2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

حرب «مظلومية» وقودها المذاهب !

حسين الرواشدة
جو 24 : حين تغلق أبواب “السياسة” يقفز الناس من شبابيك “الطائفة” والمذهب ويتصارعون في ساحة “الهوية”، هذا تماماً ما يحدث في منطقتنا الآن، واذا شئت الدقة اكثر فإن “المظلومية” السياسية تطل برأسها من جديد، وتكاد تحرق الأخضر واليابس، ولن يسلّم من نيرانها أحد، لا الاخوة الاعداء داخل الاطار الوطني ولا “الفاعلون” المحرضون الذي فرقتهم المصالح السياسية مع أنهم يفترض أن يلتقوا في اطار “الامة الواحدة”.
المشهد في العراق يلخص هذه المعادلة التي “استغرقنا” فيها جميعاً دون أن نتنبه الى خطورتها، فما حدث في سوريا لم يكن الاّ “بروفة” لوقائع واحداث اشعلت حقول “الهويات” اليابسة والبائسة معاً، وحركت داخل “الذات العربية” المجروحة بفعل تراكمات القهر والظلم والاستبداد طاقات هائلة من الغضب انفجرت في لحظة ما اكتشف فيها الانسان العربي بأنه يجب ان يكون “حرّاً” وأصبح مستعداً لدفع الثمن حتى وان اعتلت المراكب منظمات “تتلطى” بالاسلام وتتاجر باسمه وتذبح بسيوفه...ثم انتقلت العدوى على الفور الى العراق، وها هي مخاضاتها الاخيرة تخرج اثقالها ومواليدها، ليس باسم “داعش” فقط،وانما باسم طائفة كبيرة واجهت الظلم بالصبر،وحاولت ان تبتلع المهانة،لكنها صحت في لحظة على “واقع” جديد لم تستطع ان تحدد “مراسيمه” مثلما تريد..لكنها اضطرت للقبول به حتى وان كانت “الشياطين” حسمت عنوانه وليس فقط دخلت في تفاصيله الدقيقة.
الآن العراق مرشح للدخول في “الحرب الاهلية”، صحيح ان العلاقة بين مكوناته القومية والذهبية على المستوى الشعبي لا تزال تتمتع “برمق” من عافيتها، وصحيح ان “داعش” واخواتها دخلت على خط هذه العلاقة فأفسدتها،وصحيح ان “الاغلبية” الحاكمة استبدت في السنوات الماضيه التي وظفتها النخب حتى اصبحت جاهزة تماماً لتمرير “حرب” المذاهب والطوائف، ومع ان العنوان هذا قد لا يكون دقيقاَ الاّ انه “الوقود” المتوافر لخوض معركة الصراع على السياسة والخروج من “المظلوميّة” واستعادة الكرامة المهدورة.
لقد اخطأ اخواننا في المرجعيات الشيعية حين دعوا الناس الى “الجهاد الكفائي”، واخطأوا حين وضعوا فرصة “التوافق” مع شركائهم اهل السنة، كما اخطأ اخواننا اهل السنة حين “صمتوا” طويلاً وقبلوا نصيبهم من الاقصاء والحذف،ووضعوا ايديهم في ايدى “بعض” الانتهازبين من ابنائهم الذين لم يحسنوا الدفاع عنهم... وقدموا “داعش “ لقيادتهم ، اما النتيجة –كما نتابع فصولها الآن- فهي كارثية بامتياز ويدفع ثمنها الشعب العراقي الذي ما زال يتنقل من حرب الى اخرى، دون ان يجد من يردّ عن “نخيله” نعيق الغربان او الايدى العابثة التي حولته الى دولة “فاشلة”.
في سوق السياسة ثمة سيناريوهات عديدة،منها ان يترك العراق وحيدا يصارع ابناؤه بعضهم،أو ان تتدخل قوى اقليمية لتأجيج الصراع، أو أن تدعم واشنطن الحكومة القائمة او تتمكن “داعش” ومن يقف وراءها من فرض وجودها وحسم المسألة واجتياح بغداد، تمهيداً لتنفيذ مخطط الدويلات الثلاث.
أما في سوفق”الدين” فتبدو “المذاهب” المتصارعة مستعدة تماماً لاعلان “الطلاق” حيث الطريق الى اعادة عقارب ساعة التاريخ الى الوراء وصولاً الى “كربلاء” جديدة يتبادل فيها الاتباع ادوارهم ومواقفهم ومظلومياتهم ايضا.
وسواء انتصر منطق السياسة “البائسة” او منطق المذاهب “اليابسة” فإن العراق سيخرج “مهزوماً” ومجروحاً، وسيدفع العراقيون ومعهم الاشقاء العرب ضريبة “ترك” دجلة والفرات وحيدين نازفين دون ان يتطوع “مخلص” بتضميد جراحهما، ودون ان تتحرك “الحكمة” لردع العابثين الذين تجرؤوا على “شط العرب” وجففوا ينابيعه التي فاضت ذات عصور ما فاينعت فيها الحضارة.
نخطىء حين نتصور بأن “داعش” هي عنوان الازمة، أو ان التطرف خرج من عباءة “الدين” او المذهب او القومية،او ان مايحدث في العراق يخصه وحده، ونخطىء ايضاً حين نراهن على ان “العنف” مهما امتلك اي طرف ادواته سيحسم “الازمة” ويمنع امتدادها الى الجيران، لأن ازمة “العراق” كما هي ازمات عالمنا العربي ازمة “سياسية” في الأساس، قد تبحث عن وقود لها في كل زاوية، لكنها لا تحسم الاّ اذا استعادت السياسة عافيتها وقيمها، واحس الناس أنهم “شركاء” في وطن تحدد خياراته الصناديق الديمقراطيّة لا صناديق المرجعيات او براميل المتفجرات..

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير