “تقمصت” النظام حتى أصبحت جزءاً منه.
وهؤلاء للأسف تجاوزوا حدود التعاطف المشروع، سواء أكان لاسباب فكرية او سياسية او غيرها الى حدود أخرى تحمل اسئلة واستفهامات غير مفهومة، لكن أليس ما دفع الحكومة الاردنية الى اتحاذ قرارها تجاه السفير يتعلق ببعض هذه الحدود،مما يستدعي اعتبار حالة “التقمص” هذه –كما في حالة الاخوان تجاه الشرعية في مصر- مضرّة بأمننا الوطني لأن الحرب في سوريا ليست حربنا،ولأن مسألة التواصل مع السفارات والتنسيق معها متعلقة بالدولة واجندتها..لا بالنخب التي من حقها ان تعبر عن تعاطفها مع قضايا الخارج بأدواتها المشروعة دون ان تتحول إلى “ادوات” بيد الاخر ودون أن تكون اولويتها الدفاع عن الآخر –مهما كان- على حساب الانشغال بأولوياتها الوطنية.
يبقى الاعتبار الثالث وهو يتعلق بملف “الازمة” السورية وعلاقتنا معها،سواءً في المجال السياسي أو الامني أو الاعلامي،واعتقد –هنا- أن هذا الملف بحاجة الى نقاش ومراجعة،لا فيما يتعلق “بالسفارة” واخواننا المعجبين بالنظام والمدافعين عنه، وانما ايضاً بقضية “اللجوء” والجماعات المتطرفة و خطرها على أمننا، والجهاديين الذين يتسللون إلى هناك، والجمعيات التي تدير عمليات “تقديم” المعونات الانسانية وامتداداتها الاقليمية والدوليّة...ومهما تكن التحليلات حول مسألة “ترحيل السفير ! “
والاسباب التي تقف وراء القرار، والتحولات التي يمكن ان تطراً على موقفنا من تطور الازمة هنالك، والردود السورية المتوقعة والخيارات التي وضعناها للتعامل مع المستجدات، فإن هذا الملف يشكل بالنسبة لبلدنا واحداً من أهم “الملفات” الساخنة التي يجب ان تخضع للقراءة والمراجعة لكي لا تداهمنا مفاجآت لم نتوقعها، ولكي لا نغمض أعيننا عن تفاصيل يدخل منها الشيطان.
باختصار،انتهينا من مشكلة السفير لكن تبقى لدينا مشكلة “السفارة”، ومشكلة روادها وزوارها الدائمين،ومشكلة الخلايا النائمة بيننا مما لا نعرف اتجاهاتها واهواءها ،ومشكلة اللاجئين” التى استنزفت طاقاتنا..وهذه المشكلات وغيرها تحتاج الى مقررات حاسمة اعتقد ان وقتها قد حان ولا مجال لتأجيلها أو التردد في اتخاذها.
للتذكير –فقط- فإ ن خصوم الاسلاميين من اليساريين والقوميين هم أول من بادر الى اتهام “الاسلاميين” بالانخراط في مؤامرة “امريكيّة” غربية تستهدف مصر،وحتى حين خرج وزير الدفاع المصري على الرئيس المنتخب،استهجنوا موقف “الاخوان” هنا من انحيازهم للشرعية ثم الانقلاب عليها..مع أن كل ما قام به الاخوان هو “التعبير” عن رفضهم لما جرى واشهار تعاطفهم مع الرئيس المعزول.
في السنوات الثلاثة الماضية لم يتردد اخواننا “المؤيدون” للنظام السوري عن الدفاع عنه،والتصفيق لبطولاته ضد الشعب السوري،وتحت “اشراف” السفير السوري في عمان تمت لقاءات معلنة لتنسيق الجهود من اجل “تبييض” صورة النظام،وذهبت وفود باسم الاردنيين للاحتفاء بانجازات “القائد” الممانع،وبالتالي تحولت “السفارة” السوريّة هنا الى غرفة عمليات سياسيّة وامنية،يرتادها هؤلاء الذين “تقمصوا” النظام وأصبحوا جزءاً من الماكينة الاعلامية،وللأسف لم نسمع احداً يتهمهم بأنهم اخطأوا..وبأن ما قالوه عن “الاسلاميين” الذين انحازوا لمرسي ينطبق عليهم...لا في اطار التعاطف فقط وانما في اطار “الشراكة” حدّ الذوبان.
آخر ما يخطر الى بالي أن أتهم أحداً في وطنيته، معاذ الله،لكن ألم يخطىء هؤلاء الذين تحولوا الى “تلاميذ” في حضرة السفير السوري الذي تجرأ على بلدنا وأساء لمؤسساتنا وتجاوز كل الحدود الدبلوماسية في التعامل مع الدولة التي استضافته لخدمة “مواطنيه”،ألم يكونوا جزءاً من المشكلة التي حوّلت “السفير”الى “طرف” في خلافاتنا الداخلية حول “النظام” او حول “الثورة”،حتى أصبح يتدخل في كل ما ينشر في الصحافة أو يقال في البرلمان حول سوريا،بمنطق استفزازي لا يمكن لأي دولة ان تقبله.
الآن بعد قرار اعتبار “السفير” شخصاً غير مرغوب فيه ورحيلة الى بلده،لابدّ ان نصارح انفسنا ببعض الاعتبارات،احداها ان المشكلة ليست فقط في السفير الذي سبق وطالبنا بطرده، وانما –ايضاً- في السفارة نفسها،لا اتحدث هنا عن “قطع” العلاقات،ولا عن قبول البديل المعارض كما فعلت بلدان اخرى،ولكن عن “المهمات” التي تباشرها السفارة في سياق الاعراف الدبلوماسيّة والدوليّة المعروفة،فإذا كان السفير (السابق) قد حوّل السفارة الى غرفة عمليات تهدد امن البلد وتسيء للاشقاء فهل ثمة ما يمنع ان تستأنف هذه المهمة في ظل اي سفير جديد؟ اما الاعتبار الثاني فيتعلق ببعض النخب السياسية والاعلامية الاردنية التي “تقمصت” النظام حتى أصبحت جزءاً منه.
وهؤلاء للأسف تجاوزوا حدود التعاطف المشروع، سواء أكان لاسباب فكرية او سياسية او غيرها الى حدود أخرى تحمل اسئلة واستفهامات غير مفهومة، لكن أليس ما دفع الحكومة الاردنية الى اتحاذ قرارها تجاه السفير يتعلق ببعض هذه الحدود،مما يستدعي اعتبار حالة “التقمص” هذه –كما في حالة الاخوان تجاه الشرعية في مصر- مضرّة بأمننا الوطني لأن الحرب في سوريا ليست حربنا،ولأن مسألة التواصل مع السفارات والتنسيق معها متعلقة بالدولة واجندتها..لا بالنخب التي من حقها ان تعبر عن تعاطفها مع قضايا الخارج بأدواتها المشروعة دون ان تتحول إلى “ادوات” بيد الاخر ودون أن تكون اولويتها الدفاع عن الآخر –مهما كان- على حساب الانشغال بأولوياتها الوطنية.
يبقى الاعتبار الثالث وهو يتعلق بملف “الازمة” السورية وعلاقتنا معها،سواءً في المجال السياسي أو الامني أو الاعلامي،واعتقد –هنا- أن هذا الملف بحاجة الى نقاش ومراجعة،لا فيما يتعلق “بالسفارة” واخواننا المعجبين بالنظام والمدافعين عنه، وانما ايضاً بقضية “اللجوء” والجماعات المتطرفة و خطرها على أمننا، والجهاديين الذين يتسللون إلى هناك، والجمعيات التي تدير عمليات “تقديم” المعونات الانسانية وامتداداتها الاقليمية والدوليّة...ومهما تكن التحليلات حول مسألة “ترحيل السفير ! “
والاسباب التي تقف وراء القرار، والتحولات التي يمكن ان تطراً على موقفنا من تطور الازمة هنالك، والردود السورية المتوقعة والخيارات التي وضعناها للتعامل مع المستجدات، فإن هذا الملف يشكل بالنسبة لبلدنا واحداً من أهم “الملفات” الساخنة التي يجب ان تخضع للقراءة والمراجعة لكي لا تداهمنا مفاجآت لم نتوقعها، ولكي لا نغمض أعيننا عن تفاصيل يدخل منها الشيطان.
باختصار،انتهينا من مشكلة السفير لكن تبقى لدينا مشكلة “السفارة”، ومشكلة روادها وزوارها الدائمين،ومشكلة الخلايا النائمة بيننا مما لا نعرف اتجاهاتها واهواءها ،ومشكلة اللاجئين” التى استنزفت طاقاتنا..وهذه المشكلات وغيرها تحتاج الى مقررات حاسمة اعتقد ان وقتها قد حان ولا مجال لتأجيلها أو التردد في اتخاذها.