«7» ملاحظات لمواجهة التطرف..!
حسين الرواشدة
جو 24 : حين دعوت في مقالة أمس الأول (الخميس) الى إطلاق استراتيجية وطنية لمواجهة التطرف، مازحني أحد الاصدقاء الصحافيين (الظرفاء) قائلاً: الخبر الصحيح “والمثير ايضاً” هو عدم وجود استراتيجية في بلد يطوِّقه التطرف من كل اتجاه..لكنني فوجئت بعد ذلك بأن الحكومة فعلا تفكر في هذا السياق،حيث ثم تشكيل لجنة قبل اسابيع (دون أن يعلن عنها) لوضع تصور ما لما يمكن أن تقوم به مؤسساتنا لمواجهة هذه الظاهرة.
لا أريد أن أكشف ما وصلني من معلومات حول المقترحات التي قدمتها اللجنة، وأسماء “الخبراء” المشاركين بإعدادها،وعملية توزيع “الأدوار” واطارها العام، بانتظار الإعلان الرسمي عن ذلك، ولكنني استأذنت في تسجيل 7 ملاحظات على هامش الموضوع.
الملاحظة الاولى: تتعلق بتحديد طبيعة الاستراتيجية التي يمكن اعتمادها في هذا المجال.ولدينا –بالطبع- العديد من الاستراتيجيات،منها استراتيجية “الاستئصال”، سواء بالقوة او بالقانون،وهي تشبه الاسعافات الاولية والعاجلة ، واستراتيجية “الاختراق” حيث يمكن استمالة الاقل تطرفا وتوظيفهم لتغيير قناعات الاخرين والتأثير عليهم ،واستراتيجية “تنقية التربة” وهذه تحتاج الى نفس طويل ومعالجات شاملة تهدف اخيرا الى قطع الاسباب التي تدفع الى انتاج التطرف ،ويمكن هنا اعتماد هذه الاستراتيجيات معا او على مراحل.
الملاحظة الثانية: أن الإجابة على سؤال التطرف تحتاج اولاً الى معرفة اسبابه وتشخيص “التربة” التي خرج منها،وصولاً الى تحديد وصفات معالجته “والصيدليات” التي يمكن ان تصرفها،ومن اجل ذلك لا بدّ ان يتوافر لدينا ما يلزم من معلومات ودراسات لمعاينة الظاهرة والتعامل معها...فالاستراتيجيات لا تبنى على الانطباع والرغبات بل على الوقائع والدراسات والامكانيات، كما ان الاستراتيجيات تختلف عن عملية توزيع والادوار : الاولى تتناول المشكلة من كافة ابعادها أما الثانية فتكتفي بتحديد واجبات كل جه لها علاقة بالمشكلة.
الملاحظة الثالثة: صحيح ان التطرف الذي نعاني منه –في الغالب- يتلبس ثوب “الدِّين” ويتحدث باسمه،لكن الصحيح –ايضا- ان الدِّين مجرد غطاء ، لهذا فإن دور المؤسسات الفاعلة في المجال الديني مطلوب لترشيد حالة “التَّدين” لكنه لوحده لا يكفي، فالتطرف له مصادر اخرى تغذيه،ونحن بحاجة الى “تجفيف” هذه المصادر،سواء أكانت في المجال السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي والفكري،وأعتقد أن “اصلاح” هذه المجالات هو الخطوة الواجبة،لا اتحدث –فقط- عن “البيئات” التي تنتج التطرف في سياقها الداخلي،حيث الفقر والاستبداد والظلم “والتوحش” الاجتماعي والفكري وانما ايضا عن السياقات الخارجية سواء تمثلت في علاقة دولنا مع الاجنبي او المحتل او حتى مع الإقليم ، أو في مواقفنا لما يحدث حولنا وينعكس بالضرورة على حياة الناس واحساسهم بكرامتهم في اوطانهم.
الملاحظة الرابعة: استطرداً لما ذكرت، فإن نجاحنا في عزل “بلدنا” عن ظاهرة التطرف المحيطة بنا يحتاج اولا الى الاعتراف بأن لدينا “منابت” داخلية أخرجت مثل هذه الفصائل والفسائل “المتطرفة” ولا بدّ من تحديدها ومعرفة المسؤولين عنها واوجه التقصير التي حصلت،وبالتالي فإن “حصر” الظاهرة في سياقاتها الداخلية وبدمغتها المحلية، سيساعدنا أولا في “عزلها” عن محيطها الخارجي، وثانياً في اختيار الوسائل التي تتناسب مع مجتمعنا،وثالثاً في اصلاح مجالنا العام بحيث يصبح طارداً لفكرة التطرف مهما تنوعت مجالاتها واسبابها.
الملاحظة الخامسة : ان تطويق ظاهرة التطرف بالحلول الأمنية ممكن على المدى المنظور، لكنه غير مضمون على المدى الطويل، وبالتالي لابد عند وضع أية استراتيجية من مراعاة العلاقة بين التطرف السياسي و التطرف الديني، اوبين التكفير السياسي و الآخر الديني،باعتبارهما وجهين لعملة واحدة، فالقرارات و الأحكام المتطرفة مهما كان المجال الذي صدرت منه قد تجد من (يبتلعها) لأسباب مختلفة، لكن هذا ( الابتلاع) يفضي بالضرورة الى ( ولادة) أنواع من التطرف تتراكم زمنيا حتى تنفجر، فيما يفترض أن نعمل لتسهيل ( هضم) هذه المقررات و الأحكام لكيلا تتحول الى ( انسدادات) قابلة للاجترار بعكس الاتجاه في أية لحظة.
الملاحظة السادسة :ان أية استراتيجية لابدّ أن تراعي مسألتين: إحداهما اأ تكون نتيجة لتوافق عام وبمشاركة كافة الجهات الرسمية و الشعبية المعنية بالموضوع، وأن يسهم فيها ( خبراء) يمثلون الحقول المختلفة التي ترتبط بها ظاهرة التطرف ( الحقول السياسية و الإعلامية و الدينية و الاقتصادية ...إلخ) أما المسألة الاخرى فتتعلق بضرورة وجود الارادة السياسية لإعطائها المشروعية اللازمة، و الامكانيات البشرية و المادية لتنفيذها،والمضامين و الوسائل اللازمة لاقناع الجمهور بها ،سواء أكان هذا الجمهور من ( المتورطين) في التطرف أو ممن نعتقد أن لديهم ( القابيلة) لانتقال العدوى اليهم، أو من المعتدلين الذين يجب أن نرسخ فكرة الاعتدال بينهم.
الملاحظة السابعة: ان النظر الى ( المتطرفين) كشياطين وإصدار الاحكام ضدهم استنادا الى هذا التوصيف، سيحرم أية استراتيجية من فرص النجاح في مواجهة ظاهرة ( التطرف)، ولهذا يفترض أن يتم التعامل معهم مبدئيا كضحايا أو مرضى بحاجة الى علاج، أو حتى تصفيتهم بحسب درجة خطورتهم، وبالتالي فإننا بحاجة لى ( مزيج) من الاستراتيجيات المتوازية لتطويق هذه الظاهرة لا مجرد استراتيجية واحدة.
الدستور
لا أريد أن أكشف ما وصلني من معلومات حول المقترحات التي قدمتها اللجنة، وأسماء “الخبراء” المشاركين بإعدادها،وعملية توزيع “الأدوار” واطارها العام، بانتظار الإعلان الرسمي عن ذلك، ولكنني استأذنت في تسجيل 7 ملاحظات على هامش الموضوع.
الملاحظة الاولى: تتعلق بتحديد طبيعة الاستراتيجية التي يمكن اعتمادها في هذا المجال.ولدينا –بالطبع- العديد من الاستراتيجيات،منها استراتيجية “الاستئصال”، سواء بالقوة او بالقانون،وهي تشبه الاسعافات الاولية والعاجلة ، واستراتيجية “الاختراق” حيث يمكن استمالة الاقل تطرفا وتوظيفهم لتغيير قناعات الاخرين والتأثير عليهم ،واستراتيجية “تنقية التربة” وهذه تحتاج الى نفس طويل ومعالجات شاملة تهدف اخيرا الى قطع الاسباب التي تدفع الى انتاج التطرف ،ويمكن هنا اعتماد هذه الاستراتيجيات معا او على مراحل.
الملاحظة الثانية: أن الإجابة على سؤال التطرف تحتاج اولاً الى معرفة اسبابه وتشخيص “التربة” التي خرج منها،وصولاً الى تحديد وصفات معالجته “والصيدليات” التي يمكن ان تصرفها،ومن اجل ذلك لا بدّ ان يتوافر لدينا ما يلزم من معلومات ودراسات لمعاينة الظاهرة والتعامل معها...فالاستراتيجيات لا تبنى على الانطباع والرغبات بل على الوقائع والدراسات والامكانيات، كما ان الاستراتيجيات تختلف عن عملية توزيع والادوار : الاولى تتناول المشكلة من كافة ابعادها أما الثانية فتكتفي بتحديد واجبات كل جه لها علاقة بالمشكلة.
الملاحظة الثالثة: صحيح ان التطرف الذي نعاني منه –في الغالب- يتلبس ثوب “الدِّين” ويتحدث باسمه،لكن الصحيح –ايضا- ان الدِّين مجرد غطاء ، لهذا فإن دور المؤسسات الفاعلة في المجال الديني مطلوب لترشيد حالة “التَّدين” لكنه لوحده لا يكفي، فالتطرف له مصادر اخرى تغذيه،ونحن بحاجة الى “تجفيف” هذه المصادر،سواء أكانت في المجال السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي والفكري،وأعتقد أن “اصلاح” هذه المجالات هو الخطوة الواجبة،لا اتحدث –فقط- عن “البيئات” التي تنتج التطرف في سياقها الداخلي،حيث الفقر والاستبداد والظلم “والتوحش” الاجتماعي والفكري وانما ايضا عن السياقات الخارجية سواء تمثلت في علاقة دولنا مع الاجنبي او المحتل او حتى مع الإقليم ، أو في مواقفنا لما يحدث حولنا وينعكس بالضرورة على حياة الناس واحساسهم بكرامتهم في اوطانهم.
الملاحظة الرابعة: استطرداً لما ذكرت، فإن نجاحنا في عزل “بلدنا” عن ظاهرة التطرف المحيطة بنا يحتاج اولا الى الاعتراف بأن لدينا “منابت” داخلية أخرجت مثل هذه الفصائل والفسائل “المتطرفة” ولا بدّ من تحديدها ومعرفة المسؤولين عنها واوجه التقصير التي حصلت،وبالتالي فإن “حصر” الظاهرة في سياقاتها الداخلية وبدمغتها المحلية، سيساعدنا أولا في “عزلها” عن محيطها الخارجي، وثانياً في اختيار الوسائل التي تتناسب مع مجتمعنا،وثالثاً في اصلاح مجالنا العام بحيث يصبح طارداً لفكرة التطرف مهما تنوعت مجالاتها واسبابها.
الملاحظة الخامسة : ان تطويق ظاهرة التطرف بالحلول الأمنية ممكن على المدى المنظور، لكنه غير مضمون على المدى الطويل، وبالتالي لابد عند وضع أية استراتيجية من مراعاة العلاقة بين التطرف السياسي و التطرف الديني، اوبين التكفير السياسي و الآخر الديني،باعتبارهما وجهين لعملة واحدة، فالقرارات و الأحكام المتطرفة مهما كان المجال الذي صدرت منه قد تجد من (يبتلعها) لأسباب مختلفة، لكن هذا ( الابتلاع) يفضي بالضرورة الى ( ولادة) أنواع من التطرف تتراكم زمنيا حتى تنفجر، فيما يفترض أن نعمل لتسهيل ( هضم) هذه المقررات و الأحكام لكيلا تتحول الى ( انسدادات) قابلة للاجترار بعكس الاتجاه في أية لحظة.
الملاحظة السادسة :ان أية استراتيجية لابدّ أن تراعي مسألتين: إحداهما اأ تكون نتيجة لتوافق عام وبمشاركة كافة الجهات الرسمية و الشعبية المعنية بالموضوع، وأن يسهم فيها ( خبراء) يمثلون الحقول المختلفة التي ترتبط بها ظاهرة التطرف ( الحقول السياسية و الإعلامية و الدينية و الاقتصادية ...إلخ) أما المسألة الاخرى فتتعلق بضرورة وجود الارادة السياسية لإعطائها المشروعية اللازمة، و الامكانيات البشرية و المادية لتنفيذها،والمضامين و الوسائل اللازمة لاقناع الجمهور بها ،سواء أكان هذا الجمهور من ( المتورطين) في التطرف أو ممن نعتقد أن لديهم ( القابيلة) لانتقال العدوى اليهم، أو من المعتدلين الذين يجب أن نرسخ فكرة الاعتدال بينهم.
الملاحظة السابعة: ان النظر الى ( المتطرفين) كشياطين وإصدار الاحكام ضدهم استنادا الى هذا التوصيف، سيحرم أية استراتيجية من فرص النجاح في مواجهة ظاهرة ( التطرف)، ولهذا يفترض أن يتم التعامل معهم مبدئيا كضحايا أو مرضى بحاجة الى علاج، أو حتى تصفيتهم بحسب درجة خطورتهم، وبالتالي فإننا بحاجة لى ( مزيج) من الاستراتيجيات المتوازية لتطويق هذه الظاهرة لا مجرد استراتيجية واحدة.
الدستور