ضمائرهم استيقظت في رمضان..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : يأتي رمضان هذا العام في “عز” الصيف، ويشعر البعض بأن الصوم سيكون “شاقاً” ومتبعاُ، فساعات اليوم تتجاوز الست عشرة ساعة، والاحوال الاقتصادية صعبة، ومزاج الناس لا يختلف عن مزاج الطقس بحرارته واضطراباته.
لكن ثمة نداء يخرج من داخل كل مسلم، يتجاوز هذه الهواجس ويبددها، وهو نداء الايمان، هذا الذي يعرفه اصحاب “اليقين” ممن تدربوا على الصبر والطاعة، وتذوقوا “طعم” العبادة، واستكانت نفوسهم الى رحمة الله، وتجردت صدورهم من آفات الغلّ والحسد وحب الشهوات.. هؤلاء ينتظرون “رمضان” بفارغ الصبر، يحبونه كما يحبهم، ويشتاقون اليه كما يشتاق اليهم، تهون أمامهم ساعات الصوم الطويلة، وضيق صدور الآخرين الذين “فهموا” الصيام امتناعاً عن الاكل والشرب فقط، وهم يدركون ان كل لحظة صبر وتحمل في سبيل الله ومن اجل طاعته ستصب في ميزان حساناتهم، فغاية المؤمن ان يرضى الله عنه وان يغفر له وأن يقبل منه عمله وان يشمله برحمته وعفوه.
وفي رمضان تمتلئ المساجد بالمصلين: رجال استيقظت ضمائرهم يبحثون عن طاقة تجدد ايمانهم، وشباب أخذهم الصيام نحو طريق الهداية بعد غفلة او ضلال، وصغار اصطفوا الى جانب آبائهم فرحين بتذوق حالة جديدة من الخروج عن المألوف، او الانضمام الى صفوف الكبار، مشهد يُدخل السعادة الى القلب حقا، ويطمئننا على انتصار الفطرة متى وجدت من يزكيها ويدّلها على الصراط المستقيم، لكن بعض اخواننا الخطباء لم يستوعبوا الفكرة، او انهم - ان احسنت بهم الظن - يبحثون عن المثال بعيدا عن الواقع، وعن الصورة الكاملة للايمان كما يفهمها من موقعه كإمام لا انسان يخطئ ويصيب.
احدهم لم يجد ما يستقبل به هؤلاء الضيوف الجدد من رواد المسجد الا بوصفهم عبادا لرمضان او عبادا للجمعة ، وسواء فهمها المنصتون الى خطبته، والمتعبدون بصمتهم امامه، في اطار الشتيمة التي تلصق بهم هذا الاتهام، او حتى في اطار الوعظ الذي يسود خطابنا المغشوش حين يجلد الناس ويعاقبهم بدل ان يستوعبهم ويتوجه اليهم بالحكمة والموعظة الحسنة، فإن النتيجة واحدة: تنفير الناس من المسجد، واغلاق ابواب التوبة المفتوحة من الله تعالى امامهم، واشهار الفشل في استقطابهم وخسارتهم بالتالي بدل تشجيعهم على العودة للدين، او تكريمهم - بالكلام الجميل والاحترام الواجب - كضيوف على موائد الرحمن، لا موائد الخطباء الذين يريدون ان ينصبوا انفسهم قضاة باسمه تعالى، او حجابا على ابواب الكريم عز وجل.
الناس الذين تزدحم بهم المساجد في رمضان ليسوا عبادا لرمضان، وانما ضيوف على ربهم الذي فرض عليهم الصيام، وبعض اخواننا الخطباء الذين ابتليت بهم مساجدنا لا يدركون حقيقة هذه الفريضة التي أيقظت الايمان داخل نفوس وضمائر المقبلين على الله، ولا ذلك السرَّ الذي قادهم الى طريق الهداية، انهم - سامحهم الله - يتصورون بأنهم - وحدهم - مبعوثو الارادة الالهية لتأنيب الناس على توبتهم، او محاسبتهم على طاعتهم، او ادخالهم في الملّة وإخراجهم منها بكبسة زر واحدة، لقد اختلطت في اذهانهم انواع الهداية ومراتبها، فتخيلوا انهم من غير طينة البشر الذين يصيبون ويخطئون او بأن وظيفتهم هي توزيع الناس على الجنة والنار، او تقسيمهم الى مؤمنين كاملين، وآخرين مذبذبين او مذنبين، ناسين ان الهداية من الله وحده، وان وظيفة الواعظ هي التدليل إليها وحث الناس عليها، وعدم اشهار الاحكام، او الصفات التي تخرج ايمانهم، او تنفرهم من السلوك الى مراتب الهداية.. خطوة خطوة.
اذا كان ثمة عباد لرمضان وآخرون للجمعة.. كما يقول صاحبنا فإن اثم نفورهم من الاقبال على المساجد في غير هذه المواسم يقع على امثاله من الدعاة والخطباء والوعاظ الذين لم يحسنوا استقبالهم وقد وفدوا إليهم، ووضعوا قلوبهم وعقولهم في دائرة بثهم وعلى مرمى ذبذباتهم، ولم ينجحوا - ايضا - في اقناعهم او التأثير فيهم، فمن يلوم من اذن، ومن يتحمل مسؤولية هذا التنفير: عبّاد رمضان، ام هؤلاء الذين أفتوا بغير علم، او دعوا من دون فهم لمقاصد الدين، او جلدوا الناس بأسواط العذاب، او قرعوهم بأسوأ الالقاب..
انك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء . صدق الله العظيم
الدستور
لكن ثمة نداء يخرج من داخل كل مسلم، يتجاوز هذه الهواجس ويبددها، وهو نداء الايمان، هذا الذي يعرفه اصحاب “اليقين” ممن تدربوا على الصبر والطاعة، وتذوقوا “طعم” العبادة، واستكانت نفوسهم الى رحمة الله، وتجردت صدورهم من آفات الغلّ والحسد وحب الشهوات.. هؤلاء ينتظرون “رمضان” بفارغ الصبر، يحبونه كما يحبهم، ويشتاقون اليه كما يشتاق اليهم، تهون أمامهم ساعات الصوم الطويلة، وضيق صدور الآخرين الذين “فهموا” الصيام امتناعاً عن الاكل والشرب فقط، وهم يدركون ان كل لحظة صبر وتحمل في سبيل الله ومن اجل طاعته ستصب في ميزان حساناتهم، فغاية المؤمن ان يرضى الله عنه وان يغفر له وأن يقبل منه عمله وان يشمله برحمته وعفوه.
وفي رمضان تمتلئ المساجد بالمصلين: رجال استيقظت ضمائرهم يبحثون عن طاقة تجدد ايمانهم، وشباب أخذهم الصيام نحو طريق الهداية بعد غفلة او ضلال، وصغار اصطفوا الى جانب آبائهم فرحين بتذوق حالة جديدة من الخروج عن المألوف، او الانضمام الى صفوف الكبار، مشهد يُدخل السعادة الى القلب حقا، ويطمئننا على انتصار الفطرة متى وجدت من يزكيها ويدّلها على الصراط المستقيم، لكن بعض اخواننا الخطباء لم يستوعبوا الفكرة، او انهم - ان احسنت بهم الظن - يبحثون عن المثال بعيدا عن الواقع، وعن الصورة الكاملة للايمان كما يفهمها من موقعه كإمام لا انسان يخطئ ويصيب.
احدهم لم يجد ما يستقبل به هؤلاء الضيوف الجدد من رواد المسجد الا بوصفهم عبادا لرمضان او عبادا للجمعة ، وسواء فهمها المنصتون الى خطبته، والمتعبدون بصمتهم امامه، في اطار الشتيمة التي تلصق بهم هذا الاتهام، او حتى في اطار الوعظ الذي يسود خطابنا المغشوش حين يجلد الناس ويعاقبهم بدل ان يستوعبهم ويتوجه اليهم بالحكمة والموعظة الحسنة، فإن النتيجة واحدة: تنفير الناس من المسجد، واغلاق ابواب التوبة المفتوحة من الله تعالى امامهم، واشهار الفشل في استقطابهم وخسارتهم بالتالي بدل تشجيعهم على العودة للدين، او تكريمهم - بالكلام الجميل والاحترام الواجب - كضيوف على موائد الرحمن، لا موائد الخطباء الذين يريدون ان ينصبوا انفسهم قضاة باسمه تعالى، او حجابا على ابواب الكريم عز وجل.
الناس الذين تزدحم بهم المساجد في رمضان ليسوا عبادا لرمضان، وانما ضيوف على ربهم الذي فرض عليهم الصيام، وبعض اخواننا الخطباء الذين ابتليت بهم مساجدنا لا يدركون حقيقة هذه الفريضة التي أيقظت الايمان داخل نفوس وضمائر المقبلين على الله، ولا ذلك السرَّ الذي قادهم الى طريق الهداية، انهم - سامحهم الله - يتصورون بأنهم - وحدهم - مبعوثو الارادة الالهية لتأنيب الناس على توبتهم، او محاسبتهم على طاعتهم، او ادخالهم في الملّة وإخراجهم منها بكبسة زر واحدة، لقد اختلطت في اذهانهم انواع الهداية ومراتبها، فتخيلوا انهم من غير طينة البشر الذين يصيبون ويخطئون او بأن وظيفتهم هي توزيع الناس على الجنة والنار، او تقسيمهم الى مؤمنين كاملين، وآخرين مذبذبين او مذنبين، ناسين ان الهداية من الله وحده، وان وظيفة الواعظ هي التدليل إليها وحث الناس عليها، وعدم اشهار الاحكام، او الصفات التي تخرج ايمانهم، او تنفرهم من السلوك الى مراتب الهداية.. خطوة خطوة.
اذا كان ثمة عباد لرمضان وآخرون للجمعة.. كما يقول صاحبنا فإن اثم نفورهم من الاقبال على المساجد في غير هذه المواسم يقع على امثاله من الدعاة والخطباء والوعاظ الذين لم يحسنوا استقبالهم وقد وفدوا إليهم، ووضعوا قلوبهم وعقولهم في دائرة بثهم وعلى مرمى ذبذباتهم، ولم ينجحوا - ايضا - في اقناعهم او التأثير فيهم، فمن يلوم من اذن، ومن يتحمل مسؤولية هذا التنفير: عبّاد رمضان، ام هؤلاء الذين أفتوا بغير علم، او دعوا من دون فهم لمقاصد الدين، او جلدوا الناس بأسواط العذاب، او قرعوهم بأسوأ الالقاب..
انك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء . صدق الله العظيم
الدستور