سافر من عرسال إلى الموصل !!
خيري منصور
جو 24 : كانت أحب حصة إلينا في المدرسة الابتدائية هي «الجغرافيا»، والسؤال الذي يتكرر في كل امتحان هو: سافر من قريتك أو مدينتك إلى بغداد أو الإسكندرية أو بيروت وصفْ المشاهد التي تمر بالقرب منها؟ فالسفر على الورق وبقلم الرصاص غير مكلف؛ لهذا كنا نقطع العالم العربي شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، لكن بالسفن الورقية وليس بالقوارب أو الطائرات، وحين سألت معلم الجغرافيا ذات يوم: لماذا لا يطلب منا أن نسافر على الورق من طولكرم أو دير الغصون إلى يافا؟! ظل صامتاً.. ولعله بقي صامتاً حتى الآن في قبره، ولم يخطر ببالنا في تلك الأيام أن السفر شبه ممنوع في عالم عربي قُسّم إلى خطوط طول وعرض طائفية وأصبح القتل فيه أسهل من إشعال سيجارة على حاجز أو عند حدود.
فماذا لو طلبنا اليوم من تلميذ عربي وبعد قرن من «سايكس بيكو» أن يسافر على الورق من بلدة عرسال في البقاع اللبناني إلى الموصل شمالي العراق والتي سميت ذات يوم «أم الربيعين»!
كم داعشياً سيحتجزه ثم يذبحه ويرميه إلى النهر أو البحر، فما الذي جرى لوطن لم يختلف أبناؤه لقرون على رفع الفاعل لكنهم اختلفوا على نصب المفعول بعد أن أصبح الفاعل مفعولاً به والجار مجروراً!
الموصل «أم الربيعين» عاش فيها المسيحيون دهراً وهم توائم للمسلمين. ولم تصمت كنائسها بالقرب من مآذنها لأن الرافدين من منبع واحد ولهما مصب واحد، فكيف نقبل بعد كل ذلك التعايش الحميم أن تمر أيام الآحاد والكنائس صامتة. وهل ستواصل الموجات البربرية قضم المدن والحقول والكتب والآثار وتعدم الموتى في الأضرحة في هذا الصمت الرمادي الذي تخجل منه حتى أشجار الأرز والنخيل؟
وحين تتوجه فرنسا بالدعوة إلى مسيحيي العراق كي يطلبوا لجوءاً دينياً وسياسياً إليها، فتلك هي البلية التي بلغت أوج شرورها، لكنها لم تضحك أحداً غير الذي أعلنها! فلماذا لا يصرخ العرب جميعاً في وجه أوروبا قائلين إن المسيحيين من لحمنا ودمنا وصمت كنائسهم أو تحولها لأوكار تبيض فيها الأفاعي دونه موتنا، فالمسيحيون من صلب هذا العِرْق العربي، دافعوا عن لغتنا ضد التتريك والتعجيم، وكانوا من طلائع نهضتنا. لهذا أقترح على من لم يسقطوا في الفخ بعد أن يعلنوا للملأ بأن المسيح لن يهاجر من الناصرة وبيت لحم إلى ضواحي باريس ليصلب من جديد في أحزمة التصدير التي يزدحم فيها ملايين العرب المهاجرين. وأقترح أيضاً تحديد يوم قومي تقرع فيه أجراس الكنائس على مدار النّهار!
الدستور
فماذا لو طلبنا اليوم من تلميذ عربي وبعد قرن من «سايكس بيكو» أن يسافر على الورق من بلدة عرسال في البقاع اللبناني إلى الموصل شمالي العراق والتي سميت ذات يوم «أم الربيعين»!
كم داعشياً سيحتجزه ثم يذبحه ويرميه إلى النهر أو البحر، فما الذي جرى لوطن لم يختلف أبناؤه لقرون على رفع الفاعل لكنهم اختلفوا على نصب المفعول بعد أن أصبح الفاعل مفعولاً به والجار مجروراً!
الموصل «أم الربيعين» عاش فيها المسيحيون دهراً وهم توائم للمسلمين. ولم تصمت كنائسها بالقرب من مآذنها لأن الرافدين من منبع واحد ولهما مصب واحد، فكيف نقبل بعد كل ذلك التعايش الحميم أن تمر أيام الآحاد والكنائس صامتة. وهل ستواصل الموجات البربرية قضم المدن والحقول والكتب والآثار وتعدم الموتى في الأضرحة في هذا الصمت الرمادي الذي تخجل منه حتى أشجار الأرز والنخيل؟
وحين تتوجه فرنسا بالدعوة إلى مسيحيي العراق كي يطلبوا لجوءاً دينياً وسياسياً إليها، فتلك هي البلية التي بلغت أوج شرورها، لكنها لم تضحك أحداً غير الذي أعلنها! فلماذا لا يصرخ العرب جميعاً في وجه أوروبا قائلين إن المسيحيين من لحمنا ودمنا وصمت كنائسهم أو تحولها لأوكار تبيض فيها الأفاعي دونه موتنا، فالمسيحيون من صلب هذا العِرْق العربي، دافعوا عن لغتنا ضد التتريك والتعجيم، وكانوا من طلائع نهضتنا. لهذا أقترح على من لم يسقطوا في الفخ بعد أن يعلنوا للملأ بأن المسيح لن يهاجر من الناصرة وبيت لحم إلى ضواحي باريس ليصلب من جديد في أحزمة التصدير التي يزدحم فيها ملايين العرب المهاجرين. وأقترح أيضاً تحديد يوم قومي تقرع فيه أجراس الكنائس على مدار النّهار!
الدستور