2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

لهذا اهتز عرش الرحمن..!

حسين الرواشدة
جو 24 : تكرر مصطلح اليتامى في القرآن الكريم نحو ثلاث وعشرين مرة ، تارة في مجال الحث على الاحسان اليهم ، وتارة لبيان حقوقهم النفسية والاجتماعية ، وتارة اخرى لتوضيح حقوقهم المالية ، وثمة اشارات قرآنية واضحة ايضاً تؤكد ان الشرائع كلها قبل الاسلام تضمنت هذه الحقوق ، فقد أخذ الله على بني اسرائيل في الميثاق الاحسان لذوي القربى واليتامى ، وفي قصة موسى والخضر عليهما السلام اشارة اخرى للغلامين اليتيمين وأبيهما الصالح ، كما ان الله تعالى منّ على رسوله الكريم بنعمة المأوى من اليتم (ألم يجدك يتيماً فآوى) ودعاه الى إكرام اليتيم والرفق به (فأما اليتيم فلا تقهر) وساوى تعالى بين التكذيب بالدين ودعّ اليتيم ، وجعل الوصية به من الوصايا العشرية الثابتة ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي أحسن ، وروى في الحديث ان رجلا شكا الى الرسول صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال: ان اردت ان يلين فامسح رأس اليتيم ، وفي الصحيح قال عليه السلام أنا وكافل اليتيم كهاتين واشار بالسبابة والوسطى ، وورد في الحديث ان اليتيم اذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن ، فيقول الله تعالى لملائكته: من ذا الذي أبكى هذا اليتيم الذي غيبت أباه في التراب ، فتقول الملائكة: ربنا أنت اعلم فيقول الله تعالى لملائكته: اشهدوا ان من أسكته وأرضاه أن أرضيه يوم القيامة .
وفي مجمل الصور التي يقدمها القرآن الكريم لليتيم ، وهي ليست معزولة عن سياقاتها الانسانية ، ثمة حرص على الاحسان اليه ومخالطته وتوفير ما يناسبه من مأوى وعدم المساس بحقوقه والاغداق عليه بالحب و الحنان وضرورة اصلاحه وتحفيزه والاهتمام بأمنه النفسي والاجتماعي وعدم التعرض له بأي شكل من اشكال الاساءة والاهانة.
هذا هو موقف الدين من اليتامى ، فماذا عن احوالهم في بلادنا العربية والاسلامية ، وماذا عن تديننا المنقوص الذي لم يضع هؤلاء الضعفاء في مقدمة اولوياته ، وماذا عن حكوماتنا التي قصرت تجاههم؟ وماذا عن الصور المخجلة التي تتردد في الدور التي انشئت لايوائهم؟
لا أعرف بالضبط عدد الايتام في بلدنا ، لكن ثمة احصائيات تشير الى وجود نحو24 ألف طفل يتيم فقير ترعاهم 150 جمعية تتوزع على محافظات المملكة، اما اموالهم فأرجو من القارىء الكريم ان يقرأ ما نشرته الصحف من صور مفزعة حقاً اعتذر سلفاً عن اختزالها في سطور عابرة ، وأما عدد الايتام في وطننا العربي فهي مذهلة ، في مصر مثلا يتجاوز عددهم الـ (3) ملايين ، وفي العراق ثمة (5) ملايين يتيم وفي قطاع غزة وحده يتجاوز العدد (30) الفا وفي السودان نحو 4 ملايين يتيم وفي اليمن اكثر من مليون.. وهكذا ، أما واقع رعايتهم وعدد الدور التي اقيمت لايوائهم فما يزال للأسف متواضعاً وأقل بكثير من المطلوب.
من المفارقات في بلادنا ان قصة مطربة مجهولة ، او حادثة شجار عادية ، او فضيحة رجل اعمال ثري ، تستحوذ على اهتمامنا وعلى اعلامنا ايضاً اكثر بكثير من قصص مروعة لمئات الايتام الذي يتعرضوا لأسوأ معاملة.
ومن المفارقات الغريبة ايضاً ان مئات الملايين التي ننفقها في اللهو والطرب ، واحياناً في اداء النوافل من قبل بعض المسلمين الموسرين ، لا يخصص منها أي شيء لبناء دار للأيتام (أوليست اولى من بناء مسجد) ولا يذهب منها الا اقل القليل لكفالة يتيم؟،
دعونا نفكر في اطلاق حملة حقيقية لكفالة هؤلاء الايتام.. وافسحوا المجال لمن يريد أن يتبناها.. أرجوكم لا تفوتوا هذه الفرصة: إمسح رأس يتيم .

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير