زلـزال غــزة...كيـف نفهمـه؟!
حسين الرواشدة
جو 24 : سنحتاج الى وقت طويل حتى نفهم ماجرى في غزة، سواءً من جهة اختيار اسرائيل “لتوقيت” العدوان،والمفاجآت التي صدمتها والنتائج التي تمخض عنها على صعيد الخسائر العسكرية او الاخرى السياسية،او من جهة رد المقاومة عليه وما يمكن ان يترتب على ذلك من تغيير في المعادلات والتحالفات السياسية في المنطقة، أو من جهة مواقف الدول العربية والاقليمية ومستقبل علاقتها مع القضية الفلسطينية وعلاقتها مع شعوبها ايضاً.
ما جرى –بالطبع- كان زلزالاً كبيراً، ليس –فقط- على صعيد “الدمار” الذي تعرضت له غزة وعدد الضحايا والشهداء الذين سقطوا،ولا على صعيد “الارتباك” الذي هزّ الكيان الصهيوني والمتحالفين معه،وانما ايضاً على صعيدين اثنين آخرين،احداهما عسكري يتعلق بموزاين القوة والردع في فلسطين وفي المنطقة ايضاً،ويمكن رصده بوضوح في الانجاز الذي حققته المقاومة من خلال “حرب الانفاق” وفي فشل جيش الاحتلال عن تحقيق اي من اهدافه،كما يمكن رصده في “الاصداء” التي تركتها بروفة “المقاومة” لدى بعض الدول الاقليمية التي لا تخفي عداءها لاسرائيل (ايران تحديدا) والتي ربما يغريها المشهد الذي اسفر عن “ضعف” القوة الاسرائيلية في “الاستثمار” بالمقاومة وفي الدفع باتجاه مواجهة اخرى واسعة مع اسرائيل،اما الصعيد الآخر فهو المجال السياسي الذي تعرض لزلزال كبير،سواء على صعيد العلاقة بين اسرائيل والفلسطينيين وما جرى على مدى العقدين المنصرمين من تسويات ومفاوضات وخفوت لصوت المقاومة وتراجع للقضية الفلسطينية والصراع عليها، او العلاقة بين اسرائيل والعالم العربي بعد ان انكشفت مواقف بعض حكوماته تجاه العدوان،وترواحت بين الصمت او الحياد او حتى التواطؤ مع اسرائيل ،او العلاقة بين الحكومات العربية وشعوبها التي “صدمتها” مثل هذه المواقف،او العلاقة داخل الاقليم حيث من المتوقع ان تتشكل محاور جديدة “تتصارع” على القضية الفلسطينية من جهتي البحث عن تسوية او الدفع باتجاه “المقاومة”...وبالتالي فان “الزلزال” السياسي سيطيح بكثير من المعادلات القائمة وسيطرح اسئلة صعبة يمكن معرفتها الآن بدقة لكن من الصعب ان نجازف بأية اجابات عنها الآن.
حين ندقق في التفاصيل،نجد ان وراء اختيار اسرائيل لتوقيت شن العدوان على غزة ثلاثة اسباب،(دعك من قضية اختطاف المستوطين الثلاثة فهي غير صحيحة بعد ان كشف تحقيق لقناة فضائية ألمانية انهم قتلوا لاسباب جنائية)، السبب الاول هو : الظرف الرسمي العربي الذي وفر لها بيئة مناسبة لتمرير العدوان وربما دعمه احياناً،وقد كان هذا واضحاً سواء في حالة “الحياد” التي انحازات اليها بعض العواصم او التحريض الذي شهدته اخرى،او الانشغال الداخلي الذي منع بعض الدول من الاهتمام بالقضية،الثاني : الظرف الشعبي العربي حيث تعمدت اسرائيل عند اختيار هذه اللحظة “الاجهاز” تماما على الصحوة العربية من خلال اطفاء جذور “التمرد” والمقاومة لدى الشعوب العربية ،واذا كانت بعض الانظمة سبق وقامت بهذه المهمة على صعيدها الداخلي فان ضرب المقاومة الفلسطينية من شأنه ان يسدل الستار تماماً على اي امل لهذه الشعوب في التحرر سواء من الاحتلال الاجنبي او الاحتلال الوطني،الثالت: شطب “التحدي” الفلسطيني الذي تمثله المقاومة من “جدول” اولويات اسرائيل،وقد سبق وأن حددت تل ابيب ثلاث اولويات للخطر الذي يواجهها امنيا: ايران،وحزب الله، وحماس (على الترتيب) وبالتي فانها تعمدت ان تبداً بالخطر الثالث،لكن قبل ان تكتشف ان حساباتها كانت خاطئة تماماً (استخباراتياً وسياسياً) فانها ارادت مع الانتهاء من المقاومة ان تنشيء محيطا عربي يتوزع بين مذعن لها،ومتواطىء معها،او متردد في مواجهتها،وعندها فإنها ستملأ الفراغ الاقليمي ويكون سهلا عليها الاستعداد لمواجهة الخطرين الآخرين والتحشيد ضدهما سواء من خلال افحام المتعاطفين معها او فرض الواقع على الاخرين الذين يرون فيها عدوا اصيلا ومطلوب الخلاص منه.
المشهد الذي انتهى اليه العالم العربي بعد ثلاث سنوات من “الثورات” والاحتجاجات ومحاولات اجهاضها،اغرى اسرائيل على “الاستثمار” في مجاليين :احدهما مجال “الكراهية” التي اصبحت سمة عامة بين اقطار الامة،والاخر مجال “الارهاب” الذي تحول الى “عنوان” عربي عام لمواجهة “الاسلام السياسي” ،وهنا تصورت اسرائيل ان لحظة الانقضاض على المقاومة وعلى رأسها حماس قد جاءت،كما ان اجهاض تجربتها ممكن في اطار “الاستثمار” في هذين المجالين سواء على الصعيد الدولي او الاقليمي،وبالتالي فإنه يمكن فهم التوقيت الاسرائيلي في اطار “حلقة” اخرى من حلقات الانقضاض على “المشروع العربي” سواء في حلقته الصغرى “فلسطين” او في اطاره الاشمل “الامة” ولا يخفى ان عنوان هذا المشروع هو “المقاومة” بشقيها السلمي او العسكري ،ضدّ المستبد الداخلي او الاحتلال الخارجي..وما حماس واخواتها الاّ “رمز” لهذا المشروع المطلوب رأسه ..
الدستور
ما جرى –بالطبع- كان زلزالاً كبيراً، ليس –فقط- على صعيد “الدمار” الذي تعرضت له غزة وعدد الضحايا والشهداء الذين سقطوا،ولا على صعيد “الارتباك” الذي هزّ الكيان الصهيوني والمتحالفين معه،وانما ايضاً على صعيدين اثنين آخرين،احداهما عسكري يتعلق بموزاين القوة والردع في فلسطين وفي المنطقة ايضاً،ويمكن رصده بوضوح في الانجاز الذي حققته المقاومة من خلال “حرب الانفاق” وفي فشل جيش الاحتلال عن تحقيق اي من اهدافه،كما يمكن رصده في “الاصداء” التي تركتها بروفة “المقاومة” لدى بعض الدول الاقليمية التي لا تخفي عداءها لاسرائيل (ايران تحديدا) والتي ربما يغريها المشهد الذي اسفر عن “ضعف” القوة الاسرائيلية في “الاستثمار” بالمقاومة وفي الدفع باتجاه مواجهة اخرى واسعة مع اسرائيل،اما الصعيد الآخر فهو المجال السياسي الذي تعرض لزلزال كبير،سواء على صعيد العلاقة بين اسرائيل والفلسطينيين وما جرى على مدى العقدين المنصرمين من تسويات ومفاوضات وخفوت لصوت المقاومة وتراجع للقضية الفلسطينية والصراع عليها، او العلاقة بين اسرائيل والعالم العربي بعد ان انكشفت مواقف بعض حكوماته تجاه العدوان،وترواحت بين الصمت او الحياد او حتى التواطؤ مع اسرائيل ،او العلاقة بين الحكومات العربية وشعوبها التي “صدمتها” مثل هذه المواقف،او العلاقة داخل الاقليم حيث من المتوقع ان تتشكل محاور جديدة “تتصارع” على القضية الفلسطينية من جهتي البحث عن تسوية او الدفع باتجاه “المقاومة”...وبالتالي فان “الزلزال” السياسي سيطيح بكثير من المعادلات القائمة وسيطرح اسئلة صعبة يمكن معرفتها الآن بدقة لكن من الصعب ان نجازف بأية اجابات عنها الآن.
حين ندقق في التفاصيل،نجد ان وراء اختيار اسرائيل لتوقيت شن العدوان على غزة ثلاثة اسباب،(دعك من قضية اختطاف المستوطين الثلاثة فهي غير صحيحة بعد ان كشف تحقيق لقناة فضائية ألمانية انهم قتلوا لاسباب جنائية)، السبب الاول هو : الظرف الرسمي العربي الذي وفر لها بيئة مناسبة لتمرير العدوان وربما دعمه احياناً،وقد كان هذا واضحاً سواء في حالة “الحياد” التي انحازات اليها بعض العواصم او التحريض الذي شهدته اخرى،او الانشغال الداخلي الذي منع بعض الدول من الاهتمام بالقضية،الثاني : الظرف الشعبي العربي حيث تعمدت اسرائيل عند اختيار هذه اللحظة “الاجهاز” تماما على الصحوة العربية من خلال اطفاء جذور “التمرد” والمقاومة لدى الشعوب العربية ،واذا كانت بعض الانظمة سبق وقامت بهذه المهمة على صعيدها الداخلي فان ضرب المقاومة الفلسطينية من شأنه ان يسدل الستار تماماً على اي امل لهذه الشعوب في التحرر سواء من الاحتلال الاجنبي او الاحتلال الوطني،الثالت: شطب “التحدي” الفلسطيني الذي تمثله المقاومة من “جدول” اولويات اسرائيل،وقد سبق وأن حددت تل ابيب ثلاث اولويات للخطر الذي يواجهها امنيا: ايران،وحزب الله، وحماس (على الترتيب) وبالتي فانها تعمدت ان تبداً بالخطر الثالث،لكن قبل ان تكتشف ان حساباتها كانت خاطئة تماماً (استخباراتياً وسياسياً) فانها ارادت مع الانتهاء من المقاومة ان تنشيء محيطا عربي يتوزع بين مذعن لها،ومتواطىء معها،او متردد في مواجهتها،وعندها فإنها ستملأ الفراغ الاقليمي ويكون سهلا عليها الاستعداد لمواجهة الخطرين الآخرين والتحشيد ضدهما سواء من خلال افحام المتعاطفين معها او فرض الواقع على الاخرين الذين يرون فيها عدوا اصيلا ومطلوب الخلاص منه.
المشهد الذي انتهى اليه العالم العربي بعد ثلاث سنوات من “الثورات” والاحتجاجات ومحاولات اجهاضها،اغرى اسرائيل على “الاستثمار” في مجاليين :احدهما مجال “الكراهية” التي اصبحت سمة عامة بين اقطار الامة،والاخر مجال “الارهاب” الذي تحول الى “عنوان” عربي عام لمواجهة “الاسلام السياسي” ،وهنا تصورت اسرائيل ان لحظة الانقضاض على المقاومة وعلى رأسها حماس قد جاءت،كما ان اجهاض تجربتها ممكن في اطار “الاستثمار” في هذين المجالين سواء على الصعيد الدولي او الاقليمي،وبالتالي فإنه يمكن فهم التوقيت الاسرائيلي في اطار “حلقة” اخرى من حلقات الانقضاض على “المشروع العربي” سواء في حلقته الصغرى “فلسطين” او في اطاره الاشمل “الامة” ولا يخفى ان عنوان هذا المشروع هو “المقاومة” بشقيها السلمي او العسكري ،ضدّ المستبد الداخلي او الاحتلال الخارجي..وما حماس واخواتها الاّ “رمز” لهذا المشروع المطلوب رأسه ..
الدستور