تفاصيل لقاء ساخن جمع السفير الامريكي برؤساء وزراء سابقين
خاص - في لقاء عشاء جمع السفير الأميركي بعدد من رؤساء الحكومات وبعض الوزراء السابقين طرحت بعض الأراء الجريئة التي يرى أصحابها بأنها تشكل مخرجا سياسيا للأردن بعد حالة من استعصاء الاصلاحات التي وإن أصبحت ضرورة إلا أنه لا يبدو أنها تحتل أولوية لدى صنّاع القرار في الدولة الأردنية وبخاصة بعد أن كثرت الاجتهادات لدى مراكز القوى التي يفضي تضاربها بالضرورة إلى حالة من المراوحة.
فهناك اجماع بين الحاضرين على أن هناك أزمة في إدارة الأزمة القائمة وبخاصة في ظل وجود قوى ترفض المضي قدما في الاصلاحات إن لم يكن ذلك حسب اجندتها الزمنية، وهنا الاشارة إلى برلمان فقد كل ما تبقى له من مصداقية وخذل الشارع في غير مرة وحكومة مترددة وحركة الإخوان المسلمين البراغماتية التي تقدم موضوع عقد الصفقات والتفاهمات على أي أفكار اصلاحية ما دام ذلك يساعدها على تنفيذ اجنداتها ورؤاها السياسية التي تطورت بعد نجاح الحركات الإسلامية في كل من مصر وتونس.
ويرى أحد رؤساء الحكومات السابقين بأن الاصلاح يجب أن يبدأ بقمة الهرم أولا لأن من شأن ذلك أن يصلح بقية أجهزة الدولة. وتجدر الاشارة إلى أن نفس رئيس الحكومة السابق له موقف جريء من العملية برمتها وله ملاحظات على الطريقة التي تدار بها الدولة وعلى آليات الحكم "البالية" وعبر عن هذه الملاحظات في لقاءات سابقة مع الجانب الأميركي وكشفت عنها وثائق ويكيليكس. فالمعضلة الأساسية، حسب رأيه، تتمثل بغياب رغبة سياسية حقيقية لتمكين الشارع وتفضي إلى مشاركة شعبية في صناعة القرار.
وفي المقابل عبر رئيس سابق للحكومة الأردنية أن المرحلة القادمة مكلفة بالنسبة لرأس الدولة، فهو يرى أن الانتخابات القادمة ستفرز برلمانا قويا مستقلا سيقوم بفتح كل ملفات الفساد بصرف النظر عمن ستطال، ويرى أن هناك قوى ستتربص بأكبر شخصية في الأردن من خلال التركيز على مواضيع الفساد التي تطال رؤوس كبيرة تشكل محاسبتها ضربة موجعة للنظام.
ويرى أن المخرج يكمن في أن يعلن الملك عن عفو عام لكل قضايا الفساد التي يجري التحقيق بها أو التي هي مثار شبهة لدى الشارع الأردني والبدء بصفحة جديدة. عندها فقط يمكن أن يأتي برلمان مستقل يراقب بقوة لكن دون أن يكون له الحق في فتح أي ملف شمله العفو. ويضيف أن لذلك ثمن سياسي لكنه أقل بكثير من أن يكون هناك برلمان قوي له الحق في فتح كل الملفات وما يترتب على ذلك من اشكالات تطال رؤوسا يجب أن تبقى محمية حماية للدولة الأردنية.
وحسب بعض المدعوين على مائدة السفير الأميركي فإن الجانب الأميركي قلق على الأردن. ربما لهذا السبب جاء فريق أميركي غير رسمي كان معنيا بقياس مسألة الاستقرار في الأردن.
وفي وقت سابق وجهت دعوة لعدد محدود ومحسوب من الكتاب لتناول طعام الغداء في منزل السفير الأميركي. وفي ذلك اللقاء دافع السفير الأميركي عن البرنامج الاصلاحي التي يقوم بها النظام الأردني مع أنه لم يخف قلقه من امكانية تطور الأمور في الأردن.
ويبدو أن الجانب الأميركي معني بجمع الأراء لعله يهتدي لوصفة استقرار واصلاح تحافظ على البلد والنظام حتى يساعدوا النظام بعد أن أوغلت مراكز القوى وبعض المستشارين في لعبة التضليل على اعتبار أن الحراك منتهيا ولا يمكن تقديم تنازلات للشارع في هذا الوقت.
ومن الجدير بالذكر أن كاتبة معروفة كانت ضمن المدعويين وعبرت عن خوفها على الأٌقليات في الأردن في حالة وصل الاسلاميون الى الحكم في الأردن. فالقضية برمتها إذن هي محاولة لتخويف الجانب الأميركي من ممارسة أي ضغط على النظام لاجراء الاصلاحات اللازمة تباكيا على الأٌقليات. وقالت أن ما يجري من محاسبة "فاسدين" لا تأتي ضمن توجه حقيقي لمحاربة الفاسدين أو الفساد بقدر ما تأتي ضمن سياق تصفية الحسابات والانتقائية. وقد اختلف معها بعض الحاضرين مقدمين بذلك وجهة نظر بديلة عما تحاول أن تقدمة بعض الشخصيات والكتاب المعروفين بترددهم الدائم على السفارة.
وتفيد بعض التسريبات أن السفارة مستمرة في عقد سلسلة من اللقاءات مع السياسيين والأكاديميين والإعلاميين حتى تتعرف بشكل جيد على المشهد العام توطئة لمساعدة الإدارة الأميركية في مناقشة ملف الإصلاح مع الأردن الرسمي.
وعلى نحو لافت لا تخفي السفارة هذه اللقاءات وهي بذلك تتحول إلى لاعب في المشهد الداخلي دافعة في الوقت ذاته رؤيتها لما يجب أن تحتويه اجندة الاصلاحات التي طال انتظارها.