صورة غزة في (8 ) عناوين ..!
حسين الرواشدة
جو 24 : الخبر الرئيس لما حدث – ومال زال- في غزة هو” العدوان” ،بكل ما تضمنه من جرائم اسرائيلية سجلت بالصوت والصورة،وتفاصيلها اصبحت متاحة لكل من يريد ان يتعرف على وجه الاحتلال القبيح وحقيقة المحتل وممارساته التي تتنافى مع منطق الانسانية.
لكن على اهمية هذا العنوان الذي يجب ان يظل محفورا في “ذاكرتنا” ،ثمة عنواين اخرى يفترض ان ننتبه اليها، ليس من اجل التهوين من العدوان لو “لفت” الانظار عن بشاعته،وانما من اجل اكتمال الصورة،وفهم الحدث ،واستخلاص العبرة من التجربة واثباتها في تاريخنا، ثم رؤية المستقبل وما يحمله من بشارات اواشارات.
بقدر ما افزعنا العدوان وأثار مشاعر الغضب داخلنا،وبقدر ما يمكن ان يلحقه بنا من احساس “بالخيبة” لقلة حيلتنا عن تقديم الواجب لأهلنا في غزة،فان صورة المقاومة وانجازاتها تستحق ان تكون عنوانا ثانيا،وهي جديرة فعلاً بذلك، لا لكي نعزي انفسنا ونخفف بعض ما اصابنا من احساس بالضعف ، وانما لكي نعيد الاعتبار والثقة لذاتنا وننصف هؤلاء الابطال الذين ابدعوا في مقاومتهم،وقدموا لنا درساً بليغا في الصمود والنضال والثبات،ذلك انه لاول مرة في تاريخ المقاومة الفلسطينية تنطلق الصواريخ لتصل الى تل ابيب،وتنجح المقاومة في ايقاع العشرات من القتلى و المصابين،(اكثر من 25 قتيلاً ومئة جريح حسب الاعترافات الاسرائيلية)ولأول مرة ايضا ترسل المقاومة طائراتها الاستكشافية فوق الكيان المحتل،ومع ان جردة الانجازات طويلة،لكن اهمها هو ان “قواعد” الاشتباك بين المقاومة والاحتلال تغيرت فعلاً،واصبح بمقدور الفلسطيني اليوم رغم الاختلال الكبير في موازين القوى العسكرية ان يطمئن الى انه قادر على “لجم” الاحتلال وردعه بالقوة لا بالمفاوضات،وبالمختصر المفيد فإن ما فعلته المقاومة فاجأ اسرائيل والعالم كله،وقلب “السحر” على الساحر،ودفع الاحتلال وحلفاءه الى الرضوخ لشروط المقاومة من اجل وقف القتال وقد تمثل ذلك في تعديل نسخة “التهدئة” التي طرحتها القاهرة لتتوافق مع مطالب المقاومة.
ثمة عنوان ثالث وهو صمود اهل غزة،فعلى امتداد أيام العدوان سجل هؤلاء صورا غير مسبوقة للتحمل والصمود وكان ردّهم الوحيد هو الاصرار على مواجهة المحتل بكل ما لديهم من امكانيات متواضعة،ومن المفارقات ان الحصار الذي فرض على اهل غزة طيلة السنوات الماضية والذي استهدف “الاجهاز” على مناعتهم ووحدتهم قد تحوّل لديهم الى دافع لمزيد من “التكاتف” والتوحد والاصرار على “الحياة” بل وابداع كل ما يلزم لمواجهة الحصار والاحتلال معاً.
رابع العناوين هو صورة النظام العربي الرسمي الذي ترواحت مواقفه بين الحياد او الصمت التواطؤ،ورغم ان هذه المواقف غير مفاجئة،الاّ انها في ظل التحولات التي مرّت على بلداننا وسّعت هوّة الثقة بين الشعوب وحكوماتهم،وأضافت سببا آخر في سجل مطالبات التحرر والاستقلال والاحتكام الى شرعية الصناديق الحقيقية،والاهم ان صمود المقاومة رغم ما تعرضت له من “تشويه” وما افتقدته من دعم عربي رسمي،اسس لحالة وعي جديدة لدى الشعوب العربية حيث ان انتصار المقاومة الفلسطينية سيمنح الشعوب قوة كافية لخوض جولاتها القادمة من اجل انتزاع حقوقها.
العنوان الخامس هو صورة الاعلام العربي والغربي في التعاطي مع العدوان،ومع وجود بعض الاستثناءات،فإن هذا الاعلام سقط في امتحان النزاهة والموضوعية،لا اتحدث هنا عن الاعلام المحرض والشامت،وانما عن الاعلام الذي كان محسوباعلى خط الانصاف والمهنية،وخاصة في العالم الغربي،فهذا –للأسف- تخلى عن كل ما التزم به من قيم واسفر عن انحياز كامل للرواية الاسرائيلية.
بقى ثلاثة عنواين،احداها عنوان الضمير الانساني العالمي الذي لم يتحرك كما يجب لكشف “الحقيقة” وانصاف الضحايا،ومع ان ثمة استثناءات عبرت عن مواقف نبيلة لاسيما في بعض الدول الغربية،الاّ ان الضمير الدولي ظل صامتاً او منحازا للعدوان،أما العنوان الثاني فهو موقف السلطة الفلسطينية التي عبر عن حالة “مغشوشة” للسياسية الفلسطينية التي وقعت في فخ الاحتلال وأصبحت منسجمة للأسف مع ممارساته،لدرجة ظهرت فيها غزة وكأنها جزء غريب من فلسطين او انها تمثل “حماس” فقط،،أما العنوان الاخير فهو صورة الشعوب العربية التي توّحدت نسبياً مع غزة،(دعك مما جرى في بعض المجتمعات التي لم تسمح لها انظمتها بالتعبير عن مواقفها)،وافرزت افضل ما لديها للتعبير عن دعمها للمقاومة و غضبها ضد العدوان الاسرائيلي والمتواطئين معه،وقد كان لافتاً انها المرّة الاولى منذ سنوات التي تتوحد فيها التيارات الاسلامية مع القومية واليسارية دفاعاً عن المقاومة.
باختصار،اذا كانت صورة العدوان على بشاعتها استحوذت على اهتمامنا وعلى غضبنا وادانتنا ايضاً،واذا كانت صورة النظام العربي بعثت فينا مزيداً من الخيبات وكذلك صورة الضمير العالمي واعلامه،فان ثمة صورا اخرى لا يجوز ان تغيب عن انظارنا،اهمها صورة المقاومة الباسلة التي اعادت لنا الامل بقدرة الضحية على دحر الظلم والعدوان وصورة اهل غزة الصامدين الذين قدموا لنا نموذجاً “للمجتمع” القادر على الابداع والتماسك في اصعب الظروف...وصورة الشعوب العربية التي ما زالت حيّة رغم ما تعرضت له من انهاك وتشويه واجهاض لاعادتها مجدداً الى بيت الطاعة.
الدستور
لكن على اهمية هذا العنوان الذي يجب ان يظل محفورا في “ذاكرتنا” ،ثمة عنواين اخرى يفترض ان ننتبه اليها، ليس من اجل التهوين من العدوان لو “لفت” الانظار عن بشاعته،وانما من اجل اكتمال الصورة،وفهم الحدث ،واستخلاص العبرة من التجربة واثباتها في تاريخنا، ثم رؤية المستقبل وما يحمله من بشارات اواشارات.
بقدر ما افزعنا العدوان وأثار مشاعر الغضب داخلنا،وبقدر ما يمكن ان يلحقه بنا من احساس “بالخيبة” لقلة حيلتنا عن تقديم الواجب لأهلنا في غزة،فان صورة المقاومة وانجازاتها تستحق ان تكون عنوانا ثانيا،وهي جديرة فعلاً بذلك، لا لكي نعزي انفسنا ونخفف بعض ما اصابنا من احساس بالضعف ، وانما لكي نعيد الاعتبار والثقة لذاتنا وننصف هؤلاء الابطال الذين ابدعوا في مقاومتهم،وقدموا لنا درساً بليغا في الصمود والنضال والثبات،ذلك انه لاول مرة في تاريخ المقاومة الفلسطينية تنطلق الصواريخ لتصل الى تل ابيب،وتنجح المقاومة في ايقاع العشرات من القتلى و المصابين،(اكثر من 25 قتيلاً ومئة جريح حسب الاعترافات الاسرائيلية)ولأول مرة ايضا ترسل المقاومة طائراتها الاستكشافية فوق الكيان المحتل،ومع ان جردة الانجازات طويلة،لكن اهمها هو ان “قواعد” الاشتباك بين المقاومة والاحتلال تغيرت فعلاً،واصبح بمقدور الفلسطيني اليوم رغم الاختلال الكبير في موازين القوى العسكرية ان يطمئن الى انه قادر على “لجم” الاحتلال وردعه بالقوة لا بالمفاوضات،وبالمختصر المفيد فإن ما فعلته المقاومة فاجأ اسرائيل والعالم كله،وقلب “السحر” على الساحر،ودفع الاحتلال وحلفاءه الى الرضوخ لشروط المقاومة من اجل وقف القتال وقد تمثل ذلك في تعديل نسخة “التهدئة” التي طرحتها القاهرة لتتوافق مع مطالب المقاومة.
ثمة عنوان ثالث وهو صمود اهل غزة،فعلى امتداد أيام العدوان سجل هؤلاء صورا غير مسبوقة للتحمل والصمود وكان ردّهم الوحيد هو الاصرار على مواجهة المحتل بكل ما لديهم من امكانيات متواضعة،ومن المفارقات ان الحصار الذي فرض على اهل غزة طيلة السنوات الماضية والذي استهدف “الاجهاز” على مناعتهم ووحدتهم قد تحوّل لديهم الى دافع لمزيد من “التكاتف” والتوحد والاصرار على “الحياة” بل وابداع كل ما يلزم لمواجهة الحصار والاحتلال معاً.
رابع العناوين هو صورة النظام العربي الرسمي الذي ترواحت مواقفه بين الحياد او الصمت التواطؤ،ورغم ان هذه المواقف غير مفاجئة،الاّ انها في ظل التحولات التي مرّت على بلداننا وسّعت هوّة الثقة بين الشعوب وحكوماتهم،وأضافت سببا آخر في سجل مطالبات التحرر والاستقلال والاحتكام الى شرعية الصناديق الحقيقية،والاهم ان صمود المقاومة رغم ما تعرضت له من “تشويه” وما افتقدته من دعم عربي رسمي،اسس لحالة وعي جديدة لدى الشعوب العربية حيث ان انتصار المقاومة الفلسطينية سيمنح الشعوب قوة كافية لخوض جولاتها القادمة من اجل انتزاع حقوقها.
العنوان الخامس هو صورة الاعلام العربي والغربي في التعاطي مع العدوان،ومع وجود بعض الاستثناءات،فإن هذا الاعلام سقط في امتحان النزاهة والموضوعية،لا اتحدث هنا عن الاعلام المحرض والشامت،وانما عن الاعلام الذي كان محسوباعلى خط الانصاف والمهنية،وخاصة في العالم الغربي،فهذا –للأسف- تخلى عن كل ما التزم به من قيم واسفر عن انحياز كامل للرواية الاسرائيلية.
بقى ثلاثة عنواين،احداها عنوان الضمير الانساني العالمي الذي لم يتحرك كما يجب لكشف “الحقيقة” وانصاف الضحايا،ومع ان ثمة استثناءات عبرت عن مواقف نبيلة لاسيما في بعض الدول الغربية،الاّ ان الضمير الدولي ظل صامتاً او منحازا للعدوان،أما العنوان الثاني فهو موقف السلطة الفلسطينية التي عبر عن حالة “مغشوشة” للسياسية الفلسطينية التي وقعت في فخ الاحتلال وأصبحت منسجمة للأسف مع ممارساته،لدرجة ظهرت فيها غزة وكأنها جزء غريب من فلسطين او انها تمثل “حماس” فقط،،أما العنوان الاخير فهو صورة الشعوب العربية التي توّحدت نسبياً مع غزة،(دعك مما جرى في بعض المجتمعات التي لم تسمح لها انظمتها بالتعبير عن مواقفها)،وافرزت افضل ما لديها للتعبير عن دعمها للمقاومة و غضبها ضد العدوان الاسرائيلي والمتواطئين معه،وقد كان لافتاً انها المرّة الاولى منذ سنوات التي تتوحد فيها التيارات الاسلامية مع القومية واليسارية دفاعاً عن المقاومة.
باختصار،اذا كانت صورة العدوان على بشاعتها استحوذت على اهتمامنا وعلى غضبنا وادانتنا ايضاً،واذا كانت صورة النظام العربي بعثت فينا مزيداً من الخيبات وكذلك صورة الضمير العالمي واعلامه،فان ثمة صورا اخرى لا يجوز ان تغيب عن انظارنا،اهمها صورة المقاومة الباسلة التي اعادت لنا الامل بقدرة الضحية على دحر الظلم والعدوان وصورة اهل غزة الصامدين الذين قدموا لنا نموذجاً “للمجتمع” القادر على الابداع والتماسك في اصعب الظروف...وصورة الشعوب العربية التي ما زالت حيّة رغم ما تعرضت له من انهاك وتشويه واجهاض لاعادتها مجدداً الى بيت الطاعة.
الدستور