مفردات جديدة في معجم اللجوء !!
خيري منصور
جو 24 : لا بد من إعادة تعريف اللاجئ في عصرنا بسبب التغير الجذري الذي طرأ على المفاهيم والمصطلحات، فثمة لاجئون في عقر أوطانهم وغرباء حتى في بيوتهم إضافة إلى الملايين الذين هاجروا إلى الداخل، وانكفأوا كل واحد منهم في شرنقته، أما المفارقة الكبرى فهي تحول اللاجئ إلى ملجأ، كما حدث في مخيمات سورية ولبنان حين تبدل اتجاه سهم البوصلة وتغيرت وجهة الحنين، فأصبحت العودة إلى مخيم وليس إلى وطن، لكن التوقف عند التعريفات الكلاسيكية لعدة ظواهر في حياتنا سببه الكسل الذهني على طريقة من تعرفه خير ممن لا تعرفه، فالفقر لم يعد كما كان قبل ستين أو سبعين عاماً، ولم تعد أقانيمه هي المأوى والمأكل والملبس، فالآن يدرج في قائمة الفقراء من لا يواكب متتالية الاستهلاك المحموم، بحيث يخجل من هاتفه أو سيارته إذا كانا قديمين أو لكونه غير قادر على إدخال أبنائه إلى مدارس أجنبية وخاصة.
إن التعريف الحديث الذي يفرض نفسه للجوء يشمل ثلث مليار عربي، لا يشعرون بالمواطنة الكاملة واستحقاقاتها ولم يوقعوا بعد على أي عقد اجتماعي لأنهم يعيشون ما قبل الماغناكرتا وقبل ستة عقود كانت مفردات مثل لاجئ ومحتل ومقاوم لا تحتاج إلى أية إضافات أو تفاصيل لكنها الآن بحاجة إلى ذلك، فاللاجئ لم يعد فلسطينياً فقط، وكذلك الحالم بالعودة إلى مسقط رأسه، أما الاحتلال فقد صدرت منه طبعات عربية بالأبجدية مما أفرز أشكالاً جديدة من المقاومة خارج السياق التاريخي للصراع العربي الصهيوني.
أما الثيران التي سقطت وأحاطت بها السكاكين من كل جانب فقد علمت غيرها كيف تنجو حتى لو كانت هذه النجاة موتاً في الحياة، فما ان تحل نكبة ببلد عربي حتى يدفع الثمن وحده وأحياناً يتحول إلى غنائم حتى لو انتهى إلى أشلاء، والهجرات العربية الجديدة ليست من طراز تلك الهجرات التي صنعت نهضة كهجرة الشوام إلى مصر في القرن التاسع عشر.
هجرات هذه الأيام ثقافتها التي تعبر الحدود متوقفة عند الطعام والشراب، والبطل في هذه التغريبة الجديدة هو المطبخ لا المكتبة.
إن اللاجئ في عقر وطنه أسوأ خطا من اللاجئ في المنفى ليس فقط لأن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة، بل لأن اللاجئ رغماً عنه له عدو معلوم بعكس اللاجئ في عقر داره فهو ليس هنا وليس هناك، لهذا أضاف تاريخنا الحديث كلمة العالقين إلى معجم اللجوء، رغم أن عدد العالقين بالتاريخ أضعاف عدد العالقين بالجغرافيا.
فأية متاهة هذه التي وجد العربي فيها نفسه، بلا رفيق أو دليل أو حتى بوصلة، فاللجوء الآن يشمل الثلث مليار الذين حكم عليهم بالإقامة في منتصف الطريق بين الرعايا والمواطنين!!
الدستور
إن التعريف الحديث الذي يفرض نفسه للجوء يشمل ثلث مليار عربي، لا يشعرون بالمواطنة الكاملة واستحقاقاتها ولم يوقعوا بعد على أي عقد اجتماعي لأنهم يعيشون ما قبل الماغناكرتا وقبل ستة عقود كانت مفردات مثل لاجئ ومحتل ومقاوم لا تحتاج إلى أية إضافات أو تفاصيل لكنها الآن بحاجة إلى ذلك، فاللاجئ لم يعد فلسطينياً فقط، وكذلك الحالم بالعودة إلى مسقط رأسه، أما الاحتلال فقد صدرت منه طبعات عربية بالأبجدية مما أفرز أشكالاً جديدة من المقاومة خارج السياق التاريخي للصراع العربي الصهيوني.
أما الثيران التي سقطت وأحاطت بها السكاكين من كل جانب فقد علمت غيرها كيف تنجو حتى لو كانت هذه النجاة موتاً في الحياة، فما ان تحل نكبة ببلد عربي حتى يدفع الثمن وحده وأحياناً يتحول إلى غنائم حتى لو انتهى إلى أشلاء، والهجرات العربية الجديدة ليست من طراز تلك الهجرات التي صنعت نهضة كهجرة الشوام إلى مصر في القرن التاسع عشر.
هجرات هذه الأيام ثقافتها التي تعبر الحدود متوقفة عند الطعام والشراب، والبطل في هذه التغريبة الجديدة هو المطبخ لا المكتبة.
إن اللاجئ في عقر وطنه أسوأ خطا من اللاجئ في المنفى ليس فقط لأن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة، بل لأن اللاجئ رغماً عنه له عدو معلوم بعكس اللاجئ في عقر داره فهو ليس هنا وليس هناك، لهذا أضاف تاريخنا الحديث كلمة العالقين إلى معجم اللجوء، رغم أن عدد العالقين بالتاريخ أضعاف عدد العالقين بالجغرافيا.
فأية متاهة هذه التي وجد العربي فيها نفسه، بلا رفيق أو دليل أو حتى بوصلة، فاللجوء الآن يشمل الثلث مليار الذين حكم عليهم بالإقامة في منتصف الطريق بين الرعايا والمواطنين!!
الدستور