محاولات لاسقاط الشعوب أيضا
حسين الرواشدة
جو 24 : انتهى الموسم الاول من “مونديال” الربيع العربي بخسارة الشعوب وفوز الحكومات بالنقاط ، ومن المتوقع ان يكون شعار هذه المرحلة هو ان “الحكومات تريد اسقاط الشعوب “ او اصلاحها –لافرق-،وقد بدأنا فعلاً نلتمس ملامحها، سواء في الاقطار التي تم اجهاض ثوراتها او الاخرى التي عجزت عن انجاز اي تغيير.
لدينا نماذج متعددة لمحاولات “اسقاط” الشعوب، خذ مثلا نموذج “الكراهية” الذي جرى توظيفه لاثارة الاحقاد والضغائن داخل المجتمع، واشغاله في صراعات وهمية لضمان شل حركته والقبض عليه وابقائه يدور في فلك البطل والمنقذ الاوحد، وخذ ايضاً نموذج “الداعشية” الذي تم صناعته وتصديره لمعاقبة المجتمع وتخويفه،وقتله ايضاً،وخذ ثالثاً نموذج “الطائفية” والمذهبية الذي تم استدعاؤه من التاريخ البعيد لاعادة التذكير “بالمظلومية” واذكاء نيران الفتنة على تخوم الهوية،وخذ رابعاً نموذج “الخيانة” الذي يجري تعميمه الان لنزع ثقة الجتمعات بنفسها وضرب ما تبقى من معنوياتها،وافقادها مناعتها وتشويه “انتصاراتها” او الشماتة بانجازاتها.
حين ندقق في كل هذه النماذج نكتشف ان المطلوب هو “معاقبة” الشعوب على “تمردها” في السنوات الثلاث الماضية، و اعطاؤها ما يلزم من دروس في الطاعة والالتزام، واخضاعها من جديد لمنطق القبول بالواقع ودفعها للندم على ما اقترفته من (آثام ) المطالبة بالتغيير وبالحرية والكرامة ايضاً.
من المفارقات ان الشعوب حين خرجت للمطالبة باسقاط انظمتها – او اصلاحها- التزمت السلمية،وافرزت افضل ما لديها من قيم واخلاق،لكن الصورة انقلبت تماماً،فاسقاط الشعوب يتم الآن “بالحديد والنار”،والحكومات تقدم اسوأ مالديها لاخضاع المجتمعات،وظاهرة داعش واخواتها جاءت مع نهاية ربيع الشعوب وانطلاق “مركب” اجهاض الثورات ومعاقبة اصحابها،هل كانت تلك مصادفة؟ كلا،بالطبع .
للأسف،بدل ان تنهض شعوبنا فإنها سقطت،وبدل ان تتعافى فأنها مرضت،وبدل ان تتمرد على جلاديها وتعاقبهم فإنها استسلمت لهم واستعادتهم “بالاحضان”،لماذا حدث ذلك؟ لا يوجد امامنا من سبب نفهمه سوى “القهر” /هذا الذي مسخ الذات العربية وولّد داخلها قابلية غريبة “للاستعباد” واعادها الى عصر “الرق” بعد ان توهمت انها ودعته الى غير رجعة.
لا يمكن تفسير ظواهر مثل “الكراهية” والخيانة والتوحش والذبح الذي نراه اليوم يجري في مجتمعاتنا العربية،سواءً باسم الدين او باسم الوطن او باسم “الكفر”،الا في سياق واحد وهو سياق تاريخي تعرضت فيه “ذاتنا” لاسوأ صور التشويه والتخريب والتشكيك والتخويف،حتى تحولت الى ذات مجروحة و”مريضة” وغير قادرة على الدفاع عن نفسها...والمسؤول عن ذلك كله هو “نحن “ سواء اولئك الذي لعبوا دور الجلاد المستبد والقاهر،او اولئك الذين استكانوا ومارسوا دور الضحية واستمتعوا بالهوان.
مرحلة اسقاط الشعوب او “اصلاحها” سوف تستمر لسنوات طويلة،وسيحدث فيها مالا يمكن ان نتوقعه من احداث وغرائب،سواءً على صعيد “التسفل” في اخلاق المجتمعات،او تشويه صورتها او الاطباق على “رقبتها” او تجزئتها وتخريب عمرانها المادي والبشري،او الاستحواذ تماما على طموحاتها ورغباتها في الحرية والكرامة،لكن هذه لن تكون النهاية،اذ ستنقلب الصورة من جديد لكي تبدأ جولة اخرى تنهض فيها المجتمعات،بعد ان تدفع الثمن،لاستعادة عافيتها ومعاقبة الذين اوصلوها الى هذا الخراب.
يكفي ان نلاحظ بأن المقابلة ما بين نتينياهو في عدوانه على غزة وبين البغدادي في عدوانه على العراق،جاءت في سياق واحد وهو “اسقاط” الشعوب العربية سواء تلك التي تشعر بظلم الاحتلال الاجنبي او الاخرى التي تعاني من ظلم الاحتلال الوطني وهذا وحده يجعلنا نفهم اكثر حركة “التاريخ” الان في دورته الجديدة،التي يتولى انتاجها واخراجها “المتضررون” من قيامة الشعوب العربية والمطالبون برأسها،سواء اكان القائل اسرائيليا او “داعشيا”،وطنيا ام اجنبيا..
الدستور
لدينا نماذج متعددة لمحاولات “اسقاط” الشعوب، خذ مثلا نموذج “الكراهية” الذي جرى توظيفه لاثارة الاحقاد والضغائن داخل المجتمع، واشغاله في صراعات وهمية لضمان شل حركته والقبض عليه وابقائه يدور في فلك البطل والمنقذ الاوحد، وخذ ايضاً نموذج “الداعشية” الذي تم صناعته وتصديره لمعاقبة المجتمع وتخويفه،وقتله ايضاً،وخذ ثالثاً نموذج “الطائفية” والمذهبية الذي تم استدعاؤه من التاريخ البعيد لاعادة التذكير “بالمظلومية” واذكاء نيران الفتنة على تخوم الهوية،وخذ رابعاً نموذج “الخيانة” الذي يجري تعميمه الان لنزع ثقة الجتمعات بنفسها وضرب ما تبقى من معنوياتها،وافقادها مناعتها وتشويه “انتصاراتها” او الشماتة بانجازاتها.
حين ندقق في كل هذه النماذج نكتشف ان المطلوب هو “معاقبة” الشعوب على “تمردها” في السنوات الثلاث الماضية، و اعطاؤها ما يلزم من دروس في الطاعة والالتزام، واخضاعها من جديد لمنطق القبول بالواقع ودفعها للندم على ما اقترفته من (آثام ) المطالبة بالتغيير وبالحرية والكرامة ايضاً.
من المفارقات ان الشعوب حين خرجت للمطالبة باسقاط انظمتها – او اصلاحها- التزمت السلمية،وافرزت افضل ما لديها من قيم واخلاق،لكن الصورة انقلبت تماماً،فاسقاط الشعوب يتم الآن “بالحديد والنار”،والحكومات تقدم اسوأ مالديها لاخضاع المجتمعات،وظاهرة داعش واخواتها جاءت مع نهاية ربيع الشعوب وانطلاق “مركب” اجهاض الثورات ومعاقبة اصحابها،هل كانت تلك مصادفة؟ كلا،بالطبع .
للأسف،بدل ان تنهض شعوبنا فإنها سقطت،وبدل ان تتعافى فأنها مرضت،وبدل ان تتمرد على جلاديها وتعاقبهم فإنها استسلمت لهم واستعادتهم “بالاحضان”،لماذا حدث ذلك؟ لا يوجد امامنا من سبب نفهمه سوى “القهر” /هذا الذي مسخ الذات العربية وولّد داخلها قابلية غريبة “للاستعباد” واعادها الى عصر “الرق” بعد ان توهمت انها ودعته الى غير رجعة.
لا يمكن تفسير ظواهر مثل “الكراهية” والخيانة والتوحش والذبح الذي نراه اليوم يجري في مجتمعاتنا العربية،سواءً باسم الدين او باسم الوطن او باسم “الكفر”،الا في سياق واحد وهو سياق تاريخي تعرضت فيه “ذاتنا” لاسوأ صور التشويه والتخريب والتشكيك والتخويف،حتى تحولت الى ذات مجروحة و”مريضة” وغير قادرة على الدفاع عن نفسها...والمسؤول عن ذلك كله هو “نحن “ سواء اولئك الذي لعبوا دور الجلاد المستبد والقاهر،او اولئك الذين استكانوا ومارسوا دور الضحية واستمتعوا بالهوان.
مرحلة اسقاط الشعوب او “اصلاحها” سوف تستمر لسنوات طويلة،وسيحدث فيها مالا يمكن ان نتوقعه من احداث وغرائب،سواءً على صعيد “التسفل” في اخلاق المجتمعات،او تشويه صورتها او الاطباق على “رقبتها” او تجزئتها وتخريب عمرانها المادي والبشري،او الاستحواذ تماما على طموحاتها ورغباتها في الحرية والكرامة،لكن هذه لن تكون النهاية،اذ ستنقلب الصورة من جديد لكي تبدأ جولة اخرى تنهض فيها المجتمعات،بعد ان تدفع الثمن،لاستعادة عافيتها ومعاقبة الذين اوصلوها الى هذا الخراب.
يكفي ان نلاحظ بأن المقابلة ما بين نتينياهو في عدوانه على غزة وبين البغدادي في عدوانه على العراق،جاءت في سياق واحد وهو “اسقاط” الشعوب العربية سواء تلك التي تشعر بظلم الاحتلال الاجنبي او الاخرى التي تعاني من ظلم الاحتلال الوطني وهذا وحده يجعلنا نفهم اكثر حركة “التاريخ” الان في دورته الجديدة،التي يتولى انتاجها واخراجها “المتضررون” من قيامة الشعوب العربية والمطالبون برأسها،سواء اكان القائل اسرائيليا او “داعشيا”،وطنيا ام اجنبيا..
الدستور