قانون يحكم سلوك النواب في الأردن
د. ليث نصراوين
جو 24 :
لم تكن لتهدأ الخواطر بعد حادثة الاعتداء التي قام بها النائب يحيى السعود على النائب جميل النمري والتي استخدم بها نوع جديد من الأسلحة البيضاء هي فردة حذاء لم يتوان النائب السعود عن قذفها في وجه زميله النمري داخل أروقة مجلس النواب حتى تفاجأنا بنائب آخر هو محمد الشوابكة يبادر إلى استعمال نفس الآداة الجرمية في مواجهة النائب السابق منصور سيف الدين مراد قبل أن يقوم بإشهار مسدسه في وجهه، ولكن هذه المرة على الهواء مباشرة وأثناء مناظرة تلفزيونية جمعتهما.
ففي ظل استمرار تردي سلوك السادة النواب إلى مرحلة أقل ما يمكن القول عنها أنها غير حضارية ولا تتناسب مع ما يتمتع به الأردن من سمعة عربية ودولية، فقد آن الآوان أكثر من أي وقت مضى للتصدي لهذه الظاهرة ومعالجتها وذلك من خلال وضع معايير واضحة تحكم سلوك السادة النواب أثناء فترة خدمتهم النيابية، بحيث تكون واجبة التطبيق عليهم أثناء انعقاد جلسات مجلس النواب، أو خلال أية أنشطة عامة أخرى يتداعون إليها بصفتهم النيابية. وما يزيد من أهمية هذا الأمر اللامسؤولية الغريبة التي تظهرها رئاسة مجلس النواب في التعاطي مع هذه الظاهرة المتزايدة على الرغم من تعدد أوجه السلطات والصلاحيات التي أقرتها لها التشريعات الأردنية ذات الصلة المتمثلة في إدارة جلسات مجلس النواب في النظام الداخلي لمجلس النواب، وكذلك اللامبالاة التي تسود بين السادة النواب وهم يرون زملاؤهم يتفننون في إظهار مهاراتهم القتالية في رمي الأحذية واللعب بالمسدسات جهرا أمام وسائل الإعلام، والتي من شأنها أن تجر مجلس النواب إلى شفير الهاوية، وأن تمس هيبة المجلس النيابي الذي يفترض أن يكون له قدسية واجبة الاحترام بصفته يحوي ممثلين منتخبين عن الشعب الأردني لينوبوا عنهم في مهمتي التشريع والرقابة على أعمال الحكومة.
ومن الحلول التي تقدمت بها الأصوات المستنكرة لما يقترفه السادة النواب من أفعال مشينة يندى لها الجبين إقرار مدونة سلوك تتضمن قواعد تحكم سلوك السادة النواب ومجموعة من المبادئ الأخلاقية التي يفترض على النائب أن يتحلى بها أثناء فترة تواجده في مجلس النواب أو في الأماكن العامة بصفته النيابية.
إن أي مدونة سلوك سيصدرها مجلس النواب ستكون طبيعتها الدستورية والقانونية مجرد قرار صادر بالإجماع عن أعضاء السادة النواب، وستتضمن قواعد سلوك ومبادئ أخلاقية تحكم سلوكهم وتصرفاتهم، إلا أنها بالتأكيد ستفتقر إلى آلية جزائية واضحة تضمن التزام السادة النواب بما جاء فيها من أحكام وقواعد وتفرض عقوبات جزائية على من يخالفها. وعلى فرض أن السادة النواب قد وافقوا على تضمين مدونة السلوك الخاصة بهم عقوبات جزائية، فإن إيقاع مثل هذه الجزاءات على أي نائب مخالف ستخضع لميول وأهواء السادة النواب وسيكون للعوامل الإقليمية والجغرافية أثر كبير في محاباة النواب لبعضهم البعض. كما سيكون لنواب "الفزعة" الدور الأكبر في تفادي تطبيق أحكام المدونة والعقوبات التي ستتضمنها وذلك من خلال محاولة ترطيب الأجواء وحل المشكلة وديا، مما سيقلل من أهمية مدونة السلوك ودورها الذي يفترض أنها قد وضعت من أجله. هذا بالإضافة إلى أن إناطة مهمة تطبيق مدونة السلوك بالسادة النواب سيجعل منهم الخصم والحكم في أية مخالفة مسلكية يرتكبها أي من أعضاء المجلس، وهو ما يتعارض مع أبسط مبادئ العدالة وحقوق الإنسان.
لذا، فالبديل الأفضل لتفادي المشاكل السابقة أن يصدر قانون خاص يحكم سلوك السادة النواب وتصرفاتهم أثناء فترة عملهم في المجلس، وأن يتضمن قواعد قانونية عامة ومجردة لها صفة الإلزامية يجب على النواب التقيد بها وذلك تحت طائلة إيقاع جملة من العقوبات الجزائية المحددة في القانون، على أن ينعقد الاختصاص في الفصل في أية مخالفات لنصوص وأحكام ذلك القانون للقضاء النظامي وذلك أسوة بأي قانون آخر نافذ المفعول.
من هنا فإن الحكومة مدعوة إلى أن تتقدم لمجلس النواب بمشروع قانون لسلوك أعضاء مجلس النواب والذي يمكن أن يتسع تطبيقه ليشمل أعضاء مجلس الأعيان، وإن كانت الحاجة إليه في مجلس الأعيان أقل وذلك بسبب ما يمتاز به السادة الأعيان من احترام وتقدير عاليين، ومراكز اجتماعية مميزة تجعلهم يترفعون عن المهازل التي يرتكبها أعضاء مجلس النواب.
ولا يرد القول بأن البرلمان البريطاني قد ضمّن قواعد السلوك الخاصة بأعضائه المنتخبين في مدونة سلوك وليس في تشريع قانوني كي يسير البرلمان الأردني على نهجه وخطاه ويصدر مدونة سلوك خاصة بالنواب الأردنيين، ذلك أن البرلمان البريطاني له سموه التاريخي الذي اكتسبه جراء عدم وجود دستور مكتوب في الدولة، بحيث أصبح البرلمان في مرتبة دستورية عالية يحظر معها على رجال الشرطة مجرد التفكير في دخوله أو التفتيش في أروقته.
إلا أنه وفي غير البرلمان البريطاني نجد أن معظم المجالس المنتخبة قد أصدرت قوانين خاصة تحكم سلوك النواب فيهم وتعرضهم لعقوبات جزائية في حال مخالفتهم أي من القواعد القانونية الواردة فيه، كالبرلمان الاسكوتلندي والبرلمان الكندي، وهو الأمر الذي يجعل من اقتراح إصدار قانون يحكم سلوك أعضاء مجلس النواب الأردني جدير بالتطبيق في أقرب وقت ممكن.
لم تكن لتهدأ الخواطر بعد حادثة الاعتداء التي قام بها النائب يحيى السعود على النائب جميل النمري والتي استخدم بها نوع جديد من الأسلحة البيضاء هي فردة حذاء لم يتوان النائب السعود عن قذفها في وجه زميله النمري داخل أروقة مجلس النواب حتى تفاجأنا بنائب آخر هو محمد الشوابكة يبادر إلى استعمال نفس الآداة الجرمية في مواجهة النائب السابق منصور سيف الدين مراد قبل أن يقوم بإشهار مسدسه في وجهه، ولكن هذه المرة على الهواء مباشرة وأثناء مناظرة تلفزيونية جمعتهما.
ففي ظل استمرار تردي سلوك السادة النواب إلى مرحلة أقل ما يمكن القول عنها أنها غير حضارية ولا تتناسب مع ما يتمتع به الأردن من سمعة عربية ودولية، فقد آن الآوان أكثر من أي وقت مضى للتصدي لهذه الظاهرة ومعالجتها وذلك من خلال وضع معايير واضحة تحكم سلوك السادة النواب أثناء فترة خدمتهم النيابية، بحيث تكون واجبة التطبيق عليهم أثناء انعقاد جلسات مجلس النواب، أو خلال أية أنشطة عامة أخرى يتداعون إليها بصفتهم النيابية. وما يزيد من أهمية هذا الأمر اللامسؤولية الغريبة التي تظهرها رئاسة مجلس النواب في التعاطي مع هذه الظاهرة المتزايدة على الرغم من تعدد أوجه السلطات والصلاحيات التي أقرتها لها التشريعات الأردنية ذات الصلة المتمثلة في إدارة جلسات مجلس النواب في النظام الداخلي لمجلس النواب، وكذلك اللامبالاة التي تسود بين السادة النواب وهم يرون زملاؤهم يتفننون في إظهار مهاراتهم القتالية في رمي الأحذية واللعب بالمسدسات جهرا أمام وسائل الإعلام، والتي من شأنها أن تجر مجلس النواب إلى شفير الهاوية، وأن تمس هيبة المجلس النيابي الذي يفترض أن يكون له قدسية واجبة الاحترام بصفته يحوي ممثلين منتخبين عن الشعب الأردني لينوبوا عنهم في مهمتي التشريع والرقابة على أعمال الحكومة.
ومن الحلول التي تقدمت بها الأصوات المستنكرة لما يقترفه السادة النواب من أفعال مشينة يندى لها الجبين إقرار مدونة سلوك تتضمن قواعد تحكم سلوك السادة النواب ومجموعة من المبادئ الأخلاقية التي يفترض على النائب أن يتحلى بها أثناء فترة تواجده في مجلس النواب أو في الأماكن العامة بصفته النيابية.
إن أي مدونة سلوك سيصدرها مجلس النواب ستكون طبيعتها الدستورية والقانونية مجرد قرار صادر بالإجماع عن أعضاء السادة النواب، وستتضمن قواعد سلوك ومبادئ أخلاقية تحكم سلوكهم وتصرفاتهم، إلا أنها بالتأكيد ستفتقر إلى آلية جزائية واضحة تضمن التزام السادة النواب بما جاء فيها من أحكام وقواعد وتفرض عقوبات جزائية على من يخالفها. وعلى فرض أن السادة النواب قد وافقوا على تضمين مدونة السلوك الخاصة بهم عقوبات جزائية، فإن إيقاع مثل هذه الجزاءات على أي نائب مخالف ستخضع لميول وأهواء السادة النواب وسيكون للعوامل الإقليمية والجغرافية أثر كبير في محاباة النواب لبعضهم البعض. كما سيكون لنواب "الفزعة" الدور الأكبر في تفادي تطبيق أحكام المدونة والعقوبات التي ستتضمنها وذلك من خلال محاولة ترطيب الأجواء وحل المشكلة وديا، مما سيقلل من أهمية مدونة السلوك ودورها الذي يفترض أنها قد وضعت من أجله. هذا بالإضافة إلى أن إناطة مهمة تطبيق مدونة السلوك بالسادة النواب سيجعل منهم الخصم والحكم في أية مخالفة مسلكية يرتكبها أي من أعضاء المجلس، وهو ما يتعارض مع أبسط مبادئ العدالة وحقوق الإنسان.
لذا، فالبديل الأفضل لتفادي المشاكل السابقة أن يصدر قانون خاص يحكم سلوك السادة النواب وتصرفاتهم أثناء فترة عملهم في المجلس، وأن يتضمن قواعد قانونية عامة ومجردة لها صفة الإلزامية يجب على النواب التقيد بها وذلك تحت طائلة إيقاع جملة من العقوبات الجزائية المحددة في القانون، على أن ينعقد الاختصاص في الفصل في أية مخالفات لنصوص وأحكام ذلك القانون للقضاء النظامي وذلك أسوة بأي قانون آخر نافذ المفعول.
من هنا فإن الحكومة مدعوة إلى أن تتقدم لمجلس النواب بمشروع قانون لسلوك أعضاء مجلس النواب والذي يمكن أن يتسع تطبيقه ليشمل أعضاء مجلس الأعيان، وإن كانت الحاجة إليه في مجلس الأعيان أقل وذلك بسبب ما يمتاز به السادة الأعيان من احترام وتقدير عاليين، ومراكز اجتماعية مميزة تجعلهم يترفعون عن المهازل التي يرتكبها أعضاء مجلس النواب.
ولا يرد القول بأن البرلمان البريطاني قد ضمّن قواعد السلوك الخاصة بأعضائه المنتخبين في مدونة سلوك وليس في تشريع قانوني كي يسير البرلمان الأردني على نهجه وخطاه ويصدر مدونة سلوك خاصة بالنواب الأردنيين، ذلك أن البرلمان البريطاني له سموه التاريخي الذي اكتسبه جراء عدم وجود دستور مكتوب في الدولة، بحيث أصبح البرلمان في مرتبة دستورية عالية يحظر معها على رجال الشرطة مجرد التفكير في دخوله أو التفتيش في أروقته.
إلا أنه وفي غير البرلمان البريطاني نجد أن معظم المجالس المنتخبة قد أصدرت قوانين خاصة تحكم سلوك النواب فيهم وتعرضهم لعقوبات جزائية في حال مخالفتهم أي من القواعد القانونية الواردة فيه، كالبرلمان الاسكوتلندي والبرلمان الكندي، وهو الأمر الذي يجعل من اقتراح إصدار قانون يحكم سلوك أعضاء مجلس النواب الأردني جدير بالتطبيق في أقرب وقت ممكن.