مـــــن يــلــــوم مـــــن...؟!
حسين الرواشدة
جو 24 : لا أدري كم من (المليارات) دفعها عالمنا العربي منذ أن برز ( نجم) الإرهاب لمواجهته عسكريا، وكم من الفرص ( السياسية) أهدرنا لإقناع أنفسنا بأن هذا التطرف خرج من عباءة الدين و ليس من عباءة السياسة، وكم من الطاقات أهدرت و من الدماء سالت على جنبات مكافحة ( التطرف) دون أن نفكر لحظة بأن ما فعلناه لم يغيِّر الصورة ولم يقطع ( دابر) الشباب المتطرفين.
بدل أن نستثمر في ( التطرف) لأهداف تبدو أحيانا مفهومة أو مغشوشة، كان يمكن أن (نستثمر) في بناء المجتمعات الطاردة (للتطرف) و الشباب المحصنين من آفاته، وفي تصحيح إعوجاج ( البيئات) التي اضطرت لاحتضانه، كان يمكن - أيضا- أن نوجه هذه (المليارات) والحماسات والاحتشادات العالمية لمشاريع سياسية حقيقية تغري الناس بالمشاركة في العمل العام، وتنزع منهم الإحساس بالتهميش وتخلصهم من وطأة الفساد والاستبداد، وأن نوجهها أيضا لـ( خدمة ) الدِّين الذي أجهزنا - للأسف - على روحه وعلى ما فيه من قيم وأخلاقيات سامية، وحولناه الى (جثة)سارع البعض لحملها على أعناقهم لتبرير العنف و القتل و الانتقام، كان يمكن - أن نوجِّه - هذه المليارات المهدورة الى إصلاح منظومة التعليم التي من المفترض أن تشكل ( عقول) ابنائنا و وجدانهم على أساس تربوي وأخلاقي يؤهلهم للتفكير العقلاني، والإيمان بأمتهم وأوطانهم، والإخلاص لقيم السماحة و التعارف ونبذ التعصب واحتكار الحقيقة وتبادل الكراهية.
جزء من هذه (المليارت) كان يكفي لبناء آلاف المصانع، وتوفير الملايين من فرص العمل للشباب المتعطلين ، ومن فرص التعليم الجيد للذين اضطرهم فقرهم الى البقاء في الشارع وحرمهم من الجلوس على مقاعد الدراسة، ومن (الوقفيات) التي تسد حاجة المعوزِّين و المحتاجين و المرضى، ومن مراكز العلم والبحث ومنابر الفكر و التفكير التي تفتقر اليها بلداننا العربية.
كان يمكن لهذه المليارات أن تنقلنا من صف الدول الفاشلة ، والمجتمعات المتخلفة، الى طابور التنافس العالمي على التقدم و التحضر، وأن تجلسنا على طاولة (الكبار) الذين أصبحوا يقررون مصير العالم، وأن تحمل مشروعنا (الأخلاقي) الى العالم الذي ضاق ذرعا ( بالعولمة) وأصبح يبحث عن (دِين) يخلصه من سطوة العقل المتفرد، و وحشة الدنيا التي لا امتداد لها، ومن ( تأله) الآلة والانسان.
كلنا شاركنا بهذا ( الخطأ): السياسي الذي تصور أن الاستثمار في ( التطرف) سيضمن بقاءه واستمراره، والديني الذي اعتقد بأن الخوف على الدِّين يبرر له الركون ( للتطرف)، والأكاديمي الذي انعزل عن محيطه واكتفى بتلقين ( التلاميذ) ما ورثه من علوم الأجداد، و الإعلامي الذي نام ضميره وتحول الى موظف اجرائي لمتابعة اخبار التطرف و التحريض ضده دون أن يحلل ويفهم ( الغاز) انطلاق هذا ( البعبع) ومن يقف وراءه.
باختصار، السلطة و المجتمع في عالمنا العربي توافقا على السماح لهذا ( المارد) أن يمّر، ومنحا الآخر المتربض ( بنقاط) ضعفنا ما يلزمه من فرص ( لركوب) هذه الموجة و النفخ فيها واستغلالها على أبشع ما يكون.
إذن من يلوم من ؟ ومن يستطيع - اليوم- أن يقرع ناقوس الخطر أمام أمة تحول فيها ( التطرف) الى رواية طويلة محملة بصور الفزع و الخوف و الدمار، وأصبح فيها ( العنف) مائدة يومية نقتات من سمومها ما يكفي لانقراضنا، ومن يستطيع أن ( يوقظنا) من هذه الغفلة ويذكّرنا بأن لدينا ما هو أفضل من هذه الصورة، ولدينا من ( النعم) ما نستطيع بها أن نبني ذاتنا وعالمنا وأن نسهم ببناء الحضارة الانسانية ايضا... ؟
من ينقذنا من هذا الجنون الذي صنعناه بأنفسنا، وحوّلناه الى ( أًصنام) نعبدها ثم نأكلها إذا ما لزم الأمر ...ومن يعيد لهذه الأجساد رؤوسها لكي تفكر -ولو لمرة واحدة- بأن ما فعلناه بأنفسنا أسوأ مما فعله بنا غيرنا ..؟
الدستور
بدل أن نستثمر في ( التطرف) لأهداف تبدو أحيانا مفهومة أو مغشوشة، كان يمكن أن (نستثمر) في بناء المجتمعات الطاردة (للتطرف) و الشباب المحصنين من آفاته، وفي تصحيح إعوجاج ( البيئات) التي اضطرت لاحتضانه، كان يمكن - أيضا- أن نوجه هذه (المليارات) والحماسات والاحتشادات العالمية لمشاريع سياسية حقيقية تغري الناس بالمشاركة في العمل العام، وتنزع منهم الإحساس بالتهميش وتخلصهم من وطأة الفساد والاستبداد، وأن نوجهها أيضا لـ( خدمة ) الدِّين الذي أجهزنا - للأسف - على روحه وعلى ما فيه من قيم وأخلاقيات سامية، وحولناه الى (جثة)سارع البعض لحملها على أعناقهم لتبرير العنف و القتل و الانتقام، كان يمكن - أن نوجِّه - هذه المليارات المهدورة الى إصلاح منظومة التعليم التي من المفترض أن تشكل ( عقول) ابنائنا و وجدانهم على أساس تربوي وأخلاقي يؤهلهم للتفكير العقلاني، والإيمان بأمتهم وأوطانهم، والإخلاص لقيم السماحة و التعارف ونبذ التعصب واحتكار الحقيقة وتبادل الكراهية.
جزء من هذه (المليارت) كان يكفي لبناء آلاف المصانع، وتوفير الملايين من فرص العمل للشباب المتعطلين ، ومن فرص التعليم الجيد للذين اضطرهم فقرهم الى البقاء في الشارع وحرمهم من الجلوس على مقاعد الدراسة، ومن (الوقفيات) التي تسد حاجة المعوزِّين و المحتاجين و المرضى، ومن مراكز العلم والبحث ومنابر الفكر و التفكير التي تفتقر اليها بلداننا العربية.
كان يمكن لهذه المليارات أن تنقلنا من صف الدول الفاشلة ، والمجتمعات المتخلفة، الى طابور التنافس العالمي على التقدم و التحضر، وأن تجلسنا على طاولة (الكبار) الذين أصبحوا يقررون مصير العالم، وأن تحمل مشروعنا (الأخلاقي) الى العالم الذي ضاق ذرعا ( بالعولمة) وأصبح يبحث عن (دِين) يخلصه من سطوة العقل المتفرد، و وحشة الدنيا التي لا امتداد لها، ومن ( تأله) الآلة والانسان.
كلنا شاركنا بهذا ( الخطأ): السياسي الذي تصور أن الاستثمار في ( التطرف) سيضمن بقاءه واستمراره، والديني الذي اعتقد بأن الخوف على الدِّين يبرر له الركون ( للتطرف)، والأكاديمي الذي انعزل عن محيطه واكتفى بتلقين ( التلاميذ) ما ورثه من علوم الأجداد، و الإعلامي الذي نام ضميره وتحول الى موظف اجرائي لمتابعة اخبار التطرف و التحريض ضده دون أن يحلل ويفهم ( الغاز) انطلاق هذا ( البعبع) ومن يقف وراءه.
باختصار، السلطة و المجتمع في عالمنا العربي توافقا على السماح لهذا ( المارد) أن يمّر، ومنحا الآخر المتربض ( بنقاط) ضعفنا ما يلزمه من فرص ( لركوب) هذه الموجة و النفخ فيها واستغلالها على أبشع ما يكون.
إذن من يلوم من ؟ ومن يستطيع - اليوم- أن يقرع ناقوس الخطر أمام أمة تحول فيها ( التطرف) الى رواية طويلة محملة بصور الفزع و الخوف و الدمار، وأصبح فيها ( العنف) مائدة يومية نقتات من سمومها ما يكفي لانقراضنا، ومن يستطيع أن ( يوقظنا) من هذه الغفلة ويذكّرنا بأن لدينا ما هو أفضل من هذه الصورة، ولدينا من ( النعم) ما نستطيع بها أن نبني ذاتنا وعالمنا وأن نسهم ببناء الحضارة الانسانية ايضا... ؟
من ينقذنا من هذا الجنون الذي صنعناه بأنفسنا، وحوّلناه الى ( أًصنام) نعبدها ثم نأكلها إذا ما لزم الأمر ...ومن يعيد لهذه الأجساد رؤوسها لكي تفكر -ولو لمرة واحدة- بأن ما فعلناه بأنفسنا أسوأ مما فعله بنا غيرنا ..؟
الدستور