رجاء..«بصيص أمل»!
حسين الرواشدة
جو 24 : اسوأ ما يمكن أن يصل اليه الناس هو أن يفقدوا بصيص الأمل، او أن يعتقدوا - بشكل مفاجئ ربما- وبلا أية حسابات منطقية أنهم لن يخسروا شيئا، وعندها يقع المحظور و لا يستطيع أحد أن يلوم أحدا...ويدفع الجميع ضريبة ( الخطأ) حتى وإن لم يتورطوا فيه.
هذه هي خلاصة ما يحدث الآن في عالمنا العربي، ومن واجبنا ان ننتبه اليه ونتعلم منه، لكي لا تنتقل عدواه الينا، ولكي لا نشعر في أي لحظة بأننا فوتنا ( الفرصة) وأقمنا رهاناتنا على أوهام ورغبات لا على وقائع وملسمات.
لاحظ - مثلا- ما يحدث في العراق، فقد سبق واستطاع أهل السنة أن ينتصروا على ( ارهاب القاعدة)، لكن هذا الانتصار لم يشفع لهم بالحصول على أي ( نصيب) أو حق مشروع لهم في بلدهم، اذ استحوذت حكومة المالكي آنذاك على كل مفاصل الدولة، وتعاملت مع مكونات العراق الاخرى بمنطق ( الطائفية) وحذفتهم تماما من المشهد، وفجأة خرجت (داعش) من تحت انقضاض ( المظلومية) فوجد أهل السنة أنها تخوض الحرب التي كان يتمنون أن يخوضوها، ولأنهم وصلوا الى قناعة تامة بأنهم خسروا كل شيء ولم يبق لديهم ما يخسروه، تركوا ( لداعش) حريتها في الحركة و القتل و التدمير، وهكذا وصل العراق الى حالة ( الكارثة) بعد أن أدرك الجميع بأنهم عاجزون عن مواجهة ( الفوضى) التي اضرمت نيرانها الاحقاد المتبادلة، و الاحباطات المتراكمة، وفقدان أي بصيص من الأمل في الاستقرار أو العدالة أو الامان.
يتكرر المشهد الآن في ليبيا التي تحولت الى ( ساحة حرب) بين تيار ( الكرامة) و التنظيمات الاسلامية ( الاخوان و النصرة للأسف)،ولأن الاطراف كلها اقتنعت تماما بأنه لايوجد اي شيء تخسره فإنها دخلت في معركة (كسر) عظم يدفع الشعب الليبي الذي انتعشت احلامه بالثورة ثمنها باهضا، وفي سوريا ايضا، ماتزال الحرب قائمة رغم سقوط أكثر من (200) ألف قتيل، وتشريد الملايين وتدمير البلد بالكامل، والسبب أن الجميع استسلم لمنطق ( الخسارة) ولم يعد يخشى على شيء، بعد أن تورط في مستنقع ( الدماء)، وانعدمت أمامه الخيارات.
منطق ( انعدام) حسابات الخسارة يفسره لنا ايضا صمود أهل ( غزة)، والتحامهم مع المقاومة، اذ أدرك الناس هناك انهم ومنذ (8) سنوات يتعرضون للموت ( البطيء) في السجن الذي فرضه عليهم الحصار، وبالتالي فإن ( الموت العاجل) الذي جاءهم على يد العدوان الاسرائيلي، وراح ضحيته أكثر من (2000) شهيد وأكثر من (10000) جريح لن يضيف الى خسارتهم الكثير وهكذا لم يعد أمامهم سوى خيار ( المقاومة) و الصمود للخروج من السجن الصغير بعد أن رجحت لديهم موازين دفع الثمن مهما كانت التكاليف من أجل الخروج من ( الخسارات) التي لم يعودوا قادرين على تحملها.
حركة الشعوب نحو ( التغيير) ومواجهة الظلم و الاستبداد غالبا ما تسير في خطوط ( متوازية) و بسرعات متقاربة، ولكن ما يضبطها أمر واحد وهو : ( بصيص) الأمل، فالذين يدركهم الاحباط وتغلق أمامهم الابواب، سرعان ما يجدون أنفسهم أمام خيار ( الصفر)، أما الذين يجدون ( أحلامهم) معلقة بنزول (( قطرات) الاصلاح أو بركات ( التغيير) أو ( أمل) الانفراج فتأخذهم حساباتهم الى الاحتمال و الانتظار و الرهان على أي جديد...حتى وإن كان مجرد وهم.
من تحت انقاض مرارة الاحساس بأنه (لايوجد مانخسره) تدفع الشعوب العربية اثمانا باهضة ( لمغامرات) وحروب سقط فيها مئات الالوف من الابرياء، وتجد نفسها أمام ( طوفان) من الكراهية و الضغائن و الصراعات العبثية، وكان يمكن ان تتجنب هذه ( الكارثة) لو امتلكت بصيص أمل ( بالحرية و العدالة و الكرامة) أو لو ان لديها ما تخسره فعلا، لأنها ستتردد ألف مرة عند المساس به أو تدميره، وستكون الاحرص في الدفاع عنه و التمسك به.
رجاء، اتركوا لدى الناس ولو بصيص ( أمل) بالاصلاح و الانفراج، ولا تدفعوهم الى ( الاحباط)، ولاتراهنوا على ( مخاوفهم) من النيران التي تشتعل حولهم، فهذا ابسط ما يستحقونه ... وأقل الواجب الذي يمكن ان نقدمه لهم... وفهمكم كفاية .
الدستور
هذه هي خلاصة ما يحدث الآن في عالمنا العربي، ومن واجبنا ان ننتبه اليه ونتعلم منه، لكي لا تنتقل عدواه الينا، ولكي لا نشعر في أي لحظة بأننا فوتنا ( الفرصة) وأقمنا رهاناتنا على أوهام ورغبات لا على وقائع وملسمات.
لاحظ - مثلا- ما يحدث في العراق، فقد سبق واستطاع أهل السنة أن ينتصروا على ( ارهاب القاعدة)، لكن هذا الانتصار لم يشفع لهم بالحصول على أي ( نصيب) أو حق مشروع لهم في بلدهم، اذ استحوذت حكومة المالكي آنذاك على كل مفاصل الدولة، وتعاملت مع مكونات العراق الاخرى بمنطق ( الطائفية) وحذفتهم تماما من المشهد، وفجأة خرجت (داعش) من تحت انقضاض ( المظلومية) فوجد أهل السنة أنها تخوض الحرب التي كان يتمنون أن يخوضوها، ولأنهم وصلوا الى قناعة تامة بأنهم خسروا كل شيء ولم يبق لديهم ما يخسروه، تركوا ( لداعش) حريتها في الحركة و القتل و التدمير، وهكذا وصل العراق الى حالة ( الكارثة) بعد أن أدرك الجميع بأنهم عاجزون عن مواجهة ( الفوضى) التي اضرمت نيرانها الاحقاد المتبادلة، و الاحباطات المتراكمة، وفقدان أي بصيص من الأمل في الاستقرار أو العدالة أو الامان.
يتكرر المشهد الآن في ليبيا التي تحولت الى ( ساحة حرب) بين تيار ( الكرامة) و التنظيمات الاسلامية ( الاخوان و النصرة للأسف)،ولأن الاطراف كلها اقتنعت تماما بأنه لايوجد اي شيء تخسره فإنها دخلت في معركة (كسر) عظم يدفع الشعب الليبي الذي انتعشت احلامه بالثورة ثمنها باهضا، وفي سوريا ايضا، ماتزال الحرب قائمة رغم سقوط أكثر من (200) ألف قتيل، وتشريد الملايين وتدمير البلد بالكامل، والسبب أن الجميع استسلم لمنطق ( الخسارة) ولم يعد يخشى على شيء، بعد أن تورط في مستنقع ( الدماء)، وانعدمت أمامه الخيارات.
منطق ( انعدام) حسابات الخسارة يفسره لنا ايضا صمود أهل ( غزة)، والتحامهم مع المقاومة، اذ أدرك الناس هناك انهم ومنذ (8) سنوات يتعرضون للموت ( البطيء) في السجن الذي فرضه عليهم الحصار، وبالتالي فإن ( الموت العاجل) الذي جاءهم على يد العدوان الاسرائيلي، وراح ضحيته أكثر من (2000) شهيد وأكثر من (10000) جريح لن يضيف الى خسارتهم الكثير وهكذا لم يعد أمامهم سوى خيار ( المقاومة) و الصمود للخروج من السجن الصغير بعد أن رجحت لديهم موازين دفع الثمن مهما كانت التكاليف من أجل الخروج من ( الخسارات) التي لم يعودوا قادرين على تحملها.
حركة الشعوب نحو ( التغيير) ومواجهة الظلم و الاستبداد غالبا ما تسير في خطوط ( متوازية) و بسرعات متقاربة، ولكن ما يضبطها أمر واحد وهو : ( بصيص) الأمل، فالذين يدركهم الاحباط وتغلق أمامهم الابواب، سرعان ما يجدون أنفسهم أمام خيار ( الصفر)، أما الذين يجدون ( أحلامهم) معلقة بنزول (( قطرات) الاصلاح أو بركات ( التغيير) أو ( أمل) الانفراج فتأخذهم حساباتهم الى الاحتمال و الانتظار و الرهان على أي جديد...حتى وإن كان مجرد وهم.
من تحت انقاض مرارة الاحساس بأنه (لايوجد مانخسره) تدفع الشعوب العربية اثمانا باهضة ( لمغامرات) وحروب سقط فيها مئات الالوف من الابرياء، وتجد نفسها أمام ( طوفان) من الكراهية و الضغائن و الصراعات العبثية، وكان يمكن ان تتجنب هذه ( الكارثة) لو امتلكت بصيص أمل ( بالحرية و العدالة و الكرامة) أو لو ان لديها ما تخسره فعلا، لأنها ستتردد ألف مرة عند المساس به أو تدميره، وستكون الاحرص في الدفاع عنه و التمسك به.
رجاء، اتركوا لدى الناس ولو بصيص ( أمل) بالاصلاح و الانفراج، ولا تدفعوهم الى ( الاحباط)، ولاتراهنوا على ( مخاوفهم) من النيران التي تشتعل حولهم، فهذا ابسط ما يستحقونه ... وأقل الواجب الذي يمكن ان نقدمه لهم... وفهمكم كفاية .
الدستور