في العراق : ثورة أم إرهاب ؟؟
حسين الرواشدة
جو 24 : تدحرجت مقولة (احنا شعب وانتوا شعب) من مصر مرورا بسوريا حتى وصلت الى العراق، لم يكن ثمة مبالغة في ( التوصيف) فقد انتهى مشهد بلداننا العربية الى هذه الكارثة.
عنوان ( الصراع) الذي يجري في العراق- مهما حاولنا تلطيفه- لا يخرج عن هذاالسياق، وهو ما عبرت عنه تماما الفتوى التي اصدرها وكيل السيستاني في النجف، وما جسده عمار الحكيم الذي ارتدى بزته العسكرية ملوحا للشيعة( بالاصطفاف) للدفاع عن وجودهم.. لكن ضد من سوى ( السنة) الذين فاض بهم الكيل فأشهروا ثورتهم، وأعادوا الى ذاكرتنا ذات (المظلومية) التي تحول ضحاياها-للاسف- الى جلادين.
إذن، المواجهة في العراق ليست بين الحكومة و الارهابيين، فالارهاب الذي يحلو للبعض ان يختزله في ( داعش) سبق ان جربناه على ايدي ( العصائب) و المليشيات التي حكمت العراق منذ عشر سنوات، ولكنها مواجهة ضد السنة و الشيعة ، او هي - إن شئت الدقة- حرب يخوضها البعض باسم المذهب و الطائفة و على تخوم ( الدين الواحد) الذي دخلت عليه السياسة فأفسدت ضمائر بعض من تسلل الى السلطة واستحوذ عليها وحرم منها شركاءه الوطنيين.
لم يكن مفاجئا ابدا ان تنطلق الثورة بعد عامين من الاحتجاجات التي انطلقت في (8) محافظات عراقية للمطالبة بحقوق ( أهل السنة) فقد واجهتها الحكومة بمزيد من الاستهتار و القمع ، حتى ادرك اصحابها ان ( الدعوات السلمية) ارتطمت على جدران السلطة، ولم تجد من يسمعها او يقدرها ،خاصة بعد ان كشفت (الانتخابات) الأخيرة ان ( الامور) لن تتغير الا اذا وقع زلزال، وقد وقع فعلا، حيث خرج ( المارد السني) من قمقمه وكسر عصا الطاعة، وبدأ ( الثورة) لاستعادة كرامته، هذه التي أهدرتها نخبة لم تؤمن بالعراق ولا بالعراقيين، سواء أكانوا شيعة أو سنة ، عربا او اكرادا.
الآن اكتملت الصورة، فقد دخلت ايران على الخط، ومن المؤكد ان تركيا لن تجلس في مقاعد المتفرجين، مما يعني ان الحرب الطائفية أصبحت قدر العراق ،كما ان الصراع الاهلي تبلور فعلا، ووجد من يغذيه سواء في الداخل العراقي او في الاقليم الذي استسلم للحروب القائمة على حدود الهوية الملتبسة بالسياسة .
المؤكد ان الحرب هذه المرّة في العراق لن تكون (نزهة) ولن تظل في حدود هذا البلد، فالمسألة لا تتعلق بإسقاط نظام أو حكومة، و لا بصراع داخلي بين أطراف يمكن لاحدهم ان ينتصر على الآخر ثم تسدل الستارة، ولكنها تتجاوز ذلك الى حرب مذهبية عابرة للحدود، وقابلة للامتداد افقيا و عموديا، ذلك ان لكل من الشيعة و السنة حواضن عميقة داخل العراق و خارجه، ولهما ( مخازن) من الذخيرة الدينية و العسكرية تمكنهما من الاستمرار في الحرب لامد طويل، أما الدول الكبرى التي احتلت العراق و كتمت انفاسه وصنعت مأساته فلن تكون بعيدة عن الحدث، ولكنها ستحدد موقفها تبعا لمصالحها وستختار التوقيت المناسب للتدخل، ولا يهمها هنا من ينتصر مادام ان العراق سيصبح في قبضتها وتحت سيطرتها بغض النظر عمن يحكمه.
لكن يبقى ان العرب، وخاصة الجيران، هم الغائب الوحيد حتى الآن، وحتى حين حسمت ايران موقفها المؤيد للنظام القائم ، ظلت العواصم العربية (صامتة) تماما، وسواء اكان الدافع وراء هذا الصمت المخاوف التي فجرتها ( داعش) من خلال الرواية الرسمية العراقية التي ارادت ان تختزل ما حدث في اطار (الارهاب) او كان الدافع ( التكيف) مع الحسابات الدولية التي تنتظر سيرورة الحدث لتنحاز ( للأوفر) حظا ووزنا على الأرض، فإن الموقف العربي المتأرجح لم يضع في حساباته امتداد النيران اليه، ولا ( مصير) العراق الذي مازال غامضا، ولا ( بروفات) حروب المذاهب و الطوائف التي لن يسلم أحد من عواصفها القادمة.
المخجل فيما حدث ليس غياب ( الموقف) العربي ، وانما - ايضا- اصوات المرجعيات الشيعية و امتداداتها في ايران التي كشفت عن حقيقتها، وظهرت كما لا يحب احد من المسلمين و العرب الذين آمنوا (بالوحدة الاسلامية) وعملوا من اجل التقريب بين المذاهب، وهي لم تخطئ هذه المرة وحسب، وانما تعمدت الوقوع في الخطيئة حين انحازت لمنطق (المذهب) و انتصرت لعصبية الطائفة، على حساب المشترك الوطني والديني و الاخلاقي، وضد اخوانها اهل السنة الذين عيل صبرهم وقرروا ان يتحرروا من الظلم الذي أصابهم.
الدستور
عنوان ( الصراع) الذي يجري في العراق- مهما حاولنا تلطيفه- لا يخرج عن هذاالسياق، وهو ما عبرت عنه تماما الفتوى التي اصدرها وكيل السيستاني في النجف، وما جسده عمار الحكيم الذي ارتدى بزته العسكرية ملوحا للشيعة( بالاصطفاف) للدفاع عن وجودهم.. لكن ضد من سوى ( السنة) الذين فاض بهم الكيل فأشهروا ثورتهم، وأعادوا الى ذاكرتنا ذات (المظلومية) التي تحول ضحاياها-للاسف- الى جلادين.
إذن، المواجهة في العراق ليست بين الحكومة و الارهابيين، فالارهاب الذي يحلو للبعض ان يختزله في ( داعش) سبق ان جربناه على ايدي ( العصائب) و المليشيات التي حكمت العراق منذ عشر سنوات، ولكنها مواجهة ضد السنة و الشيعة ، او هي - إن شئت الدقة- حرب يخوضها البعض باسم المذهب و الطائفة و على تخوم ( الدين الواحد) الذي دخلت عليه السياسة فأفسدت ضمائر بعض من تسلل الى السلطة واستحوذ عليها وحرم منها شركاءه الوطنيين.
لم يكن مفاجئا ابدا ان تنطلق الثورة بعد عامين من الاحتجاجات التي انطلقت في (8) محافظات عراقية للمطالبة بحقوق ( أهل السنة) فقد واجهتها الحكومة بمزيد من الاستهتار و القمع ، حتى ادرك اصحابها ان ( الدعوات السلمية) ارتطمت على جدران السلطة، ولم تجد من يسمعها او يقدرها ،خاصة بعد ان كشفت (الانتخابات) الأخيرة ان ( الامور) لن تتغير الا اذا وقع زلزال، وقد وقع فعلا، حيث خرج ( المارد السني) من قمقمه وكسر عصا الطاعة، وبدأ ( الثورة) لاستعادة كرامته، هذه التي أهدرتها نخبة لم تؤمن بالعراق ولا بالعراقيين، سواء أكانوا شيعة أو سنة ، عربا او اكرادا.
الآن اكتملت الصورة، فقد دخلت ايران على الخط، ومن المؤكد ان تركيا لن تجلس في مقاعد المتفرجين، مما يعني ان الحرب الطائفية أصبحت قدر العراق ،كما ان الصراع الاهلي تبلور فعلا، ووجد من يغذيه سواء في الداخل العراقي او في الاقليم الذي استسلم للحروب القائمة على حدود الهوية الملتبسة بالسياسة .
المؤكد ان الحرب هذه المرّة في العراق لن تكون (نزهة) ولن تظل في حدود هذا البلد، فالمسألة لا تتعلق بإسقاط نظام أو حكومة، و لا بصراع داخلي بين أطراف يمكن لاحدهم ان ينتصر على الآخر ثم تسدل الستارة، ولكنها تتجاوز ذلك الى حرب مذهبية عابرة للحدود، وقابلة للامتداد افقيا و عموديا، ذلك ان لكل من الشيعة و السنة حواضن عميقة داخل العراق و خارجه، ولهما ( مخازن) من الذخيرة الدينية و العسكرية تمكنهما من الاستمرار في الحرب لامد طويل، أما الدول الكبرى التي احتلت العراق و كتمت انفاسه وصنعت مأساته فلن تكون بعيدة عن الحدث، ولكنها ستحدد موقفها تبعا لمصالحها وستختار التوقيت المناسب للتدخل، ولا يهمها هنا من ينتصر مادام ان العراق سيصبح في قبضتها وتحت سيطرتها بغض النظر عمن يحكمه.
لكن يبقى ان العرب، وخاصة الجيران، هم الغائب الوحيد حتى الآن، وحتى حين حسمت ايران موقفها المؤيد للنظام القائم ، ظلت العواصم العربية (صامتة) تماما، وسواء اكان الدافع وراء هذا الصمت المخاوف التي فجرتها ( داعش) من خلال الرواية الرسمية العراقية التي ارادت ان تختزل ما حدث في اطار (الارهاب) او كان الدافع ( التكيف) مع الحسابات الدولية التي تنتظر سيرورة الحدث لتنحاز ( للأوفر) حظا ووزنا على الأرض، فإن الموقف العربي المتأرجح لم يضع في حساباته امتداد النيران اليه، ولا ( مصير) العراق الذي مازال غامضا، ولا ( بروفات) حروب المذاهب و الطوائف التي لن يسلم أحد من عواصفها القادمة.
المخجل فيما حدث ليس غياب ( الموقف) العربي ، وانما - ايضا- اصوات المرجعيات الشيعية و امتداداتها في ايران التي كشفت عن حقيقتها، وظهرت كما لا يحب احد من المسلمين و العرب الذين آمنوا (بالوحدة الاسلامية) وعملوا من اجل التقريب بين المذاهب، وهي لم تخطئ هذه المرة وحسب، وانما تعمدت الوقوع في الخطيئة حين انحازت لمنطق (المذهب) و انتصرت لعصبية الطائفة، على حساب المشترك الوطني والديني و الاخلاقي، وضد اخوانها اهل السنة الذين عيل صبرهم وقرروا ان يتحرروا من الظلم الذي أصابهم.
الدستور