رغيف من عجين الورد
خيري منصور
جو 24 : إذا كان الإنسان لا يعيش بالخُبز وحده، فهو أيضاً لا يعيش بالورد وحده ولا بالذهب الذي حصل عليه ميداس الأسطورة الذي مات جوعاً لأن كل ما كان يلامسه يتحول إلى معدن بارد وصلب.
وهذه ليست عودة إلى ماري انطوانيت والبسكويت بقدر ما هي رغبة في التذكير بأن الإنسان يعيش بين حدي أو قوسي الضرورة والحرية، وأحياناً تنافس حاجته إلى الأمن غرائزه الأخرى لأنه ما من أي اشباع مع الخوف.
وقد حولت الثقافة الرأسمالية الإنسان إلى بُعْدٍ واحد فقط هو البُعْد الاستهلاكي، كما يقول هربرت ماركيوز وبالتالي أفرغته روحياً وحولته إلى سلعة أو رقم أصم.
فقدان الشعور بالأمان قد يفرض على الإنسان أن يتنازل ولو قليلاً عن حريته، لكن هناك من يرون عكس ذلك، ومنهم ذلك الأمريكي العادي الذي قال من خلال السي. إن. إن عشية أحداث الحادي عشر من أيلول أنه إذا تنازل عن نصف حريته من أجل نصف أمنه، فسيفقد الاثنين معاً لأنه لا يستحقهما وقد يرى البعض في هذا الموقف راديكالية لا تنسجم مع واقع الحال، وأذكر أن حواراً قصيراً جرى ذات يوم في أحد المطارات بيني وبين الكاتب «سونيكا» الحائز على جائزة نوبل، فقد اضطر مثلي أن يخلع حزامه وحذاءه ويحملهما وهو يعبر من بوابة التفتيش، ولم يكن غاضباً لأن فهمه للحرية ليس مطلقاً أو رومانسياً وقال إنه لكي يحافظ على ما تبقى من حريته عليه أن يدفع الثمن.
واختزال الأزمات التي نعيشها على تعقيداتها وتداخلها إلى الرغيف به إهانة للبشر فالاقتصاد رغم أهميته ومحورية نفوذه ليس كل شيء.
وهناك من جرَّبوا التُخمة في الطعام والأنيميا في الوجدان والإبداع لأنهم صدقوا أن الإنسان يعيش بالخبز وحده، مقابل آخرين شيدوا يوتوبيا من أحلام يقظتهم ثم اكتشفوا أنها أشبه بشجرة اللبلاب لا تستطيع الوقوف لحظة واحدة دون الارتكاز إلى جدار أو أي شيء آخر لأنها بلا عمود فقري.
وهناك ملاحظات من صميم علم النفس نادراً ما يهتم بها الباحثون وراصد الأزمات، منها أن الجائع لا يرى في العالم كله غير الرغيف الذي يسيل عليه لعابه، لكنه سرعان ما يكتشف أن حاجاته أبعد من ذلك بكثير.
والمكبوت جسدياً تحجب المرأة العالم كله عن وعيه لكنه أيضاً عندما يصحو يكتشف أن الأمر غير ذلك تماماً.
إن من يكتبون عن أزماتنا أشبه بالعميان الذين سقطوا على الفيل فوصف كل منهم العضو الذي سقط عليه من جسد الفيل.
والحل هو الإصغاء إليهم جميعاً لأن الفيل هو حاصل جمع شهاداتهم!
وهذه ليست عودة إلى ماري انطوانيت والبسكويت بقدر ما هي رغبة في التذكير بأن الإنسان يعيش بين حدي أو قوسي الضرورة والحرية، وأحياناً تنافس حاجته إلى الأمن غرائزه الأخرى لأنه ما من أي اشباع مع الخوف.
وقد حولت الثقافة الرأسمالية الإنسان إلى بُعْدٍ واحد فقط هو البُعْد الاستهلاكي، كما يقول هربرت ماركيوز وبالتالي أفرغته روحياً وحولته إلى سلعة أو رقم أصم.
فقدان الشعور بالأمان قد يفرض على الإنسان أن يتنازل ولو قليلاً عن حريته، لكن هناك من يرون عكس ذلك، ومنهم ذلك الأمريكي العادي الذي قال من خلال السي. إن. إن عشية أحداث الحادي عشر من أيلول أنه إذا تنازل عن نصف حريته من أجل نصف أمنه، فسيفقد الاثنين معاً لأنه لا يستحقهما وقد يرى البعض في هذا الموقف راديكالية لا تنسجم مع واقع الحال، وأذكر أن حواراً قصيراً جرى ذات يوم في أحد المطارات بيني وبين الكاتب «سونيكا» الحائز على جائزة نوبل، فقد اضطر مثلي أن يخلع حزامه وحذاءه ويحملهما وهو يعبر من بوابة التفتيش، ولم يكن غاضباً لأن فهمه للحرية ليس مطلقاً أو رومانسياً وقال إنه لكي يحافظ على ما تبقى من حريته عليه أن يدفع الثمن.
واختزال الأزمات التي نعيشها على تعقيداتها وتداخلها إلى الرغيف به إهانة للبشر فالاقتصاد رغم أهميته ومحورية نفوذه ليس كل شيء.
وهناك من جرَّبوا التُخمة في الطعام والأنيميا في الوجدان والإبداع لأنهم صدقوا أن الإنسان يعيش بالخبز وحده، مقابل آخرين شيدوا يوتوبيا من أحلام يقظتهم ثم اكتشفوا أنها أشبه بشجرة اللبلاب لا تستطيع الوقوف لحظة واحدة دون الارتكاز إلى جدار أو أي شيء آخر لأنها بلا عمود فقري.
وهناك ملاحظات من صميم علم النفس نادراً ما يهتم بها الباحثون وراصد الأزمات، منها أن الجائع لا يرى في العالم كله غير الرغيف الذي يسيل عليه لعابه، لكنه سرعان ما يكتشف أن حاجاته أبعد من ذلك بكثير.
والمكبوت جسدياً تحجب المرأة العالم كله عن وعيه لكنه أيضاً عندما يصحو يكتشف أن الأمر غير ذلك تماماً.
إن من يكتبون عن أزماتنا أشبه بالعميان الذين سقطوا على الفيل فوصف كل منهم العضو الذي سقط عليه من جسد الفيل.
والحل هو الإصغاء إليهم جميعاً لأن الفيل هو حاصل جمع شهاداتهم!