هل وصل الأردن إلى نقطة "اللاعودة" تجاه الأزمة السورية ?!
ماجد الدباس - تشي تصريحات رئيس الوزراء الدكتور فايز الطراونة من براغ حول استحالة حل الأزمة السورية عبر الحوار، بتوجه الأردن الرسمي نحو مرحلة جديدة بالتعاطي مع ما يدور وراء حدوده الشمالية التي يواصل فيها النظام الحاكم قمع الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت شرارتها من مدينة درعا الحدودية.
وتأتي تصريحات الطراونة خلال زيارته الأوروبية لدفع صناع القرار العالمي للتحرك تجاه استمرار الاقتحامات للمدن وإراقة دماء المدنيين ونزوح أعداد كبيرة منهم للمملكة التي تعاني أصلاً من عجز بالموازنة وضغط على البنية التحتية وشح بالمياه.
كما أن هذه التصريحات التي جاءت من وراء المتوسط ترسل بخبر عاجل للأوروبيين والعالم مفاده أن الأردن وإن كان بحاجة للدعم المالي لمواجهة قضية اللاجئين إلا أن الأهم هو حل المشكلة بشكل كامل .
ولا شك أن البديل للخيار السلمي الحواري هو التدخل العسكري وهو الأكثر تكلفة على المملكة وعلى أمنها الوطني، لأن النظام هناك سيسعى لتصدير ذلك إلى الجوار وحتماً سيكون الأردن هو الوجهة الأمثل للسوريين إذا ما سمح باستخدام أراضيه أو تدخل بشكل مباشر بالأزمة، وللنظام هناك تجارب سابقة حول ذلك، وفق ما يقوله أمين عام حزب الوحدة الشعبية الدكتور سعيد ذياب .
ذياب الذي يخالف وحزبه الطراونة يرى أن الحوار ما زال ممكناً ويتطلع إلى تحفيز الحس القومي، حيث لا يجدُ مناصاً من الحوار، لأن التدخل الأجنبي يعني جريمة جديدة بحق الأمة العربية وتفتيت الدولة السورية ذات الطوائف المتعددة على غرار التجربة العراقية التي حمل الأردن وزر لاجئيها، وبذلك فإن تحمل نزوح السوريين هو الأقل تكلفة من التدخل المباشر.
ويذهب ذياب لانعكاسات هذا التصريح على الداخل الأردني المنقسم تجاه ما يحدث في الشمال، فلا شك ان هكذا تصريح سيعمق الأزمة الداخلية في عمان، وهذا ما يدحضه الكاتب والمحلل السياسي عمر العياصرة الذي ينكر تأثير مثل هذا التصريح على موقف الشارع الأردني، الذي سيتأثر بدوره من نتائج الأزمة السورية وسقوط النظام وليس مما يدور على الأرض حالياً.
العياصرة يقول ان هذا التصريح خارج عن الدبلوماسية الأردنية التي تحلى بها منذ البداية تجاه سوريا، ويراه "زلة لسان مبنية على موقف شخصي صدر عن الطراونة وقد يتراجع عنه لاحقاً".
ويتفق رأي العياصرة مع ما ذهب إليه نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين زكي بن رشيد الذي يعتقد بأن الحكومة ستتراجع عن تصريح رئيسها إذا ما واجهت رداً سورياً قوياً .
ويعتقد بني ارشيد ان هناك إشارات وصلت الحكومة مؤخراً بوجود تفسخ داخل نظام جارتها الشمالية، إضافة إلى ما يدور على الأرض من أحداث في قلب العاصمة السورية دمشق ، لكن الموقف الرسمي سيدور في فلك الموقف الأمريكي والخليجي وسيحافظ مطبخ القرار على "خط الرجعة".
بدوره يقول الأمين العام لحزب الوسط الإسلامي الدكتور محمد الحاج أن الأزمة في سوريا وصلت إلى مرحلة اللاعودة، مشيرا إلى صعوبة تحقيق اختراق سياسي بالأزمة، واستحالة تنحي الأسد حتى لو أفنى الشعب السوري كله، ما يستوجب على الأردن التحرك وطلب التدخل العسكري.
ويستدرك الحاج بتمنيه أن يكون تدخلاً عسكرياً عربياً لأن التدخل الأجنبي سيكون كارثياً .
ويرى الحاج أن هذه التصريحات لا تعدو كونها تغيراً وفق ما يدور على الساحة السورية الداخلية وتغير الموقف في الميدان السوري وما جرى في وسط العاصمة دمشق يوم الاثنين دليل ذلك .
النائب بسام حدادين الذي بدى حريصاً وهو يصرح لـjo24 اعتبر ان الموقف العربي هو الذي يحرك الأردن واعتبر ان تصاعد العنف في سوريا سيغير بوصلة السياسة العربية في القريب العاجل.
وقال حدادين انه ليس صحيحا أن الأردن يحابي ويراعي النظام السوري ؛ لكن تطور الموقف في عمان مرهون بالمحيط الإقليمي والدولي .
أما وجهة النظر الحكومية في تصريحات الطراونة فقد نقلها وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة سميح المعايطة الذي أكد أن الاردن يرفض التدخل العسكري لكنه مع ايقاف شلال الدماء هناك .
ودافع المعايطة عن تصريح رئيس حكومته بأن كلامه "أي الطراونة " يتوافق مع التوجهات و القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
وبتواصل الأزمة السورية وعدم بروز أي بصيص أمل لحلها وإنهاء النزاع المستفحل فيها منذ أكثر من عام يبقى السؤال المطروح فوق الطاولة وتحتها عن موقع الدم السوري النازف من الإعراب ؟!