«وهم» الخلافة على «حصان داعش»..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : فكرة التغيير التي ولدت في عالمنا العربي منذ ( 3) سنوات لم تمت، ماحدث هو أنها تحولت من حالة ( السلمية) التي جسدتها أصوات الشباب الحالمين بالحرية والعدالة والديمقراطية الى حالة ( الداعشية) التي أفرزت من هؤلاء الشباب الحالمين أسوأ ما فيهم من تطرف وعنف فرفعوا (الرايات) السوداء وذهبوا للاحتماء بالماضي وأِشهروا حلم (الخلافة).
لا يملك أحدنا أن يدافع عن أفكار الدواعش وأحلامهم، فهي تعكس صورة مشوهة للانسان العربي المسلم، وتكشف عن مرحلة (الانحطاط) التي يتحول فيها هذا الانسان الى (وحش)، لكن هذه الافكار والاحلام ما كان لها أن تلد وتنمو وتترعرع لو ظلت (البيئة) السلمية التي كانت شعارا للتغيير كماهي، ولم تتعرض كما حصل في بعض بلداننا العربية الى الاجهاض والتخريب، بحيث أصبحت ملائمة تماما لانطلاق (وحش) التطرف والعنف بدل أن تحافظ على طبيعتها المنسجمة مع طموحات الناس ورغبتهم في الأمن والسلام والعقلانية والاعتدال.
وجه (داعش) في سوريا مثلا لا يختلف عن وجه نظام الأسد، كما أن وجهها في العراق يبدو متطابقا مع وجه النظام الطائفي الذي حكم العراقيين (8) سنوات، وحين ندقق أكثر في الصورتين، نجد أن الفكرة (الداعشية) التي تحولت الى تنظيم ثم الى دولة كانت مزيجا من الردود الانفعالية والتدخلات الاقليمية والدولية، أو أنها بمعنى آخر كانت نتيجة طبيعية لاستعصاء الحلول السياسية والعقلانية وانسداد أبواب الامل بالتغيير، وتلاقي إحساس دفين لدى الذات المجروحة بالانتقام والثأر وهدم المعبد على من فيه لاعادة بنائه من جديد، مع رغبة دفينة لدى الآخر المتربص بالمنطقة والحريص على مصالحه فيها للانقضاض على الجميع، واعادة (تصريف) ما لديه من مخططات ورغبات وخرائط في قنواتنا التي أصبحت سالكة تماما، بفعل توافر بيئات جاذبة للتدخل مثل بيئة الفوضى والعمى والتطرف والخوف والارتباك.
في مرحلة (السلمية) كان ثمة تطلعات لبناء الدولة الوطنية، واستعادة الاستقلال، وتمكين المجتمعات من النهوض والاستقرار،وكان ثمة احساس بانتصار منطق التنوير والعقلانية ونهاية عصور الحروب الطائفية والاثنية ، واعادة ترسيم علاقة الدين بالمجال العام والخاص ايضا، لكن كل هذه التطلعات تبخرت فجأة، ولاح في الافق مع بروز نجم “التطرف” تطلعات اخرى كان اهمها واخطرها احياء حلم “الخلافة” ومحاولة ايجاد عولمة اسلامية تلغي الحدود وتفرض القيود من جديد، من خلال “ادارة التوحش” كوسيلة فاعلة لقهر الخصوم : خصوم الداخل والخارج وتعميم الفوضى وحالة العمى السياسي ومداعبة مشاعر المسلمين الذين تعرضوا (لحرق المشاعر ) وهذه التطلعات الجديده تتناسب تماما مع الصورة المتخيلة المطلوبة لدى الاخر لرؤية المنطقة والاسلام ولمستقبلها ايضا. فكرة الخلافة كبديل لفكرة الدولة الوطنية كانت خطيرة لسببين: احداهمها انها جاءت بعد (100) سنة على سقوط اخر خلافة اسلامية وكما ان ذلك السقوط مهد الطريق لاعادة رسم خرائط المنطقة من خلال سايكس بيكو فان الولادة الجديدة يمكن ان تفتح الطريق لرسم خرائط اخرى تتناسب مع مصالح القوى الكبرى ، وبالتالي فان داعش ليست اكثر من حصان(طروادة) لتغيير المنطقة وفق ما استجد من استحقاقات سياسية وديموغرافية ، اما السبب الآخر فهو ان الخلافة التي تدغدغ مشاعر المسلمين يمكن ان تكون افضل وصفة لصناعة صراعات مستمرة داخل الحاضنة السنية وبينها وبين المذاهب والطوائف الاخرى، بما يضمن انهاك الاغلبية السنية وضرب مشروعها تماما واشعال الفتنة داخل الاطار الاسلامي، حيث يكون الصراع “الهوياتي” بين المسلمين وبأيديهم بادارة الاخر فقط.
اذا، ما جرى من محاولات لالقاء القبض على “السلمية” كأداة للتغيير كان مقصودا تماما، كما ان استيلاد “الداعشية” كوسيلة للتغيير ايضا كان مطلوبا /ويمكن التذكير هنا بان مواجهة”الدولة الاسلامية” –الخلافة :ان شئت-، لا تهدف ابدا الى الغائها او استئصالها او تدميرها وانما اضعافها والسيطرة عليها، باعتبار ان وجودها واستمرارها بات مطلوبا لاداء وظيفتها التي وجدت من اجلها، وربما نحتاج الى سنوات طويلة لرؤية الصورة الجديدة لكن لا بد ان نتذكر هنا ان اخطر ما يمكن ان نراه هو استخدام داعش لادامة صراعات وربما حروب داخل اطار الدولة الوطنية لتفتيتها ولهذا يبدو ان خطر “التنظيم” اقل واهون من خطر” الفكرة “، ومن واجبنا ان ننتبه لذلك اذا كنا حريصين فعلا على مواجهة مارد التطرف وعلى نزع “المفاعيل” التي تم زراعتها في الفكرة الداعشية ابتداء من “وهم” الخلافة الى “وهم” الربيع الاسلامي الذي يمكن ان يكون بديلا للربيع العربي المهدور.
الدستور
لا يملك أحدنا أن يدافع عن أفكار الدواعش وأحلامهم، فهي تعكس صورة مشوهة للانسان العربي المسلم، وتكشف عن مرحلة (الانحطاط) التي يتحول فيها هذا الانسان الى (وحش)، لكن هذه الافكار والاحلام ما كان لها أن تلد وتنمو وتترعرع لو ظلت (البيئة) السلمية التي كانت شعارا للتغيير كماهي، ولم تتعرض كما حصل في بعض بلداننا العربية الى الاجهاض والتخريب، بحيث أصبحت ملائمة تماما لانطلاق (وحش) التطرف والعنف بدل أن تحافظ على طبيعتها المنسجمة مع طموحات الناس ورغبتهم في الأمن والسلام والعقلانية والاعتدال.
وجه (داعش) في سوريا مثلا لا يختلف عن وجه نظام الأسد، كما أن وجهها في العراق يبدو متطابقا مع وجه النظام الطائفي الذي حكم العراقيين (8) سنوات، وحين ندقق أكثر في الصورتين، نجد أن الفكرة (الداعشية) التي تحولت الى تنظيم ثم الى دولة كانت مزيجا من الردود الانفعالية والتدخلات الاقليمية والدولية، أو أنها بمعنى آخر كانت نتيجة طبيعية لاستعصاء الحلول السياسية والعقلانية وانسداد أبواب الامل بالتغيير، وتلاقي إحساس دفين لدى الذات المجروحة بالانتقام والثأر وهدم المعبد على من فيه لاعادة بنائه من جديد، مع رغبة دفينة لدى الآخر المتربص بالمنطقة والحريص على مصالحه فيها للانقضاض على الجميع، واعادة (تصريف) ما لديه من مخططات ورغبات وخرائط في قنواتنا التي أصبحت سالكة تماما، بفعل توافر بيئات جاذبة للتدخل مثل بيئة الفوضى والعمى والتطرف والخوف والارتباك.
في مرحلة (السلمية) كان ثمة تطلعات لبناء الدولة الوطنية، واستعادة الاستقلال، وتمكين المجتمعات من النهوض والاستقرار،وكان ثمة احساس بانتصار منطق التنوير والعقلانية ونهاية عصور الحروب الطائفية والاثنية ، واعادة ترسيم علاقة الدين بالمجال العام والخاص ايضا، لكن كل هذه التطلعات تبخرت فجأة، ولاح في الافق مع بروز نجم “التطرف” تطلعات اخرى كان اهمها واخطرها احياء حلم “الخلافة” ومحاولة ايجاد عولمة اسلامية تلغي الحدود وتفرض القيود من جديد، من خلال “ادارة التوحش” كوسيلة فاعلة لقهر الخصوم : خصوم الداخل والخارج وتعميم الفوضى وحالة العمى السياسي ومداعبة مشاعر المسلمين الذين تعرضوا (لحرق المشاعر ) وهذه التطلعات الجديده تتناسب تماما مع الصورة المتخيلة المطلوبة لدى الاخر لرؤية المنطقة والاسلام ولمستقبلها ايضا. فكرة الخلافة كبديل لفكرة الدولة الوطنية كانت خطيرة لسببين: احداهمها انها جاءت بعد (100) سنة على سقوط اخر خلافة اسلامية وكما ان ذلك السقوط مهد الطريق لاعادة رسم خرائط المنطقة من خلال سايكس بيكو فان الولادة الجديدة يمكن ان تفتح الطريق لرسم خرائط اخرى تتناسب مع مصالح القوى الكبرى ، وبالتالي فان داعش ليست اكثر من حصان(طروادة) لتغيير المنطقة وفق ما استجد من استحقاقات سياسية وديموغرافية ، اما السبب الآخر فهو ان الخلافة التي تدغدغ مشاعر المسلمين يمكن ان تكون افضل وصفة لصناعة صراعات مستمرة داخل الحاضنة السنية وبينها وبين المذاهب والطوائف الاخرى، بما يضمن انهاك الاغلبية السنية وضرب مشروعها تماما واشعال الفتنة داخل الاطار الاسلامي، حيث يكون الصراع “الهوياتي” بين المسلمين وبأيديهم بادارة الاخر فقط.
اذا، ما جرى من محاولات لالقاء القبض على “السلمية” كأداة للتغيير كان مقصودا تماما، كما ان استيلاد “الداعشية” كوسيلة للتغيير ايضا كان مطلوبا /ويمكن التذكير هنا بان مواجهة”الدولة الاسلامية” –الخلافة :ان شئت-، لا تهدف ابدا الى الغائها او استئصالها او تدميرها وانما اضعافها والسيطرة عليها، باعتبار ان وجودها واستمرارها بات مطلوبا لاداء وظيفتها التي وجدت من اجلها، وربما نحتاج الى سنوات طويلة لرؤية الصورة الجديدة لكن لا بد ان نتذكر هنا ان اخطر ما يمكن ان نراه هو استخدام داعش لادامة صراعات وربما حروب داخل اطار الدولة الوطنية لتفتيتها ولهذا يبدو ان خطر “التنظيم” اقل واهون من خطر” الفكرة “، ومن واجبنا ان ننتبه لذلك اذا كنا حريصين فعلا على مواجهة مارد التطرف وعلى نزع “المفاعيل” التي تم زراعتها في الفكرة الداعشية ابتداء من “وهم” الخلافة الى “وهم” الربيع الاسلامي الذي يمكن ان يكون بديلا للربيع العربي المهدور.
الدستور