2024-05-20 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

لا رئة اليوم لأي مظلوم.. مجنون يحكي وعاقل يسمع

لا رئة اليوم لأي مظلوم.. مجنون يحكي وعاقل يسمع
جو 24 : تامر خرمه- كان يا مكان، قبل انقراض الإنصاف وهيمنة البيروقراطية تماماً على مجمل الدوائر الرسميّة، لجان تعمل في الديوان الملكي وفي رئاسة الوزراء.. لجان ليست كتلك التي نعرفها اليوم، والتي يتلخص مجمل عملها في إلقاء الشكاوى والتظلّمات في سلّة المهملات.

لجان الماضي كانت رئة الناس التي تحول دون اختناقهم بكتل البيروقراطيّة التي تتكدّس في تجاهل المسؤولين للمطالب المشروعة، حيث كان بإمكان كلّ من لديه مظلمة التقدّم بكتاب رسميّ أو رسالة توضح شكواه إلى الديوان الملكي أو إلى رئاس الوزراء، ليتمّ إنصافه في حال تبيّن عدالة قضيّته.

في ذلك الوقت كان هناك لجان مختصّة تقوم بدراسة الحالة والاستماع إلى كلّ الأطراف واتّخاذ القرار المناسب فيما إذا كانت تستحقّ تدخّل الملك أو رئيس الوزراء بشكل مباشر، آنذاك كان بإمكان المواطن أن يلجأ إلى مرجعيّة عليا في حال أغلق باب أيّ مسؤول.

قضايا عامّة –أو شخصيّة تحمل طابعاً عامّاً- ووثائق، وعرائض مروّسة بتواقيع المتظلّمين، كانت تجد طريقها إلى المرجعيّات العليا، ليأخذ كلّ ذي حقّ حقّه دون تعقيد أو تأزيم.

ما الذي حصل اليوم؟ مبدأ غريب ساد في عمل لجان الحاضر، ويتلخّص في تحويل الخصم إلى حكم.. كيف؟!

التظلّمات الناجية من حمّى الإلقاء في سلّة المهملات باتت تحال إلى "صاحب العلاقة".. وبالعربي البسيط إذا كانت لديك شكوى أو مظلمة ضدّ مسؤول أو وزير، ومضيت إليه فوجدت الباب مغلقاَ في وجهك، يمكنك أن تلجأ إلى الديوان الملكي أو إلى الدوّار الرابع، ولكن شكواك ستعود إلى ذات الخصم-الحكم!!

حسن.. ما هو البديل الوحيد المتاح أمامك الآن؟ هل يوجد غير الشارع؟

عندما ضاقت السبل بعمّال الموانئ وغيرهم في مختلف القطاعات، كان الإضراب والاعتصام الوسيلة الوحيدة التي أتيحت لهم لإيصال أصواتهم.. فإهمال الشكاوى أو إحالتها إلى الخصم، دفع الناس دفعاً إلى اختيار النزول إلى الشارع والمطالبة بحقوقهم.

وبعد هذا يلقي المسؤولون باللوم على المحتجّين، بل وفي كثير من الأحيان تتمّ شيطنتهم وكأنّهم هم من أغلق أبواب الحوار!!

كثيرة هي القضايا التي مرّت بكافّة المراحل المطلوبة وطرق أصحابها كلّ الأبواب دون جدوى، قبل أن يفرض خيار الاعتصام نفسه.. فلو كانت هنالك لجان متفانية في عملها، تسمع الناس وتجري الحوار وتقوم بإنصاف المظلوم، استنادا إلى مبدأ أن الشارع هو أساس الحكم، لما احتاج أحد إلى التظاهر أو التصعيد عبر أيّ من أشكال الاحتجاج.

ولكن رغم الخلل الإداري، والعجز عن تصريف الأزمات واحتوائها، يتمّ إلقاء اللوم على المتظلّمين بل ومعاقبتهم في معظم الحالات، من خلال قوّات الدرك أو غير ذلك من وسائل القمع.

الفشل الإداري تجري معالجته بحلول أمنيّة!! هذا ما يلجأ إليه المتسبّبون بتأزيم الأوضاع، هل حقّاً تعتقدون أن هذا هو الحلّ؟ وإلى أين تتوقّعون أنّكم تدفعون الناس ؟ هلاّ من حريص يدرك أبعاد هذا الوضع ؟ يعني بصراحة "مجنون يحكي وعاقل يسمع"!!
تابعو الأردن 24 على google news