احتدام الاشتباكات في سوريا هل يستوجب اعلان حالة الطوارئ ؟
كتب إبراهيم قبيلات - الكل في حالة ترقّب لما ستفضي إليه الأزمة السورية، والأردن ليس استثناءً. فبعد مقتل 11 قيادياً من النظام السوري، أربعة منهم من ذوي الوزن الثقيل؛ اليوم، يضع الأردنيون أياديهم على قلوبهم؛ خوفاً من انتقال الأزمة إلى عقر دارهم، خاصة بعد تناقلت بعض وسائل الاعلام نية الحكومة إعلان حالة الطوارئ.
السؤال الأكثر تداولا في المملكة اليوم هو: هل تلجأ الدولة للمادة (124) من الدستور؟ وتعلن استنفاراً أمنياً واسع النطاق، في اعقاب التطورات المتسارعة على الساحة السورية... وماذا يفعل صانع القرار بالداخل المحلي في حال تجرأت دمشق واستخدمت الكيماوي ضد شعبها؟.
أمس قال الملك عبدالله الثاني: إنهم – النظام السوري - يعلمون أنه سيكون هناك فعل فوري من المجتمع الدولي، إن ارتكب النظام السوري خطأ استخدام هذه الأسلحة الكيماوية، ونحن ببساطة لا نقبل استخدامها ضد الشعب السوري، وهناك خوف من أن تقع في الأيدي الخطأ.
إن مقتل وزير الدفاع السوري داوود عبدالله راجحة، وصهر الرئيس السوري آصف شوكت نائب وزير الدفاع، ورئيس خلية الازمة، حسن توركماني، ووزير الداخلية محمد ابراهيم الشعار؛ استقبل بفزع ممن عرفوا بدفاعهم عن النظام السوري، في حين يعني للكثيرين بداية لسقوط النظام، في جو من الانفلات الأمني.
ماذا لو وقعت حرب في المنطقة ساحتها سورية؟ هل سيجلس الاردنيون لمناقشة قانون الانتخاب؟ وماذا يمكن ان يفعلوه بالتعديلات الدستورية؟
ما تناقلته مواقع الكترورنية، من تكليف وزير التنمية السياسية في حكومة الطراونة، د. نوفان العجارمة، تشكيل لجنة من وزراء وأساتذة قانون لتقديم قانون للطوارئ، كان حاضرا هو أيضا في حوارات الكثيرين.
تلك التسريبات أثارت شكوك البعض، وقرئت على أنها "ليست أكثر من تحايل على إرادة الشارع في ملف الأصلاح، خاصة بعد رفض قوى وطنية المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة على أساس الصوت الواحد" بحسب سياسيين.
لكن الوزير، يطمئن الأردنيين في اتصال هاتفي لـ 24 جو بقوله"الأردن لن يذهب لإعلان حالة الطوارئ". نافياً ما تناقلته وسائل إعلام عن تكليفه أحداً فيما يخص 124 من الدستور الأردني.
تنص المادة (124) على انه اذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارئ، صدور قانون باسم قانون الدفاع، تعطى بموجبه الصلاحية إلى الشخص الذي يعينه القانون لاتخاذ التدابير والاجراءات الضرورية بما في ذلك صلاحية وقف قوانين الدولة العادية لتأمين الدفاع عن الوطن، ويكون قانون الدفاع ساريا، بعد ان يعلن عن ذلك بارادة ملكية تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء.
يقول "سبق أن مررنا بشأن داخلي صعب في أحداث معان، ولم تعلن الحكومة حالة الطوارئ، فكيف بنا اليوم".
وعند سؤاله عن انصياع الاجهزة الامنية للرغبة الرسمية حال اقرارها قانون الطوارئ أجاب بالتالي:"نحن نعمل لمصلحة الاردن".
الخبير القانوني، أ. د. محمد الحموري، يكتفي بقوله "لا أرى أن الاردن يعيش حالة تستدعي فرض "الطوارئ".
فيما يرى قانوني آخر، أن القانون يجيز لمجلس الوزراء وللملك إعلان حالة الطوارئ، لكنه يقول "الشارع يغلي".
ويقرأ تأخر المصادقة الملكية على قانون الانتخاب المعدل، وصدور الإرادة الملكية بفض الدورة الاستثنائية، أمس بأن هناك حالة من عدم الحسم تجاه الصيغة النهائية للقانون.
لكن د. رياض النوايسة يقول "التفكير أو العمل باتجاه تفعيل قانون الدفاع لا يعدو كونه محاولة استثمار للمأساة العربية في سوريا لأجل الخلاص من مواجهة الاستحقاقات الساسية والاقتصادية والاجتماعية المتوجب على الدول الاردنية القيام بها".
وأوضح النوايسة أن مضمون المادة 124 من الدستور،"يشير إلى وجوب صدور قانون للدفاع، وذلك إذا توفرت حالة طوارئ تستوجب الدفاع عن الوطن".
ولدى الرجوع لقانون الدفاع لسنة 1992 رقم 13 المادة الثانية، نجد ان مثل هذا القانون كان قد صدر وما زال نافذا، وإن كان العمل به موقوفا بانتظار الارادة الملكية.
من هنا يخلص النوايسة الى أن ما هو وارد في تلك المادة من الدستور، وفيما يتعلق باصدار قانون للدفاع، فإن مثل هذا القانون قد تكفل بإصداره المجلس "الوطني الحادي عشر، وبالرجوع الى ذلك القانون، نجد انه فصل في أمر الطوارئ التي تهدد أمن الوطن والسلامة العامة والتي بموجبها يقوم إعمال قانون الدفاع.
وأوضح أن تلك الطوارئ تتوزع على نوعين، الاول: وقوع حرب، وبما يقتضي ان تكون الحرب مع جهة خارجية، إذ لا يعقل لان تكون حرب الدولة مع الداخل، أو قيام حالة تهدد بوقوع الحرب.
والثاني: هو قيام اضطرابات او فتنة داخلية او كوارث عامة، وهي كلها متعلقة بالشأن الداخلي، ولدى الرجوع لقيام حالة الحرب، فإننا لا نجد اننا في حالة حرب مع أي دولة كانت، بما في ذلك العدو الصهيوني، إضافة إلى عدم تحقيق أي سبب داخلي لإعمال قانون الدفاع؛ لذا لا يرى النوايسة "أي مبرر قانوني أو دستوري لمثل هكذا خيارات.
أما فيما يتعلق بقيام حالة تهدد بوقوع الحرب، يجيب النوايسة، بأن ما يجري في سوريا الشقيقة هو ليس جديداً، وأنه ممتد لأكثر من عام ونصف العام، وان المفترض ان الاردن ليس طرفا في المؤامرة على الدولة السورية، ولا هي حليف للقاعدة أو جيش سوريا الحر أومجلس اسطنبول وكل القوى القوى المنضوية تحته؛ وإن مثل هذا الاحتمال (أي احتمال قيام حالة تهدد بوقوع الحرب) يكون غير قائم بين الاردن وبين الدولة السورية.
ويتابع، أما الخشية من سقوط النظام في سوريا، وتولي سلطة دمشق قوى إرهابية، فإن ذلك يقتضي من الدولة الاردنية الوقوف إلى جانب سوريا لدحض الارهاب والمؤامرة القائمة بحق سوريا الشقيقة.
التخلص من الحراك الشعبي
وفي هذا السياق تستطيع الحكومة الاردنية، اذا ما اختارت قانون الدفاع، أن تتخلص من الحراكات الشعبية، وتستطيع أيضا تقييد الحريات العامة، وتعطيل القوانين العادية وإعادة الاردن إلى زمن الاحكام العرفية. وفق النوايسة الذي يقول : لا يوجد سياسي لديه عقل يلجأ إلى هكذا تصرف".
بينما يصف، د. خالد الكلالدة ما يجري في سوريا بـ"الخطير جدا"، لكنه سمع كما سمعنا أن الجيش في حالة تأهب من أكثر من أسبوع، إضافة إلى أخذ الاحتياطات؛ لمواجهة الخطر الكيماوي في حال تم استخدامه من الجار السوري.
وحول ملف الإصلاح، يأمل الكلالدة، أن تشكل حالة الطوارئ حال إقرارها فرصة للخروج من مربع الأزمة.
ما يأمله الكلالدة، ليس صعباً في حال توفرت الإرادة السياسية الحقيقية في تحيقيق الإصلاح المنشود، فلا شيء يعيق حكومة الطراونة من تشريع قانون توافقي إن رغبت في ذلك.
أما أمين عام الحزب الشيوعي الاردني، د. منير حمارنة، يقول أنه من المبكر الخوض في موضوع "حالة الطوارئ" طالما لم تعلن بعد. لكنه ورغم ذلك يقول : ما يجري في سوريا شديد التأثير علينا، وعلينا أن نكون أكثر حذراً".
الحمارنة يضع تساؤله التالي على طاولة الرسميين، في حال الذهاب إلى خيار إعلان الطوارئ."هل ما يدفعنا إلى ذلك، الشعور بالمخاطر محلياً مما يجري في الداخل السوري، أم طلب من الأردن اتخاذ مواقف محددة إزاء ما يجري هناك؟.
لا نعلم، فجميع الاحتمالات واردة. لكن الحمارنة ينصح "بعدم اتخاذ مواقف يدفع ثمنها الجميع".
اليوم، وحتى يتحقق الأمن القومي؛ يجب أن يشعر الشعب بالحرية والعدالة الاجتماعية، وتطبيق سيادة القانون، إما "شرعنة" تكميم الافواه واللجوء إلى الخيار العسكري، فهو تحصين للطبقة الحاكمة لا أكثر.