فاصل بين شهيدين !!
خيري منصور
جو 24 : الشيء الوحيد -وحاشا أن يكون مجرد شيء- الذي نستأذن منه الآن هو الدم، فهل يأذن لنا بجملة معترضة في هذا الكتاب الداجن، وبفاصل سواء كان بين شهيدين أو منزلين مقصوفين، فالمفارقة الآن هي أن من أصابعهم في الجمر ودمهم يسبقهم إلى المواجهة أهدأ أعصابا وأشد تماسكاً وأكثر تواضعاً من هؤلاء الذين لم يبق شرش واحد فيهم لم يطق بدءاً من شرش الحياء فيما مضى كان العميل أو السمسار أو آكل لحم أخيه أو سموه ما شئتم فقاموس النذالة يتسع، لا يجهر بالنهيق أو النعيق ويحاول قدر الإمكان أن يستتر لأنه مبتلى بما نعف عن ذكره! لكنه الآن الأعلى صوتاً بل الأنكر صوتاً لأنه يسند ظهره إلى عدو يستخدمه كقيطان حذاء، وأحياناً يمتطيه ليصعد إلى نافذة يتسلل منها لذبح أخيه.
نعم، الضحية الآن أبلغ في صمتها لأنها توضأت من دمها، لهذا بدأت المعادلات تنقلب تباعاً.. فذوو البُعْدى حلّوا مكان ذوي القربى وأصبحت فلسطين برازيلية وبوليفية وأرجنتينية، إلى آخر القائمة اللاتينية، وهذا ما حدث عام 1982 بعد سقوط آخر ورقة توت عن أمة زفت في تابوت عندما كتبت صحيفة يونانية: اليونان هي البلد العربي الوحيد الذي قدم العشاء ما قبل الأخير للفلسطينيين عندما مروا بالقرب منها وكانت الدلافين والفقمات هي ما يحرس الباخرة التي لم يزعم قبطانها بأنها سفينة نوح! يومها أنهى عمال المخابز إضرابهم كي يدعوا الغرباء إلى العشاء في عرض بحر كان ذات يوم أبيض ومتوسطاً.. ثم أصبح زواجها مقدساً بين الدم والدمع! فكيف أصبح هؤلاء من الثاكل إلى اليتيم إلى من ودع أبناءه الخمسة أكثر هدوءاً ممن غمس رغيفه في ثريد من ماء الوجه، وجاع فأكل بثدييه كنساءٍ لم يرضعن حليب العفة من أمهات يتقدمن نحو تخوم الأسطورة.
إن الحرب الآن ليست محصورة في ميدان أو مخيم أو شاطئ أو مدرسة أو مسجد، فهي تمددت لتصبح بسعة الكوكب، ما دام جلبرت النرويجي يجري جراحة لطفل فلسطيني في ضوء هاتف وما دام جون الأمريكي يهتف أمام البيت الأبيض مطالباً بلاده بإعادة حصته من الضرائب التي تتحول إلى ذخيرة لإسرائيل وما دام اللاعب البرازيلي يهدي كؤوسه ومجمل ما حصل عليه إلى غزة، وما دامت رئيسة الأرجنتين تقود مليونية في مظاهرة لأجل فلسطين وما دام محمد وجورج وشانغ وديفيد وكوفمان يهتفون باسم بلاد خذلها الأقربون!!
الدستور
نعم، الضحية الآن أبلغ في صمتها لأنها توضأت من دمها، لهذا بدأت المعادلات تنقلب تباعاً.. فذوو البُعْدى حلّوا مكان ذوي القربى وأصبحت فلسطين برازيلية وبوليفية وأرجنتينية، إلى آخر القائمة اللاتينية، وهذا ما حدث عام 1982 بعد سقوط آخر ورقة توت عن أمة زفت في تابوت عندما كتبت صحيفة يونانية: اليونان هي البلد العربي الوحيد الذي قدم العشاء ما قبل الأخير للفلسطينيين عندما مروا بالقرب منها وكانت الدلافين والفقمات هي ما يحرس الباخرة التي لم يزعم قبطانها بأنها سفينة نوح! يومها أنهى عمال المخابز إضرابهم كي يدعوا الغرباء إلى العشاء في عرض بحر كان ذات يوم أبيض ومتوسطاً.. ثم أصبح زواجها مقدساً بين الدم والدمع! فكيف أصبح هؤلاء من الثاكل إلى اليتيم إلى من ودع أبناءه الخمسة أكثر هدوءاً ممن غمس رغيفه في ثريد من ماء الوجه، وجاع فأكل بثدييه كنساءٍ لم يرضعن حليب العفة من أمهات يتقدمن نحو تخوم الأسطورة.
إن الحرب الآن ليست محصورة في ميدان أو مخيم أو شاطئ أو مدرسة أو مسجد، فهي تمددت لتصبح بسعة الكوكب، ما دام جلبرت النرويجي يجري جراحة لطفل فلسطيني في ضوء هاتف وما دام جون الأمريكي يهتف أمام البيت الأبيض مطالباً بلاده بإعادة حصته من الضرائب التي تتحول إلى ذخيرة لإسرائيل وما دام اللاعب البرازيلي يهدي كؤوسه ومجمل ما حصل عليه إلى غزة، وما دامت رئيسة الأرجنتين تقود مليونية في مظاهرة لأجل فلسطين وما دام محمد وجورج وشانغ وديفيد وكوفمان يهتفون باسم بلاد خذلها الأقربون!!
الدستور