2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

هـكـــذا نـفـهـــم الإســــلام...!

حسين الرواشدة
جو 24 : ابتعد “التدين” للاسف في بعض صوره وانماطه عن مقاصد الاسلام وعن روحه وجوهره، فانتج اجيالا من “المتدينين” الاغبياء الجهلاء الذين انحرفت مفاهيمهم وانحطت اخلاقهم فتصوروا ان “القتل” باسم الله تعالى عبادة، وان قتل الآخرين أقرب طريق الى الله تعالى، وبرروا ذلك من خلال “فتاوى” التكفير التي أصابت امتنا في أعز ما تمتلكه من قيم السماحة والعدالة بل وفي صميم جوهرها الذي يمثل “محبة” الناس والخوف عليهم من سوء المصير ودعوتهم بالحسنى الى طريق الله المستقيم، فهدايتهم متعلقة بالله الذي خلقهم، وكذلك حسابهم، اما “دعوتهم” بالكلمة الطيبة فهي مسؤولية المسلم الاولى الذي يرى ان عباد الله كلهم مكرمون.. وان علاقته معهم قائمة في اطار الاخوة الانسانية التي تجمع البشر “ليتعارفوا” لا ليتقاتلوا او يتصادموا او يعتدي بعضهم على بعض، حيث لا يتعلق الامر في علاقة المسلم مع غيره من اتباع الاديان باقامة موازين العدالة فقط، وانما “بالبر” اليهم ومحبتهم لذاتهم ، انطلاقاً من محبته لخالقهم “لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين”، وفي مقدمة هؤلاء اتباع الاديان من اهل الكتاب الذين هم “اهل ذمتنا” ولهم ما لنا وعليهم ما علينا..
2-
يختلف اتباع الاديان في تحديد مفهوم النجاة والهلاك وغالبا ما تسود النظرة الاقصائية التي ترى الآخر ملعونا وترى مصيره الى الجحيم، لكن الاسلام يحدد هذا المفهوم، فالانسان -اولا - هو عبد لله تعالى وقد كرمه الله لمجرد انه انسان ، وهدايته مرتبطة بالله تعالى الذي ترك له حرية الاختيار “إنا هديناه النجدين إما شاكرا وإما كفورا”. وحسابه ايضا متعلق بالخالق فقط “ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين”.
3-
كما توضح آيات الهداية في القرآن الكريم ان الله تعالى خلق الانسان واودعه العقل وارسل له الانبياء ليبلغوه دعوة الايمان ثم ترك له حرية الاختيار والاهتداء وليحاسبه بعد ان يموت على افعاله مع الاشارة دائما الى ان الذين يهتدون سيزيدهم تعالى هدى، فان آيات الضلال والهلاك توضح -ايضا- ان من لا يلتزم بذلك مهما كان دينه ومن لا يبحث عن اسباب الهداية فان مصيره الهلاك والويل والعذاب، والاشارات في “الضلال” والهلاك تتعلق “بالعمل” والالتزام بالاخلاق لا بغيرهما “ويضل الله الظالمين”-كل الظالمين- “كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب” ثم ان الله تعالى يحدد مفهوم النجاة “بالصلاح”، والهلاك بضده الفساد “وما كان ربك ليهلك القرى بظلم واهلها مصلحون” والقرى هنا مفتوحة على وجود الانسان، اي انسان، كما ان الاصلاح مفتوح على الانسان بالعموم.
4 -
يعتقد بعض اخواننا من العرب المسلمين انهم وحدهم في هذا الكون، وان الأمم الاخرى مسخّرة لخدمتهم، ومدعوة للتقدم والعمل بالنيابة عنهم، ومطلوب منها ان تصغي اليهم، وتتنازل عن “معتقداتها” لصالحهم، ويعتقدون - للاسف - ايضا ان نسختهم “العربية” هي الاسلام ذاته، وان غيرهم من “المسلمين” الاتراك أو الصينيين أو الفرس أو الجرمان..الخ ، نسخة مقلدة وتابعة وغير اصيلة، لا تعبر عن روح الاسلام ولا تجسد قيمه، وربما، غير محسوبة عليه.
هذا، بالطبع، اعتقاد غير صحيح، سببه المبالغة الخاطئة في تقدير حجم الذات، وعدم معرفتها بأوجهها وصورها واختلافاتها والوانها المعروفة، ناهيك عن عدم معرفة الآخر الذي هو في الحقيقة الصورة الاخرى للذات، وسببه - ايضا - العزلة والقطيعة التي نعيشها باختيارنا، والخوف من الانفتاح، والتمحور المرضي حول “المركز” دون الدوران لرؤية الاطراف، والمبالغة هنا في تمجيد الذات لا يختلف في نتيجته عن المبالغة في تجريحها والاستهانة بها ، فكلاهما ينم عن موقف مرضي، وتصور يفتقد الى الصواب.
5-
نحن - كعرب - جزء من هذا الاسلام الذي بدأ بأربعة رجال كانوا حول الرسول عليه السلام، ومنهم فارسي ورومي ، واصبحوا اليوم يزيدون عن مليار ونصف المليار.
ونحن - ايضا - جزء من هذا العالم الذي تعددت اديانه ومعتقداته.. واختلف الناس فيه (ولذلك خلقهم) وظل الكفر - وهو واقع بمشيئة الله - جزءا منه.. فهل بوسعنا ان ننظر الى هذه الصورة من كافة زواياها، وان نتعامل معها كما امرنا الله تعالى، بمنطق الاعتراف والاحترام والحوار.. والدعوة بالتي هي أحسن.. والرحمة التي تسبق العدل؟
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير