2024-12-24 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

لاجل هذا استبدل قوما غيرنا ...!!

حسين الرواشدة
جو 24 : لدراسة التي اجرتها جامعة جورج واشنطن( صدرت في 10 /حزيران هذا العام) وشارك فيها باحثون مسلمون وغير مسلمين، حول ترتيب الدول الأكثر تطبيقاً لتعاليم الإسلام في العالم ، جاءت صادمة حقا ، فقد احتلت المراتب العشرة الاولى دول من خارج العالم العربي والاسلامي،و كانت من نصيب إيرلندا، الدنمارك، لوكسمبورغ، السويد، بريطانيا، نيوزلندا، سنغافورة، فنلندا، النرويج وبلجيكا، وباستثناء ماليزيا التي جاءت في المرتبة 33، ادرجت الدول العربية والاسلامية الاخرى في اخر القائمة بينما حصلت اسرائيل على ترتيب 27 .
لا اريد ان اعلق على دلالات هذه الدراسة ،فنحن نعرف تماما ان الاسلام ليس مجرد اسم ننتسب اليه او عنوان نستظل تحته، كما نعرف ان تديننا ليس صحيحا بما يكفي ليدلنا على الاسلام الحقيقي بمبادئه واهدافه التي انزل من اجلها ،لكن لا بد ان ننتبه الى ان الاسلام ليس حكرا علينا وانما هو دين للعالمين وبالتالي فبمقدار ما يفهم البشر -اي بشر -الاسلام بمبقدار ما يكونوا احق به واقدر على الافادة منه .
لدي ملاحظة واحدة فقط اريد ان اسجلها على هامش هذه الدراسة وهي ان بعض المسلمين يتصورون انهم في منأى عن الاستبدال ، وان خلود الدين الذي تكفل به رب العالمين يحصنهم من التغيير ، أو ربما يدفعهم الى الجمود والكسل ، لكن الحقيقة غير ذلك ، فالاسلام الذي ختم الله تعالى به الرسالات السماوية لم يكن مقصورا على أمة معينة ، وان كان العرب أولى الناس بحمله والدفاع عنه والدعوة اليه ، والمسلمون الذين يتقاعسون اليوم عن فهم الاسلام وتطبيقه تسري عليهم مثل غيرهم ، قوانين الكون وسننه الالهية ، وليسوا في منأى عن العقاب ، ولا عن الامتحان ولا عن وعد الله بايلاء الامر لغيرهم ان لم يقوموا به على أكمل وجه.
وان تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم والتولي هنا لا يتعلق بالفرار من ساحة المعركة او بالتخلي عن القتال فقط ، وانما يمكن تعميمه على الساحة الحضارية بامتداداتها المختلفة ، وفي ميادين العمل كلها ، اذ لا يمكن لدين الله الخالد ان يقبل اتباعا كسالى أو أن يتوج خاتميته التي أقرها منزلة عز وجل بدون اقوام يؤمنون به ويتعهد حمايته ويحسنون فهمه ويضحون من أجله ، واذا لم تتحقق فيهم هذه الشروط ، أو تنازلوا عنها في اي وقت ، فان حتمية الاستبدال تصيبهم كما أصابت غيرهم من الامم ، وضرورة التجديد تقتضي اناطته بآخرين أقدر منهم على حمل الامانة وفي ذلك دعوة ربانية للتجديد وتحذير الهي من السكون والجمود ، وتحريض على الحركة والعمل والمراجعة الدائمة.
سنة الاستبدال - اذن - عقوبة من الله تعالى ، لها اسبابها الكثيرة ودوافعها الملحة لاعمار الكون وضمان صيرورته على اكمل وجه ، وهي مسألة غير مفاجئة ، اذ يسبقها الاهمال والانذار واشارات التحذير وغيرها من الدلالات التي تفهم في سياق واجب التغيير ، لكنها تتوج بالاهلاك ، وما اكثرها الآيات القرآنية التي تشير الى ذلك ، ( يا أيها الذين آمنوا ما لكم اذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم الى الارض - الى قوله - لا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ) والسبب هنا هو تخلي الامة عن مسؤولياتها ، وفي قوله تعالى (هآنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله - الى قوله تعالى- وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ) والسبب هنا ايضا هو تخلي اغنياء الامة عن مسؤولية الانفاق في سبيل الله ، وفي قوله تعالى يا ايها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه .. والسبب مفهوم هنا ، كما ان الردة تتجاوز خروج الفرد من الملة الى خروج الامة عن القيام بمسؤولياتها الحضارية والانسانية.
ما احوج امتنا اليوم الى قراءة قصص الامم السابقة ومعرفة العلل والامراض التي انتهت بها الى الهلاك ، وما احوجها الى قراءة واقعها والوقوف على ما اصابها من فساد وانحراف ، ومن خروج عن الامانة التي انيطت بها ، وتخليها عن مسؤولياتها الانسانية.. وما احوجها الى فهم قانون الاستبدال الالهي الذي لا يستثني امة من الامم.. ولا يحابي احداً من الناس.

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير