تخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون..؟!
حسين الرواشدة
جو 24 : لماذا اختار الله تعالى كلمة (اقرأ) لتكون اول أمر الهي الى عباده من الناس أجمعين؟ اعتقد ان كل ما يرتبط بالانسان ، في دنياه او في آخرته ، مرتبط بالقراءة التي تفضي الى العلم والمعرفة ، والنظر والتبصر ، وتفعيل العقل للاحاطة بكل ما حوله ، فهماً وتمحيصاً ، استكشافاً واستبصاراً واستدلالا.. باعتبار ذلك الطريق الى الايمان واليقين والسعادة. لكن لماذا (القراءة) والعلم هما البداية ، الا يرتبط ذلك باقرار المسؤولية التي يتحملها الانسان لانجاز مهمته في هذا الكون ، عمارة وخلافة ، وخضوعه - بالتالي - للقوانين الكونية التي يخضع لها في الدنيا والموازين الجزائية التي سيخضع لها يوم القيامة؟
اذنن ثمة ارتباط بين القراءة وفعلها (اقرأ) المفتوح على كل اصناف المعرفة والتعقل والتفكر وبين (المسؤولية) هذه التي يحددها الاسلام في علاقة الانسان بربه اولا ، وتندرج تحتها علاقاته بالاخرين او - حتى - بضميره ونفسه ناهيك عن الموجودات والاشياء الاخرى.
لا مسؤولية اذن ، بدون (قراءة) ووعي ومعرفة وعلم ، ولا مسؤولية بدون حرية وارادة (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) بل انه اذا حصل اكراه او نسيان او اختلال في العقل تعطلت المسؤولية (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا او أخطأنا) ، وهذا كله يعزز مفهوم المسؤولية التي يعتبرها الاسلام (أمانة) ، وجدت منذ ان خلق الله الانسان واصطفاه لعمارة هذا الكون ، (انا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فأبين ان يحملنها ، وأشفقن منها ، وحملها الانسان ، انه كان ظلوماً جهولاً) ، ظلوماً حين عطلها ، وجهولاً حين لم يحط بها علماً وفهماً ودراية.. ولهذا فان من يخون الامانة التي هي المسؤولية ، بكل انواعها ، يخون الله ورسوله.. والشرط الذي تتحقق فيه (الخيانة) هو (العلم) بها ، وادراك مخاطرها (او تخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون).
باختصار اصل المسؤولية الذي يجعل منها امراً معقولاً ، ناهيك عن انه تكليف الهي (المسؤوليات تكاليف) هو انه اذا كان هنالك حق في هذا الكون فيجب الاقرار به لانه حق ، ويجب اعتبار التوافق معه امراً طبيعياً ، كما يقول فقهاؤنا ، ولما كان ادراك هذا الحق يتوقف على العلم به فان هذا العلم يطوقنا بالمسؤولية ، وبما ان شعورنا بالالتزام بالحق لذاته هو منبع المسؤولية فان هذا الالتزام هو النواة الصلبة للمسؤولية ، وبهذا يبدو مفهوماً معنى كون الانسان مسؤولا من خلال محاسبته على افعاله ، إما امام من اناط به هذه المسؤولية ، وإما امام ضميره ، وإما امام القانون والمسؤولية محددة - دائما - بالوسع والاستطاعة (فاتقوا الله ما استطعتم) وقد عبر عنها القرآن الكريم (بالامانة) كما قلنا لانها ميثاق بين الانسان وخالقه.. وتكليف الهي وقيمة مرجعية لكل ما في الدين من قيم.
الدستور
اذنن ثمة ارتباط بين القراءة وفعلها (اقرأ) المفتوح على كل اصناف المعرفة والتعقل والتفكر وبين (المسؤولية) هذه التي يحددها الاسلام في علاقة الانسان بربه اولا ، وتندرج تحتها علاقاته بالاخرين او - حتى - بضميره ونفسه ناهيك عن الموجودات والاشياء الاخرى.
لا مسؤولية اذن ، بدون (قراءة) ووعي ومعرفة وعلم ، ولا مسؤولية بدون حرية وارادة (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) بل انه اذا حصل اكراه او نسيان او اختلال في العقل تعطلت المسؤولية (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا او أخطأنا) ، وهذا كله يعزز مفهوم المسؤولية التي يعتبرها الاسلام (أمانة) ، وجدت منذ ان خلق الله الانسان واصطفاه لعمارة هذا الكون ، (انا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فأبين ان يحملنها ، وأشفقن منها ، وحملها الانسان ، انه كان ظلوماً جهولاً) ، ظلوماً حين عطلها ، وجهولاً حين لم يحط بها علماً وفهماً ودراية.. ولهذا فان من يخون الامانة التي هي المسؤولية ، بكل انواعها ، يخون الله ورسوله.. والشرط الذي تتحقق فيه (الخيانة) هو (العلم) بها ، وادراك مخاطرها (او تخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون).
باختصار اصل المسؤولية الذي يجعل منها امراً معقولاً ، ناهيك عن انه تكليف الهي (المسؤوليات تكاليف) هو انه اذا كان هنالك حق في هذا الكون فيجب الاقرار به لانه حق ، ويجب اعتبار التوافق معه امراً طبيعياً ، كما يقول فقهاؤنا ، ولما كان ادراك هذا الحق يتوقف على العلم به فان هذا العلم يطوقنا بالمسؤولية ، وبما ان شعورنا بالالتزام بالحق لذاته هو منبع المسؤولية فان هذا الالتزام هو النواة الصلبة للمسؤولية ، وبهذا يبدو مفهوماً معنى كون الانسان مسؤولا من خلال محاسبته على افعاله ، إما امام من اناط به هذه المسؤولية ، وإما امام ضميره ، وإما امام القانون والمسؤولية محددة - دائما - بالوسع والاستطاعة (فاتقوا الله ما استطعتم) وقد عبر عنها القرآن الكريم (بالامانة) كما قلنا لانها ميثاق بين الانسان وخالقه.. وتكليف الهي وقيمة مرجعية لكل ما في الدين من قيم.
الدستور