ألا يستحقون أن نقول لهم : شكرا..؟!
حسين الرواشدة
جو 24 : على حد علمي، لم يكلف أحد نفسه في عالمنا العربي ، لا من المحسوبين على المجال الديني او على المجال الفني،(دعك من السياسيين) لتقديم واجب الشكر لأبرز نجوم هوليوود (اسمه بن فيليك ) على موقفه النبيل الذي دافع فيه عن الإسلام والمسلمين.
ولمن فاته قراءة الخبر الذي مر للأسف دون أن ننتبه اليه، فقد كان الممثل افليك ضيفا في حلقة من برنامج “ريل تايم” مع “بيل ماهر” المعروف بميوله اليسارية المتطرفة على شبكة “أتش بي أو” ، وحين دخل ضيف آخر هو الفيلسوف “سام هاريس” على البرنامج وأخذ ينتقد الإسلام سارع أفليك للرد بغضب قائلا :”هذا الكلام مقزز وعنصري”. وأضاف : “هل أنت خبير في الدِّين الإسلامي؟ “هناك مليار شخص ليسوا متطرفين ولا يسيئون إلى النساء ويريدون الذهاب إلى المدارس والصلاة خمس مرات في اليوم ولا يقومون بأي من الأمور التي تقول إن المسلمين يقومون بها ، ثم أضاف :”نتهمهم بالإرهاب بينما نحن قتلنا منهم أكثر مما قتلوا منا، واجتحنا بلادهم، صحيح أن بعضهم سيئون وإرهابيون، ولكن لا يجوز أن نلون الدِّين كله بفرشاتنا العريضة”.
حين قرأت الخبر شعرت بمزيج من الصدمة والامتنان لسببين: أحدهما لأنه صادر عن ممثل امريكي يعتنق اليهودية ، ويعتبر شخصية عامة مشهورة لها ثقلها ووزنها، وفي برنامج له جمهور كبير ومؤثر، والسبب الثاني حين قارنت بين ما أسمعه في العالم العربي، خصوصا من بعض ما يصدر عن سياسيين ومثقفين حول اتهام الإسلاميين وأحيانا الإسلام بالتطرف والإرهاب ، فيما لم يتردد هذا الممثل عن إشهار الحقيقة التي يعتقدها رغم أنه يعرف بأنه سيدفع ثمنها لاحقا.
ليست هذه المرة الوحيدة التي نتجاهل فيها مثل هذه الأصوات الشجاعة التي وقفت الى جانبنا ،وتعاطفت مع قضايانا ، ففي الأسبوع الماضي مرَّ القرار الذي اتخذته الحكومة السويدية الجديدة واعترفت بموجبه بالدولة الفلسطينية بلا أي صدى في عالمنا العرب ، ومن المفارقات ان الحكومة الإسرائيلية استدعت سفير السويد في تل ابيب الحكومة لإبلاغه احتجاجها على القرار فيما لم نسمع ان عواصمنا العربية والاسلامية استدعت اي سفير سويدي لإبلاغه عن تقديرها لهذا الموقف.
المواقف التي جاءتنا على طبق”الانصاف” من شخصيات ومؤسسات وأحيانا حكومات غربية اكثر من ان تحصى، خذ مثلا المواقف المشرفة التي عبرت عنها دول امريكيا اللاتينية احتجاجا على العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، وخذ ايضا خطاب رئيسة وزراء الارجنتين في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي كشفت فيه ازدواجية المعايير التي يتعامل بها الغرب مع العرب والمسلمين ، وخذ ثالثا حملة المقاطعة التي قادتها النقابات العمالية في بريطانيا للبضائع الإسرائيلية، خاصة التي تنتجها المستوطنات ، والحملة الاأخرى التي قام بها بعض الاساتذة والاكاديميين في الجامعات البريطانية لمقاطعة عدد من الجامعات الإسرائيلية .
قائمة الانصاف بالطبع طويلة تضم مفكرين وصحفيين وفنانين وسياسيين ،كما ان قائمة الاحتجاجات التي يقوم بها الآخرون بالنيابة عنا ، ودفاعا عن قضايانا طويلة جدا ،لكن لا ننسى ان قائمة الخيبة التي نداري بها صمتنا وكسلنا وانشغالنا ضد قضايانا طويلة ايضا..المؤسف حقا اننا لا نكتفي بعدم الاحتجاج والصمت وانما نصرّ على مكافأة هؤلاء بمزيد من اهمالهم وجلد ذاتنا والاساءة اليها وبمزيد من التطبيع مع اعدائنا وبمزيد من كراهية العالم الذي يبادرنا التحية وكأننا نقول لهم: وفروا خدماتكم.. فنحن ادرى بمصالحنا.. أيُّ بؤس هذا؟
لكي لا استطرد في سرد ما يفعله الاخرون بالنيابة عنا اعترف ان هناك سؤالين ما زلت مشغولا بالاجابة عنهما ، الاول : كيف يمكن ان نساند هؤلاء الذي وقفوا الى جانبنا وكيف نشد على ايديهم ، وقبل ذلك الا يستحقون ان نعبر لهم عن عميق الاحترام وبالغ التقدير و نرد التحية عليهم بأحسن منها ، اما السؤال الثاني فهو : لماذا قصَّرنا في ذلك ؟ هل ما زلنا نتصور مثلا ان الاخرين –كلهم -مهما اختلفت اديانهم او جنسياتهم مجرد شياطين وان “ملة الكفر واحدة” ام نتصور ان من واجبهم ان يدافعوا عنا باعتبار ان الأمم الاخرى مسخرة لخدمتنا ، ومدعوة للتقدم والعمل بالنيابة عنهم ، ومطلوب منها ان تصغي الينا ، وتتنازل عن “معتقداتها” لصالحنا ، أم أننا ما نزال نشك في مواقفهم ونعتبرها احيانا محاولة لتزيين صورة الغرب أو أنها ربما تعبير عن تأنيب الضمير او مجرد عملية تقاسم أدوار لا أكثر ولا أقل.
مهما تكن الإجابة ، ألا يفترض أن تدفعنا مثل هذه المواقف لكي ننظر بعيون أخرى للانسانية التي لا تخلو من خير ، والى حقيقة المجتمعات الحية التي لا تنجر وراء ما تصدره حكوماتها من مقررات ظالمة ، أو ممارسات تنتهك حقوق الإنسان ، أي إنسان؟؟ اليس من واجبنا ان نقول :شكرا لنظرائنا في الخلق والانسانية الذين غضبوا بالنيابة عنا ، ورفعوا اصواتهم للدفاع عن صورتنا والمطالبة ببعض حقوق المظلومين في بلادنا.. ليت أن نخبنا تتعلم منهم أو تمد يدها لهم ..يا ليت.
الدستور
ولمن فاته قراءة الخبر الذي مر للأسف دون أن ننتبه اليه، فقد كان الممثل افليك ضيفا في حلقة من برنامج “ريل تايم” مع “بيل ماهر” المعروف بميوله اليسارية المتطرفة على شبكة “أتش بي أو” ، وحين دخل ضيف آخر هو الفيلسوف “سام هاريس” على البرنامج وأخذ ينتقد الإسلام سارع أفليك للرد بغضب قائلا :”هذا الكلام مقزز وعنصري”. وأضاف : “هل أنت خبير في الدِّين الإسلامي؟ “هناك مليار شخص ليسوا متطرفين ولا يسيئون إلى النساء ويريدون الذهاب إلى المدارس والصلاة خمس مرات في اليوم ولا يقومون بأي من الأمور التي تقول إن المسلمين يقومون بها ، ثم أضاف :”نتهمهم بالإرهاب بينما نحن قتلنا منهم أكثر مما قتلوا منا، واجتحنا بلادهم، صحيح أن بعضهم سيئون وإرهابيون، ولكن لا يجوز أن نلون الدِّين كله بفرشاتنا العريضة”.
حين قرأت الخبر شعرت بمزيج من الصدمة والامتنان لسببين: أحدهما لأنه صادر عن ممثل امريكي يعتنق اليهودية ، ويعتبر شخصية عامة مشهورة لها ثقلها ووزنها، وفي برنامج له جمهور كبير ومؤثر، والسبب الثاني حين قارنت بين ما أسمعه في العالم العربي، خصوصا من بعض ما يصدر عن سياسيين ومثقفين حول اتهام الإسلاميين وأحيانا الإسلام بالتطرف والإرهاب ، فيما لم يتردد هذا الممثل عن إشهار الحقيقة التي يعتقدها رغم أنه يعرف بأنه سيدفع ثمنها لاحقا.
ليست هذه المرة الوحيدة التي نتجاهل فيها مثل هذه الأصوات الشجاعة التي وقفت الى جانبنا ،وتعاطفت مع قضايانا ، ففي الأسبوع الماضي مرَّ القرار الذي اتخذته الحكومة السويدية الجديدة واعترفت بموجبه بالدولة الفلسطينية بلا أي صدى في عالمنا العرب ، ومن المفارقات ان الحكومة الإسرائيلية استدعت سفير السويد في تل ابيب الحكومة لإبلاغه احتجاجها على القرار فيما لم نسمع ان عواصمنا العربية والاسلامية استدعت اي سفير سويدي لإبلاغه عن تقديرها لهذا الموقف.
المواقف التي جاءتنا على طبق”الانصاف” من شخصيات ومؤسسات وأحيانا حكومات غربية اكثر من ان تحصى، خذ مثلا المواقف المشرفة التي عبرت عنها دول امريكيا اللاتينية احتجاجا على العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، وخذ ايضا خطاب رئيسة وزراء الارجنتين في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي كشفت فيه ازدواجية المعايير التي يتعامل بها الغرب مع العرب والمسلمين ، وخذ ثالثا حملة المقاطعة التي قادتها النقابات العمالية في بريطانيا للبضائع الإسرائيلية، خاصة التي تنتجها المستوطنات ، والحملة الاأخرى التي قام بها بعض الاساتذة والاكاديميين في الجامعات البريطانية لمقاطعة عدد من الجامعات الإسرائيلية .
قائمة الانصاف بالطبع طويلة تضم مفكرين وصحفيين وفنانين وسياسيين ،كما ان قائمة الاحتجاجات التي يقوم بها الآخرون بالنيابة عنا ، ودفاعا عن قضايانا طويلة جدا ،لكن لا ننسى ان قائمة الخيبة التي نداري بها صمتنا وكسلنا وانشغالنا ضد قضايانا طويلة ايضا..المؤسف حقا اننا لا نكتفي بعدم الاحتجاج والصمت وانما نصرّ على مكافأة هؤلاء بمزيد من اهمالهم وجلد ذاتنا والاساءة اليها وبمزيد من التطبيع مع اعدائنا وبمزيد من كراهية العالم الذي يبادرنا التحية وكأننا نقول لهم: وفروا خدماتكم.. فنحن ادرى بمصالحنا.. أيُّ بؤس هذا؟
لكي لا استطرد في سرد ما يفعله الاخرون بالنيابة عنا اعترف ان هناك سؤالين ما زلت مشغولا بالاجابة عنهما ، الاول : كيف يمكن ان نساند هؤلاء الذي وقفوا الى جانبنا وكيف نشد على ايديهم ، وقبل ذلك الا يستحقون ان نعبر لهم عن عميق الاحترام وبالغ التقدير و نرد التحية عليهم بأحسن منها ، اما السؤال الثاني فهو : لماذا قصَّرنا في ذلك ؟ هل ما زلنا نتصور مثلا ان الاخرين –كلهم -مهما اختلفت اديانهم او جنسياتهم مجرد شياطين وان “ملة الكفر واحدة” ام نتصور ان من واجبهم ان يدافعوا عنا باعتبار ان الأمم الاخرى مسخرة لخدمتنا ، ومدعوة للتقدم والعمل بالنيابة عنهم ، ومطلوب منها ان تصغي الينا ، وتتنازل عن “معتقداتها” لصالحنا ، أم أننا ما نزال نشك في مواقفهم ونعتبرها احيانا محاولة لتزيين صورة الغرب أو أنها ربما تعبير عن تأنيب الضمير او مجرد عملية تقاسم أدوار لا أكثر ولا أقل.
مهما تكن الإجابة ، ألا يفترض أن تدفعنا مثل هذه المواقف لكي ننظر بعيون أخرى للانسانية التي لا تخلو من خير ، والى حقيقة المجتمعات الحية التي لا تنجر وراء ما تصدره حكوماتها من مقررات ظالمة ، أو ممارسات تنتهك حقوق الإنسان ، أي إنسان؟؟ اليس من واجبنا ان نقول :شكرا لنظرائنا في الخلق والانسانية الذين غضبوا بالنيابة عنا ، ورفعوا اصواتهم للدفاع عن صورتنا والمطالبة ببعض حقوق المظلومين في بلادنا.. ليت أن نخبنا تتعلم منهم أو تمد يدها لهم ..يا ليت.
الدستور