(جيل الانتظار) يبحث عن خيار!!..
حسين الرواشدة
جو 24 : المقاربة التي يقدمها البعض لمواجهة انخراط ( الشباب) في التطرف وذلك من خلال (تحسين) جودة الخطاب الديني، أو زيادة (جرعات) الوعظ المعتدل، تبدو - للأسف- مقاربة سطحية و غير دقيقة، صحيح أن ( التدين) المغشوش جزء من المشكلة، لكن الصحيح أيضا أن هذا التدين مهما كانت أنماطه ليس الدافع الوحيد لجنوح هؤلاء الشباب الى الإحباط ووصولهم إلى التطرف والعنف.
(جيل الانتظار) كما سماه الدكتور عمر الرزاز في محاضرته القيمة بجمعية الشؤون الدولية الأسبوع الماضي، لا يعاني - فقط- من التباسات في الوعي الديني، وإنما يعاني من احباطات في الواقع ومن انحباس في فرص العمل وفي التغيير أيضا، وبالتالي فإننا بحاجة إلى مقاربات جديدة للتعامل مع هذا (الجيل) قبل أن يتحول من دائرة ( الانتظار) إلى دائرة (الانفجار).
في المجال الاقتصادي، لدينا ما يكفي من مؤشرات لمعرفة الواقع الذي يعاني منه هذا الجيل، خذ مثلا مسألة الاختلالات في سوق العمل، فمع وجود نحو مليون عامل وافد مازال نحو (200) ألف شاب أردني عاطل عن العمل، ونحو (2) مليون أردني (ناشط) - بحسب الرزاز- خارج سوق العمل مع أنهم في سن العمل، وخذ - مثلا- مؤشر البطالة (المغلوط) الذي لا يعكس الأرقام الحقيقية لهذه الظاهره، فمن بين (74) ألف شاب وشابة يدخلون سوق العمل سنويا لا يستوعب الاقتصاد منهم الا نحو 50-55 ألف فرصة، فيما تذهب نحو 15 ألف فرصة للعمالة الوافدة بمعنى أن نحو (35) ألف شخص لا يجدون فرصة عمل وينضمون سنويا الى صفوف الباحثين عن العمل.
المشكلة لا تتعلق ( بتحدي) البطالة وما يترتب عليها من فقر وإحساس بغياب العدالة وتكافؤ الفرص، وبالتهميش وانتشار المحسوبية والاسترضائية مع سطوة انتشار الفساد، وإنما يتعلق -أيضا- بالانسدادات السياسية التي عمقت داخل (الجيل) الاحساس بعدم الثقة والخوف من المستقبل، وأفقدته الأمل بالتغيير، ودفعته الى الهروب من الدنيا الى الآخرة، ومن الأمل الى اليأس
والقنوط.
إلى جانب الانسدادت السياسية التي تسببت في غياب ( المشروع) الوطني القادر على استيعاب (الجيل) الجديد واستثمار طاقاته، والإجابة على تساؤلاته، ثمة انسدادات اجتماعية تتعلق بمنظومة القيم اثر التحولات التي طرأت على مجتمعنا، وادت الى تراجع (وربما انقراض) ما ألفناه من قيم تحث على التعاون والتكامل والتسامح لحساب قيم غريبة اشاعت في مجتمعنا ثقافة الفهلوة والشطارة والنفاق والكذب، حتى أصبحنا أمام حالة من (التسفل) الأخلاقي انعكست للأسف على مجالنا السياسي في صورة (الفجور) عند الخصومة والاختلاف، وعلى مجالنا الاعلامي في صورة (الشيطنة) والترويج للكراهية، وعلى مجالنا الاجتماعي على شكل جرائم تقشعر منها الأبدان.
مع كل هذا، لم ننتبه الى أننا أمام (جيل) جديد، كسر عصا الطاعة، وانفتحت أمامه آفاق العالم ليرى ويعرف ويقارن، وتحرر نسبيا من الاعتبارات
والحسابات حتى أنه لم يعد قادرا على (الصبر و الانتظار)، ولم ننتبه أيضا إلى أننا فشلنا في فهمه وتقديره كما تأخرنا في الاعتذار له عما أصدرنا بحقه من أحكام متسرعة.
الآن، لابد أن ندقق في واقع هؤلاء الشباب الذين لم نتعامل معهم كما يجب، ولم نتعهدهم بالرعاية والاهتمام، ولكي نذهب الى العناوين الصحيحة سواء في المقاربات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الدينية، يتوجب علينا أن نكتشف هذا (الجيل) من جديد، وأن نعترف بهم وبمشكلاتهم وأن نتجاوز النقاش معهم الى العمل على وضع حلول جادة لمعاناتهم، وبدل أن نحاسبهم على الوقوع في (غواية) اليأس والتطرف، أو الهروب إلى العالم الافتراضي والدار الآخرة، يفترض أن نسأل أنفسنا أولا، ماذا فعلنا لهم، وأين قصرنا معهم، وماذا قدمنا لهم من خيارات لكي يفضي انتظارهم الى (أمل) وصبرهم الطويل الى فرج قريب، ونجنبهم الانزلاق الى الجدار لا سمح الله.
(الدستور)
(جيل الانتظار) كما سماه الدكتور عمر الرزاز في محاضرته القيمة بجمعية الشؤون الدولية الأسبوع الماضي، لا يعاني - فقط- من التباسات في الوعي الديني، وإنما يعاني من احباطات في الواقع ومن انحباس في فرص العمل وفي التغيير أيضا، وبالتالي فإننا بحاجة إلى مقاربات جديدة للتعامل مع هذا (الجيل) قبل أن يتحول من دائرة ( الانتظار) إلى دائرة (الانفجار).
في المجال الاقتصادي، لدينا ما يكفي من مؤشرات لمعرفة الواقع الذي يعاني منه هذا الجيل، خذ مثلا مسألة الاختلالات في سوق العمل، فمع وجود نحو مليون عامل وافد مازال نحو (200) ألف شاب أردني عاطل عن العمل، ونحو (2) مليون أردني (ناشط) - بحسب الرزاز- خارج سوق العمل مع أنهم في سن العمل، وخذ - مثلا- مؤشر البطالة (المغلوط) الذي لا يعكس الأرقام الحقيقية لهذه الظاهره، فمن بين (74) ألف شاب وشابة يدخلون سوق العمل سنويا لا يستوعب الاقتصاد منهم الا نحو 50-55 ألف فرصة، فيما تذهب نحو 15 ألف فرصة للعمالة الوافدة بمعنى أن نحو (35) ألف شخص لا يجدون فرصة عمل وينضمون سنويا الى صفوف الباحثين عن العمل.
المشكلة لا تتعلق ( بتحدي) البطالة وما يترتب عليها من فقر وإحساس بغياب العدالة وتكافؤ الفرص، وبالتهميش وانتشار المحسوبية والاسترضائية مع سطوة انتشار الفساد، وإنما يتعلق -أيضا- بالانسدادات السياسية التي عمقت داخل (الجيل) الاحساس بعدم الثقة والخوف من المستقبل، وأفقدته الأمل بالتغيير، ودفعته الى الهروب من الدنيا الى الآخرة، ومن الأمل الى اليأس
والقنوط.
إلى جانب الانسدادت السياسية التي تسببت في غياب ( المشروع) الوطني القادر على استيعاب (الجيل) الجديد واستثمار طاقاته، والإجابة على تساؤلاته، ثمة انسدادات اجتماعية تتعلق بمنظومة القيم اثر التحولات التي طرأت على مجتمعنا، وادت الى تراجع (وربما انقراض) ما ألفناه من قيم تحث على التعاون والتكامل والتسامح لحساب قيم غريبة اشاعت في مجتمعنا ثقافة الفهلوة والشطارة والنفاق والكذب، حتى أصبحنا أمام حالة من (التسفل) الأخلاقي انعكست للأسف على مجالنا السياسي في صورة (الفجور) عند الخصومة والاختلاف، وعلى مجالنا الاعلامي في صورة (الشيطنة) والترويج للكراهية، وعلى مجالنا الاجتماعي على شكل جرائم تقشعر منها الأبدان.
مع كل هذا، لم ننتبه الى أننا أمام (جيل) جديد، كسر عصا الطاعة، وانفتحت أمامه آفاق العالم ليرى ويعرف ويقارن، وتحرر نسبيا من الاعتبارات
والحسابات حتى أنه لم يعد قادرا على (الصبر و الانتظار)، ولم ننتبه أيضا إلى أننا فشلنا في فهمه وتقديره كما تأخرنا في الاعتذار له عما أصدرنا بحقه من أحكام متسرعة.
الآن، لابد أن ندقق في واقع هؤلاء الشباب الذين لم نتعامل معهم كما يجب، ولم نتعهدهم بالرعاية والاهتمام، ولكي نذهب الى العناوين الصحيحة سواء في المقاربات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الدينية، يتوجب علينا أن نكتشف هذا (الجيل) من جديد، وأن نعترف بهم وبمشكلاتهم وأن نتجاوز النقاش معهم الى العمل على وضع حلول جادة لمعاناتهم، وبدل أن نحاسبهم على الوقوع في (غواية) اليأس والتطرف، أو الهروب إلى العالم الافتراضي والدار الآخرة، يفترض أن نسأل أنفسنا أولا، ماذا فعلنا لهم، وأين قصرنا معهم، وماذا قدمنا لهم من خيارات لكي يفضي انتظارهم الى (أمل) وصبرهم الطويل الى فرج قريب، ونجنبهم الانزلاق الى الجدار لا سمح الله.
(الدستور)