2015: عــــام الانـهــيــارات..!!
حسين الرواشدة
جو 24 : اذا كان هذا العام الذي نوشك ان نودعه ختم مرحلة «الانفجارات» في عالمنا العربي فان العام القادم الذي نتهيأ لاستقباله سيكون عام «الانهيارات» الشاملة بامتياز.
يمكن بالطبع ان نرصد سلسلة الانهيارات التي تمت في الاعوام الاربعة المنصرفة ، ابتداء من سقوط بعض الانظمة والاحزاب وصولا الى سقوط الضمائر والافكار والمفاهيم والنظريات، لكن هذا السقوط كان اشبه بحالة «تصدع» اصابت بنيان وعمران الذات العربية، ( انهيار جزئي ان شئت ) وكان يفترض ان تنهض المجتمعات لرأبه واعادة البناء ، وهو للاسف ما لم يتم لاسباب نعرفها ، الامر الذي ساهم في تسارع الارتدادات واقتراب موعد « الانهيار» الشامل.
قبل ان اضع بين يدي القارئ العزيز قائمة المرشحين «للانهيار» استأذن بتسجيل ملاحظتين للتوضيح : احداهما ان الانهيارات التي اقصدها تتعلق بمرحلة تاريخية محددة شهدنا فيها بروز «وهم « دولة ما بعد الاستقلال الوطني ، ومع ان جذور هذه المرحلة تضرب في اعماق خزان تجربتنا التاريخية والحضارية الطويلة الا انها استخلصت من هذه التجربة اسوأ ما فيها ، وبالتالي فان انهيار قواعد هذه المرحلة لا يحمل اخبارا سيئة في المجمل ، رغم ما فيه من آلام وتضحيات وخراب ودمار، وانما قد يكون مناسبة لولادات جديدة ، ربما لا تكون الان معروفة او مفهومة ،لكنها ستكون مختلفة تماما.
اما الملاحظة الاخرى فهي ان هذه الانهيارات ستستغرق وقتا طويلا ، كما ان ميدان حركتها الاساسي سيكون داخل عمق «الهوية» بمعنى ان ثمة خارطة جديدة ستلد من رحم هذه الانهيارات لتعيد تشكيل هوية الانسان العربي ومستلزمات اقامته على هذه الارض ، ومع ان من الصعب تحديد ملامح هذه الهوية الجديدة الا انها في المدى البعيد ستكون (الهوية) افضل انسجاما مع المكونات الفطرية للشخصية للعربية ومع متطلبات العصر ايضا.
اول المرشحين على قائمة «الانهيارات الشاملة « هو الانسان العربي ،او الذات العربية، ولا ابالغ اذا قلت ان ما حدث من زلازل وانفجارات سياسية واجتماعية ودينية في السنوات الماضية ، وما تلاها من حروب وفوضى شكلت انقلابا اعاد تشكيل بنية هذا الانسان ، صحيح ان بعض هذه الاصابات شوهت صورته ، وربما اعادته قرونا الى الوراء، لكن الصحيح ايضا انها ولدت لديه حالة جديدة من صدمة الوعي والادراك، وربما التعقل والحكمة لاحقا ، وبالتالي فان مرحلة الجنون التي نراها تطفو على السطح في مرحلتي الانفجار والانهيار ستتحول الى مرحلة « توازن» واعتدال على المدى البعيد، وهذه المرحلة –اقصد مرحلة اعادة تشكل وبناء وعي الانسان – قد تكون صعبة وطويلة ،لكنها بالتأكيد ليست مستحيلة.
ثاني المرشحين على قائمة الانهيار هو «الدولة « بمفهومها الذي الفناه في مرحلة ما بعد الاستقلال، واعتقد هنا ان انهيار بعض العواصم ثم الدول في منطقتنا لم يكن بسبب قوة التنظيمات الجديدة المسلحة ولا نفوذ بعض دول الاقليم والخارج وانما كان نتيجة لفشل « الدولة « القائمة ، وهوفشل مزدوج في المفهوم والنشأة والتطبيق، وبالتالي فان المرحلة القادمة ستشهد مخاضات طويلة ومعقدة «لولادة» وتبلور مفهوم جديد للدولة، ليس في المجال السياسي فقط وانما على صعيد معادلة المكونات والقواعد الاساسية لبناء الدولة وضبط علاقات التنوع والتناقض والفوضى بين مجالاتها المختلفة.
اما ثالث المرشحين لعام «الانهيارات فهو « التدين»، وخاصة في مجالين اثنين مهمين، الاول: مجال التدين «السياسي» حيث اتوقع ان ينحسر مد الاسلام السياسي في نسخته الحزبية والحركية القائمة ، وان نشهد في المقابل مدا معاكسا للاسلام الاخلاقي الذي يزاوج بين الدعوي والروحاني ،ويتبنى فكرة المقاصد والقيم العليا (العدل والحرية والتقوى مثلا) ، اما المجال الثاني فهو التدين «المسلح « الذي ينحاز لثنائية الهدم والبناء من خلال القهر والقوة ، واعتقد هنا ان الانهيارات التي تتعلق بالتدين السائد وربما المغشوش احيانا ستفضي الى اعادة تعريف الاسلام ، كدين وليس كحزب او جماعة، بشكل جديد ومختلف، والى تحويله( انقاذه ان شئت ) من دائرة الاختلاف عليه او التشكيك فيه او التهديد به الى فضاء اوسع من الاجماع والجذب والتصالح والتراحم،سواء على صعيد من هم داخل الملّة الواحدة او مع العالم ايضا.
باختصار ، ستكون هذه الانهيارات الكبرى التي بدأت اشاراتها هذا العام مرشحة لتشكيل ملامح وخرائط عالمنا العربي في العام القادم ، لكن: كيف ؟ ومن هم الرابحون والخاسرون ؟هذا يحتاج الى حديث آخر ان شاء الله..
الدستور
يمكن بالطبع ان نرصد سلسلة الانهيارات التي تمت في الاعوام الاربعة المنصرفة ، ابتداء من سقوط بعض الانظمة والاحزاب وصولا الى سقوط الضمائر والافكار والمفاهيم والنظريات، لكن هذا السقوط كان اشبه بحالة «تصدع» اصابت بنيان وعمران الذات العربية، ( انهيار جزئي ان شئت ) وكان يفترض ان تنهض المجتمعات لرأبه واعادة البناء ، وهو للاسف ما لم يتم لاسباب نعرفها ، الامر الذي ساهم في تسارع الارتدادات واقتراب موعد « الانهيار» الشامل.
قبل ان اضع بين يدي القارئ العزيز قائمة المرشحين «للانهيار» استأذن بتسجيل ملاحظتين للتوضيح : احداهما ان الانهيارات التي اقصدها تتعلق بمرحلة تاريخية محددة شهدنا فيها بروز «وهم « دولة ما بعد الاستقلال الوطني ، ومع ان جذور هذه المرحلة تضرب في اعماق خزان تجربتنا التاريخية والحضارية الطويلة الا انها استخلصت من هذه التجربة اسوأ ما فيها ، وبالتالي فان انهيار قواعد هذه المرحلة لا يحمل اخبارا سيئة في المجمل ، رغم ما فيه من آلام وتضحيات وخراب ودمار، وانما قد يكون مناسبة لولادات جديدة ، ربما لا تكون الان معروفة او مفهومة ،لكنها ستكون مختلفة تماما.
اما الملاحظة الاخرى فهي ان هذه الانهيارات ستستغرق وقتا طويلا ، كما ان ميدان حركتها الاساسي سيكون داخل عمق «الهوية» بمعنى ان ثمة خارطة جديدة ستلد من رحم هذه الانهيارات لتعيد تشكيل هوية الانسان العربي ومستلزمات اقامته على هذه الارض ، ومع ان من الصعب تحديد ملامح هذه الهوية الجديدة الا انها في المدى البعيد ستكون (الهوية) افضل انسجاما مع المكونات الفطرية للشخصية للعربية ومع متطلبات العصر ايضا.
اول المرشحين على قائمة «الانهيارات الشاملة « هو الانسان العربي ،او الذات العربية، ولا ابالغ اذا قلت ان ما حدث من زلازل وانفجارات سياسية واجتماعية ودينية في السنوات الماضية ، وما تلاها من حروب وفوضى شكلت انقلابا اعاد تشكيل بنية هذا الانسان ، صحيح ان بعض هذه الاصابات شوهت صورته ، وربما اعادته قرونا الى الوراء، لكن الصحيح ايضا انها ولدت لديه حالة جديدة من صدمة الوعي والادراك، وربما التعقل والحكمة لاحقا ، وبالتالي فان مرحلة الجنون التي نراها تطفو على السطح في مرحلتي الانفجار والانهيار ستتحول الى مرحلة « توازن» واعتدال على المدى البعيد، وهذه المرحلة –اقصد مرحلة اعادة تشكل وبناء وعي الانسان – قد تكون صعبة وطويلة ،لكنها بالتأكيد ليست مستحيلة.
ثاني المرشحين على قائمة الانهيار هو «الدولة « بمفهومها الذي الفناه في مرحلة ما بعد الاستقلال، واعتقد هنا ان انهيار بعض العواصم ثم الدول في منطقتنا لم يكن بسبب قوة التنظيمات الجديدة المسلحة ولا نفوذ بعض دول الاقليم والخارج وانما كان نتيجة لفشل « الدولة « القائمة ، وهوفشل مزدوج في المفهوم والنشأة والتطبيق، وبالتالي فان المرحلة القادمة ستشهد مخاضات طويلة ومعقدة «لولادة» وتبلور مفهوم جديد للدولة، ليس في المجال السياسي فقط وانما على صعيد معادلة المكونات والقواعد الاساسية لبناء الدولة وضبط علاقات التنوع والتناقض والفوضى بين مجالاتها المختلفة.
اما ثالث المرشحين لعام «الانهيارات فهو « التدين»، وخاصة في مجالين اثنين مهمين، الاول: مجال التدين «السياسي» حيث اتوقع ان ينحسر مد الاسلام السياسي في نسخته الحزبية والحركية القائمة ، وان نشهد في المقابل مدا معاكسا للاسلام الاخلاقي الذي يزاوج بين الدعوي والروحاني ،ويتبنى فكرة المقاصد والقيم العليا (العدل والحرية والتقوى مثلا) ، اما المجال الثاني فهو التدين «المسلح « الذي ينحاز لثنائية الهدم والبناء من خلال القهر والقوة ، واعتقد هنا ان الانهيارات التي تتعلق بالتدين السائد وربما المغشوش احيانا ستفضي الى اعادة تعريف الاسلام ، كدين وليس كحزب او جماعة، بشكل جديد ومختلف، والى تحويله( انقاذه ان شئت ) من دائرة الاختلاف عليه او التشكيك فيه او التهديد به الى فضاء اوسع من الاجماع والجذب والتصالح والتراحم،سواء على صعيد من هم داخل الملّة الواحدة او مع العالم ايضا.
باختصار ، ستكون هذه الانهيارات الكبرى التي بدأت اشاراتها هذا العام مرشحة لتشكيل ملامح وخرائط عالمنا العربي في العام القادم ، لكن: كيف ؟ ومن هم الرابحون والخاسرون ؟هذا يحتاج الى حديث آخر ان شاء الله..
الدستور