خريف امبراطوري!!
خيري منصور
جو 24 : ما تتورط به الامبراطوريات على مشارف خريفها هو المكابرة وعدم الانتفاع من نعمة النقد الذاتي والاعتراف الجدي بالأخطاء والولايات المتحدة مثال راهن لذلك. فمن توقعوا قبل عام ألفين وبالتحديد قبل احداث الحادي عشر من ايلول ان امريكا ستواصل نفوذها الدولي لثلاثة عقود على الاقل منهم من اعتذر عن ذلك التفاؤل ومنهم من اعاد النظر، ويعتبر برجنسكي مستشار الامن القومي الاسبق احد هؤلاء، فقد رأى في كتابه الفرص الضائعة، ان آخر ثلاثة رؤساء امريكين اضاعوا عدة فرص ذهبية وقد حدث خلل في معادلة القوة والقيادة فالقوة وحدها قد تقود العالم رغما عنه، لكنها حين تقترن بالحكمة والعدالة تفعل ذلك بشكل لا يخلو من التفاهم والقبول حتى لو كان نسبياً.
ومجمل القرائن الآن التي تحيط بقرارات الولايات المتحدة ومنها ما يتعلق بالشرق الاوسط تشي بان الخريف اصبح وشيكاً. وفي مقدمة هذه القرائن التوجه الامريكي الى التأقلم مع اوضاع جديدة طرأت على هذا الكوكب فقد اصبحت تدرك ان الاستمرار بالاستفراد وهو من غنائم الحرب الباردة لم يعد ممكنا، كما ان خسائرها السياسية والعسكرية والمالية ايضا في افغانستان والعراق دفعتها الى التحفظ الشديد على اي اسهام عسكري وميداني في البؤر الساخنة التي تعنيها.
ولم تكن بحاجة الى آلاف التوابيت الملفوفة بالعلم الامريكي كي تتعظ وتكفّ عن التدخل السريع بل الأرعن احياناً رغم انه ليس مأمون العواقب.
ومن ملامح ومؤشرات هذا التأقلم الامريكي مع المتغيرات الدولية اعادة النظر في بعض الحلفاء، حيث اصبح بعضهم عبئا عليها، ليس سياسيا وعسكريا فقط، بل من الناحية الاخلاقية ايضا. وهذا ما كرس له الكاتب اليهودي المضاد للصهيونية فتكلشتاين كتابا صدر مؤخرا، وقال فيه إن هذا الشعور بالعبء قد تمدد من الادارة الامريكية الى اللوبي اليهودي الذي يرتبط عضويا بالنسيج الامريكي وساعد على هذا التمرد طرح سؤال الهوية اليهودية الذي يجعل اليهودي الامريكي يتحسس رأسه وموقع قدميه ان الولايات المتحدة ليست الاستثناء الامبراطوري في التاريخ، لانها لا تحتفظ ببوليصة تأمين ضد الانحلال والضمور، واهم عنصر من عناصر اضعافها هو التناقض المستمر بين المعلن من المواقف وما يمارس بالفعل، فهي التي بشرت عشية الحرب العالمية الثانية بمرحلة تصفية الاستعمار، لكنها سرعان ما فعلت عكس ذلك، اما التناقض الحاد فهو بين شعارات اصبحت حبراً على ورق كالتي تتغنى بالرواد من وايتمان الى امرسون وبين ممارسات تفتضح قوة منزوعة الاخلاق والاحساس بالعدل!
الدستور
ومجمل القرائن الآن التي تحيط بقرارات الولايات المتحدة ومنها ما يتعلق بالشرق الاوسط تشي بان الخريف اصبح وشيكاً. وفي مقدمة هذه القرائن التوجه الامريكي الى التأقلم مع اوضاع جديدة طرأت على هذا الكوكب فقد اصبحت تدرك ان الاستمرار بالاستفراد وهو من غنائم الحرب الباردة لم يعد ممكنا، كما ان خسائرها السياسية والعسكرية والمالية ايضا في افغانستان والعراق دفعتها الى التحفظ الشديد على اي اسهام عسكري وميداني في البؤر الساخنة التي تعنيها.
ولم تكن بحاجة الى آلاف التوابيت الملفوفة بالعلم الامريكي كي تتعظ وتكفّ عن التدخل السريع بل الأرعن احياناً رغم انه ليس مأمون العواقب.
ومن ملامح ومؤشرات هذا التأقلم الامريكي مع المتغيرات الدولية اعادة النظر في بعض الحلفاء، حيث اصبح بعضهم عبئا عليها، ليس سياسيا وعسكريا فقط، بل من الناحية الاخلاقية ايضا. وهذا ما كرس له الكاتب اليهودي المضاد للصهيونية فتكلشتاين كتابا صدر مؤخرا، وقال فيه إن هذا الشعور بالعبء قد تمدد من الادارة الامريكية الى اللوبي اليهودي الذي يرتبط عضويا بالنسيج الامريكي وساعد على هذا التمرد طرح سؤال الهوية اليهودية الذي يجعل اليهودي الامريكي يتحسس رأسه وموقع قدميه ان الولايات المتحدة ليست الاستثناء الامبراطوري في التاريخ، لانها لا تحتفظ ببوليصة تأمين ضد الانحلال والضمور، واهم عنصر من عناصر اضعافها هو التناقض المستمر بين المعلن من المواقف وما يمارس بالفعل، فهي التي بشرت عشية الحرب العالمية الثانية بمرحلة تصفية الاستعمار، لكنها سرعان ما فعلت عكس ذلك، اما التناقض الحاد فهو بين شعارات اصبحت حبراً على ورق كالتي تتغنى بالرواد من وايتمان الى امرسون وبين ممارسات تفتضح قوة منزوعة الاخلاق والاحساس بالعدل!
الدستور