تحالف وطني لمواجهة (ملفات) التطرف!
حسين الرواشدة
جو 24 : نخطئ حين نتصور بأن ( التطرف) الذي يطرق أبوابنا ويهدد أمننا واستقرارنا يمكن اختزاله في (داعش) واخواتها، صحيح أن من واجبنا أن نتحوط لكل ما يهدد حصوننا من الخارج، لكن الصحيح ايضا أن لدينا (ملفات) ما تزال مغلقة وفي داخل (قمقمها) تقبع (عفاريت) التطرف، وهي تهدد حصوننا من الداخل، وبالتالي فإن من واجبنا ايضا ان نتحوط منها، وإذا كان لابد من الدخول في تحالف دولي لمواجهة ( التطرف) الذي تمثله داعش، فمن الاولى أن نفكر جديا في اقامة تحالف وطني للتعامل مع (دواعش) الداخل وملفاته التي ماتزال معلقة.
لدينا (ملفات) عديدة، اعتقد أنها تحمل بشكل أو بآخر ( فيروسات) التطرف، وهي بالتالي تشكل خطرا على سلامة مجتمعنا وتهدد صحته السياسية و الاجتماعية، ومع أننا لا نختلف عليها ( كعناوين) وربما (كاولويات) لكننا للأسف مانزال نتعامل معها بمنطق ( الاهمال) و التهوين، نتحدث عنها كثيرا ونصارعها في ( الهواء) وفي الفضاءات الافتراضية ،لكن حين تدق ساعة المقررات و الاجراءات نتراجع الى الخلف، ونتعمد اغلاق ملفاتها أو تسجيل (اخطائها) ضد مجهول.
قبل ان استأذن القارئ الكريم باثبات بعض ( الملفات) لدي ملاحظة بحاجة الى تحرير، وهي ان ( التطرف) الذي أطل علينا رأسه من (داعش) وسبق ان عرفناه على أشكال متعددة حصرت في ( المجال الديني) وتسمت باسمه، هذا التطرف مجرد (اعراض) لأمراض مزمنة قصرنا في معالجتها، واذا كان من الخطأ تحميل (التدين) الخطأ وحده مسؤولية ذلك، أو الاعتماد فقط على وصفات (دينية) أو أمنية لمعالجته، فإن من واجبنا أن نوسع فتحة ( الفرجار) السياسي لكي نرى الصورة من زواياها المختلفة، فالتطرف الأخطر ليس نتاجا لحالة (صناعية) طارئة قد توظف ثم تنتهي صلاحيتها، وانما نتاج (لولادة) طبيعية تخرج من رحم ( المجتمع) وتجد فيه ملاذا آمنا لها، واعتقد ان مهمتنا لا تقتصر على ( اجهاض) هذه الولادات فقط وانما لابد من اجراء عمليات لتحصين المجتمع واقناعه بخطورتها وحقنه بما يلزم من ( أمصال) للوقاية منها قبل أن تتشكل ( نطفها) في الارحام.
من أبرز هذه الملفات التي تغذي التطرف في مجتمعنا ملف ( الفساد)، خاصة حين يترافق مع تراجع العدالة ومع الاحساس بالتهميش ومع عودة (نبرة) بعض المتهمين به، صحيح أننا بدأنا قبل نحو ثلاث سنوات بفتح ( الملف) وبتوجيه النقاش العام حوله، واعتقدنا آنذاك بأن نهاية الربيع العربي أتاحت لنا فرصة التخلص من الدخول في (عش الدبابير) وبأن صمت الناس دليل على قبولهم بالامر الواقع، لكن الصحيح هو أن هذا الملف مازال يشكل (باعثا) مكبوتا لتصاعد حدة التطرف ومصدرا لتلويث المزاج العام في المجتمع.
من الملفات ايضا ملف الفقر و البطالة، وهذا ايضا يشكل ارضا خصبة للجنوح نحو التطرف خاصة من قبل ( الشباب) الذي يقتلهم ( الفراغ) و الاحباط و تدفعهم العطالة والاحساس ( بالظلم) الاجتماعي الى الانتقام من أنفسهم ومن المجتمع بأية وسيلة ، وعندها يصبحون ( فريسة) سهلة لتجار التطرف.
ثالث الملفات هو اللجوء وتداعياته الخطيرة على مجتمعنا، لا اتحدث - فقط- عن ( الخلايا) النائمة التي ( توطنت) في مخيمات اللاجئين وخارجها ، وانما ايضا عن الآثار الاقتصادية و الاجتماعية التي اضرت ببلدنا وادخلت اليه امراضا جديدة لم يألفها، وتسببت في زيادة الضغوطات الاقتصادية وافرزت حالة من ( الرفض) و الخوف و التطرف ايضا.
أما رابع هذه الملفات فهو الانسداد السياسي الذي نتج عن ( تباطؤ) الاصلاح وغياب المشروع الوطني الجامع، وتراجع الثقة بين المواطن و المسؤول، والشعور بالخيبة من التحول نحو الديموقراطية، مما ولد لدى بعض ( الناس) ميولات غريبة لتحدي القانون ، وممارسة العنف وعدم اليقين بالمستقبل، و هي ( وصفات) مناسبة لتمدد التطرف وربما استنباته ايضا.
الملف الخامس يتعلق بتراجع منظومة القيم والاخلاق العامة، وما نتج عنه من (حالات) تطرف سواء على مستوى ( الفجور) أو على مستوى ( التعصب) الثقافي و الديني الذي جاء كردود انفعالية عليه، واعتقد - هنا- أن ما تعرض له مجالنا الاجتماعي من اصابات بليغة في العمق ساهم في استدعاء التطرف على مسارين متناقضين هما داعش وفاحش على حد سواء.
بقي ملفان مهمان احدهما يتعلق ( بالتدين) و اصلاح المجال الديني، خاصة فيما يتعلق بالخطاب و المؤسسات التي تنتجه وتحمله، وهذا الملف يحتاج الى نقاش واسع اعتقد انه جاء وقته وحضر اصحابه، لكننا - للأسف- لم نتعامل معه حتى الآن كما يجب، أما الملف الآخر فيتعلق بالتعليم في حقوله المختلفة من المدرسة الى الجامعة ، ومن المناهج الى الوسائل وهو ايضا ملف خطير له علاقة مباشرة بالتطرف، ولابد من وضعه على الطاولة اذا كنا نريد حقا مواجهة ( دواعشنا) الداخلية .
باختصار، هذه الملفات السبعة - وربما غيرها- تحتاج الى تحالف وطني حقيقي يتبنى فتحها ونقاشها واتخاذ ما يلزم من مقررات حولها، والا فإن مجتمعنا سيظل معرضا لآفات التطرف و العنف و سيبقى مفتوحا أمام ( عواصف) مفاجئة لا ندري من أين تأتي ولا ماذا ستفعل و لا كيف سنتعامل مع اصدائها الخطرة.
الدستور
لدينا (ملفات) عديدة، اعتقد أنها تحمل بشكل أو بآخر ( فيروسات) التطرف، وهي بالتالي تشكل خطرا على سلامة مجتمعنا وتهدد صحته السياسية و الاجتماعية، ومع أننا لا نختلف عليها ( كعناوين) وربما (كاولويات) لكننا للأسف مانزال نتعامل معها بمنطق ( الاهمال) و التهوين، نتحدث عنها كثيرا ونصارعها في ( الهواء) وفي الفضاءات الافتراضية ،لكن حين تدق ساعة المقررات و الاجراءات نتراجع الى الخلف، ونتعمد اغلاق ملفاتها أو تسجيل (اخطائها) ضد مجهول.
قبل ان استأذن القارئ الكريم باثبات بعض ( الملفات) لدي ملاحظة بحاجة الى تحرير، وهي ان ( التطرف) الذي أطل علينا رأسه من (داعش) وسبق ان عرفناه على أشكال متعددة حصرت في ( المجال الديني) وتسمت باسمه، هذا التطرف مجرد (اعراض) لأمراض مزمنة قصرنا في معالجتها، واذا كان من الخطأ تحميل (التدين) الخطأ وحده مسؤولية ذلك، أو الاعتماد فقط على وصفات (دينية) أو أمنية لمعالجته، فإن من واجبنا أن نوسع فتحة ( الفرجار) السياسي لكي نرى الصورة من زواياها المختلفة، فالتطرف الأخطر ليس نتاجا لحالة (صناعية) طارئة قد توظف ثم تنتهي صلاحيتها، وانما نتاج (لولادة) طبيعية تخرج من رحم ( المجتمع) وتجد فيه ملاذا آمنا لها، واعتقد ان مهمتنا لا تقتصر على ( اجهاض) هذه الولادات فقط وانما لابد من اجراء عمليات لتحصين المجتمع واقناعه بخطورتها وحقنه بما يلزم من ( أمصال) للوقاية منها قبل أن تتشكل ( نطفها) في الارحام.
من أبرز هذه الملفات التي تغذي التطرف في مجتمعنا ملف ( الفساد)، خاصة حين يترافق مع تراجع العدالة ومع الاحساس بالتهميش ومع عودة (نبرة) بعض المتهمين به، صحيح أننا بدأنا قبل نحو ثلاث سنوات بفتح ( الملف) وبتوجيه النقاش العام حوله، واعتقدنا آنذاك بأن نهاية الربيع العربي أتاحت لنا فرصة التخلص من الدخول في (عش الدبابير) وبأن صمت الناس دليل على قبولهم بالامر الواقع، لكن الصحيح هو أن هذا الملف مازال يشكل (باعثا) مكبوتا لتصاعد حدة التطرف ومصدرا لتلويث المزاج العام في المجتمع.
من الملفات ايضا ملف الفقر و البطالة، وهذا ايضا يشكل ارضا خصبة للجنوح نحو التطرف خاصة من قبل ( الشباب) الذي يقتلهم ( الفراغ) و الاحباط و تدفعهم العطالة والاحساس ( بالظلم) الاجتماعي الى الانتقام من أنفسهم ومن المجتمع بأية وسيلة ، وعندها يصبحون ( فريسة) سهلة لتجار التطرف.
ثالث الملفات هو اللجوء وتداعياته الخطيرة على مجتمعنا، لا اتحدث - فقط- عن ( الخلايا) النائمة التي ( توطنت) في مخيمات اللاجئين وخارجها ، وانما ايضا عن الآثار الاقتصادية و الاجتماعية التي اضرت ببلدنا وادخلت اليه امراضا جديدة لم يألفها، وتسببت في زيادة الضغوطات الاقتصادية وافرزت حالة من ( الرفض) و الخوف و التطرف ايضا.
أما رابع هذه الملفات فهو الانسداد السياسي الذي نتج عن ( تباطؤ) الاصلاح وغياب المشروع الوطني الجامع، وتراجع الثقة بين المواطن و المسؤول، والشعور بالخيبة من التحول نحو الديموقراطية، مما ولد لدى بعض ( الناس) ميولات غريبة لتحدي القانون ، وممارسة العنف وعدم اليقين بالمستقبل، و هي ( وصفات) مناسبة لتمدد التطرف وربما استنباته ايضا.
الملف الخامس يتعلق بتراجع منظومة القيم والاخلاق العامة، وما نتج عنه من (حالات) تطرف سواء على مستوى ( الفجور) أو على مستوى ( التعصب) الثقافي و الديني الذي جاء كردود انفعالية عليه، واعتقد - هنا- أن ما تعرض له مجالنا الاجتماعي من اصابات بليغة في العمق ساهم في استدعاء التطرف على مسارين متناقضين هما داعش وفاحش على حد سواء.
بقي ملفان مهمان احدهما يتعلق ( بالتدين) و اصلاح المجال الديني، خاصة فيما يتعلق بالخطاب و المؤسسات التي تنتجه وتحمله، وهذا الملف يحتاج الى نقاش واسع اعتقد انه جاء وقته وحضر اصحابه، لكننا - للأسف- لم نتعامل معه حتى الآن كما يجب، أما الملف الآخر فيتعلق بالتعليم في حقوله المختلفة من المدرسة الى الجامعة ، ومن المناهج الى الوسائل وهو ايضا ملف خطير له علاقة مباشرة بالتطرف، ولابد من وضعه على الطاولة اذا كنا نريد حقا مواجهة ( دواعشنا) الداخلية .
باختصار، هذه الملفات السبعة - وربما غيرها- تحتاج الى تحالف وطني حقيقي يتبنى فتحها ونقاشها واتخاذ ما يلزم من مقررات حولها، والا فإن مجتمعنا سيظل معرضا لآفات التطرف و العنف و سيبقى مفتوحا أمام ( عواصف) مفاجئة لا ندري من أين تأتي ولا ماذا ستفعل و لا كيف سنتعامل مع اصدائها الخطرة.
الدستور