منع من النشر في الدستور: النواب و"عفريت" التقاعد...!!
حسين الرواشدة
جو 24 : لا ادري كيف غابت "الحكمة" عن اخواننا النواب حين ميزوا انفسهم بتعديل قانوني يمنحهم رواتب تقاعدية مدى العمر، لقد اخطأوا مرتين: مرّة حين اعتبروا انفسهم "موظفين" يستحقون أعلى راتب تقاعدي يحصل عليه الموظف العام اسوة بالوزراء، مع أنهم ليسوا كذلك، وعلى خدمة اقصاها سبع سنوات، وبأثر رجعي، وهذه الاخيرة سابقة قانونية ستفتح المجال أمام زملائهم في المجالس السابقة للمطالبة بتعديل رواتبهم، واخطأوا مرّة اخرى حين اختاروا هذا "التوقيت" لتمرير القانون، مما سيدفع غيرهم من الموظفين للمطالبة بمزيد من العلاوات، الامر الذي سينعكس على موارد الخزينة التي تعاني من "ازمة" خانقة، كما ينعكس على مزاج المواطن العادي الذي تحمل الظروف الصعبة وصبر على الفقر والبطالة اعتقاداً منه ان "البلد" يعاني من ضائقة ماليّة وأن عليه واجب "الاحتمال" حتى يأتي الفرج.
للأسف –جاءت- رسالة السادة النواب بعكس هذا الاتجاه تماماً، وربما تكون ردود الفعل التي جاءتنا من نقابة المعلمين نموذجاً لصدى ما تركته هذه الرسالة على قطاعات واسعة في المجتمع جرّاء هذا "الاستعجال" النيابي في تقديم مصالحهم على مصلحة البلد، وفي "تعمد" استفزاز اغلبية ما تزال تعاني من التهميش والعوز والحاجة، ومن عدم الانصاف ايضاً.
كان يمكن –بالطبع- أن نناقش حيثيات القرار النيابي او أن نرد على موجبات تعديل القانون، لكننا في سياق مرحلة ندرك جميعاً اولوياتها واضطرارتها، ومدى انعكاس مثل هكذا قرارات على المزاج العام للمجتمع، لا يمكن الاّ ان نعلن رفضنا من حيث المبدأ لما جرى، لا لانه يتعارض مع ابسط قواعد العدالة والمساواة، او حتى مع المنطق القانوني، وانما لانه ايضاً وضع "النواب" الذين يفترض انهم يمثلون ارادة الناخبين ومطالبتهم في دائرة "الشكوك" ونزع ثقة جمهورهم بهم،وأضاف سبباً آخر لعدم الرهان عليهم والمطالبة برحيلهم.
لا ادري اذا كان المجلس الكريم قد وقع في هذا "الفخ"،او انه استدرج اليه، لكن يبدو ان ثمة استنتاجات تشير الى ذلك، خاصة في ظل الحديث عن الانتهاء من اعداد مشروع قانون للانتخاب، وعن جرعة جديدة من الاصلاحات السياسية، وعن امكانية الذهاب الى انتخابات برلمانية في مطلع العام القادم، الأمر الذي قد يفهم منه بأن السادة النواب بهذا التعديل حصلوا على "مكافأة" نهاية الخدمة...
بعكس هذا الاتجاه، ثمة من يرى ان هذه "الجائزة" التي انتزعتها النواب ستجعلهم "طرفاً" ضعيفاً في مواجهة استحقاقات تشريعية مطروحة على اجندة هذه الدورة، واهمها قانون ضريبة الدخل،حيث يخشى البعض من تمرير هذا القانون الذي لا يحظى بموافقة قطاعات شعبية عديدة.
مهما تكن الاعتبارات التي دفعت النواب "للمغامرة" بثقة المجتمع وباحتماله وصبره على معاناته، أو الاسباب التي اغرتهم لالانتصار "لمصالحهم" الذاتية بدل الاحتشاد لمواجهة "التطرف" الذي يتغذى على الاحباط والاستفزاز والاستئثار "بالغنيمة"، فإن اي رد سيصدر للاجابة على اسئلة "المجتمع" ومطالبات قطاعات واسعة من العمال والموظفين لن يكون مقنعاً، حتى لو توسد حجج مثل "عجز الموازنة" او قلة الامكانيات، لأن اول كلمة ستقال عندئذ: ولماذا حصل النواب على امتيازات تقاعدية تكلف الخزينة الملايين؟!
اذا سألتني عن المخرج، وهو ضروري بالتأكيد، فلدي نصيحة واحدة وهي ان من واجب الذين استخصروا "عفريت" هذا التعديل ان يصرفوه بأية طريقة، ليس فقط حفاظاً على سمعة النواب السياسية، أو على ما تبقى من ثقة الناخبين بهم،او من اجل ان لاتتحمل الخزينة اعباء اضافة لا طاقة لها بها، او لكي لا نتفح الباب أمام الاخرين للمطالبة بمعاملتهم بالمثل،وانما –ايضا- للحفاظ على امننا واستقرارنا في هذه المرحلة الخطيرة التي خرجت فيها "عفاريت" التطرف في منطقتنا...ودقت طبول الحرب علينا من كل اتجاه.
* منع من النشر في صحيفة الدستور
للأسف –جاءت- رسالة السادة النواب بعكس هذا الاتجاه تماماً، وربما تكون ردود الفعل التي جاءتنا من نقابة المعلمين نموذجاً لصدى ما تركته هذه الرسالة على قطاعات واسعة في المجتمع جرّاء هذا "الاستعجال" النيابي في تقديم مصالحهم على مصلحة البلد، وفي "تعمد" استفزاز اغلبية ما تزال تعاني من التهميش والعوز والحاجة، ومن عدم الانصاف ايضاً.
كان يمكن –بالطبع- أن نناقش حيثيات القرار النيابي او أن نرد على موجبات تعديل القانون، لكننا في سياق مرحلة ندرك جميعاً اولوياتها واضطرارتها، ومدى انعكاس مثل هكذا قرارات على المزاج العام للمجتمع، لا يمكن الاّ ان نعلن رفضنا من حيث المبدأ لما جرى، لا لانه يتعارض مع ابسط قواعد العدالة والمساواة، او حتى مع المنطق القانوني، وانما لانه ايضاً وضع "النواب" الذين يفترض انهم يمثلون ارادة الناخبين ومطالبتهم في دائرة "الشكوك" ونزع ثقة جمهورهم بهم،وأضاف سبباً آخر لعدم الرهان عليهم والمطالبة برحيلهم.
لا ادري اذا كان المجلس الكريم قد وقع في هذا "الفخ"،او انه استدرج اليه، لكن يبدو ان ثمة استنتاجات تشير الى ذلك، خاصة في ظل الحديث عن الانتهاء من اعداد مشروع قانون للانتخاب، وعن جرعة جديدة من الاصلاحات السياسية، وعن امكانية الذهاب الى انتخابات برلمانية في مطلع العام القادم، الأمر الذي قد يفهم منه بأن السادة النواب بهذا التعديل حصلوا على "مكافأة" نهاية الخدمة...
بعكس هذا الاتجاه، ثمة من يرى ان هذه "الجائزة" التي انتزعتها النواب ستجعلهم "طرفاً" ضعيفاً في مواجهة استحقاقات تشريعية مطروحة على اجندة هذه الدورة، واهمها قانون ضريبة الدخل،حيث يخشى البعض من تمرير هذا القانون الذي لا يحظى بموافقة قطاعات شعبية عديدة.
مهما تكن الاعتبارات التي دفعت النواب "للمغامرة" بثقة المجتمع وباحتماله وصبره على معاناته، أو الاسباب التي اغرتهم لالانتصار "لمصالحهم" الذاتية بدل الاحتشاد لمواجهة "التطرف" الذي يتغذى على الاحباط والاستفزاز والاستئثار "بالغنيمة"، فإن اي رد سيصدر للاجابة على اسئلة "المجتمع" ومطالبات قطاعات واسعة من العمال والموظفين لن يكون مقنعاً، حتى لو توسد حجج مثل "عجز الموازنة" او قلة الامكانيات، لأن اول كلمة ستقال عندئذ: ولماذا حصل النواب على امتيازات تقاعدية تكلف الخزينة الملايين؟!
اذا سألتني عن المخرج، وهو ضروري بالتأكيد، فلدي نصيحة واحدة وهي ان من واجب الذين استخصروا "عفريت" هذا التعديل ان يصرفوه بأية طريقة، ليس فقط حفاظاً على سمعة النواب السياسية، أو على ما تبقى من ثقة الناخبين بهم،او من اجل ان لاتتحمل الخزينة اعباء اضافة لا طاقة لها بها، او لكي لا نتفح الباب أمام الاخرين للمطالبة بمعاملتهم بالمثل،وانما –ايضا- للحفاظ على امننا واستقرارنا في هذه المرحلة الخطيرة التي خرجت فيها "عفاريت" التطرف في منطقتنا...ودقت طبول الحرب علينا من كل اتجاه.
* منع من النشر في صحيفة الدستور