فك الإضـراب انتصار لرسالة المعلم.. !
حسين الرواشدة
جو 24 : نخطئ جميعا حين نفتقد ( الحكمة) عند ادارة خلافاتنا وأزماتنا، ونخطئ أكثر حين نتعمد الاستقواء على بعضنا، وتجريح ذاتنا والاجهاز على ما تبقى بيننا من أواصر اللقاء أو التفاهم أو الحوار.
للأسف، هذا ما فعلناه في ( أزمة) اضراب المعلمين، مع أنه كان من الممكن أن نتصرف بعكس ذلك تماما، خذ مثلا ما أدلى به وزير التربية و التعليم من تصريحات في لقائه مع التلفزيون، وخذ ثانيا ما انتهى اليه ( الوسيط) النيابي من محاولات لتخويف المعلمين، وخذ ثالثا ردود الافعال التي جاءتنا من نقابة المعلمين للاصرار على الاضراب ...ستكتشف أن ( خطاب) التحدي هو الذي حكم واستحكم، وأن لغة ( التهديد) هي التي سادت وأن ( الحوارات) التي جرت كانت مجرد ( بروفات) لافحام الآخر و شيطنته وتحريض المحتمع ضده.
لا أخفي انحيازي ( للمعلم) دائما، حتى وإن اجتهد واخطأ، فهو الحلقة الضعيفة في هذه ( الأزمة) وهو الطرف المهمش الذي تعرض على مدى عقود طويلة لاصابات لم يتعرض لها أي موظف في الدولة، وحين استرد ( وعيه) ونجح في انشاء نقابته وحاول أن ينهض بواجبه، يتفاجأ اليوم - حتى من الذين تعاطفوا معه و صرخوا على الملأ بضرورة اعادة ( الهيبة) اليه - بأنهم يحرضون ضده، ويحاولون ان يشككوا في مواقفه وانتماءاته...مع أن ما يطالب به لا يتجاوز أقل ما يمكن أن يفعله موظف أفنى عمره في خدمة مهنته واستشعر بالظلم الذي وقع عليه.
حتى لو افترضنا بأن المعلم اخطأ، فإن من واجبنا اذا كنا حقا حريصين على ابنائنا وتعليمهم، وعلى صورة المعلم أمامه أن نتعامل مع هذا ( الخطأ) بمنطق الحكمة، فأي ( انتصار) يمكن ان نتصوره ضد ( المعلم) هو في الحقيقة هزيمة لكل واحد منا، لأنه سينتج معلما محبطا لا يتعلم منه أبناؤنا سوى الفشل و الاحباط.
المسألة هنا لا تتعلق - فقط- بما يقال على هامش ( المطالب) وتحديدا المالية، وهي مشروعة ومحقة، وانما تتعلق ( بإعادة) الاعتبار لقيمة المعلم وقيمة التعليم في بلادنا، هذه التي يجب أن تكون حاضرة دائما في تعاملنا مع
( النقابة) و الجسم التعليمي، لأن أي تجريح لهذه القيمة سيعيدنا الى الوراء، وعندها لا يجوز أن نحمل ( المعلم) كما نفعل اليوم مسؤولية تراجع المستوى التعليمي لطلبتنا، ولا أن نطالبه بالقيام بدوره في هذا المجال، لأننا تعمدنا - مع الأسف- تشوبه صورته امام تلاميذه وافقدناهم ثقتهم به.
إذا كان المعلم يتحمل قسطا من هذه المسؤولية : مسؤولية العناد و مسؤولية التقصير في اداء رسالته، ومسؤولية الاضرار بابنائنا بسبب ( الاضراب) فإننا ايضا نتحمل مسؤولية اهمالنا المتراكم لمنظومة التعليم بكل أطرافها، ونتحمل مسؤولية دفع المعلم الى الاضراب، ومسؤولية القرارات التي حولت المعلم الى(ملطشة) وفي هذه الحالة فإن الحل هو الاعتراف بما حصل من اخطاء والتصميم على مواجهتها بشجاعة من خلال ( تقاسم) هذه المسؤوليات والجلوس إلى طاولة حوار جدي، لا يخضع أي طرف فيه للمزايدة أو الابتزاز، ولا ينخرط أي منهما في محاولات شيطنة الآخر واقصائه...هذا اذا كان هدف الجميع هو الخروج من الازمة بأقل ما يمكن من خسائر لا
(المكاسرة) وتسجيل انتصارات زائقة.
ومع ذلك، أرجو من إخواننا المعلمين أن يتعاملوا مع الازمة بأخلاق رسالتهم الشريفة، وأن يقدموا لنا نموذجا في ( التنازل) الذي لا ينقص من قيمتهم، وذلك انحيازا لمصلحة طلبتهم، فنحن جميعا - وخاصة ابناؤنا الطلبة- بحاجة الى هذا الدرس... درس الاعلان عن انهاء الاضراب من طرف النقابة لا استجابة للضغوطات والاستقواءات ...ولا لان هكذا قرار يعبر عن موقف ضعيف، وانما لانه يفرز من المعلمين افضل ما لديهم ويعبر عن موقف
(قوة) اخلاقية وانحياز للمهنة والرسالة وهو ايضا ردّ بالتي هي أحسن على
(انفعالات) اخرى تقصدت جر ( المعلمين) الى الفخ.
قرار فك الاضراب الآن هو افضل رسالة يمكن ان تصلنا بعد اربعة ايام من الاضراب اثبت فيها المعلم ونقابته قدرتهما على الفعل للدفاع عن حقوقهم، وهي رسالة تمثل الضمير المهني الذي يتجاوز حسابات الربح والخسارة والانتصار والهزيمة، فالمهم ان ما حصل اعاد التذكير بالمعلم، ودق الجرس امام الجميع وفتح الابواب امامهم ليتذكروا دائما ان المعلم اصبح حاضرا وموجودا وقادرا على انتزاع حقوقه أيضا.
الدستور
للأسف، هذا ما فعلناه في ( أزمة) اضراب المعلمين، مع أنه كان من الممكن أن نتصرف بعكس ذلك تماما، خذ مثلا ما أدلى به وزير التربية و التعليم من تصريحات في لقائه مع التلفزيون، وخذ ثانيا ما انتهى اليه ( الوسيط) النيابي من محاولات لتخويف المعلمين، وخذ ثالثا ردود الافعال التي جاءتنا من نقابة المعلمين للاصرار على الاضراب ...ستكتشف أن ( خطاب) التحدي هو الذي حكم واستحكم، وأن لغة ( التهديد) هي التي سادت وأن ( الحوارات) التي جرت كانت مجرد ( بروفات) لافحام الآخر و شيطنته وتحريض المحتمع ضده.
لا أخفي انحيازي ( للمعلم) دائما، حتى وإن اجتهد واخطأ، فهو الحلقة الضعيفة في هذه ( الأزمة) وهو الطرف المهمش الذي تعرض على مدى عقود طويلة لاصابات لم يتعرض لها أي موظف في الدولة، وحين استرد ( وعيه) ونجح في انشاء نقابته وحاول أن ينهض بواجبه، يتفاجأ اليوم - حتى من الذين تعاطفوا معه و صرخوا على الملأ بضرورة اعادة ( الهيبة) اليه - بأنهم يحرضون ضده، ويحاولون ان يشككوا في مواقفه وانتماءاته...مع أن ما يطالب به لا يتجاوز أقل ما يمكن أن يفعله موظف أفنى عمره في خدمة مهنته واستشعر بالظلم الذي وقع عليه.
حتى لو افترضنا بأن المعلم اخطأ، فإن من واجبنا اذا كنا حقا حريصين على ابنائنا وتعليمهم، وعلى صورة المعلم أمامه أن نتعامل مع هذا ( الخطأ) بمنطق الحكمة، فأي ( انتصار) يمكن ان نتصوره ضد ( المعلم) هو في الحقيقة هزيمة لكل واحد منا، لأنه سينتج معلما محبطا لا يتعلم منه أبناؤنا سوى الفشل و الاحباط.
المسألة هنا لا تتعلق - فقط- بما يقال على هامش ( المطالب) وتحديدا المالية، وهي مشروعة ومحقة، وانما تتعلق ( بإعادة) الاعتبار لقيمة المعلم وقيمة التعليم في بلادنا، هذه التي يجب أن تكون حاضرة دائما في تعاملنا مع
( النقابة) و الجسم التعليمي، لأن أي تجريح لهذه القيمة سيعيدنا الى الوراء، وعندها لا يجوز أن نحمل ( المعلم) كما نفعل اليوم مسؤولية تراجع المستوى التعليمي لطلبتنا، ولا أن نطالبه بالقيام بدوره في هذا المجال، لأننا تعمدنا - مع الأسف- تشوبه صورته امام تلاميذه وافقدناهم ثقتهم به.
إذا كان المعلم يتحمل قسطا من هذه المسؤولية : مسؤولية العناد و مسؤولية التقصير في اداء رسالته، ومسؤولية الاضرار بابنائنا بسبب ( الاضراب) فإننا ايضا نتحمل مسؤولية اهمالنا المتراكم لمنظومة التعليم بكل أطرافها، ونتحمل مسؤولية دفع المعلم الى الاضراب، ومسؤولية القرارات التي حولت المعلم الى(ملطشة) وفي هذه الحالة فإن الحل هو الاعتراف بما حصل من اخطاء والتصميم على مواجهتها بشجاعة من خلال ( تقاسم) هذه المسؤوليات والجلوس إلى طاولة حوار جدي، لا يخضع أي طرف فيه للمزايدة أو الابتزاز، ولا ينخرط أي منهما في محاولات شيطنة الآخر واقصائه...هذا اذا كان هدف الجميع هو الخروج من الازمة بأقل ما يمكن من خسائر لا
(المكاسرة) وتسجيل انتصارات زائقة.
ومع ذلك، أرجو من إخواننا المعلمين أن يتعاملوا مع الازمة بأخلاق رسالتهم الشريفة، وأن يقدموا لنا نموذجا في ( التنازل) الذي لا ينقص من قيمتهم، وذلك انحيازا لمصلحة طلبتهم، فنحن جميعا - وخاصة ابناؤنا الطلبة- بحاجة الى هذا الدرس... درس الاعلان عن انهاء الاضراب من طرف النقابة لا استجابة للضغوطات والاستقواءات ...ولا لان هكذا قرار يعبر عن موقف ضعيف، وانما لانه يفرز من المعلمين افضل ما لديهم ويعبر عن موقف
(قوة) اخلاقية وانحياز للمهنة والرسالة وهو ايضا ردّ بالتي هي أحسن على
(انفعالات) اخرى تقصدت جر ( المعلمين) الى الفخ.
قرار فك الاضراب الآن هو افضل رسالة يمكن ان تصلنا بعد اربعة ايام من الاضراب اثبت فيها المعلم ونقابته قدرتهما على الفعل للدفاع عن حقوقهم، وهي رسالة تمثل الضمير المهني الذي يتجاوز حسابات الربح والخسارة والانتصار والهزيمة، فالمهم ان ما حصل اعاد التذكير بالمعلم، ودق الجرس امام الجميع وفتح الابواب امامهم ليتذكروا دائما ان المعلم اصبح حاضرا وموجودا وقادرا على انتزاع حقوقه أيضا.
الدستور