jo24_banner
jo24_banner

خياراتنا السياسية بين بغداد والأنبار..!

حسين الرواشدة
جو 24 : من المبكر الاعتقاد بأن الاردن خرج من موقف “الحياد” تجاه ما يحدث في العراق، صحيح ان انعقاد مؤتمر المعارضة في عمان يشير بوضوح الى ان السياسية الاردنية (استدارت )في اتجاه معاكس لحكومة المالكي التي ارتبطت معها بعلاقات “دافئة” نسبياً فيما مضى، لكن الصحيح -ايضاً- ان هذه الاستدارة التي لم تكتمل بعد تخضع لحسابات سياسية، او انها تقع في اطار “الضرورات” الاستباقية، وهي حتى الآن لم تصل الى حدود “القطعية” مع بغداد رغم استدعاء الحكومة العراقية لسفيرها في عمان احتجاجاً على انعقاد المؤتمر.
للتذكير –هنا- فإن عمان دأبت على ممارسة مثل هذه “الاستدارات” او “الاستدراكات” السياسية، سواء تجاه المعارضة العراقية قبل سقوط النظام العراقي او بعده، او اتجاه المعارضة السورية في السنوات الثلاث الماضية؛ ما يعكس منطق التوازن الذي يحاول الأردن ان يمارسه في سياق مواجهة الاستحقاقات التي فرضتها عليه “التحولات” المفاجئة لدى “الجيران”، بما تحمله من تناقضات تتطلب اعادة ترسيم “الخيارات” وتقدير تكاليفها في ميزان الارباح او الخسائر.
من المفارقات –هنا- ان عمان “تفردت” في اتخاذ قرار الاستدارة نحو المكوّن السني العراقي، على عكس ما فعلته القاهرة –مثلا- التي انحازت الى حكومة المالكي، ومع ان هذا “التفرد” يبدو مفهوماً في اطار “ضريبة الجغرافيا والديموغرافيا”، الاّ ان ثمة حسابات سياسية اخرى دفعت بهذا الاتجاه، منها قناعة الاردن بأن حكومة المالكي اصبحت بلا مستقبل سياسي، ليس على صعيد المواقف الدولية (امريكا تحديداً)التي طالبت المالكي -بصراحة- بالتنازل عن الترشح لولاية ثالثة، وانما على صعيد الداخل العراقي (الشيعي تحديداً)الذي عبر عنه السيستاني حين اعطى المالكي مدة اسبوع “للتوافق” على حكومة انقاذ وطني بمشاركة كافة المكونات العراقية...ومن هذه الحسابات ايضا تداعيات المشهد في الشمال العراقي بعد ان استحوذت فصائل الثورة (وفي مقدمتها داعش) على مساحات كبيرة من الاراضي العراقية،ومع ان خطر امتداد –التطرف- الذي تمثله الدولة الاسلامية على الاردن يبدو سابقاً لأوانه على صعيد “الاستهداف الامني” الاّ ان الفكرة “الداعشية” التي وجدت لها موطىء قدم في “تربة” النزاع الطائفي والمظلومية السياسية يمكن ان تثير “انزعاج” الاردن من ناحية وجود “تربة” لامتدادها في الاختلالات الطبقية، وفي اندفاع وحماس الشباب للبحث عن بديل ينسجم مع اندفاعهم للحل الاسلامي في مواجهة حالة “الغضب” التي يستشعرونها حيال احوال الامة، خاصة بعد العدوان الاسرائيلي على غزة.
اذا أضفنا لذلك الهواجس التي سبق وعبرّت عنها عمان من “الهلال” الشيعي الذي امتد نفوذه الى العراق، وسوريا ولبنان ايضاً، وامكانية وصوله الى فلسطين بعد ان افرزت حرب غزة الاخيرة “نهاية” دور النظام الرسمي العربي مع القضية الفلسطينية، وخطر انفضاض الصراع في العراق الى التقسيم وتشكيل “الدويلات” الثلاثة، ثم المأساة التي تعرض لها المكون السني وما يمكن ان ينشأ عنها من “آثار” ضد المصالح الاردنية على صعيد “التهجير” او تغذية “التطرف” فإن الاستدارة السياسية الاردنية تبدو مفهومة تماماً، ويمكن قراءتها في اطار واجب الدفاع عن المصالح العليا، حتى وان ترتب عليها بعض الخسائر السياسية والاقتصادية( وقف تنفيذ مشروع نقل البترول من البصرة مثلا).
اذن، انعقاد مؤتمر “اهل السنة” في عمان بهذا الزخم، يبدو خطوة في اطار تحديد الخيارات السياسية الاردنية تجاه “ازمة” المفاصلة بين المكونات العراقية على السلطة وعلى الدولة ايضاً، و”ازمة” صراع المشروعات الاقليمية والمواقف الدولية على الطرق ايضاً، ومع ان دور الاردن في حسم هذه الازمات يبدو متواضعاً نظرا لاعتبارات معروفة،الاّ ان حركته في اطار “التدخل” المقدور عليه للدفاع عن مصالحة والحفاظ على امنه واستقراره تبدو ضرورية،ليس فقط لرفع “المظلومية”،التي يتعرض “المكون السني” الذي يرتبط معه بعلاقات دافئئة، وانما ايضاً للمساهمة في تجنيب العراق “فتنة” الحرب الاهلية او الطائفية، ومحنة التقسيم التي يبدو انها اصبحت –للأسف- المخرج الوحيد من “نيران” الحرب التي افرزت من الشعب العراقي اسوأ ما فيه من تطرف وتعصب وطلاق “وطني” بين مكوناته.. !

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير