مبادرة (عمان) لرأب الصدع العربي..ولم لا ؟!
حسين الرواشدة
ما العمل اذن ؟ قبل ان اجيب لابد من الاشارة الى ان الثمن الذي تدفعه بلداننا من وراء هذه الحروب والصراعات سيكون باهظا بكل الحسابات وان الاستمرار فيها ربما (لعشرة اعوام او ثلاثين عاما) يعني ان اجيالنا وابناءنا واحفادنا سيقضون اعمارهم في دروب التيه ولن يتمكنوا من رؤية اخر النفق لمئة عام وربما اكثر، وبالتالي فان اقرب واسهل وافضل طريق لوضع حد لهذه الدوامة من الخراب الشامل هو طريق الحوار، نعم الحوار ولا شيء غيره ، ذلك انه يمكن ان نوفر على انفسنا ملاين القتلى والجرحى والمشردين واقساط ضخمة من الآلام والحسرات والتشوهات النفسية والاجتماعية بكبسة زر واحدة على مفتاح الحوار والتفاهم، تماما كما فعل غيرنا من الامم التي اهتدت بعد حروب طاحنة الى معاهدات صلح لا غالب فيها ولا مغلوب .
على هذه القاعدة يمكن لـ»عمان» التي سبق ومدت يدها لاشقائها المتحاربين والمختلفين لكي تدعوهم الى الوفاق والاتفاق، او لكي تشجع اتباع المذاهب الاسلامية على اللقاء والحوار، او اتباع الاديان السماوية على الوئام ان تطلق مبادرة جديدة في هذا السياق .
هل يمكن ذلك الان ؟ نعم ، سواء على صعيد السياسة والفاعلين فيها او على صعيد الدين وعلمائه ورجاله يمكن لعمان ان تتحرك في هذا الاتجاه، وقد حدث قبل ايام ان نهض من هنا عدد من العلماء المسلمين (عددهم نحو 127) بارسال رسالة الى البغدادي للرد على المقولات التي اعتمد عليها في اشهار الدولة والخلافة والجهاد، ويمكن ان تؤسس هذه الرسالة لمؤتمر اسلامي عالمي يشارك فيه ممثلون عن علماء المذاهب والمدارس الاسلامية المعتبرة لتأسيس مواقف صلبة تساعد المسلمين على الخروج من هذه المحنة، وتوحد علماءهم على كلمة سواء، كما يمكن في تجاه مواز ان تنهض عمان لعقد مؤتمر سياسي او اطلاق مباردة « وفاق « تجمع الدول الفاعلة في الاقليم - بما فيها تركيا وايران ومصر السعودية -بحيث تتضمن ما يمكن اتخاذه من مقررات واجراءات لوقف نزيف الدم وطي صفحة الصراع الدائر في منطقتنا على اساس الطائفة والمذهب، وانهاء الحرب القائمة في اطار الدين الواحد.
مسألتان تشغلان عمان هذه الايام: مسألة العدوان الاسرائيلي على الاقصى والمقدسات، ومسألة الحرب الاهلية الدائرة داخل البيت الاسلامي، وكلاهما يستحقان ان نتحرك باتجاه جمع اشلاء امتنا وتوحيد كلمتها، فنحن وحدنا لانستطيع ان ننهض بالواجب، ونحن بما يمكن ان نفعله بمشاركة اخواننا يمكن ان نستدرك اخطارا كبيرة تهددنا كما تهدد جيراننا،ولهذا فان اية حركة او مبادرة نطلقها ستصب في الاتجاه الصحيح.
دعونا نفكر جديا في اطلاق اية مبادرة تعيد السلام والامل لبلداننا المتناحرة، وتنهي حالة الانقسام او تضمن على الاقل وقف الخسائر وعدم تصاعدها، دعوا عمان تتحرك، كما فعلت دائما، نحو واجب لا تستطيع اية عاصمة غيرها ان تقوم به في هذا الزمن العربي الحزين.
الدستور