حسابات 2014: أين أصبنا وأين أخطأنا؟!
حسين الرواشدة
جو 24 : مثلما يجلس التاجر الحصيف في نهاية كل عام ويقلّب أوراق دفاتر حساباته لكي يجيب عن سؤال ماذا ربح وماذا خسر، من واجب السياسي أن يجلس أيضا ويجيب عن سؤال: أين أخطأنا وأين أصبنا، وما الذي يمكن أن نفعله لتنمية الأرباح واطفاء الخسارات ؟
لايمكن، بالطبع، أن أتقمص هذا ( الواجب)، لكنني أستأذن في الإشارة إلى عدة عناوين اعتقد أننا بحاجة الى توجيه النقاش العام حولها، لا لانها شكلت في العام المنصرف (محطات) هامة في مسيرتنا وإنما لأنها - أيضا- تركت بصمات في واقعنا ومن المتوقع أن ترافقنا على مدى السنوات المقبلة.
لدي قبل ذلك ملاحظة، وهي أن (الحالة) العامة لبلدنا في العام الماضي اتسمت ( بالتسكين والاستيعاب)، فقد طوينا نسبيًا صفحة ( الحراكات) التي شهدها الشارع، وانتقلنا من مرحلة الحركة الى مرحلة السكون ( بالتوافق) وبالضرورة التي ادركها معظم الفاعلين على الطرفين الرسمي والشعبي، وبالتالي فإن العام 2014 هو عام (تعليق الملفات)، والمستجد الوحيد فيه هو الحرب على الإرهاب .
في عام (التعليق) جرى تسكين ملف الإصلاح، اذ اطمأن البعض الى أن الربيع العربي كسر عصاه، وأن عقارب الساعة عادت إلى الوراء على شكل ثورات مضادة (باستثناء تونس) من خلالها خسر الاسلام السياسي مقاعده، واجهضت مطالب الشعوب وتحولت حراكاتهم إلى حروب أهلية وطائفية، وبالتالي كانت التقديرات السياسية بعد أن نجونا من (تسونامي) الربيع العربي تميل نحو الاكتفاء في هذه المرحلة بجرعات الإصلاح التي تمت.
هل أخطأنا في تقديراتنا؟ الإجابة لايمكن حسمها بنعم أو لا قبل أن نفهم حقيقة إرادتنا في تحقيق إصلاح ديموقراطي ينسجم مع حصاد السنوات الثلاثة من مطالبات الشارع، ثم قدرتنا على دفع تكاليف ( الديمقراطية) في ظل ماحدث من متغيرات وعواصف، وإلى أن تتيسر لنا هذه الاجابة فإنني اعتقد بأن (خيار) الاصلاح الذي يفضي إلى الديمقراطية هو خيارنا الوحيد إذا أردنا أن نتجاوز حالة الفوران والانحباس والاضطراب التي لا يمكن لأحد أن يتنبأ بنتائجها ومساراتها المقبلة.
من العناوين التي يمكن أن نراجع فيها أنفسنا مسألة (اللجوء) وما تركه على صعيد مجتمعنا من خسائر والتباسات، لا اتحدث فقط عن اخطاء تقدير أعداد اللاجئين (خاصة السوريين) أو إدارة الملف والتعامل مع مخرجاته، وإنما أيضا عن حساباتنا السياسية تجاهه، وعن انعكاساته على صعيد ( الديموغرافيا) والهوية الوطنية، خاصة وأن الاحصائيات تشير الى نحو 40% من عدد سكان الأردن لا يحملون الجنسية الاردنية ناهيك عن القفزة السكانية التي ارتفع بموجبها عدد السكان في عامين نحو 30% .
من العناوين -ايضا- ملف التعليم العالي الذي مازال يعاني من انتكاسات متصاعدة ومتكررة، سواء فيما يتعلق بجودة التعليم أو بأوضاع الجامعات الادارية والمالية أو بعلاقة الجامعة مع المجتمع، زد على ذلك هجرة الكفاءات العلمية وانحدار البحث العلم والحريات الاكاديمية واستمرار حالة العنف بين الطلبة.
ومن المفارقات هنا أن ثمة تقدمًا طرأ على أداء وزارة التربية والتعليم وخاصة في مجال امتحان الثانوية، وفي مجال هيكلة الموظفين وتدريبهم، فيما لاتزال وزارة التعليم العالي تحاول أن تمسك ( بملف) الاصلاح ولم تحقق إلا اليسير.
من الملفات التي تحتاج للمراجعة ملف ( الشباب)، ليس فقط فيما يتعلق بمشكلات البطالة التي يعاني منها قطاع كبير منهم، وإنما بمشكلات التهميش وتراجع العدالة وغياب الاهتمام ومشاعر الاحباط التي تسيطر عليهم، واعتقد أننا أخطأنا هنا حين تجاهلنا التوجه لهذه الفئة التي تشكل عصب المجتمع، ووضعنا ملفهم في آخر القائمة.
آخر الملفات التي يفترض أن نراجع حساباتنا تجاهها ملف ( التطرف) ومع أنني تعرضت في مقالات عديدة لهذا الموضوع، سواء فيما يتعلق بالاستراتيجية (السرية) التي وضعت لمواجهته، أو بالخطاب الديني، أو بالمصادر التي تغذيه في المجالات السياسية و الاقتصادية، الا أنني أضيف بأن حربنا ضد التطرف على الأرض لم تبدأ للأسف، واتمنى أن نعوض في العام المقبل مافاتنا في هذا العام.
بقي أن أشير إلى ثلاث مسائل اعتقد أننا أصبنا في التعامل معها، إحداها ملف العلاقة بين الاخوان والدولة، حيث حافظنا - حتى الآن- على حالة (التعايش) التي اتسمت بها العلاقة التاريخية بينهما، والثاني ملف الأمن الداخلي حيث تمكنت اجهزتنا الأمنية من ضبط معادلة الأمن الداخلي وكان لها جزء من الفضل في تجاوز العواصف والنيران التي اشتعلت حلولنا، أما الملف الأخير فهو ملف ( احتواء) القيادات السلفية وقطع العلاقة بينهما وبين تصاعد وامتداد التنظيمات المتطرفة في دول الجوار.
هل نسير إذن في الاتجاه الصحيح، هذا ما سأجيب عنه قبل نهاية هذا العام إن شاء الله.
(الدستور)
لايمكن، بالطبع، أن أتقمص هذا ( الواجب)، لكنني أستأذن في الإشارة إلى عدة عناوين اعتقد أننا بحاجة الى توجيه النقاش العام حولها، لا لانها شكلت في العام المنصرف (محطات) هامة في مسيرتنا وإنما لأنها - أيضا- تركت بصمات في واقعنا ومن المتوقع أن ترافقنا على مدى السنوات المقبلة.
لدي قبل ذلك ملاحظة، وهي أن (الحالة) العامة لبلدنا في العام الماضي اتسمت ( بالتسكين والاستيعاب)، فقد طوينا نسبيًا صفحة ( الحراكات) التي شهدها الشارع، وانتقلنا من مرحلة الحركة الى مرحلة السكون ( بالتوافق) وبالضرورة التي ادركها معظم الفاعلين على الطرفين الرسمي والشعبي، وبالتالي فإن العام 2014 هو عام (تعليق الملفات)، والمستجد الوحيد فيه هو الحرب على الإرهاب .
في عام (التعليق) جرى تسكين ملف الإصلاح، اذ اطمأن البعض الى أن الربيع العربي كسر عصاه، وأن عقارب الساعة عادت إلى الوراء على شكل ثورات مضادة (باستثناء تونس) من خلالها خسر الاسلام السياسي مقاعده، واجهضت مطالب الشعوب وتحولت حراكاتهم إلى حروب أهلية وطائفية، وبالتالي كانت التقديرات السياسية بعد أن نجونا من (تسونامي) الربيع العربي تميل نحو الاكتفاء في هذه المرحلة بجرعات الإصلاح التي تمت.
هل أخطأنا في تقديراتنا؟ الإجابة لايمكن حسمها بنعم أو لا قبل أن نفهم حقيقة إرادتنا في تحقيق إصلاح ديموقراطي ينسجم مع حصاد السنوات الثلاثة من مطالبات الشارع، ثم قدرتنا على دفع تكاليف ( الديمقراطية) في ظل ماحدث من متغيرات وعواصف، وإلى أن تتيسر لنا هذه الاجابة فإنني اعتقد بأن (خيار) الاصلاح الذي يفضي إلى الديمقراطية هو خيارنا الوحيد إذا أردنا أن نتجاوز حالة الفوران والانحباس والاضطراب التي لا يمكن لأحد أن يتنبأ بنتائجها ومساراتها المقبلة.
من العناوين التي يمكن أن نراجع فيها أنفسنا مسألة (اللجوء) وما تركه على صعيد مجتمعنا من خسائر والتباسات، لا اتحدث فقط عن اخطاء تقدير أعداد اللاجئين (خاصة السوريين) أو إدارة الملف والتعامل مع مخرجاته، وإنما أيضا عن حساباتنا السياسية تجاهه، وعن انعكاساته على صعيد ( الديموغرافيا) والهوية الوطنية، خاصة وأن الاحصائيات تشير الى نحو 40% من عدد سكان الأردن لا يحملون الجنسية الاردنية ناهيك عن القفزة السكانية التي ارتفع بموجبها عدد السكان في عامين نحو 30% .
من العناوين -ايضا- ملف التعليم العالي الذي مازال يعاني من انتكاسات متصاعدة ومتكررة، سواء فيما يتعلق بجودة التعليم أو بأوضاع الجامعات الادارية والمالية أو بعلاقة الجامعة مع المجتمع، زد على ذلك هجرة الكفاءات العلمية وانحدار البحث العلم والحريات الاكاديمية واستمرار حالة العنف بين الطلبة.
ومن المفارقات هنا أن ثمة تقدمًا طرأ على أداء وزارة التربية والتعليم وخاصة في مجال امتحان الثانوية، وفي مجال هيكلة الموظفين وتدريبهم، فيما لاتزال وزارة التعليم العالي تحاول أن تمسك ( بملف) الاصلاح ولم تحقق إلا اليسير.
من الملفات التي تحتاج للمراجعة ملف ( الشباب)، ليس فقط فيما يتعلق بمشكلات البطالة التي يعاني منها قطاع كبير منهم، وإنما بمشكلات التهميش وتراجع العدالة وغياب الاهتمام ومشاعر الاحباط التي تسيطر عليهم، واعتقد أننا أخطأنا هنا حين تجاهلنا التوجه لهذه الفئة التي تشكل عصب المجتمع، ووضعنا ملفهم في آخر القائمة.
آخر الملفات التي يفترض أن نراجع حساباتنا تجاهها ملف ( التطرف) ومع أنني تعرضت في مقالات عديدة لهذا الموضوع، سواء فيما يتعلق بالاستراتيجية (السرية) التي وضعت لمواجهته، أو بالخطاب الديني، أو بالمصادر التي تغذيه في المجالات السياسية و الاقتصادية، الا أنني أضيف بأن حربنا ضد التطرف على الأرض لم تبدأ للأسف، واتمنى أن نعوض في العام المقبل مافاتنا في هذا العام.
بقي أن أشير إلى ثلاث مسائل اعتقد أننا أصبنا في التعامل معها، إحداها ملف العلاقة بين الاخوان والدولة، حيث حافظنا - حتى الآن- على حالة (التعايش) التي اتسمت بها العلاقة التاريخية بينهما، والثاني ملف الأمن الداخلي حيث تمكنت اجهزتنا الأمنية من ضبط معادلة الأمن الداخلي وكان لها جزء من الفضل في تجاوز العواصف والنيران التي اشتعلت حلولنا، أما الملف الأخير فهو ملف ( احتواء) القيادات السلفية وقطع العلاقة بينهما وبين تصاعد وامتداد التنظيمات المتطرفة في دول الجوار.
هل نسير إذن في الاتجاه الصحيح، هذا ما سأجيب عنه قبل نهاية هذا العام إن شاء الله.
(الدستور)